تنكيل بالنساء وإعدامات ميدانية للرجال شهادات لمحاصرين وناجين من مجزرة مجمع الشفاء في غزة

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

خلال الاجتياح والحصار المتواصل لمجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، تكشف الكثير من جرائم الإبادة التي يواصل جيش الاحتلال ارتكابها بحق الجرحى والكوادر الطبية وآلاف النازحين داخل أقسام أكبر مجمع طبي في قطاع غزة، حيث يواصل الاحتلال حصار المجمع والتنكيل بكل المتواجدين بداخله، وارتكاب العديد من الجرائم في ظل الصمت الدولي والعجز العربي عن لجم الاحتلال الذي يواصل جرائمه ضد المدنيين العزل في مدينة غزة.
وبعد سماح الجيش الإسرائيلي لعدد من النازحين وبالتحديد من النساء والأطفال الخروج من مجمع الشفاء والتوجه نحو مناطق جنوب قطاع غزة، بعد أن احتجزهم الجيش في ظروف صعبة لعدة أيام، كشف نازحون نجوا من التعذيب والموت عن ارتكاب الجيش مجازر حقيقية ومروعة ضد كل من تبقى بداخله من مرضى وجرحى وكوادر طبية ونازحين رفض الاحتلال السماح بخروجهم وما زالوا تحت التحقيق والتنكيل والتعذيب والإهانة، عدا عن تعرض بعض النساء إلى الاغتصاب أثناء استجوابهن للحصول على معلومات أمنية.
مهجرات قسرا

قابلت «القدس العربي» مجموعة من النساء ممن وصلن إلى جنوب قطاع غزة، بعد أن هجرن قسراً عبر شارع الرشيد الساحلي تحت القصف المدفعي وإطلاق الرصاص الكثيف من الطائرات المسيرة والدبابات، إلى جانب التواصل مع نازحين ما زالوا محاصرين داخل المجمع الطبي، حيث أدلى جميعهم بشهادات تثبت ارتكاب الاحتلال فضائع ضد المحتجزين داخل مجمع الشفاء، ترافق مع الاعتداء على النساء واغتصاب البعض منهن، إلى جانب تنفيذ إعدامات ميدانية بحق المدنيين وعدد من أفراد الطواقم الطبية.
تقول أم سعيد التي تجاوز عمرها الستين عاماً وتمكنت مشياً على الأقدام من الوصول إلى جنوب قطاع غزة، إن الجيش الإسرائيلي يرتكب مجزرة مروعة ضد المدنيين وكل من يتواجد داخل مجمع الشفاء الطبي، حيث يحول الأقسام إلى مراكز تحقيق وتعذيب للنازحين، والأخطر من ذلك نقل عدد من النساء إلى مناطق مجهولة وتعرضهن للضرب والتحرش من قبل الجنود، من أجل الضغط عليهن للإدلاء بمعلومات حول ما إذا كان هناك وجود لأي من عناصر المقاومة أو نشاطات داخل المستشفى.
وتوضح في حديثها لـ«القدس العربي» أنها تعرضت لإطلاق نار تحت قدميها من أحد الجنود الإسرائيليين أثناء محاولتها حماية فتاة استغاثت بالنازحين لحمايتها، بعد أن قام أحد الجنود باقتيادها من داخل غرفة تضم نازحين في قسم الجراحات التخصصي، الذي يتعرض للحصار وللقصف وإطلاق النار وحرق لأقسامه.
وترى أن الاحتلال يمعن بشكل مفرط بتعذيب وقتل المدنيين الذين لجأوا إلى المجمع الطبي كمكان آمن، بعد أن هدمت بيوتهم نتيجة الاجتياح البري لمناطق مختلفة من مدينة غزة وشمالها، حيث ينفذ الجيش إعدامات مباشرة لكل من يتحرك في باحات المشفى، وهناك العديد من جثث الأطفال والشبان والنساء أيضاً منتشرة بين أقسام المجمع الطبي وباحاته، ويدوس الجيش عليها بالدبابات ويرفض للطواقم الطبية السماح بإسعاف المصابين الذين يتركون ينزفون لساعات حتى الموت.
وتشير إلى أنها تأثرت كثيراً بأحد المشاهد الدامية التي على حد وصفها لن تنساها طوال ما بقيت على قيد الحياة، عندما حاولت إحدى السيدات احتضان نجلها المصاب واستنجاد أحد الجنود بالسماح للطواقم بالوصول إليه بعد أن ترك ينزف إثر إطلاق النار على ساقيه، لكن إصرار أمه على عدم الانصياع لأوامر الجندي واحتضانه، دفع بالجندي الإسرائيلي إلى قتلها أمام أعين نجلها الجريح، الذي أغمى عليه من هول ما شاهده من اجرام إسرائيلي.

إبادة المحاصرين
داخل مجمع الشفاء

أما النازح أبو وديع والذي يواصل الجيش محاصرته برفقة العشرات من المدنيين داخل مركز الأمير نايف بمجمع الشفاء، يكشف أن الاحتلال يمارس أبشع صور القمع والإبادة بحق المحاصرين داخل مجمع الشفاء، بالرغم من عدم وجود أي نشاط لعناصر المقاومة داخل أسوار المجمع الطبي، عدا عن قطع إمدادات المياه والطعام منذ بداية الاجتياح للمجمع، وهذا أدى إلى فقدان العديد من المحاصرين لاسيما من أصحاب الأمراض المزمنة حياتهم.
يقول خلال اتصال مع مراسل «القدس العربي» الجيش يواصل تنفيذ عمليات إعدام ميدانية لعدد من الشبان ممن تمت تعريتهم من ملابسهم واقتيادهم للتحقيق داخل مرافق المجمع، مضيفاً أن هناك العديد من الجثث منتشرة داخل ممرات القسم الذي نتواجد بداخله تم إعدامها بشكل مباشر، ورغم المناشدات والصراخ المتواصل من داخل القسم بضرورة نقل الجثث، إلا أن الجيش يرفض دخول طواقم الإسعاف ويواصل إطلاق النار والقنابل الدخانية باتجاه القسم.
وناشد أبو وديع العالم بضرورة التحرك العاجل لوقف المجزرة التي يواصل الجيش الإسرائيلي ارتكابها بحق المدنيين العزل داخل مجمع الشفاء، والسماح بفتح ممر آمن للمحاصرين للانتقال إلى مناطق آمنة، في ظل استمرار الجيش في إبادة كل من يتواجد داخل أسوار المجمع وفي محيطه.
من جهته وجه المكتب الإعلامي الحكومي في غزة نداء استغاثة إلى المجتمع الدولي والعربي بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ النازحين والأطقم الطبية داخل مجمع الشفاء من المجزرة التي يواصل الجيش الإسرائيلي ارتكابها بحق المدنيين العزل، حيث كشف المكتب عن إعدام الجيش أكثر من 250 نازحا داخل أسوار مجمع الشفاء، عدا عن اعتقال المئات من النساء والرجال واقتيادهم إلى مناطق مجهولة، وأشار المكتب إلى أن الاحتلال يعمل على اعتقال عدد من النساء والرجال على نقطة التفتيش التي أقامها على الطريق الساحلي بين شمال وجنوب القطاع ولم يعرف بعد مصير المعتقلين، وأضاف أن الجيش قتل عددا من المحاصرين الذين سمح لهم بالخروج عبر شارع الوحدة القريب من مجمع الشفاء، بعد أن قامت الطائرات المسيرة وقناصة الجيش بقتلهم عمداً.

ناقوس الخطر

ودقت مؤسسات حقوقية ناقوس الخطر بعد توارد العديد من الشهادات لديها من داخل مجمع الشفاء ومحيطه، عن ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم قتل متعمدة بحق المحاصرين داخل المجمع وفي المباني السكنية المحيطة، وتنفيذ إعدامات ميدانية لعدد من الرجال وقتل محاصرين بالتجويع والتعطيش، عدا عن تسجيل حالات تنكيل واغتصاب لنساء داخل أسوار المجمع الطبي.
وأدانت الهيئة الفلسطينية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» ممارسات الاحتلال بحق المتواجدين داخل مجمع الشفاء والتنكيل بالنساء والأطفال والرجال داخل المحاصرين، وقتل عدد من الجرحى والأطباء والممرضين داخل أقسام المجمع، ومنع المحاصرين داخل المجمع الطبي وفي البنايات المحيطة من الخروج وقتلهم بالتجويع، إلى جانب هدم المنازل فوق رؤوس السكان المحاصرين.
وطالبت الهيئة بضرورة وجود تدخل دولي وعربي حقيقي وعاجل للجم الاحتلال عن مواصلة إبادة المواطنين، والاعتداء على المنشآت الصحية وإخراجها عن الخدمة وتحويلها إلى مقابر جماعية، وهذا يزيد من معاناة المواطنين في ظل استمرار عمليات القصف وصعوبة المصابين الحصول على العلاج اللازم.
يذكر أن الاحتلال يواصل شن حرب إبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فيما يركز جيش الاحتلال الإسرائيلي على تدمير كافة المرافق الصحية في مختلف مناطق القطاع، ما أدى إلى انهيار كامل المنظومة الصحية، وبالتالي انعكاس ذلك سلباً على حياة المرضى والمصابين الذين باتوا عاجزين عن الحصول على الرعاية الصحية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية