النازحون في مخيمات رفح بمواجهة تراكم النفايات والحر الشديد

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

يضيف تراكم النفايات بكميات هائلة بين الخيام في مختلف مناطق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، المزيد من الأزمات على النازحين الذين يواجهون ظروفا هي الأسوأ على الإطلاق مع ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الحشرات بكافة أنواعها والروائح الكريهة داخل خيامهم، عدا عن تجمع مياه الصرف الصحي بين الخيام وفي الطرقات، والحديث المتداول عن ظهور أنواع من الثعابين التي تخرج من الأراضي الزراعية بفعل الحر الشديد نحو الخيام.
وتأثرت بلديات غزة بشكل شبه كامل منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع، حيث فقدت تلك البلديات مركبات نقل النفايات بسبب تعرضها للتدمير من قبل الاحتلال، عدا عن ندرة أماكن نقل النفايات وطمرها بسبب عمليات التوغل البري المستمرة من قبل الجيش الإسرائيلي، خاصة وأن بلديات قطاع غزة تتخذ من المناطق المحاذية للسياج مع إسرائيل أماكن لطمر النفايات.
ويشتكي النازحون من تعرضهم لظروف سيئة مع انتشار النفايات بين الخيام وفي الطرقات، وعدم وجود أي دور حكومي أو خاص لنقل تلك النفايات التي باتت تعتبر مصدرا أساسيا لتفشي الأمراض الخطيرة بين المواطنين، إلى جانب انتشار الحشرات الخطيرة والمزعجة منها إلى خيام النازحين وأبرزها البعوض والذباب وأنواع أخرى من الزواحف، حيث يعيش أكثر من مليون نازح في خيام مصنوعة من النايلون وبعض الأخشاب وهي مكشوفة ولا تصلح للعيش الآدمي، لكن عدم توفر بدائل أخرى أمام المواطنين دفعهم إلى تشييد تلك الخيام.

تفشي الأوبئة

في منطقة المواصي غربي مدينة رفح والمحاذية للحدود مع مصر والتي تم تخصيصها لإقامة المواطنين خيامهم داخلها، تكتظ تلك المنطقة بأكثر من 300 ألف مواطن يعيشون في خيام متلاصقة ببعضها البعض وفي ظروف يصعب وصفها، حيث تعتبر هذه المناطق أشبه بالصحراوية وبعيدة عن مركز المدن، ويصعب على وسائل النقل الدخول إليها نتيجة لوعورة تربتها، حيث تنتشر في تلك المنطقة أكوام كبيرة من النفايات الناتجة عن مستهلكات النازحين، وبعض تلك النفايات خطيرة ويتوجب نقلها مباشرة إلى أماكن مخصصة، إلى جانب تصريف المياه العادمة بين الخيام لعدم وجود شبكات صرف أرضية، والمشكلة الأكبر أن ترك النفايات والمياه العادمة تحت أشعة الشمس لأشهر، أدى إلى تفشي الأوبئة ونشر الحشرات وتجمع الكلاب الضالة والمسعورة عليها التي تعتدي على المواطنين.
بين خيام النازحين تجول مراسل «القدس العربي» ورصد جزءا من معاناة المئات من المواطنين الذين يعيشون على مقربة من أكوام النفايات ووسط الحر الشديد داخل الخيام خاصة مع ساعات الظهيرة التي تشتد فيها أشعة الشمس، وتدفع بالنازحين إلى الهروب خارج الخيام بحثاً عن الهواء البارد، ولكن أينما ذهبوا لم يسلموا من روائح النفايات الكريهة والحشرات المؤذية التي تصدر عنها.
تقول أم رامي «حياتنا انقلبت إلى جحيم والأمراض تتفشى بيننا كنازحين، في ظل انعدام النظافة من حولنا وتراكم النفايات منذ أشهر، وعدم وجود أي جهات خاصة تعمل على نقلها وهو ما يزيد من الأزمة والكارثة المعيشية، خاصة وأن النفايات باتت تزحف على مقربة من الخيام نتيجة تكدسها بكميات هائلة».
وتشير في حديثها لـ«القدس العربي» إلى أن هناك نقصا حادا في مواد التنظيف الخاصة بتعقيم دورات المياه وحتى غسل الملابس وأواني الطعام، وهذا أدى إلى سرعة نقل الأمراض بين النازحين نتيجة تعدد الاستخدام لدورات المياه وأواني الطعام، حتى أن المياه التي يتم الحصول عليها غير صالحة للاستخدام نتيجة تسرب المياه العادمة إليها.
وتوضح «أن الخيام باتت تحرق أجسادنا من شدة حرارتها، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وعدم وفرة وسائل تهوية، وهذا ما يزيد من معاناة الناس الذين يواجهون صعوبة سواء في أوقات الشتاء والبرد، وحتى الصيف وارتفاع درجات الحرارة».
ونتيجة لتفاقم الظروف مع استمرار الحرب على غزة، حاول الكثيرون التغلب على معاناة العيش داخل مخيمات النزوح والابتعاد عن ما يتعرضون له من مخاطر، ولكن من لديه المال وحياته ميسورة يحالفه الحظ في تجاوز ولو القليل من المعاناة، فمن المواطنين من قام باستئجار منزل مقابل أجر مادي كل نهاية شهر كبديل عن حياة الخيام المزعجة، والبعض الآخر اتجه للسفر إلى جمهورية مصر مقابل مبلغ مالي مرتفع يصل إلى خمسة آلاف دولار للفرد الواحد، وسط إقبال كبير على السفر في ظل التلويح الإسرائيلي باجتياح رفح.

التيار الكهربائي مفقود بشكل كامل

المواطن مؤمن أبو قص بات في حيرة من أمره في ظل تفاقم أوضاعه المعيشية من كافة النواحي، فهو لا يجد حلا يمكن من خلاله التأقلم مع الواقع الصعب الذي يمر به، فلجأ إلى استئجار إحدى الشقق السكنية في مدينة دير البلح وسط مدينة غزة، وهو الخيار الأصح بالنسبة له ولعائلته لتجاوز المعاناة داخل مخيمات النزوح.
يقول لـ«القدس العربي» إن حياته تحسنت بعض الشيء بالمقارنة مع حياة الخيام غير آمنة من السرقات ودخول الحشرات والزواحف الخطيرة إليها، حتى أن التيار الكهربائي مفقود بشكل كامل من داخل المخيمات، في المقابل المنزل الذي قام باستئجاره متوفر بداخله طاقة كهربائية من الخلايا الشمسية بالإضافة إلى مياه نظيفة.
ويتمنى أبو قص أن تنتهي الحرب ويعود إلى منزله الذي لا يزال قائما وتعرض فقط لأضرار جزئية، كي يوفر ما يتم استنزافه من مصروفات إيجار، إلى جانب غلاء الأسعار الفاحش في ظل حالة الاحتكار في كافة أسعار المواد الغذائية وعدم توفر السيولة النقدية الكافية في البنوك والمصارف.
ويأمل النازحون أن تسفر الجهود الرامية إلى اتفاق هدنة بجهود مصر وقطر بين حماس وإسرائيل خلال الأيام المقبلة، في حل ولو جزء من معاناتهم بالسماح لهم بالعودة إلى ديارهم وترك مخيمات النزوح التي باتت مكاره صحية ومصدرا لنشر الأمراض، وهو ما بات مطلباً ملحاً لكل النازحين الذين يتوقون إلى سماع نبأ الإعلان عن الهدنة قريباً.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية