عائلات غزية تجهل مصير أبنائها بفعل حرب الانتقام والإبادة الإسرائيلية المتواصلة

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

تواصل عائلات من غزة البحث عن مصير أبنائها المجهول، بفعل حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل ضد المدنيين العزل بقتلهم ودفنهم في مقابر جماعية، إلى جانب الإخفاء القسري الذي تمارسه إسرائيل بشكل متواصل، من جراء عمليات الاعتقال المتواصلة للمدنيين وعدم الكشف عن مصيرهم وتعريضهم للتعذيب حتى الموت.
ويوم بعد الآخر تتكشف جرائم الاحتلال البشعة بحق المدنيين الذين فقدت آثارهم على مدار الأشهر والأسابيع الماضية، فخلال اقتحام مجمع الشفاء نهاية آذار/مارس الماضي، فقدت آثار المئات من المواطنين الذين تم اعتقالهم من قبل الجيش ولم يتم بعد الكشف عن مصيرهم، عدا عن العثور على مقابر جماعية في أنحاء متفرقة من المجمع الطبي تضم المئات من الجثث التي تعرضت لإعدامات ميدانية وتم إخفاؤها، وهذا ما حصل أيضاً داخل مجمع ناصر الطبي وسط مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بعد العثور على مقابر جماعية تضم جثث نازحين كانوا داخل المجمع خلال اقتحام الاحتلال، وتم قتل أعداد بدم برد وإخفاء الجرائم بدفن الجثث.
وفي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل شن حرب مستعرة على قطاع غزة، وارتكاب المزيد من المجازر البشعة بحق المدنيين العزل في كافة أماكن تواجدهم، بدأت منظمات حقوقية تكشف وفقاً لمناشدات عائلات منكوبة، عن تعرض شبان وأطفال لعمليات إخفاء قسري ومصير مجهول، وهو ما يدق ناقوس الخطر من استمرار الاحتلال العمل ضمن سياسة الإخفاء القسري، وعدم التعاطي مع طلبات المنظمات الحقوقية التي تطالب بالكشف عن مصير العديد من المفقودين.

جثث تعرضت لسرقة أعضاء

في تعقيب له على كشف طواقم الدفاع المدني والإسعاف مقبرتين داخل مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس جنوب القطاع الأسبوع الماضي، قال مدير الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة إن الاحتلال يمارس حرب الإبادة بشكل مستمر ضد المدنيين العزل في مختلف أنحاء قطاع غزة، وهناك المئات من المواطنين ما زالوا مفقودين ومصيرهم مجهول، ولا يستطيع أهالي المفقودين الكشف عن مصيرهم رغم مناشدات المؤسسات الحقوقية بالكشف عن مصير أعداد كبيرة من الشبان والنساء والأطفال، موضحاً أن الطواقم المختصة تمكنت من انتشال أعداد كبيرة من الجثث بعضها متحلل، حيث عثر على جثث مقطوعة الرأس وجثث تعرضت لسرقة أعضاء، وهذا يدل على ارتكاب الاحتلال مجازر بشعة وتنكيل خلال إعدام المدنيين.
وتنشط مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الصفحات الخاصة بأسماء المخيمات والمدن في قطاع غزة بنشر مناشدات وصور لمواطنين فقدت آثارهم، وذلك في محاولة للوصول إلى معلومات عن مصير المفقودين إن كانوا قد تنقلوا إلى مناطق بعيدة وقطع الاتصال وربما تعرف عليهم أحد ما، أو إن تم العثور عليهم خلال النبش على مقابر جماعية تم كشفها في مناطق مختلفة من قطاع غزة.
وفي أحاديث منفصلة مع مراسل «القدس العربي» تناشد عائلات الصليب الأحمر والمؤسسات الحقوقية الدولية، بالعمل الجاد على الكشف عن مصير أبنائها المفقودين قسراً بعد عمليات الاجتياح للمستشفيات والأحياء السكنية، إلى جانب اختفاء أعداد من المواطنين أثناء مرورهم على حاجز صلاح الدين والرشيد الساحلي خلال خروجهم نحو جنوب القطاع، حيث انقطع التواصل بهم ولا يعرف مصيرهم إلى هذا الوقت.
يقول المواطن جمال على خلال الاقتحام المفاجئ قبل أسابيع قليلة لمجمع الشفاء الطبي، تم اقتيادي برفقة أحد أبنائي إلى منطقة مجهولة بعد طلب الجيش جميع النازحين الخروج من الأقسام مكبلين الأيدي ومعصوبي العينين، وبعد ساعات من التحقيق تم إطلاق سراحي مع عدد من المحتجزين، وقام باقتياد عدد من النازحين من بينهم نجلي ولم يعرف بعد مصيره سواء إن تم اعتقاله إلى داخل إسرائيل أو تم إعدامه ودفنه في مكان ما.
يشير في حديثه لـ«القدس العربي» إلى أن هناك العشرات من أفراد العائلة بعضهم مفقود منذ بداية الحرب والبعض الآخر فقدت آثاره خلال الاجتياح البري لمنطقة الشيخ رضوان والكرامة غربي مدينة غزة، وما زالت العائلة تجهل مصير بعض المفقودين رغم إبلاغ الصليب الأحمر والمنظمات الحقوقية، في حين وجد عدد قليل منهم في مقابر جماعية، وكان ذلك صادماً كون أن جميع المفقودين وخاصة ممن تم إعدامهم هم مدنيون وليس لديهم أي انتماءات سياسية ولا عسكرية.
ولفت إلى أن الحرب أفرزت أوضاعا مأساوية على الغزيين، من جراء حياة الفقد التي يتعرضون لها وما زال يتعرض لها الكثيرين بفعل استمرار الحرب، والخوف يزداد مع تهديدات الاحتلال بشن عملية برية على رفح المكتظة بأكثر من مليون نازح، وارتكاب الاحتلال المزيد من المجازر البشعة بحق المدنيين العزل.

مقابر جماعية

أما المواطن عز الدين حسن فيناشد المؤسسات الحقوقية بالكشف عن مصير شقيقه الذي فقدت آثاره مع اجتياح الاحتلال مخيم الشاطئ مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ولم يعرف بعد مصيره برغم الكشف عن العديد من المقابر الجماعية، وعودة بعض المحتجزين من السجون الإسرائيلية، حتى أن نشر صورة شقيقه وتفاصيله على مواقع التواصل لم يثمر ذلك عن معرفة مصيره إلى هذا الوقت.
يقول المواطن في حديثه لـ«القدس العربي» نواجه صعوبة في معرفة مصير شقيقي، وما يزيد الوضع سوءاً أن الصليب الأحمر الجهة الدولية الوحيدة التي يمكنها التواصل مع الاحتلال والكشف عن مصيره، لم تتعاط معنا رغم المناشدات المتكررة لهم بضرورة العمل الجاد لمعرفة مصيره.
وبين أن الاحتلال يمارس حرب انتقام وإبادة لا حربا عسكرية ضد المقاومة، وهذا ما بات واضحاً في الميدان مع تعمد الاحتلال قتل المدنيين والتنكيل بهم، وتنفيذ إعدامات ميدانية بشعة بحقهم، عدا عن عمليات الإخفاء القسري لهم وتعذيبهم بأشد أصناف العذاب.
وطالب الدول العربية والأوروبية وكل المنظمات الدولية، بالوقوف إلى جانب المظلومين في قطاع غزة وإجبار الاحتلال على التعاطي مع المناشدات التي تقدمها بعض المنظمات المحلية والدولية، والمطالبة بالكشف عن مصير المئات من المفقودين في غزة، إلى جانب فضح جرائم الاحتلال المتواصلة وأعماله العدائية التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر ومتعمد.
يشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي قد أقام منذ بداية الحرب على غزة معسكر اعتقال «سديه تيمان» الأشبه بمعتقل غوانتنامو في مدينة بئر السبع القريبة من غلاف غزة، حيث خصص هذا المعسكر لاستقبال المعتقلين المدنيين والذين يتم نقلهم بعد أن يجبروا على التعري إلى داخل المعتقل والتنكيل بهم، حيث يشمل معسكر الاعتقال أطباء وممرضين وصحافيين فضلاً عن عشرات النساء والأطفال.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية