معرض «في هدوء» للمصري طاهر حمودة: مفارقات تقنية عن الحب وحالاته

محمد عبد الرحيم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: تحت عنوان «في هدوء» أقيم في غاليري آزاد في القاهرة معرض الفنان طاهر حمودة، الذي يؤكد من خلاله الأسلوب الذي انتهجه مؤخراً تعبيراً عن الأفكار والموضوعات التي تعالجها لوحاته. كذلك يمثل المعرض الأخير ما يشبه استكمال لرحلة تم نسج تفاصيلها، من خلال معرضيه السابقين (حين لقاء) و(بطل الظل) من حيث توحد الشخوص مع البيئة، واختلاق إيقاع يتشكل من تكوينات الأجساد، والسمة الأهم وهي المزاوجة ما بين فن النحت التصوير.

الطبيعة

في بيئة ساحلية لا تكتفي بكونها خلفية للأحداث، أو الشخوص تتم صياغة عالم اللوحة، موقف أو لحظة ما بشكل أدق. هنا تصبح حالة الحب هي المسيطرة، أو أنها تعبير عن اسم المعرض نفسه، الذي تشكّلت وعبّرت عنه اللوحات في مجموعها. ومن البحر وصخوره ومظاهره من مراكب وأشرعة، وبالتالي ملابس الشخصيات ـ الرجال على وجه التحديد ـ نقترب من هذه البيئة وحيوية وجموح شخوصها في التعبير عن المشاعر وتقلباتها.

تفاصيل تفوق الواقع

ومن تفاصيل هذه البيئة تتكون أشكال تنتمي إلى الواقع، خاصة النباتات والحيوانات وما شابه، لكن يتم تصويرها من خلال رؤية فوق واقعية، دون أن تصل إلى حد السريالية. فالمركب على سبيل المثال، وهو من أهم مظاهر البيئة الساحلية، التي تنتمي إليها معظم اللوحات، وفي لحظات الصفو يصبح المكان الأمثل للعاشقين، إلا أنه يتحول إلى ما يُشبه الحصان المنطلق الذي يجسد الحالة الشعورية للرجل والمرأة. كذلك في جلسة الشاطئ، وحالة الهدوء التي تبدو ظاهرياً أنها تسيطر على العاشق وحبيبته، إلا أن مخيلة كل منهما تطالع سماء مجسدة تنويعات مختلفة لهذه الحالة، من رقص وعناق، ومظاهر غاية في الصخب تكشف أكثر عن إحساس الشخصيات.

الحركة

ورغم الثبات الظاهر على تكوينات اللوحة، والمستمد من فن النحت، إلا أن هذه التكوينات المفارقة لوجودها الواقعي تتشكل في انحناءات توحي بالحركة المستمرة التي لا تهدأ، وهي مفارقة لافتة بين ثبات التكوين وحركة الجسد وما يحيطه من مفردات اللوحة المختلفة، حتى إن بعضها يتخذ من حركات الرقص الإيقاعي وتشكُلات مفرداته، كامتداد الأيدي، أو حمل الرجل للمرأة وكأنها تطير في الهواء. فقط رجل وامرأة، وحالات متفاوته تكشف عن الحب، أو العالم الهادئ الذي تجسده هذه العلاقة من وجهة نظر العاشقين، لكن هذا الهدوء المرجو لم يتحقق بسهولة، هناك دراما (صراع) لا يهدأ من قلق وتوجس وتوتر دائم يحيط بهذه العلاقة، رغم ما يحيطها من أجواء. وهو أيضاً شكل من أشكال المفارقة.

الأسلوب والتقنية

هذه المفارقة تتضح أكثر في أسلوب وتقنية اللوحات، كثبات الشكل المستوحى من فن النحت، حيث الضخامة والأبعاد الثلاثة، إلا أن هذا يتباين مع اللون والإيحاء الشديد بالحركة، هذه الطريقة في التكوين هي ما تميز الفنان، حتى إن كانت الموضوعات محل اللوحة ـ علاقة الحب ـ اعتيادية، كثيمة رئيسية في الأعمال الفنية بشكل عام، دون الاقتصار على الفن التشكيلي وحده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية