كارثة انكليزية في أوروبا!

تطلب الأمر تسديدة عشوائية قبل نهاية المباراة بثلاث دقائق كي تحفظ الكرة الانكليزية ماء وجهها في المسابقات الاوروبية، وبعدها الى صدات اسطورية من حارس بطل كأس العالم ايميليانو مارتينيز خلال تسديد ركلات الترجيح، كي ينجح أستون فيلا في البقاء في احدى المسابقات الاوروبية كالممثل الوحيد لأفضل دوري في العالم (البريميرليغ) في الدور نصف النهائي، وأين؟ في المسابقة الاوروبية الثالثة، كونفرنس ليغ.
في السنوات الـ28 الماضية تأهلت الفرق الانكليزية الى الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا عشرين مرة، وفازت باللقب خمس مرات من آخر 6 نهائيات، وفي المسابقة الثانية لم تختف فرق البريميرليغ عن أدوارها المتأخرة، ولهذا يبدو للوهلة الأولى أن هذا الموسم كارثي للكرة الانكليزية في المسابقات الأوروبية، لكن ما هي العلة؟
لا شك في أن الجدل حول هذا الامر يبقى في حدود الرغبة في المعرفة أو التصديق، فالمدافع عن الكرة الانكليزية سيعتبر ان المنافسات الشرسة هي تكمن في الدوري المحلي، أي أن «السوبر ليغ» الحقيقي هو البريميرليغ، بل أن المداخيل الأكبر تأتي للأندية من المشاركة في الدوري الممتاز وليس في المسابقات الأوروبية، أي أن تركيز كل ناد مشارك في المسابقات الأوروبية سيكون منصباً على صراعات البريميرليغ، والتي فيها كل مركز يحتله النادي في النهاية يفرق عن سابقه مبلغا يبلغ مليوني دولار، ويضمن الحصول على ما أقله 120 مليون جنيه استرليني وقد تصل الى 180 مليوناً بحسب المركز وعدد المباريات المنقولة، في حين لا يحصل من مشاركته في دوري الأبطال سوى على نصف هذا المبلغ أو أقل، حتى في حال تألقه، وهذا المبلغ يتقزم أكثر وأكثر في حال المشاركة في المسابقتين الأخريين الدوري الاوروبي وكونفرنس ليغ. ومع ذلك هذا لا يعني أن الفرق الانكليزية الأربعة التي شاركت هذا الموسم في التشامبيونز ليغ، لم تكن تصارع من اجل تقديم أفضل ما لديها في المسابقة الاوروبية، فنيوكاسل عاد ليشارك في دوري الابطال بعد غياب نحو 20 سنة، بعد عامين من صراعه من أجل البقاء في الدوري الممتاز مروراً بموسم خيالي احتل فيه المركز الرابع تحت ادارة المدرب ايدي هاو، قبل أن تعصف به الاصابات في ظل وجوده في مجموعة موت صعبة جدا مع باريس سان جيرمان وميلان وبوروسيا دورتموند. فيما استمرت معاناة مانشستر يونايتد من تخبطه الاداري الذي انعكس عليه بشدة في أرض الملعب، فعانى من موسم مهتز وخرج من دور المجموعات، في حين أبلى أرسنال بلاء حسناً حتى ربع نهائي دوري الأبطال في دور لم يخضه منذ 2009، وبدا واضحاً أنه فريق في مرحلة التكوين وما زال يفتقد الى الخبرة، ان كان على صعيد أفراده الموهبين او حتى مع مدربه الطموح ميكيل أرتيتا، ولم يعد يملك القدرة على الصراع محلياً في مسعاه لاحراز لقب الدوري المحلي للمرة الاولى منذ 2004، وبين محاولة الوصول الى نهائي التشامبيونزليغ للمرة الاولى منذ 2006، لكن الذي أضاع فرصة ذهبية كان صاحب ثلاثية الموسم الماضي مانشستر سيتي، الذي كان على استعداد أيضا لتكرار هذا الانجاز هذا الموسم أيضا، لكن رغم سيطرته المطلقة على مباراته مع صاحب الخبرة وأكثر الألقاب في المسابقة الأوروبية ريال مدريد، لم ينجح في كسر شوكته.
حتى العريق ليفربول، الذي اعتبر مرشحا فوق العادة لاحراز لقب الدوري الأوروبي في الموسم الاخير لمدربه الألماني يورغن كلوب، مرت فوق رأسه الغيمة السوداء، ففي غضون أيام فقد فرصة تصدره للدوري الانكليزي بخسارة صادمة على أرضه أمام المغمور كريستال بالاس، وقبلها صدم أنصاره بخسارة أكثر قسوة أمام أتالانتا الايطالي بثلاثية نظيفة في أرضه، أخفق في قلبها واكتفى بفوز معنوي بهدف في بيرغامو ليودع مسابقة كانت في المتناول. وفي نفس الليلة كاد وستهام اللندني أن يفعل ما لم يستطع أي ناد أن يفعله وهو هزيمة بطل ألمانيا الجديد باير ليفركوزن، عندما تقدم عليه بهدف حتى الدقيقة الاخيرة من المباراة قبل يعادل بطل البوندسليغا، ليبقي على سجله خالياً من الهزائم في كل المسابقات، والأهم التأهل الى نصف نهائي المسابقة بمجموع 3-1، ليؤكد على اقصاء كل الأندية الانكليزية من المسابقة بخروج برايتون أيضا من الدور السابق.
بقاء فريق انكليزي واحد فقط من أصل 8 فرق شاركت في المسابقات الاوروبية هذا الموسم، بحلول أدوار نصف النهائي في المسابقات الاوروبية الثلاث، هو كارثي لكبرياء وطموح الدوري الأفضل في العالم، لكنه ليس مقياساً بكل تأكيد، ففي الموسم الماضي تألقت الفرق الايطالية أوروبيا، وكان لها ممثلون في كل المباريات النهائية للمسابقات الثلاث، لكن في النهاية خرجت بخفي حنين، وأخفقت في احراز أي لقب، وظلت الكرة الايطالية تعاني من أزمات مالية خانقة ومن قلة نسبة المشاهدة، على عكس ما يحدث في البريميرليغ.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية