صحيفة إسرائيلية.. نتنياهو: “أريد الصفقة ولا أريدها”.. وقائد كتيبة كأنه “احتل المسجد الأقصى”: المعبر بأيدينا

حجم الخط
0

أبدأ بقولين يتعارضان والرسائل التي يتلقاها الإسرائيليون من الحكومة في الأيام الأخيرة. الأول، صفقة المخطوفين التي تقترحها حماس ليست بعيدة عن المقترح الذي أقرته إسرائيل. ثمة فجوات، لكن في هذه المرحلة ليست هي الأساس، الأمر الأساس هو وجود صفقة الآن: ملموسة، مفصلة، واضحة. هكذا يفهم كل العالم الوضع من واشنطن حتى غزة. لو كان الحديث يدور عن صفقة لشراء شقة لقلنا: مذكرة التفاهم باتت مكتوبة. والآن سنتفاوض مع التفاصيل.

بات واضحاً سؤال ماذا تريد حماس، ويتبقى سؤال ماذا يريد نتنياهو. وثيقة مكتوبة وصلت أمس إلى مقرري السياسة تتناول ادعاء نتنياهو بأن المقترح الحماس يقضي على المفاوضات.

القول الثاني الذي يتعارض والرسائل يتعلق برفح. الحقيقة أن إسرائيل لم تهاجم رفح ولم تحتلها ولم ترفع أعلام إسرائيل ولم تشكر الرب على خلاصنا في رفح. احتفال الاحتلال مبكر ومبالغ فيه. معبر رفح يقوم على مسافة ثلاثة كيلومترات عن المدينة. فمعبر رفح ومدينة رفح كيانان منفصلان.

الطابور العسكري الذي سيطر على المعبر نفذ مهمته في سفرية، في أرض معظمها إن لم تكن كلها، فارغة من الناس. في البداية، مر الطابور في الدهنية، التي ماضيها أغنى من حاضرها: بداية، كانت قرية عملاء، محاذية لحدود إسرائيل، وبعد أوسلو دشن فيها مطار قصير الأيام لمسارات “طيران فلسطين” في طقوس احتفالية بمشاركة كلينتون، وفي الانتفاضة الثانية حرث الجيش الإسرائيلي المسار، وفي 2006 اختطف جلعاد شاليط من هناك. عدنا إلى الدهنية مرة ثانية، وثالثة، ورابعة.

رحلة الاحتلال انتهت بإعلان احتفالي لقائد الكتيبة: “معبر رفح في أيدينا” – وكأنه احتل لتوه جبل البيت (الحرم [المسجد الأقصى]).

قرار الكابنيت الأحد كان الأساس لمناورة يتميز بها نتنياهو، ما يسميه الأمريكيون الحديث من طرفي الفم. نحن لا نهاجم رفح، تعهد للأمريكيين؛ نحن نهاجم رفح، شرح لشركائه من اليمين ولرسلهم في وسائل الإعلام. السيطرة على المعبر استهدف ممارسة الضغط على حماس لتليين مواقفها في المفاوضات، وألمح لعائلات المخطوفين؛ السيطرة على المعبر هي البداية، ألمح للقاعدة. أما غالنت، الذي يحتقر الحقائق أقل منه، فوجد صيغة مجسرة: إسرائيل تهاجم “مجال” رفح.

لم تكن للخطوة العسكرية صلة بالصفقة: فهي لم تلين مقترح حماس ولم تعطل المفاوضات. هكذا فهم رئيس الـ سي.أي.إيه بيل بيرنز، الذي واصل حملته للوساطة بين القاهرة والدوحة وتل أبيب. بالنسبة لحماس، هي لا تحتاج المعبر: تملك وفرة أنفاق تمر بها. التأثير المحتمل الوحيد هو على وتيرة دخول المساعدات الإنسانية.

لقد كان هذا أحد القرارات الخفيفة لـ”كابنيت الحرب”. كان واضحاً بأن الجمهور – بمن فيهم مؤيدو غانتس – يتوقعون العمل بعد هجوم قذائف الهاون على كرم أبو سالم. سأل آيزنكوت قادة الجيش قبل ثلاثة أشهر: لماذا لا يسيطرون على المعبر؟ إضافة إلى ذلك، استهدفت آلة الدعاية في القناة 14 آيزنكوت بصفته الرجل الذي يكبح الهجوم المنشود في رفح. آيزنكوت ملّ، فنشر رداً نفى فيه الادعاء نفياً باتاً.

النفي خدم نتنياهو. عندما بحث الكابنيت السيطرة على رفح، طلب تصويت كل واحد من الوزراء. كابنيت الحرب محفل للتشاور: لا تصويت فيه. اثنان من الوزراء لم يرفعا يديهما: ديرمر وآيزنكوت. توجه نتنياهو إلى كل واحد منهما باسمه. يا رون، أتعارض عملية رفح؟ فأوضح ديرمر أنه مع. يا غادي، هل تعارض العملية؟ فأجاب آيزنكوت أنه مع. في الغداة، صدر بيان من مكتب رئيس الوزراء شدد على اتخاذ القرار بالإجماع.

أحدهما سار شوطاً أبعد من رفح؛ فقد خدم نتنياهو في كفاحه في سبيل الشرعية، سواء في واشنطن أو في البلاد. ليس هذا ما يصلّي له غانتس وآيزنكوت.

أمس، بعد أن أطلق نتنياهو وغالانت إعلانات حماسية عن استمرار القتال في رفح، نشر آيزنكوت منشوراً يشجب الأقوال، أما غانتس فسبقه.

الاتفاق الذي تقترحه حماس صعب على إسرائيل، لكنها مصاعب رافقت المفاوضات من بدايتها. بداية، هو يلزم إسرائيل بوقف القتال. صحيح أن هذا يحصل في المرحلة الثانية فقط، لكن الالتزام بالرزمة كلها. وهذا يتناقض ظاهراً مع ما وعد به نتنياهو ناخبيه منذ بداية الحرب. ليس سهلاً التملص منه: حسب المقترح، يدور الحديث عن ضمانة أمريكية إلى جانب مصر وقطر، وليس ضمانة من آريه درعي.

ليس هناك تعهد بتحرير 33 مخطوفاً في المرحلة الأولى الإنسانية. تدعي حماس بأن ليس لديها 33 مخطوفاً حياً يندرجون ضمن صنف “مرضى”. لديها 20 فقط. ينبغي القول إنها تدعي هكذا منذ زمن بعيد، بثبات.

ترفض حماس إعطاء إسرائيل حق فيتو على أسماء السجناء المحررين. هذه نقطة صعبة ذات مجال للتباحث حولها. كما أن الانتقال من المرحلة الثانية التي سيتحرر فيها كل المخطوفين الأحياء وتتعهد إسرائيل بوقف القتال وتنسحب من كل القطاع إلى المرحلة الثالثة، التي ستعاد فيها الجثث، يبعث على أسئلة ويحتاج إلى إيضاحات.

عندما وصل المقترح لإسرائيل فوجئت المحافل المشاركة في المفاوضات. فهي لم تتوقع بياناً من حماس يقول “نعم” صريحة. وفوجئوا أيضاً من الحرية التي أخذها الوسطاء لأنفسهم، لإعادة صياغة ما اتفق عليه من قبل في المقترحات السابقة، كلمة بكلمة، مع إسرائيل.

كتبت في الماضي بأن الجدال في إسرائيل أوسع وأعمق من تفاصيل الاتفاق. كما أنه لا يتلخص في مسألة المخطوفين؛ بل يقسم أصحاب القرار لمن يسعون لدفع الثمن لإعادة المخطوفين وفتح صفحة جديدة في حياة الدولة، ولأولئك الذين يرون في الحرب فرصة لتجسيد أحلام أخرى، مثل طرد، واستيطان، وحرب شاملة. نتنياهو في كفة المقلاع: لن يرفض الصفقة علناً ولن يقبلها.

بقلم: ناحوم برنياع

يديعوت أحرونوت 8/5/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية