سكان شمال غزة يواجهون ظروفا كارثية مع تدمير الاحتلال مجمع الشفاء الطبي

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

اعتبر مواطنون من سكان شمال قطاع غزة الذي يواجه حصارا مشددا من قبل الاحتلال الإسرائيلي وتجويعا لمن تبقى من المواطنين، أن إقدام الاحتلال على حصار مجمع الشفاء الطبي وتدميره بشكل كامل، يأتي في سياق تأزيم الأوضاع المعيشية للسكان، والدفع نحو تركهم مساكنهم والنزوح نحو الجنوب أو الهجرة الطوعية للخارج، مع توقف الخدمات الصحية بشكل شبه كامل، وعدم إمكانية الحصول على الحق في العلاج بعد تدمير كامل المرافق الصحية.
وعاث الاحتلال الإسرائيلي خراباً كبيراً وصادماً في مجمع الشفاء الطبي الذي يعتبر من أكبر المستشفيات على مستوى فلسطين، حيث يقدم الخدمات العلاجية لأكثر من نصف مليون مواطن في قطاع غزة سنوياً، لكن مع عودة الجيش اقتحامه مرة ثانية والبدء بعمليات هدم وحرق لأقسام المجمع الطبي، تحت ذريعة وجود نشاط لحركة حماس داخل المستشفى، توقف عمل المستشفى فيما لم يثبت الاحتلال أي دليل قاطع على تصريحاته المتكررة بوجود أعمال عسكرية داخل المجمع الطبي.
وأدانت مؤسسات حقوقية إقدام الاحتلال الإسرائيلي على إخراج مجمع الشفاء الطبي عن العمل بشكل كامل، عدا عن اعتقال كبار الأطباء وإعدام عدد آخر من طواقم التمريض ورؤساء الأقسام، حيث استنكر المركز الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، إقدام الاحتلال على تدمير جميع أقسام مجمع الشفاء، معتبراً أن الهدف يكمن في فرض مزيد من القيود والتضييق على سكان الشمال، وحرمانهم من الحصول على العلاج وموتهم بالجوع والأمراض الفتاكة التي تعصف بأعداد كبيرة من المواطنين، ولا يجدون رعاية صحية لحمايتهم من خطر الموت وتفشي الأمراض والأوبئة بينهم.
وعبر رئيس المجمع مروان أبو سعدة في تصريحات صحافية من داخل مجمع الشفاء عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي، عن بالغ استيائه من حجم الدمار والخراب الذي تركه الاحتلال داخل المجمع الطبي بعد حصاره للمجمع وللمنازل المحيطة به على مدار أسبوعين، حيث قام الاحتلال بالتركيز على تدمير كافة أقسام ومباني المجمع تحت ذريعة تحصن عناصر من المقاومة بداخله، وأوضح أبو سعدة أن شمال قطاع غزة بات يعاني من ظروف كارثية صعبة، بعد توقف المجمع عن العمل بشكل كامل وعدم توفر مراكز صحية لاستقبال الحالات المصابة من جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، مطالباً أحرار العالم بالضغط على الاحتلال للسماح بتوفير مستشفيات ميدانية في مدينة غزة، لسد العجز مع تراجع الخدمات الصحية للمواطنين نتيجة تدمير الاحتلال لعدد كبير من المستشفيات.
وأثر الاقتحام والحصار المفاجئ لمجمع الشفاء على أعداد كبيرة من الجرحى الذين يرقدون داخل أقسامه ويتلقون العلاج، خاصة وأن المجمع كان يواصل تخطي الصعوبات بالعمل على توفير الخدمات العلاجية، وإجراء العديد من العمليات الجراحية للمصابين من كافة مناطق شمال غزة، مع وجود عدد محدود من الكوادر الطبية الخبيرة، لكن مع قتل واعتقال الكوادر وتدمير المجمع، باتت أوضاع المصابين والمرضى على المحك.

قتل الجرحى والمصابين

يقول رامي زياد إن تدمير مجمع الشفاء يهدد حياة نجله الذي تم إخراجه بعد أيام من حصار المجمع من قبل الجيش ولم يكتمل علاجه، بعد أن أجريت عملية جراحية له في الأمعاء ويحتاج إلى رعاية صحية طويلة كي يتعافى من الوضع الصحي الصعب الذي يعاني منه، بعد إصابة نجله بشظايا صاروخ من طائرة استطلاع.
وأوضح لـ«القدس العربي» أن مجمع الشفاء تضم أقسامه وبالتحديد الجراحة أعدادا كبيرة من المصابين، وبعض هؤلاء تم إعدامهم والبعض الآخر طلب منه الخروج مشياً على الأقدام إلى خارج المجمع دون تلقيهم العلاج الكامل وهذا زاد من تردي أوضاعهم الصحية ويهدد بفقدان حياتهم.
ولفت إلى أن الاحتلال يتفنن في قتل وإبادة مواطني غزة، فهو يريد قتل المصابين من خلال حرمانهم من الحصول على العلاج، وذلك كسياسة عقاب يفرضها إلى جانب التجويع الذي أدى إلى فقدان حياة الكثيرين، خاصة الأطفال والمرضى وكبار السن في مختلف مناطق شمال قطاع غزة.
ويقول الطبيب علاء أحمد إن حرمان شريحة واسعة من الجرحى على إثر توقف عمل مجمع الشفاء والعديد من المرافق الصحية الأخرى، يزيد من احتمالية تعفن جروح المصابين، لعدم تلقيهم الأدوية اللازمة والغيارات اليومية، وهذا ما بدأ يظهر على أعداد من المصابين ممن يجدون صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية وحتى بعض الأدوية التي فقدت من الصيدليات والمراكز الصحية.
وأضاف لـ«القدس العربي» أن ما جرى بمجمع الشفاء الطبي، يعتبر من أكبر الكوارث التي يشهدها قطاع غزة، بعد أن توقف أكبر المستشفيات عن العمل بشكل كامل والذي يقدم الخدمات الصحية لأكثر من نصف سكان قطاع غزة، وإمكانية إعادة تفعيل عمله يحتاج إلى سنوات طويلة من الترميم وإعادة الأقسام المدمرة.
واستهجن الطبيب حالة الصمت العربي والدولي من الجريمة الإنسانية والأخلاقية الكبرى التي يقوم الاحتلال الإسرائيلي بارتكابها بحق المراكز والمستشفيات الصحية منذ بداية الحرب، إلى جانب تدمير المستشفى الاندونيسي ومستشفى كمال عدوان، عدا عن الدمار الكبير الذي لحق بمجمع ناصر الطبي وسط مدينة خانيونس.
وأشار إلى أن حياة المئات من المرضى والجرحى في غزة مهددة بخطر الموت الحقيقي، بسبب المضاعفات الصحية التي يتعرضون لها مع حرمانهم من الحصول على العلاج وعدم السماح بالخروج والعلاج في المستشفيات العربية، نتيجة استمرار الاحتلال إغلاق المعابر وفرض قيود على تنقل المواطنين من شمال غزة إلى الجنوب باتجاه معبر رفح.
يذكر أن الاحتلال يواصل شن حرب إبادة هي الأعنف على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، مستهدفاً قتل وإبادة المدنيين وتدمير المنشآت الصحية بشكل كامل، وسط صمت وتواطؤ دولي واضح من إدانة الاحتلال على جرائمه، والدفع نحو العمل الجاد على وقف عاجل لإطلاق النار.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية