مدير منظمة حرية الصحافة: إسكات نقاد الحرب الإسرائيلية في غزة هو ما يجمع بين حظر إسرائيل لـ«الجزيرة» وأمريكا لـ«تيك توك»

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: نشرت صحيفة «الغارديان» مقالا لمدير منظمة حرية الصحافة سيث ستيرن قال فيه: «إن إسرائيل تحظر عمل قناة «الجزيرة»، والولايات المتحدة تستهدف تيك توك والجميع يعرف السبب».
وقال إن ما يجمع القانونين هي الرغبة في إسكات نقاد الحرب الإسرائيلية على غزة. ويضيف قائلا: «إن البيت الأبيض كان مصيبا في قوله إنه قلق عندما عبّدت الكنيست الإسرائيلية الطريق في شهر نيسان/أبريل أمام حظر قناة الجزيرة داخل إسرائيل. ويوم الأحد، تحركت الحكومة الإسرائيلية ومنعت القناة، وهو قرار وصفته جمعية المراسلين الأجانب بأنه «يوم أسود للديمقراطية». وقال الكاتب: «لو كان البيت الأبيض «قلقا» فقد كانت طريقة قلقه غريبة، ذلك أن جو بايدن وإدارته دعمت وشجعت قوانين الرقابة وقضايا المحاكم والتي تؤكد أن «الأيام السود» قادمة إلى البيت أيضا».
وأفضل مثال هو مشروع قانون وقّعه بايدن في الشهر الماضي لمنع أو إجبار تيك توك على بيع شركتها في الولايات المتحدة.
ومثل حظر «الجزيرة» في إسرائيل، فالقانون الأمريكي ضد تيك توك يعتمد على تأكيدات غير مثبتة من المخاطر على الأمن القومي، في تجاهل للتحذير الواضح الذي أطلقه القاضي هيوغو بلاك في «أوراق البنتاغون» من أن كلمة «أمن» هي واسعة وعمومية وغامضة ولا يمكن التذرع بملامحها لإلغاء القانون الأساس الذي يجسد التعديل الأول من الدستور. وليس سرا أن الهدف من القانونين هو إسكات نقاد حرب إسرائيل في غزة.
واعترف مات رومني، بالكثير من هذا في حوار مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ولم يكن الوحيد في الحديث عن ذلك بصراحة. فقانون تيك توك، مثل الجزيرة، ليس مقصورا على هدفه الأول، بل يفتح الباب أمام منع منصات أخرى في المستقبل، بما فيها المنصات الأخبارية الأجنبية، والتي يعتبرها الرئيس خطرا على الأمن القومي. وعلى خلاف القانون الإسرائيلي الذي يطلب من رئيس الوزراء الحصول على مصادقة من وزارة الأمن أو الحكومة، فالقانون الأمريكي يعطي الرئيس السلطة ومن طرف واحد، ومن السذاجة بمكان الإعتقاد أن تيك توك هو نهاية الأمر.
ولن يتوقف عند هذا الحد، فقد أشار بايدن إلى قانون إصلاح الأمن وتأمين الولايات المتحدة (ريسا) حيث يسمح التشريع هذا للحكومة تجنيد أي «مزود للأمن» لديه منفذ يمكن أن يستخدم أو لا يستخدم لبث أو تخزين الإتصالات الإلكترونية» والمساعدة في مراقبة أهداف أجنبية. وتجاهلت الحكومة الأمريكية تحذيرات مناصري الحريات المدنية وكذا تلك الصادرة من مشرعين حذروا أن قانون «ريسا» قد يسمح للحكومة بالطلب من «موظف بإدخال يو أس بي في كمبيوتر بمكتب يقوم بتنظيفه أو حراسته في الليل». وربما كان هذا المكتب هو غرفة أخبار.
و«ريسا» في النهاية هو تعديل لقانون الرقابة الإستخباراتية الأجنبية، والذي أُسيء استخدامه للتجسس على الصحافيين قبل أن يوسعه الكونغرس.
وتتحوط المصادر الأجنبية الحديث مع الصحافيين الأمريكيين لو كانوا يعرفون أن غرفة الأخبار مراقبة.
وهناك مشروع قانون مرره مجلس النواب يسمح لوزارة الخزانة، بسلطة غير محدودة لإلغاء الإعفاء الضريبي من المنظمات غير الربحية بمن فيها وسائل إعلام يرى الوزير أنها «تدعم منظمة إرهابية» فتمويل الإرهاب غير قانوني، لكن مشروع القانون يستغني عن الإجراءات المطلوبة لتصنيف جماعات كمنظمات إرهابية أو محاكمتها للدعم المادي للإرهاب.
ويأتي التشريع بعدما ألمح مشرعون فدراليون ومحامون للحكومة الى أن مؤسسات إخبارية مثل سي أن أن وأسوشيتدبرس ورويترز ونيويورك تايمز تدعم الإرهاب لأنها تشتري صورا من مصورين فلسطينين غير متفرغين أو لانها تنتقد إسرائيل.
ولسنا في حاجة للإشارة إلى الساسة الذي يمارسون القوادة واتهامهم حركات الطلبة الإحتجاجية بأنها تدعم الإرهاب. بل ودعا بعض المعلقين إلى تضمين مشروع القرار بنداً يحرم منظمات غير ربحية لأنها لم تلتزم بالتعريف المثير للجدل الذي تبناه التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية. وتم تبني التعريف من مجلس النواب الأمريكي ويخلط أيضا عدم الإتفاق مع إسرائيل بمعاداة السامية، وهو تكتيك استخدمه الداعون لحظر الجزيرة، وهو ما يعطي الحكومة الأمريكية سلطة لإسكات المنظمات الإخبارية، وبالضرورة غير الربحية منها، وبدرجة أكبر مما يحلم به بنيامين نتنياهو. ولم تقل الإدارة أنها ستدعم مشروع قانون المنظمات غير الربحية، إلا أن تبنيها لقوة الرقابة ليس علامة جيدة.
ولا الملاحقات القضائية، حيث يواجه الصحافي من فلوريدا، تيم بيرك اتهامات فدرالية بناء على قانون غامض اسئ استخدامه بشكل متكرر وهو قانون الغش وإساءة استخدام الكمبيوتر و«البحث» في الإنترنت عن أخبار مهمة تريد الشركة الحفاظ على سريتها.
ويخشى دعاة الحرية من أن تؤدي الإتهامات وغياب الشفافية لتخويف الباحثين عن الأخبار على الإنترنت. ثم هناك محاكمة مؤسس ويكيليكس، الذي تصنف الحكومة محاكمته بأنها قرصنة إلكترونية مع أن 17- 18 تهمة لاعلاقة لها بالقرصنة، ولكن بأساليب جمع معلومات يتبعها المحقق الإستقصائي لجمع المعلومات عبر الإنترنت.
ولم تنكر إدارة بايدن إساءة استخدام سابقة تسمح بسجن ناشري أسرار الحكومة، لكنها قدمت تأكيدات بأنها لن تفعل، ومرة أخرى بررت المزاعم الغامضة بالضرر على الأمن القومي. وحذر بايدن وعدد من الديمقراطيين من أن ترامب سيتصرف مثل ديكتاتور في ولايته الثانية المحتملة (في حال فوزه) لكنهم يواصلون تقديم سلطات جديدة له لكي يتصرف بهذه الصورة وبخاصة «كبش الفداء المفضل له أي الصحافة. وعلى من يشك في تصرف ترامب أو أي رئيس آخر إساءة استخدام هذه السلطات أن يتعامل مع أحداث نهاية الأسبوع في إسرائيل كتحذير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية