الحرب الإسرائيلية تحرم العاطلين عن العمل في غزة من استغلال مهن شهر رمضان

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

حرمت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة آلاف الشباب العاطلين عن العمل من الاستفادة من شهر رمضان والعمل في مهن مؤقتة خاصة بالشهر الفضيل، والتي تعتبر بالنسبة لأعداد كبيرة من الشباب مدرة للمال، وينتظرون قدوم الشهر بفارغ الصبر للعمل في ظل ارتفاع معدلات البطالة وانعدام فرص العمل وغياب مصادر الدخل بالنسبة لفئة كبيرة منهم.
ويعتبر شهر رمضان شهر الخير والبركة بالنسبة للسكان في قطاع غزة، حيث تنشط غالبية عظمى من المواطنين من صغار السن والكبار في العمل بمهن خاصة بالشهر الفضيل، ومن أبرز المهن الخاصة بشهر رمضان، بيع حلوى القطايف والعديد من أنواع الحلويات الأخرى والعصائر بكافة أنواعها، بالإضافة إلى المخللات المملحة وغيرها.
وشردت الحرب الإسرائيلية نحو مليون ونصف مواطن من مناطق سكناهم في شمال قطاع غزة نحو جنوب القطاع، ويقيم غالبيتهم في مراكز إيواء وخيام من القماش والنايلون بالتحديد في مدينة رفح أقصى الجنوب، ويعاني النازحون أوضاعاً معيشية صعبة، نتيجة انعدام مصادر الدخل، كما يواجه النازحون خاصة القادمين من مناطق مدينة غزة وشمالها أوضاعاً اقتصادية غاية في الصعوبة بفعل المجاعة التي يتعرضون لها، فلا خيارات أمامهم لإعداد وجبات السحور والفطور، حتى الماء النظيف يصعب الحصول عليه بسهولة، وهذا الواقع زاد من معاناتهم خلال شهر رمضان مع تدني الحصول على المساعدات الغذائية.
في سوق العودة الشعبي وسط مدينة رفح المكتظة بمئات الآلاف من النازحين، يحاول بعض الشباب خاصة القادمين من مناطق شمال غزة البحث عن فرصة عمل في بيع الحلوى وغيرها من المهن الخاصة بشهر رمضان، ومع تمكن البعض من الحصول على عمل، إلا أن الغالبية لم يحالفهم الحظ في الحصول على فرص عمل، حيث عبر عدد من المواطنين النازحين عن بالغ استيائهم من وصول حالهم إلى واقع هو الأسوأ على الإطلاق بالنسبة لهم.

تتضاعف احتياجات
العائلة في رمضان

النازح إياد البلعاوي يعتبر من أشهر باعة حلوى القطايف في مدينة غزة، ويعتبر شهر رمضان بالنسبة للبلعاوي من أكثر الشهور التي يجنى خلالها المال، لكن مع نزوحه إلى مدينة رفح فقد فرصة العمل في المهنة خلال الشهر الفضيل، وهذا ما أدى إلى استيائه خاصة وأنه بحاجة ماسة للمال في ظل ما يتعرض له من ظروف معيشية صعبة.
يقول البلعاوي لـ«القدس العربي»: لم أتوقع أن تمتد الحرب إلى هذه الفترة الطويلة، وازداد الاستياء بالنسبة لي مع تعثر جهود التوصل إلى تهدئة خلال شهر رمضان، حيث كان هناك أمل بالنسبة لي ولجميع المواطنين الذين يستغلون الموسم للعمل في مهن مؤقتة فيها كسب وفير للمال، أن تسفر جهود التفاوض عن هدنة تخفف من الواقع الصعب الذي يواجهه المواطنون.
ولفت إلى أن مهنة بيع حلوى القطايف يعمل بها منذ أكثر من عشرين عاماً، بعد أن ورثها عن والده الذي كان يعمل بهذه المهنة على مدار السنوات الطويلة الماضية، ويشهد اقبالا واسعا من الزبائن عليه، ووفق البلعاوي فإنه يتيح في كل موسم لعدد من الشباب العاطلين عن العمل خوض المهنة وكسب المال أملاً في تحسين ظروفهم المعيشية، لكن مع استمرار الحرب وعجزه عن العمل فقد عدد من الشباب فرصة الاستفادة من العمل بهذه المهنة.
حال النازح خليل بعلوشة لم يكن أفضل وبات غاضباً من الواقع المعيشي الصعب الذي يعاني منه منذ نزوحه إلى مدينة رفح قبل ثلاثة أشهر، حيث يعمل بعلوشة في مهنة بيع المخللات التي ينشط العمل بها خلال شهر رمضان، على اعتبار أن موائد إفطار الصائمين لا تخلو من المخللات والتي تتزين بأصناف من الفلفل والخيار والليمون المملح.
يشير بعلوشة في حديثه لـ«القدس العربي» إلى أنه عول كثيراً على توقف العدوان المدمر على قطاع غزة قبل شهر رمضان، من أجل استعادة أوضاعه الاقتصادية من خلال العمل في المهنة لكسب المال، ومحاولة تلبية احتياجات أسرته خلال الشهر الفضيل، باعتبار شهر رمضان تتضاعف فيه احتياجات العائلات، وهذا يزداد مع حالة الغلاء الفاحش في الأسواق وصعوبة توفير مستلزمات أسرته.
بدوره يقول الخبير الاقتصادي ماهر الطباع إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، دمرت كافة مكونات الاقتصاد في القطاع، نتيجة تعمد الاحتلال قصف المصانع والمطاعم والعديد من المنشآت التجارية والاقتصادية، وهذا أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب إلى مستويات كبيرة وخطيرة.
وأوضح الطباع لـ«القدس العربي» أن شهر رمضان يعتبر فرصة ثمينة بالنسبة للشباب العاطلين عن العمل، الذين يستغلون الشهر للعمل في مهن مؤقتة مدرة للمال، والتي من شأنها التخفيف من الواقع المتأزم مع انعدام فرص العمل، لكن مع استمرار الحرب قد حرم الآلاف من الشباب حقهم في العمل بمهن رمضان المؤقتة التي تجلب لهم المال.
ولفت الطباع إلى أن تصاعد أعداد العاطلين عن العمل من فئة الشباب بفعل الحرب، بحاجة إلى تضافر الجهود الدولية من أجل إنقاذهم من الواقع الذي يتعرضون له، وهذا يتم من خلال تقديم مساعدات مالية لهم في ظل الحرب المستعرة، والعمل على إنشاء مشاريع بتمويل دولي تستوعب الآلاف من الشباب لتحسين ظروفهم الحياتية المتدهورة أصلاً وزادت تأزماً مع دخول الحرب.
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل شن حرب مدمرة على قطاع غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والتي أفرزت كارثة إنسانية غير مسبوقة على السكان، مع قطع الاحتلال كافة الإمدادات من الغذاء والدواء والوقود، إلى جانب قصف المنشآت الاقتصادية والتجارية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية