FaceLyne مشروع فني يجمع عوالم الابداع ويلامس العقل والمشاعر

عبد معروف
حجم الخط
0

يعتبر فن الشعاع الخيطي أو الرسم بالخيوط، فنًا يعتمد على رسم الصور بناءً على الخيوط والمسامير، ويتم تثبيت المسامير على اللوح وفقًا لشكل معين، ثم يتم ملء منطقة معينة بالمسامير عن طريق خيط يربط مسمارًا بالمسمار المقابل، بحيث تظهر اللوحة عندما تكون المساحة متصلة تمامًا بالخيط.
FaceLyne هو مشروع فني يجمع عوالم الإبداع، ويلامس العقل والمشاعر الإنسانية، ويلتقط هذا المشروع المبتكر، والذي يطبق لأول مرة في لبنان، الحداثة في الفن من خلال نسج صور شخصية فريدة وبجاذبية ساحرة.
يستخدم FaceLyne تقنية فن الخيوط لصياغة صور معقدة وآسرة للأفراد. فمزيج من الفن والعلم ومن خلال تحليل مكونات الصورة والفهم الشامل لشكل الوجه، ينسج بشكل يدوي ما لا يقل عن السبعمئة متر من الخيوط بدقة حول إطار أجوف لتشكيل التفاصيل المعقدة لوجه الشخص وإظهار سماته المميزة بشكل إبداعي ثلاثي الأبعاد. والنتيجة هي قطعة بصرية مبهرة تجمع بين التعبير الفني والدقة الفنية، وتعرض جمال كل من الوجه العمل الفني نفسه.
يشير الباحث الدكتور طوني وهبة في دراسة له إلى أن اسم FaceLyne يختصر معنى رسم الوجه من خلال الخيط ويعكس جوهر الرؤية الفنية بتجسيد جوهر وجمال وجه كل فرد. اختيار تهجئة «Lyne» بحرف «y» بدلاً من «i» يضيف لمسة من التفرد والإبداع عن التهجئة التقليدية ويعكس التزام الابتكار الفني والأصالة. كما يضفي على الاسم طابعًا عصريًا وأنيقًا يتماشى مع الهدف المتمثل في تقديم لوحات فنية معاصرة وجذابة بصريًا.
ويؤكد الدكتور وهبة أن الإبداع سمة المجتمعات المتقدمة، ووسيلة أساسية لتقليص الفجوة الحضارية والعلمية بين الأمم، وعامل حاسم في تقدم المجتمعات في مختلف مجالات النشاط الإنساني، ويمكننا القول إن أي مجتمع لا يمكنه الارتقاء من دون وجود أشخاص مبدعين في مجالات عدّة.
ويمكن إرجاع مفهوم فن الخيوط إلى ثقافات مختلفة، بما في ذلك قدماء المصريين والبابليين وعلماء الرياضيات اليونانيين، الذين استخدموا أنماطًا هندسية بسيطة كرسوم توضيحية رياضية. وبالرغم من بدايته كتجربة رياضية، لم يمض وقت طويل قبل أن يدرك الفنانون قدرته على نقل الجمال والأشكال متجاوزاً حدوده التقليدية. وغالبًا ما كان يستخدم لإنشاء تصميمات مجردة، بالإضافة إلى تمثيلات للأشياء الطبيعية مثل الحيوانات والنباتات، فتحول من مجرد هواية إنشاء تصميمات هندسية إلى مساحة من التعبير الفني اللامحدود.
في الشكل، يقدم FaceLyne بُعدًا فريدًا من خلال صياغة اللوحات على حلقات دائرية مجوفة. ولتحقيق التفاصيل الدقيقة المطلوبة، يتم وضع نظام معقد من المسامير بشكل استراتيجي وبتوزيع متساوٍ على طول محيط الحلقات، ما يضمن تمدداً موحدًا في جميع أنحاء العمل الفني بأكمله. تعمل هذه المسامير كنقاط تثبيت للخيوط المنسوجة بدقة. ما يجعل هذا الترتيب رائعًا حقًا هو تركيب الخيوط على كل المسافة المتوفرة من طول المسامير المغروسة على الحلقات الدائرية المجوفة مما يضيف عمقًا ثلاثي الأبعاد إلى العمل الفني النهائي.
في الجوهر، لا يكمن ابتكار FaceLyne في تقنيته الدقيقة فحسب، بل يكمن أيضًا في استخدامه لعلوم معالجة الصور الرقمية المتطورة مع اللمسة الفنية الضرورية من أجل تحليل الصور. فاندماج الفن والدقة العلمية هو حجر الزاوية في إنشاء كل صورة، يضمن النهج العلمي وضع المسامير بدقة، ودقة الخيوط، والسلامة الهيكلية للحلقات المجوفة. بينما توفر المقاربة العلمية الأساس، فإن الجانب الفني يجلب الروح والعاطفة التي تجعل كل صورة FaceLyne رائعة حقًا حيث تبدأ مقاربة كل صورة برؤية فنية، كسمفونية من الأشكال والظلال المصممة بدقة لالتقاط جوهر الموضوع. يصبح التآزر بين هذين المجالين واضحًا عندما تتشكل اللوحة. تندمج الحسابات العلمية مع الحدس الإبداعي، حيث يعمل كل منها في تناغم لإنشاء عمل فني يتجاوز حدود الأشكال الفنية التقليدية ويثير المشاعر والقصص والروابط.

دمج الفن والعلم والابتكار

الإبداع الفني يتجلى هنا مع الفنان الدكتور علاء هلال الذي يرسم لوحات فنية رائعة تحاكي العقل والخيال وتلامس القلب ورقة المشاعر، يتفنن بصنعها بالخيط فقط، إنها «FaceLyne» فن الرسم بالخيط ويؤكد الدكتور هلال أن مشروع FaceLyne بدأ بسعي خلاق، من أجل دمج الفن والعلم والابتكار في منحى فني فريد.
والدكتور هلال يحمل درجة الدكتوراه في معالجة الصور الرقمية والهندسة الطبية الحيوية من الجامعة اللبنانية وجامعة تروا للتكنولوجيا في فرنسا منذ عام 2013. ومنذ ذلك الحين يعمل كأستاذ محاضر وباحث في الجامعة اللبنانية. استطاع خلال هذه الفترة توسيع معرفته في معالجة الصور الرقمية وتطوير واكتساب خبرة بحثية وتطبيقية في مجالات فهم وتحليل الصور الطبية، فحص وتدقيق الصور الجنائية، ومعالجة الصور البيو-مترية. بشكل مرادف رافق المسار الأكاديمي للدكتور هلال شغف بتوظيف معرفته العلمية في اكتشاف آفاق جديدة للإمكانيات الفنية داخل التكنولوجيا.
وفي حزيران/يونيو 2022 أدرك الدكتور علاء هلال الإمكانات الكامنة لفن الخيوط لتجاوز الحدود التقليدية وبث الحياة في صور الوجوه، أي بورتريه. فكانت البداية بنسج صورة من الخيطان لولده ومن ثم بضعة صور إضافية. استطاع الدكتور هلال من بعدها من معالجة الطرق والسبل العلمية الضرورية وتمكن من تطوير التقنيات المطلوبة وتحسينها. وما بدأ كتجربة فنية سرعان ما تطور إلى مشروع مبتكر، ما جعل لمشروع FaceLyne هوية ومكانة رائدة في المشهد الفني.
تحمل صور FaceLyne أهمية عميقة تتجاوز جاذبيتها الجمالية، ومن خلال التشابك المعقد للخيوط، لا تلتقط هذه الصور وجوه الأفراد فحسب، بل تلخص أيضًا قوتهم ومرونتهم وروحهم. فتنقل بالتالي رمزًا للتضامن والأمل والتشجيع وتذكيرًا ملموسًا بالحب الذي لا يتزعزع.
بعد مرور حوالي سنتين فقط من إنشائه، يقف FaceLyne كشهادة على الإبداع الدؤوب والتفاني الذي لا يتزعزع تمت صياغة أكثر من 450 صورة لشخصيات محلية وعالمية.
من خلال الأبعاد المختلفة، تهدف FaceLyne إلى إظهار القوة الدائمة للفن لإثارة المشاعر ورواية القصص والمساهمة في الصالح العام للأفراد والمجتمع ككل.
يسعى الدكتور علاء هلال، مؤسس مشروع FaceLyne إلى وضع اسم لبنان على الخريطة العالمية لهذا النوع من الفن بالإضافة إلى تعزيز الفخر بالفن اللبناني من خلال تقديم FaceLyne كعلامة رائدة في الرسم من خلال فن الخيوط.
وعند التعمق فيما يتم إنتاجه من خلال FaceLyne يصبح من الواضح أن هذا المشروع هو أكثر من مجرد مسعى فني، فأهدافه تشمل رؤية متعددة الأوجه تجمع بين التميز الفني والرنين العاطفي والتأثير المجتمعي.
مشروع FaceLyne مدفوع بالتزام عميق بإحداث تغيير إيجابي في الحياة الإنسانية، وتمتد الأهداف إلى تعزيز الشعور بالمجتمع والتجارب الحياتية المشتركة. وبالتالي تكون أهمية السعي إلى إلهام روابط ذات مغزى من خلال هذا الفن، سواء من خلال الاحتفال بالحب، أو إحياء ذكرى معالم الحياة، أو تقديم الراحة في أوقات الضياع.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية