الفنانة اللبنانية سيرين فتوح: أعمالي الفنية تتقصى تبعات العنف والتهجير التي عايشتها

 عبد معروف
حجم الخط
0

من خلال النحت والفيديو والنيون والتصوير الفوتوغرافي والتجهيز الصوتي والرسم، يمكن استكشاف أعمال الفنانة اللبنانية سيرين فتوح، المولودة عام 1980 في بيروت. سيرين فتّوح فنانة وباحثة تعيش بين باريس وبيروت، يتقصى عملها تبعات العنف والتهجير على هويات الناس.
تحمل فتّوح شهادة الدكتوراه في الفنون التشكيلية وعلوم الفن من جامعة باريس وشهادة ماجستير من المدرسة الوطنية للفنون في باريس. درّست الفنون التشكيلية في باريس وهي أحد أعضاء مركز الدراسات والأبحاث في الفنون التشكيلية. وشاركت فتوح في معارض فردية وجماعية بين باريس وروما وبروكسل وبيروت ومدن أخرى.
حول اهتمامها بالتاريخ وعملها كفنانة وباحثة تدرس وتحلل العواقب الناجمة عن العنف والتهجير على هويّات الناس، تقول:
○ لماذا لجأت إلى النحت والتصوير والرسم للتعبير عما في خيالك؟
• عندما كنت أعيش في لبنان خلال سنوات الثمانينيات، كنت أمارس هواية الرسم والتلوين، ولا أدري تماما ما هو الدافع الحقيقي لتوجهي إلى هذا المجال من الإبداع، ولا أدري السبب الذي جعلني أعشق هذا الميدان، لكن ربما يكون السبب هو أن في عائلتي الكثير من الفنانين والشعراء والكتاب الذين كانت لهم مساهمات كبيرة في الميدان الثقافي، يمكن أن أذكر منهم الشاعر محمد علي فتوح الذي كان يكتب كلمات الأغاني للفنانين والمطربين، ورفيف فتوح وهي كاتبة وأديبة معروفة، وهناك الكثير من الفنانين في العائلة أبدعوا في فن الرسم، وكان والدي قبل دراسته يرسم ويلون، وكذلك أخي.
لا شك أن هذا المناخ العائلي وهذه البيئة الفنية والثقافية كان لها الأثر الكبير في حياتي ومسيرتي الفنية والثقافية. لكن ما أذكره تحديدا أني توجهت إلى هذا الفن بشكل مفاجئ، للرسم والتصوير والإخراج والتلوين.
عندما غادرت لبنان عام 1989 لمتابعة دراستي في فرنسا، تغير اتجاهي في الميدان الفني، عندما وصلت إلى باريس درست الفنون الجميلة واشتغلت في الفيديو، لأني كنت في هذا الميدان أشعر بامكان التعبير أكثر عن ذاتي وعما يدور في خاطري وخيالي.
وأيضا بسبب وجود آلة تصوير في بيت أهلي منذ كنت طفلة،(سوبر 8، وG8 ديجيتال) وكنت استعملها أحيانا، وبالتالي كان من الطبيعي أن يكون ذلك دافعا أو تشجيعا لأمارس هواية التصوير، وكل نشاط له علاقة بلبنان، والحالة في لبنان لها تأثير كبير على حياتي وشكلت حافزا للإبداع والرسم والتصوير، ورغم المعاناة والمآسي التي تعرض لها لبنان، فإن ذلك لم يشكل عامل إحباط ويأس، والحالة التي نعيشها في لبنان وفلسطين تدفع الفنان للتعبير عن ذاته وعن قضاياه الوطنية، لأن الإحباط في حياة الفنان خطوة نحو النهاية وسبب أزمات كثيرة، والمبدع هو الذي يعبر عن الحالة.
تركت لبنان مرة أخرى لأتابع دراستي الجامعية في كلية الفنون الجميلة في جامعة سوربون وبعد ذلك نلت شهادة الدكتوراه عام 2015 وكانت تتناول وضع الفنانين اللبنانيين بعد العام 1990 وبعد حرب تموز/يوليو2006.
عام 2015 عدت إلى لبنان لأكتب أطروحة الدكتوراه، ثم عدت إلى باريس عام 2016 ثم إلى لبنان وبقيت في بيروت حتى انفجار مرفأ بيروت 4 آب/أغسطس 2020 قررت مغادرة لبنان، لأني شعرت بوضع صعب وحالة لا يمكن تحملها، ولم يعد باستطاعتي الاستمرار بعملي في مجال الفن والرسم والتصوير والنحت، خاصة وأن الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية وصلت إلى مرحلة مأساوية.
جنوب فرنسا عملت أستاذة فنون، وكان عندي مرسم في باريس، لا شك أن مغادرتي لبنان فتح لي آفاقا جديدة وأبوابا كثيرة والمزيد من الفرص في ميادين الإبداع والفن.
○ ما هي علاقة الفن بالوطن؟
• ليس لدي جواب محدد حول علاقة الفن بالوطن، صحيح أن كل أعمالي الفنية لها علاقة بوطني لبنان، لأني أعشق وطني ولي علاقات حب وكره للحالة في لبنان. لكن ما هي علاقة الفن بالوطن… لا أدري وليس عندي جواب محدد لهذا السؤال.
○ المعروف أنك فنانة بصرية تتأرجح بين الحقيقة والخيال.. ماذا يعني ذلك؟
• معظم أعمالي بين الفن والتوثيق والخيال، الخيال يعني الرسم والنحت، أعمل أشغال لها علاقة بالخيال، لذلك أنا أعمل في المجالين التوثيق والخيال.
○ من خلال أعمالك تحاولين دائما إعادة الماضي، لماذا؟ ولماذا اعتبرت حركات التاريخ غير متوقعة في قلب بيروت؟
• شغل له علاقة بالماضي، لأني عشته، عشت الحرب منذ طفولتي، وتركنا بيروت بين 1989 و1993 عندما عدنا وجدنا الدمار الهائل في بيروت حتى في النفوس، والحقيقة أقول صراحة، أنا لا أعرف لبنان إلا كبلد حرب ودمار، نعم عرفت بلدي مدمرا، ولدت عام 1980 خلال الحرب الأهلية، تربيت ونشأت بالحرب والملاجئ، والخوف والفرار من مكان لآخر.
○ هل بيروت منبع للأحلام، أم للكوابيس؟
• بيروت تشكل لي دافعا لمزيد من العطاء والإنجاز، هي مدينة تجذبني وتشدني وتشكل حافزا للإبداع، ولأني أعيش خارج بيروت فالأسهل لي أن تكون بيروت منبعا للأحلام، ورغم الحرب والمآسي، كانت بيروت وما زالت منبعا للأحلام أكثر من الكوابيس.
أشعر ورغم كل ما يتعرض له لبنان لدى الناس قدرة على الإبداع والفن والإنتاج، وشكلت الحروب والأزمات المتعاقبة دافعا للحياة وليس للموت والإحباط واليأس والعودة للحرب.
الوضع في لبنان اليوم ليس كما هو في قطاع غزة، ففي غزة هناك حقيقة موت ودمار لكل الحياة، في لبنان الوضع مأساوي لكن ليس كما غزة، وليس لدرجة الموت النهائي. عام 2006 مثلا الفنانون اللبنانيون نظموا الكثير من النشاطات الثقافية والفنية والإبداعية، لأن الفن هو الدافع للخروج من حالة الاكتئاب والألم.
○ أبرز أعمالك والمعارض التي شاركت بها؟
• هناك الكثير من المعارض والأعمال الفنية التي شاركت بها في لبنان والعالم، معرض «وسط قفزة في الفراغ» وإخراج فيلم خلف «الدرع» ومعرض Centre Pompidou في فرنسا، ومعرض MAXXI Museum في إيطاليا وغيرها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية