التهديدات الإسرائيلية لا تثني إرادة الحياة في مخيم الرشيدية جنوب لبنان

عبد معروف
حجم الخط
0

يعيش اللاجئون الفلسطينيون في مخيم الرشيدية قرب مدينة صور جنوب لبنان، حالة من الترقب والحذر بعد التهديدات التي أطلقها الجيش الإسرائيلي بشن حرب تدميرية تستهدف جنوب لبنان تشمل المخيمات الفلسطينية.
وإلى جانب موقع المخيم القريب من الحدود اللبنانية مع الجليل الأعلى شمال فلسطين ومن مناطق التوتر التي يقصفها الجيش الإسرائيلي، ارتفعت حالة الحذر في صفوف أهالي المخيم من عدوان إسرائيلي بعد أن استهدفت طائرات العدو مناطق متفرقة في محيط المخيم وقيادات ميدانية تابعة لكتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، كان أبرزها عملية اغتيال القيادي في الحركة سمير فندي يوم 5 كانون الثاني/يناير الماضي، والقيادي هادي مصطفى (أبو شادي) يوم 13 مارس/آذار الحالي، وهما من أبناء مخيم الرشيدية.
لكن التهديدات الإسرائيلية والتصعيد العسكري في جنوب لبنان، لا تثني إرادة الصمود والبقاء في مخيم الرشيدية كما يقول أحد أعضاء اللجنة الشعبية في المخيم، وتؤكد الفصائل والمرجعيات الفلسطينية التي التقت بها «القدس العربي» خلال جولتها في المخيم على أن لا خيار أمام هذا الشعب سوى التمسك بإرادة البقاء والصمود.

موقع مخيم الرشيدية

يعتبر مخيم الرشيدية الذي أنشئ عام 1949 من أكبر المخيمات الفلسطينية في منطقة صور، وثاني أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بعد مخيم عين الحلوة القريب من مدينة صيدا، سواء من حيث المساحة أو عدد السكان.
ويقسم مخيم الرشيدية إلى قسمين: القديم والجديد، وقد تم بناء القسم القديم من قبل الحكومة الفرنسية عام 1936 لإيواء اللاجئين الأرمن الذين فروا إلى لبنان ثم لجأ إليه الفلسطينيون بعد العام 1948.
وقامت «الأونروا» ببناء القسم الجديد عام 1963 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين تم إجلاؤهم من مخيم ثكنة غورو قرب مدينة بعلبك شرق لبنان.
معظم سكانه ينحدرون أصلا من قرى الجليل الأعلى والأوسط شمال فلسطين، ويعملون في الزراعة والإنشاءات و«الأونروا».
ويعاني أهالي المخيّم من الفقر وغياب فرص العمل، وارتفاع نسبة البطالة، وهذا الوضع لا يقتصر على الشباب فقط بل يطال جميع القطاعات، حيث لا مؤسسات اقتصادية ولا مُحترَفات تؤمّن فرص عمل، يبقى القطاع الزراعي الذي يشهد تقلصاً في المساحات المزروعة بالحمضيات، وازدياداً في المساحات المزروعة بالموز التي لا تتطلب يداً عاملة كثيرة، كما أنّ العمل الزراعي هو عمل موسمي.
كما تستوعب وكالة «الأونروا» عدداً محدداً من العاملين، كذلك بعض المؤسسات الأهلية.
وفي سنة 1982 اجتاح الجيش الإسرائيلي المخيم كما سائر مخيمات الجنوب اللبناني، واحتله بعد أن دارت فيه معارك طاحنة. وخاض المدافعون قتالاً شرساً في مخيم الرشيدية، إذ تذكر المصادر الإسرائيلية أن الأمر استدعى مشاركة فرقة كاملة (أي أكثر من 10.000 جندي) على مدى أربعة أيام.
وكانت منظمة التحرير الفلسطينية بنت ملاجئ لحماية السكان من ويلات القصف الإسرائيلي، وتم تصميمها على أساس ملجأ واحد في كل حي بحيث يجتمع سكانه عند تعرض المخيم للاعتداء، وخلال اجتياح 1982 عمدت القوات الإسرائيلية إلى تدمير هذه الملاجئ عن بكرة أبيها انتقاماً.
عين أبناء الرشيدية تتجه اليوم أيضاً إلى المعارك وعمليات القصف في جنوب لبنان وحرب الإبادة في قطاع غزّة، إذ يتابع السكان ما يشهده القطاع منذ تشرين الأول/اكتوبر الماضي.
الأوضاع داخل الرشيدية هادئة، لكن في كواليس سكانه يكمن قلق كبير إزاء ما يجري من معارك وعمليات قصف في جنوب لبنان بين مقاتلي حزب الله من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى.
أهالي المخيم يسمعون أصوات القصف الإسرائيلي من عمق جنوب لبنان بصورة واضحة. الأمر لا يقتصر عند هذا الحد، فهم يعيشون تحت التهديد لا سيّما أن مخيمهم مُعرَّض للقصف في أي لحظة في حال وسع الجيش الإسرائيلي من حربه وعدوانه في جنوب لبنان.
القيادي الفلسطيني سعد الله القط، المقيم في مخيم الرشيدية، أكد لـ«القدس العربي» أن المخيم يعيش حالة من القلق والتوتر، ليس لما قد يقوم به جيش الاحتلال من عدوان يستهدف المدنيين في جنوب لبنان فحسب، بل إن أبرز الأسباب هو ما يجري من حرب إبادة يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة منذ أكثر من 6 أشهر. وما يقوم به جيش الاحتلال من عمليات قتل وهدم واقتحام في الضفة الغربية.
وأضاف، نعم هناك قلق من أن يقوم جيش الاحتلال بعدوان على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وخاصة الرشيدية، «لأن هذا العدو لا يؤتمن، ومن يقوم بحرب إبادة وحشية ضد أهالي قطاع غزة، لا يستبعد أن ينفذ عدوانا واسعا ضد الفلسطينيين أو اللبنانيين».
لكن القيادي الفلسطيني استبعد أن تعمل الحكومة الإسرائيلية على شن حرب واسعة على لبنان في هذه الفترة، بسبب انشغالها واستنزافها في قطاع غزة، واستدرك قائلا، ربما يتعرض لبنان والمخيمات الفلسطينية جنوب لبنان لعمليات قصف واغتيال، لكن الجيش الإسرائيلي لا يدخل في حرب واسعة ما دامت المعارك في قطاع غزة على أشدها.
الرشيدية هو أكثر المخيمات الفلسطينية في لبنان هدوءاً واستقراراً، وحدها يوميات اللاجئ الفلسطيني المثقلة بهموم الحاضر وهواجس المستقبل صامدة. ووحدهم أهالي الرشيدية بإمكانهم النظر بعيداً صوب فلسطين، يحلمون بالعودة، كلما صعدوا إلى أسطح منازلهم، أو توقفوا عند شاطئ البحر الغاضب.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية