نتنياهو فرض نفسه ضيفا على أولاند رغم تحفظ المضيفين واستياء في إسرائيل كما في فرنسا من استغلاله للحدث

حجم الخط
2

الناصرة ـ «القدس العربي»: واصل رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو ركوب موجة إدانة الاعتداءات في باريس للتحريض على الإسلام السياسي وعلى الفلسطينيين ولكسب نقاط سياسية وحزبية، رغم غضب واشمئزاز القيادة الفرنسية التي توقعت ذلك وسعت لاستثنائه من مشاركة الرؤساء في مسيرة باريس. وكرر نتنياهو أمس ما قاله داخل الكنيس في باريس أول من أمس الأحد للتحريض على «الإسلام المتطرف»، ومطالبة أوروبا بالوقوف إلى جانب إسرائيل في محاربة «الإرهاب» ومنع إيران من التسلح النووي، وهو ما كانت تخوفت منه فرنسا حين قررت دعوته لعدم الحضور إلى باريس خشية استغلاله للمنابر الإعلامية لزيادة هجرة يهود فرنسا (نحو نصف مليون نسمة) لتأجيج الأوضاع، خاصة بين اليهود والمسلمين في فرنسا.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية كثيرة أمس نقلا عن مصادر فرنسية وإسرائيلية أن الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند حول رسالة إلى نتنياهو، في نهاية الاسبوع الماضي، طلب منه خلالها عدم المجيء إلى باريس.
ويبدو أن أحد مخاوف فرنسا يكمن في محاولة نتنياهو استغلال الحدث لصالح حملته الانتخابية كما فعل قبيل الانتخابات الماضية في كانون الاول/ ديسمبر 2012 حينما زار تولوز للمشاركة في احتفالية خاصة بذكرى ضحايا الاعتداء على يهود في المدينة من قبل فرنسي أصله مغاربي، فقدم خطابات سياسية مضمونها دعائي متعدد الأهداف.
وتطابقت القناة الثانية مع «هآرتس» بكشفها ان نتنياهو تقبل الطلب الفرنسي في البداية فعلل عدم مشاركته بالاعتبارات الأمنية وأبلغ الفرنسيين أنه سيصل باريس اليوم الثلاثاء للمشاركة في مناسبة للجالية اليهودية. لكن إعلان وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ووزير الاقتصاد نفتالي بينيت وهما منافسان لنتنياهو في الانتخابات المقبلة، دفعاه لتغيير رأيه والقيام بزيارة باريس رغم عدم ترحيب المضيفين.
كما توضح مصادر إسرائيلية أن فرنسا بعثت طلبا مشابها للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي تقبل الطلب الفرنسي واصدر بيانا أعلن فيه أنه لن يشارك في مسيرة باريس بسبب «حالة الطقس السيىء». 

اولاند يقاطع خطاب نتنياهو

وكان يمكن ملاحظة غضب اولاند على سلوك نتنياهو، خلال المراسم التي اقيمت في الكنيس، فقد شارك في الجزء الأول من المراسم، وما لبث أن غادر قبل ان يلقي نتنياهو خطابه الدعائي ضد الإسلام المتطرف والإرهاب الذي تقف إسرائيل ضده مع اوروبا الملزمة هي الأخرى بمساندتها»، مستغلا مشاعر الغضب والإدانات ومن أجل عدم صرف الأنظار عن قضية السلاح النووي الإيراني عاد نتنياهو وكرر ما قاله داخل الكنيس بأن الخطر سيتزايد وسيتحول إلى تهديد خطير للإنسانية كلها، إذا سيطر الإسلام المتطرف على السلاح النووي. علينا منع إيران بكل الطرق من الحصول على سلاح نووي». كما برر مشاركته نافيا بالتلميح فرض نفسه على باريس زاعما أنه وصل بعدما تم ترتيب التدابير الأمنية.

دفن الضحايا في القدس

وبناء على طلب عائلات الضحايا اليهود الأربع، سيتم اليوم الثلاثاء، دفنهم في القدس المحتلة بمشاركة الرئيس رؤوبين ريبلين، ونتنياهو، وشخصيات رسمية أخرى، لكن عيون إسرائيل ليست على الأموات فحسب فهي تتطلع لهجرة عشرات آلاف من يهود فرنسا وسط استغلال ساخر لمخاوفهم. لكن فرنسا لها حساباتها وحرصها على هيبتها ومكانتها وسيادتها فقد سارعت لمحاولة تهدئة المجتمع اليهودي بعد الأحداث الاخيرة. والتقى الرئيس الفرنسي مع رئيس المجلس الأعلى للتنظيمات اليهودية في فرنسا وأبلغه أنه سيتم فرض حراسة على المدارس والمؤسسات اليهودية. وقال رئيس الحكومة الفرنسية لمجلة «اتلنتيك» أنه «إذا غادر مئة الف يهودي فرنسا فإن ذلك سيعني فشل الجمهورية الفرنسية».
كما تتخوف السلطات الفرنسية من ازدياد الاعتداءات على العرب والمسلمين، حيث كرر اولاند دعوته الفرنسيين إلى الوحدة وحذر من خطورة تحميل المسلمين كلهم مسؤولية ما حدث.

ألاعيب نتنياهو

ولم يقتصر الحرج الإسرائيلي على تسريبات حول فرض نتنياهو نفسه على مسيرة باريس بل بضبطه وهو يتدافع للظهور ضمن الصف الأول للمسيرة. كما انشغلت وسائل إعلام  إسرائيلية بنقل مقاطع بثها تلفاز فرنسي  يظهر فيه نتنياهو وهو ينتظر في الشارع الحافلة التي ستقل القادة للمسيرة. وكشفت صحيفتا «يديعوت أحرونوت» و «هآرتس» عن مشهد الحرج، وقالتا إنه عندما انطلقت المسيرة كان نتنياهو يسير في الصف الثاني للزعماء، في مكان غير بعيد عن الرئيس الفرنسي. وبعد انطلاقها توجه نتنياهو إلى رئيس مالي ابراهيم ابو بكر كيتا، الذي سار في الصف الأول وصافح يده بحرارة، رغم أنه لا تربط مالي وإسرائيل علاقات دبلوماسية. واستغل نتنياهو المصافحة للتسلل إلى الصف الاول وبينما كان كل الزعماء يسيرون متشابكي الأذرع، أخد نتنياهو يلوح بيده للجمهور في مشهد يثير الخجل.
كما يظهر الشريط كيف سخر المذيعون من نتنياهو وهم يصفون محاولته «الاندفاع» إلى حافلة الزعماء الاولى. وقد نفى ديوان نتنياهو هذا الادعاء وقال إنه اضطر إلى الانتظار مع زعماء آخرين وفي نهاية الأمر حظي بمكان جيد في الحافلة، في الصف الأول إلى جانب الرئيس الفرنسي اولاند.

استسلام للإرهاب

على مستوى الجوهر تعرض نتنياهو لانتقادات من إسرائيل أيضا لاستغلاله مخاوف يهود فرنسا لأهداف سياسية. واعتبر المعلق حامي شليف في «هآرتس» ان دعوة يهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل بعد عمليات باريس تعكس مبادئ صهيونية راسخة. لكن في المقابل يعتبرها استسلاما للإرهاب، وبالتالي منح الإرهابيين جائزة لم يتجرأوا على الحلم بها: هرب جماعي لليهود، في افضل الحالات، او القضاء المطلق على الوجود اليهودي، في اسوأ الحالات، محذرا من احتمال استخلاص العالم الجهادي عبر مغايرة تماما: بالدم والنار سنطرد اليهود، أولا من باريس، ثم من برلين ولندن، وبعد ذلك من تل ابيب وحيفا والقدس.
ومضى في انتقاده الحاد «دعوة وزراء إسرائيل المنظمة ليهود فرنسا لترك وطنهم قبل جفاف دماء الضحايا، يعتبر غرس سكين في ظهر دولة شقيقة تحارب الإرهاب». كما نبه لكونها رسالة كامنة بهذه الدعوة مفادها أن فرنسا لا تستطيع وربما لا تريد التغلب على خطر الإرهاب الإسلامي الذي يهددها.

جائزة للإرهاب وخدمة الصهيونية 

ويتفق معه المعلق البارز في «يديعوت أحرونوت» سيبر فلوتسكر بتأكيده أن زعماء العالم بالغوا في حضورهم إلى باريس وقدموا له بذلك جائزة إعلامية كبيرة.
وبصرف النظر عن توقيت وطريقة دعوة يهود فرنسا للهجرة ومدى استجابتهم لها ترى المعلقة عميرة هاس، في «هآرتس» أن الفلسطينيين يروون بالعملية مسا بهم لأنها على الأقل تخدم الصهيونية». وتنقل هاس عن أوساط فلسطينية إشارتها لنظرية تقول إن جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي «الموساد» يقف وراء الهجمات الإرهابية بهدف إقناع فرنسا بأن الاسلام هو المشكلة، ولذلك يجب تناسي الاحتلال الإسرائيلي.

وديع عواودة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول wisam saeed:

    فقط وقبل شهر بالتحديد، قررت فرنسا الاعتراف مبدئيا بفلسطين كدوله، وهذا يخول الفلسطينيين ان يذهبوا للمحكمة الدوليه و الاحتكام اليها بشأن المذابح الجماعية بحق الفلسطينيين، وعلى الأغلب كان الإسرائيليون سيدفعونها الثمن . وفجأة “الاسلام الإرهابي يضرب فرنسا”. هل يا ترى فرنسا تدفع ثمن وقوفها مع القضية الفلسطينيه!!?

  2. يقول ابن الرافدين:

    كيف يعقل ان يشارك رجل قتل الالاف من الفلسطينيين ويداه ملطخة بدمائهم ويظهر تعاطفه مع الظحايا . الم يشعر بالخجل وغيره من الرؤساء يعرفون تماما ماذا حدث في غزة. يقول الشاعر لا تنهى عن خلق وتاتي مثله عار عليك اذا فعلت عظيم.

إشترك في قائمتنا البريدية