“لبنان3” تقترب والضفة تشتعل.. وإسرائيليون: جنودنا يقتلون “يومياً” ومخطوفونا تلتهمهم أنفاق غزة.. ماذا يفعل الوزيران في إيلات؟

حجم الخط
0

الحرارة على الحدود الإسرائيلية – اللبنانية ترتفع، لكن بطريقة تحت مستوى الحرب الشاملة. لو أخبرونا قبل سنة بأن صواريخ ستطلق على الأراضي الإسرائيلية من لبنان لمدة ستة أشهر بشكل متواصل، وأن 60 ألف إسرائيلي من سكان المنطقة الحدودية سيتركون بيوتهم، وأن إسرائيل ستحصي أكثر من 20 قتيلاً، لبنان نحو 350 قتيلاً، لقلنا إنها الحرب. تستمر إسرائيل وحزب الله في تجنب المواجهة الشاملة حتى لو ما زال تغيير ذلك ممكناً.

أحداث الأيام الأخيرة تعكس تصعيداً آخر، إسرائيل تهاجم العمق اللبناني، شمال بيروت وفي البقاع. وعلى مرمى الهدف منظومات مسيرات حزب الله وعدد من بطاريات الدفاع الجوي. يرد حزب الله بكتلة حرجة من القذائف – رشقات تصل إلى 50 قذيفة في اليوم، لكنه لا يخلق معادلة متساوية، مهاجمة في عمق 100 كم داخل إسرائيل، بل يوجه هذه الرشقات نحو الجليل، ومرات لهضبة الجولان.

تبادل إطلاق النار أمس كان أكبر من العادة. سلاح الجو قصف بيتاً يؤوي سبعة نشطاء من منظمة إرهابية إسلامية، الجماعة الإسلامية، والسبعة الذين حسب الجيش كانوا في طريقهم لتنفيذ عملية في مزارع شبعا قتلوا. في الصباح قتل مواطن، عامل في مصنع بـ “كريات شمونة”، بنيران الصواريخ التي أطلقت نحو المدينة. قبل المساء زاد سلاح الجو هجماته، وتم الإبلاغ من لبنان عن قتلى آخرين.

منذ بداية الحرب، فضل حزب الله تجنب إرسال رجاله في محاولة للتسلل إلى أراضي إسرائيل. ألقيت هذه المهمة على منظمات سنية وفلسطينية أصغر – حتى الآن تم صد هذه المهمة بنجاح على يد الجيش الإسرائيلي. حزب الله والمنظمات التي تعمل بتنسيق معه تتعرض لإصابات لا بأس بها، ليس قتلى فقط، بل مهاجمة إسرائيلية ممنهجة لقيادات ومواقع عسكرية ومخازن سلاح على طول الجبهة.

والنتيجة أن معظم رجال الرضوان، قوة النخبة في حزب الله، انسحبوا من القطاع الحدودي. وثمة ظاهرة مشابهة بحجم أصغر، يتم تشخيصها أيضاً في أوساط ألوية الأمن الجاري لحزب الله التي تنتشر في جنوب لبنان. في موازاة ذلك، يهتم الجيش الإسرائيلي ببث أنه يستخلص الدروس من الحرب في قطاع غزة لإعداد قواته لحرب أكثر كثافة في لبنان. جرى في الفترة الأخيرة تدريب على هذا الشأن في المنطقة الشمالية.

العمليات ضد منظومات المسيرات وصواريخ أرض – جو لحزب الله تتم في عمق لبنان، وقد استهدفت تحسين تفوق سلاح الجو العملياتي إذا ما اندلعت حرب شاملة. ولكن جميع هذه العمليات لا توفر أي مخرج من الظروف غير المحتملة التي اضطر فيها سكان منطقة الحدود للمغادرة (عدد مضاعف تقريباً من اللبنانيين تركوا قراهم على الجانب الثاني للحدود).

يبدو أن نقطة الانطلاق المحتملة من الأزمة معروفة. فقد أوضحت الإدارة الأمريكية نيتها استئناف الجهود السياسية للتوصل إلى هدنة على الحدود بين إسرائيل ولبنان في اللحظة التي يعلن فيها عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في القطاع. ولكن الاتصالات حول وقف إطلاق النار وصفقة تبادل في غزة وصلت إلى طريق مسدود، والجمود يؤثر أيضاً على الساحة اللبنانية التي تعتبر ثانوية، لكنها قد تتحول بسهولة إلى الساحة الرئيسية، وأن تؤدي إلى نزيف بقوة أكبر.

الحياة نفسها

منطقة الشمال تثير اهتماماً وقلقاً إزاء تفاقم الحرب، لكنها تعمل بقوة متغيرة حتى في ساحات أخرى. ففي القطاع، قتل أمس جندي من لواء جفعاتي في مواجهة مع مخربين في خان يونس. وفي مدينة غزة يستمر الجيش في فرض حصار مشدد على مستشفى الشفاء الذي يتحصن فيه عشرات المسلحين، بينهم نشطاء كبار. في الضفة الغربية عملت قوة عسكرية كبيرة في مخيم جنين للاجئين وقتلت عدداً من المسلحين. ويعلن الجيش يومياً عن إحباط عمليات واعتقال أعضاء من حماس في أرجاء الضفة الغربية.

كل ذلك لا يزعج الحكومة في التركيز على الحياة نفسها. الشجار الصاخب مع الإدارة الأمريكية والمناورات السياسية المعقدة في محاولة لتأجيل الانفجار بين الليكود والأحزاب الحريدية إزاء تمرير قانون الإعفاء من التجنيد لناخبيهم. وفي القدس يستمر هجوم نشر المعلومات الكاذبة حول التصويت في مجلس الأمن وصفقة المخطوفين. أما مكتب رئيس الحكومة فيقول إن حماس رفضت اقتراح الحل الوسط الأمريكي بخصوص المخطوفين، لأنها استغلت الأزمة بين إسرائيل والولايات المتحدة حول امتناع أمريكا عن استخدام الفيتو في مجلس الأمن. والإدارة الأمريكية نفت ذلك وقالت إن رفض حماس كان قبل التصويت.

أمس، بعد أن ألغى نتنياهو بعثة سياسية إلى واشنطن لمناقشة الخلافات في قضية العملية المخطط لها في رفح، تراجع نتنياهو وطلب إعادة تنسيق الزيارة. وقالت إسرائيل إن الأمريكيين هم الذين طلبوا اللقاء، وواشنطن نفت ذلك. القراء هم الذين سيقررون أي الروايتين أصدق.

الردود حول الأزمة مع واشنطن نشرت من خلال الاتصالات المحمومة مع الحريديم في محاولة لحل أزمتهم. يصعب إدراك كيف يمكن لأبناء عائلات المخطوفين المحتجزين في غزة أو آباء الجنود الذين ما زالوا يقاتلون في غزة وعلى الحدود مع لبنان، الانتقال إلى روتين الحياة على خلفية هذه الأمور. جنود يقتلون تقريباً كل يوم، ومخطوفون يموتون في الأنفاق في غزة، والحكومة تنشغل في ترتيب إعفاء من الخدمة العسكرية لعشرات آلاف الشباب الحريديم (في الواقع مئات الآلاف، حتى نهاية كل الأجيال).

تجمع أمس عدد كاف من المواطنين الغاضبين للتشويش على خطابات وزيرين في مؤتمر العقارات الذي يعقد في إيلات (عقده أمر غريب في هذا الوقت)، كان هذا هو الرد التلقائي الذي واجهه الوزراء في الأسابيع الأولى بعد الفشل الفظيع، الذي يرفض نتنياهو نفسه الاعتراف بالمسؤولية عنه حتى بعد مرور نصف سنة. ربما حان الوقت لاستئناف التقليد.

 عاموس هرئيل

هآرتس 28/3/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية