طنطا المصرية عاصمة المتصوفين وبلد «المشبك» والسيد البدوي والحاجات التي لا تقضى

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: تعد طنطا ملاذاً لجميع المشارب والنحل، فإليها يتجه أهل الدنيا من الباحثين عن سياحة قصيرة غير مكلفة ويحملون منها الحلوى الجافة رخيصة الثمن لأحبابهم، وكذلك يقصدها المتصوفة الذين يؤمنون بقدرة الأولياء الصالحين على قضاء الحاجات، وهو ما يعده جمهور المذاهب الإسلامية شركاً خالصاً، لذا ينفر السلفيون عن الاقتراب من مقامات الأولياء الذين تحتضن طنطا أحد أبرز رموزهم.

ترجع نشأة طنطا إلى زمن الفراعنة حيث كانت تعرف باسم تناسو، وكانت إحدى بلاد المقاطعة الخامسة من مقاطعات الوجه البحري في مصر الفرعونية، وفي القرن الرابع قبل الميلاد سماها الإغريق تانيتاد، ولما آلت مصر إلى الرومان عرفت باسم طنتنا وعين لها مجلس للأعيان. وفي العصر البيزنطي قبل الفتح العربي، أطلق عليها طو، وكان الإسم القبطي القديم طنيطاد، وبعد الفتح الإسلامي تحور الإسم إلى طنتدا، وبات بها جامع وحمام وسوق وأسقفية، وبمرور الزمن حرف الاسم تدريجيا، فأصبح عامة المصريين ينطقونها في زمن الحملة الفرنسية على مصر باسم طنطه، وهو ما ذكر في كتاب «وصف مصر» وحالياً تعرف المدينة باسم طنطا عاصمة محافظة الغربية، كما تعرف عند البعض بإسم مدينة شيخ العرب ومدينة البدوي.

مسجد السيد البدوي

تقع مدينة طنطا في قلب دلتا النيل، وتتمتع في المقام الأول بشهرة دينية وتجارية كونها المكان الذي استقر فيه القطب الصوفي الكبير السيد البدوي شيخ الطريقة الأحمدية، وأحد أقطاب الولاية الأربعة حسب ما يزعم الصوفية. وبعد وفاة البدوي قام مريدوه وأتباعه بإنشاء ضريح ومسجد كبير له إذ أصبح قبلة أعداد غفيرة من المواطنين الذين يعتقدون بأن حاجاتهم تقضى عبر زيارته وإهداء الذبائح له وهو ما يعده أهل السنة والجماعة بمثابة الشرك الخارج من الملة كل من يعتقده أو يقترفه. باتت طنطا منذ عقود بعيدة في صدارة المدن التجارية للسبب ذاته، إذ تسبب وجود رفات صاحب المقام في رواج اقتصادي طيلة أيام السنة، إذ اقيمت العديد من الفنادق الصغيرة بالقرب من مسجد السيد البدوي وشوارع وسط المدينة حيث يتوافد عشرات الآلاف من شتى محافظات الصعيد والدلتا على زيارة المقام وصاحبه.
طنطا تتبع إداريا محافظة الغربية، وتبعد 92 كيلومترا من جهة الشمال الغربي عن القاهرة، وهي ملتقى لطرق السكك الحديدية والبرية، وتربطها بأنحاء البلاد شبكة مواصلات شهدت مزيدا من التطوير على مدار السنوات الماضية. اهتمام خاص تحظى به طنطا من الجهات الحكومية في مصر لتطويرها وتنمية السياحة على أرضها، وظل أي محافظ جديد يهبط الإقليم يضع المدينة وتطويرها وتعبيد طرقها ومدها بالخدمات نصب عينيه بما يليق بمكانتها التاريخية، وأهميتها عند عامة المصريين.
وأول ما يسترعي الانتباه في طنطا مصانع الحلوى المنتشرة على نطاق واسع خاصة تلك المعنية بالموالد وفي القلب منها حلوى المولد النبوي الشريف، وهو الذي يحتفل به المصريون في شهر ربيع الأول من كل عام بينما يرفض علماء السنة والجماعة تلك الاحتفالات معتبرين إياها لا أصل لها في الثابت عن نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام كما لما يفعلها أصحابه من بعد ولا السلف الصالحون. ويشير أتباع علماء السنة والجماعة أن أفضل احتفال بنبي الإسلام يتمثل في إتباع هديه، فيما يعتبر أصحاب مصانع الحلوى في سائر البلاد وفي المقدمة منها طنطا المولد النبوي أهم المناسبات التي ينتظرها العاملون في تلك الصناعة لما تشهده من رواج كبير. ومن بين الصناعات التي تزخر بها الغربية كذلك صناعة الأسماك المملحة وفي المقدمة منها الفسيخ.
ويوجد فيها عدد كبير من الشوارع التجارية والأسواق، فلكل منطقة ما يبرزها ويزيد من شهرتها وأبرزها شوارع سوق الفسيخ، وسوق النحاس ويشتهر بالمشغولات النحاسية والألومنيوم وتل الحدادين، ويشتهر بأعمال الحدادة والصاغة الذي يختص بأغلى وأنفس الصناعات حيث صناعة الذهب والمجوهرات. وهناك كذلك العديد من الشوارع القديمة وبعضها يحمل أسماء الأعلام في الأدب والعلوم ومنها طه الحكيم وسعد الدين والسكة الجديدة ودرب الأثر والقيثارية والبحر والبورصة وسوق الحكمة. ومن أبرز آثارها الإسلامية مسجد العمري الذي تم تشييده في زمن الفتح الإسلامي وسمي بهذا الاسم نسبة إلى الصحابي الجليل الذي فتح مصر عمرو بن العاص، ومن الآثار الترفيهية التي توجد بطنطا حديقة حيوان تسمى المنتزه، وبالقرب منها العديد من الفنادق الحديثة التي يقبل عليها زوار المدينة. ومن معالم المدينة كذلك متحف وسط الدلتا بشارع محب والذي يضم بين دفتيه العديد من التحف والمخطوطات والقطع الأثرية من كافة العصور التاريخية التي مرت بها مصر، ويرجع اهتمام الحكومة الملكية قبل ثورة 1919 لإنشاء متحف في مدينة طنطا وبالتحديد عام 1913 حيث تم تخصيص قاعة في مجلس مدينة طنطا لعرض بعض الآثار، وفي عام 1957 نقلت المقتنيات إلى مدخل سينما البلدية. وفي عام 1981 بدأت هيئة الآثار عملية إنشاء المتحف الحالي الذي جري افتتاحه في عام 1990 في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، ويتكون من خمسة طوابق ويحتوي على قسم للهدايا في المدخل. ومن المعالم المعمارية في مدينة طنطا مبنى محطة السكة الحديد، الذي يعد تحفة معمارية مكتملة وترجع أسباب شهرتها لأنها تعد المحطة الثانية في تاريخ مصر، بعد محطة باب الحديد الشهيرة بالقاهرة.

مسرح طنطا

من أبرز صروح المدينة مسرح طنطا، الذي يقع في ميدان الجمهورية بأول شارع البحر ويعد واحداً من أهم وأكبر المسارح في مصر وله حسب النقاد المعنيين بالتاريخ الفني قيمة ثقافية متفردة لكونه أحد ثلاثة مسارح تم تصميمها على الطراز الإيطالي هو ومسرح الأوبرا القديم ومسرح سيد درويش، وتم التخطيط لانشائه ليكون مركزاً رئيساً لنشر الثقافة، ويحتوي على مقصورة ملكية كانت خاصة بالملك فاروق، أما خشبة المسرح فيصل ارتفاعها إلى ثلاثين متراً. وشهد مسرح طنطا العديد من المناسبات السياسية المهمة حيث اعتلى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر خشبته عقب ثورة 23 يوليو 1952 ليلقي خطاباً أمام الجماهير، ومن المناسبات الفنية الهامة حفل السيدة أم كلثوم التي أحيت عليه إحدى حفلاتها.

رواج سياحي

تعد طنطا مزارا سياحيا دينيا للمتصوفين لوجود المسجد الأحمدي ومقام السيد البدوي الذي يعد تحفة معمارية بهندسته وبزخارفه ومشغولاته الخشبية ولوحاته الخطية المنتشرة على منبره ومحرابه وجدرانه وقبابه. ويتوافد على المسجد قرابة مليوني زائر في المولد الذي يقام مرتين سنويا، حيث تحتفل 67 طريقة صوفية من داخل وخارج مصر ويقام في منتصف تشرين الأول/أكتوبر من كل عام لمدة أسبوع، كما يقام احتفال آخر منتصف شهر نيسان/ابريل يعرف بالمولد الرجبي من كل عام، ولمدة أسبوع. وترجع تلك الأهمية إلى أن القطب الصوفي الكبير أحمد البدوي شيخ الطريقة الأحمدية، كان قد اختار طنطا محلا لإقامته، وبعد وفاته في 24 اب/أغسطس 1276 عن عمر يناهز 79 عاماً، خلفه تلميذه عبدالعال، وبنى مسجده. وكان في البداية على شكل خلوة كبيرة بجوار القبر، ثم تحولت إلى زاوية للمريدين، ثم بنى علي بك الكبير – حاكم مصر في زمن المماليك- المسجد والقباب والمقصورة النحاسية حول الضريح، وأوقف لها الأوقاف للإنفاق على المسجد الذي أصبح واحدا من أكبر مساجد مصر، حيث تقدر مساحته بنحو 6300 متر. وهو مربع الشكل به صحن كبير تحيط به الأروقة من جميع الجهات، وتغطي الصحن قبة مرتفعة، وفي الجهة الغربية للمسجد يقع ضريح السيد البدوي، كما يضم المسجد مجموعة من آثاره منها مسبحته التي يبلغ طولها عشرة أمتار وبها ألف حبة، وصنعت من خشب العود والعنبر، وتفوح منها رائحة المسك، وأيضا عمامته ولثامه وعصاه الخشبية. ولا يقتصر دور هذا المسجد على إقامة الشعائر والصلوات بل تحول إلى مؤسسة تعليمية مرموقة على غرار الجامعة الأزهرية، وكان عدد طلابه أكثر من 2000 طالب، وله شيخ كشيخ الأزهر وبلغ قمة مجده وازدهاره خلال القرن الرابع عشر الهجري. وبالقرب من مسجد السيد البدوي في شارع الجلاء بوسع القادم لطنطا مشاهدة سبيل علي بك الكبير، أحد معالم المدينة الأثرية وتم تدشينه في عهد علي بك الكبير في الفترة من 1183- 1185 هـجري وينتمي للطراز الإسلامي بنقوشه وزخارفه في النوافذ وأبواب السبيل.

مجد المتصوفة

دارت الحياة في طنطا حول السيد البدوي منذ أن نزل فيها. وهذا القطب عاش عصرا مليئا بالأحداث في مشرق العالم الإسلامي. فقد شاهد الزحف التتري على بغداد وقتل الخليفة وحرق مكتبتها وانتشار الذعر بين المسلمين وكان ذلك عام 656 هجرية، كذلك وقبل زحف التتار على مصر شهدت مصر حملة لويس التاسع بأسطوله الضخم الزاحف إلى دمياط والذي استولى عليها وهو في طريقه إلى المنصورة.
كما شهدت هذه الفترة انحسارا لدولة الإسلام في الأندلس في بداية القرن السابع الهجري، وزالت دولة المرابطين في المغرب. وفي هذا الجو الذي أحاط بالناس بدأ نشر الطرق الصوفية وقام بها أقطاب صالحون للوصول إلى الطريق القويم، وكان البدوي أحد هؤلاء الأقطاب. ويقول عنه الكاتب إبراهيم أحمد نور الدين في كتابه «انه رضي الله عنه اشتهر بقوة الروح وصفاء النفس. وكان يؤمن كصوفي مظهرا ان الله يجيب الدعاء. ولاسيما إذا كان الداعي من عباده المخلصين». وحياة سيدي أحمد البدوي تنقسم إلى قسمين أحدهما في طنطا التي عرفت بذلك منذ أيام الحملة الفرنسية، والأخرى قبل أن يأتي إلى طندتا، وهو اسم طنطا القديم منذ ميلاده وإلى أن جاء إلى مصر. يقول المؤرخون إن أجداد البدوي تركوا مسقط رأسهم في الحجاز عام 73 هجرية بعد موقعة كربلاء واستشهاد جده الإمام الحسين، وكانت هجرة الكثيرين إلى غرب العالم الإسلامي الذي يشمل مصر والمغرب والأندلس.

ملتقى البسطاء

ولد القطب البدوي عام 596 هجرية (1119 ــ 1200 ميلادية) في مدينة فاس ورحلت أسرته إلى مكة وعمره 7 سنوات، واستغرقت الرحلة من فاس إلى مكة خمس سنوات، وترجح الدكتورة سعاد ماهر أن الأسرة أقامت في مصر أغلب هذه السنوات الخمس، ويؤيدها علي باشا مبارك في ذلك، ثم رحل بالبدوي أبوه علي بن ابراهيم مع أولاده وأهله سنة 603 هجرية يريد الحجاز للحج في طريقه بمصر وأقام فيها مدة. وفي مكة تفقه البدوي على مذهب الإمام الشافعي وأتقن العلوم وعكف على العبادة. وحسب ما أشار الباحث الراحل محمد مصطفى البرادعي نقلا عن دراسة تاريخية، في مدينة فاس وضع اللثام على وجهه كعادة مغربية فسمي بالبدوي. واستمر البدوي في تأملاته وعبادته عدة سنوات في شعاب مكة وجبالها، وأراد المزيد من علم أعلام الصوفية في العراق والسيدين أحمد الرفاعي وعبدالقادر الجيلاني. ويشير مؤرخون إلى أنه توجه إلى موطن فاطمة بنت بري في شمال العراق بناء على نداء باطني أمره بذلك، ليقوم سلوك هذه المرأة. وقد نسجت القصص والقصائد حول لقاء البدوي مع بنت بري، وهي سيدة كما وصفوها كانت تتمتع بقسط وافر من الجمال والمال، وكانت تمتحن من يريد أن يتتلمذ عليها بموضع الحسن الذي تتمتع من نفسها فيقع فيها من يطيل النظر إليها. وقد تجمع حول بنت بري أنصارها يؤازرونها في مسلكها الخاطئ، وأطنبت المصادر في لقاء البدوي مع بنت بري، ولم تؤثر فيه وشعرت أنها أمام جبل شامخ من الصلابة والإيمان، وعدلت عن خطتها والتزمت جانب الحق وأتبعت طريق الشرع. وتقول هذه المصادر إن هذا اللقاء كان شهادة ميلاد السيد البدوي، حيث تأكدت ولايته وصار قطب الأقطاب أعلى مراحل الصوفية. وبعد عودته إلى مكة رأى ذات ليلة في رمضان عام 634 هجرية رؤية ألحت عليه ثلاث مرات تقول (سر إلى طندتا فانك تقيم بها وتربي رجالا) ووصل إلى المدينة عام 637 هجرية في عهد الملك العادل الثاني، وقد أوشك على الأربعين من عمره، ونزل بدار تاجر العسل والحبوب الشيخ ركن الدين ركين وظل عنده 12 عاما، وبعد وفاته انتقل إلى دار مجاورة هي دار ابن شحيط.

تصوف ونضال

ترك السيد أحمد البدوي كما يرى المؤرخون أثرا كبيراً بالنسبة لأتباع الفرق الصوفية في تاريخ مصر الاجتماعي والديني والاقتصادي لأزمنة مديدة. وبدوره قال الجبري في نهاية القرن 18 الميلادي عن الاحتفال بمولد البدوي، «أصبحت موسما وعيدا لا يتخلفون عنه للزيارة والتجارة وتجتمع في مولده العالم الأكبر وأهالي الأقاليم البحري والقبلي». وتقول المصادر إن البدوي جعل من مريديه بمثابة (التوجيه المعنوي) في الجيوش الحديثة، وإن الكثير من أتباعه شاركوا في مقاومة الغزو الصليبي قتالا وجهادا، وأسر لويس ملك فرنسا وكثير من جنوده. وأبرزت الملاحم الشعبية بأن السيد البدوي جاء بالأسرى وكانت الأغنية الشعبية «الله.. الله يابدوي جاب اليسرى». ولتسجيل تاريخ هذا القطب فإن أهم آثاره المعمارية هو المسجد الأحمدي في طنطا فحين توفي السيد البدوي أقام تلميذه عبدالعال بجوار القبر خلوة تحولت فيما بعد إلى زاوية عُرفت بالأحمدية حتى عصر السلطان قايتباي 1483 ميلادية فأقيمت قبة على الضريح ومئذنة للزاوية. وفي عهد علي بك الكبير حول الزاوية إلى مسجد، وكما تقول دكتورة سعاد ماهر إن علي بك الكبير بنى في عام 1768 ميلادية ثلاث قباب على المسجد أكبرها فوق ضريح السيد وواحدة فوق تلميذه عبدالعال، والثالثة فوق الشيخ مجاهد، كما صنعت مقصورة نحاسية على ضريح السيد ونقش عليها اسمه ونسبه الشريف وأنشأ سبيلا في مواجهة السيد وفوقه مدرسة لتعليم القراءة وقيسارية عرفت (بالغورية) لنزول تجار القاهرة في حوانيتها أيام مواسم المولد لبيع الأقمشة والبضائع. أما مقام السيد الأحمدي الحالي فقد وضع أساسه عام 1269 هجرية 1852 ميلادية وتمت عمارته في عهد الخديوي إسماعيل، وأدخلت على عمارته بعض الشبابيك النحاسية ومحراب من الرخام الدقيق ومنبر جميل وفريد من الخشب المجمع. وفي السبعينيات من القرن الماضي تم توسعة المسجد وأضيفت إليه منارتان.

مجهول النسب

المشبك اسم ذائع الصيت في عالم الحلوى منذ مئات السنين لا أحد يعرف على وجه اليقين سبب تلك التسمية، إذ يرجح البعض أنها قدمت أولاُ من الشام بينما يصر البعض على انها مصرية النشأة. المشبك ينتشر بيعها بمنطقة ومحيط مسجد سيدي أحمد البدوي ويقبل على شرائها جميع الأهالي من القاهرة ومحافظات الدلتا الذين يتوافدون على المدينة لقضاء نهاية الأسبوع. اختلفت الروايات التاريخية حول أصل حلوى المشبك، إذ يؤكد البعض بأنها مصرية الأصل تصنع بدمياط، والبعض الآخر اختلفوا عليها ما بين كونها سورية أو تركية، ويقول آخرون إن أصلها هندي، لكن أكثر الروايات شهرة بين الناس، هي أن أصل هذه الحلوى يعود إلى الشام، حيث اعتاد تجار أهل الشام منذ عدة قرون على التوافد إلى مصر للتجارة.
يعتبر المشبك الأكثر شهرة ومحط اعجاب جميع الطبقات الاجتماعية من فقراء وأغنياء، لكنه يمثل الاختيار الأول لزائري طنطا، ويباع بالكيلو وبالقطعة أو بالقرص، ويصنع من الدقيق ونشاء الذرة، مع إضافة خميرة وسكر وماء ورد وغيرها من المكونات الأخرى التي تضيف لها نكهة مميزة جعلتها تستحوذ على شهية الكثير من المصريين، حتى أصبحت من أشهر أصناف الحلويات الشرقية في الموالد المنتشرة في عدد من المحافظات بشمال وجنوب البلاد. ويرجع البعض تسمية حلوى «المشبك» بهذا الاسم إلى شكلها، الذي هو عبارة عن شكل دائري يحتوي على خيوط متشابكة. وتمر تلك الحلوى بـ 7 مراحل للتصنيع حتى تصل إلى المستهلك.
وتعد منطقة سيدي أحمد البدوي أحد أهم المناطق السياحية في الغربية، فطوال شهور السنة يتوافد الزائرون من جميع المحافظات لشراء الحلوى وكذلك الحمص والتسالي والتي تشتهر بجودتها في صناعة هذه المنتجات عن غيرها من المحافظات والمناطق الأخرى. وطنطا أساس صناعة الحلوى الجافة في مصر إذ توارثها الأهالي عن الآباء والأجداد، حيث أن تصنيع الحلوى الجافة وبيعها يزدهر على مدار العام وليس مرتبطا بمناسبة المولد النبوي الشريف أو المولد الأحمدي، وطنطا تنتج ما يقرب من مئات الآلاف من العبوات بحلوى المشبك وتضاعف إنتاج تلك الحلوى نظرا للإقبال الشديد عليها.
ومن يحط أقدامه في المدينة سيتوقف أمام مباني الجامعة، التي تحمل اسم المدينة والتي تضم العديد من الكليات في التخصصات المختلفة، وقد بدأت كفرع لجامعة الإسكندرية، ثم انفصلت وأصبحت جامعة منفردة باسم جامعة وسط الدلتا في عام 1972. كما ينتشر في طنطا التعليم الأزهري، حيث يوجد بها أقدم المعاهد الأزهرية في مصر ويحمل عنوان المعهد الأحمدي الذي يعود تاريخه لـ150 سنة. كما توجد بها كلية القرآن الكريم، وهي الأولى من نوعها في مصر، وليس لها شبيه من حيث تخصصها النادر في مجال العناية بالقرآن الكريم، وسائر ما له علاقة به من تفسير وأحكام كتاب الله سبحانه وتعالى إلا كلية القرآن الكريم بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.
لا يستطيع الزائر لطنطا أن يفوت فرصة وجوده في تلك المدينة العتيقة من دون مشاهدة المعالم الترفيهية والأثرية الفرعونية والرومانية والقبطية والإسلامية، التي تتراص على أرضها، وفي صدارتها آثار قرية خرسيت الفرعونية. وعلى بعد مسافة لا تتجاوز آلاف الأمتار تبرز آثار قرية تلبنت قيصر، والتي شيد بها الرومان، الذين احتلوا مصر قبل الفتح الإسلامي واحدة من أهم قلاعهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية