حزب الله يرد على تصعيد تل أبيب بقصف مستعمرتي غورن وشلومي والصفارات تدوّي في صفد

سعد الياس
حجم الخط
0

بيروت- “القدس العربي”: أوحى التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق على الجبهة الجنوبية بانزلاق إلى تفجير أكبر بين إسرائيل وحزب الله يصعب التكهّن بحدوده، وخصوصاً بعدما نقلته هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول “أن الجيش الإسرائيلي سيدخل لبنان بعد الانتهاء من عملية رفح”. ويأتي هذا التصريح بعد موقف قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال أوري غوردين عن “جهوزية القوات الإسرائيلية للتصرف على الحدود مع لبنان”.

وكانت ذروة الغارات أسفرت عن سقوط 9 شهداء لحزب الله و”حركة أمل” في يوم واحد أضيفوا إلى 7 شهداء من المسعفين في الهبارية التابعين للجماعة الإسلامية، في وقت ردّ حزب الله برشقات صاروخية على كريات شمونة وقواعد عسكرية ومستوطنات. وعبّرت “اليونيفيل” عن “الشعور بالقلق البالغ إزاء تصاعد أعمال العنف التي تحدث عبر الخط الأزرق”.

المواجهات الميدانية

وتواصلت المواجهات، الخميس، ولو بشكل أخف، واستهدف جيش الاحتلال بالقصف المدفعي أطراف بلدات الضهيرة، زبقين، علما الشعب، الناقورة، مجدل زون، طير حرفا، وادي حامول، كفرحمام، راشيا الفخار.

وفي إطار الرد على الاعتداءات على القرى الجنوبية والمنازل المدنية وخصوصاً مجزرة الناقورة وطيرحرفا والطواقم الطبية، أعلن حزب الله أنه قصف مستعمرتي “غورن” و”شلومي” بالأسلحة الصاروخية والمدفعية، كما استهدف مقر قيادة كتيبة “ليمان” المستحدث وموقعي “الرمثا” و”السماقة”.

ودوّت صفارات الإنذار في “شلومي” ورأس الناقورة وصفد وتم تفعيل الدفاعات الجوية وسُجّل انفجار صاروخ اعتراضي فوق بلدة الخيام.

وتزامنت هذه المواجهات مع انتقال رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني إلى الناقورة لتفقد كتيبة بلادها العاملة ضمن قوات “اليونيفيل” بعدما التقت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للبحث في كيفية خفض التصعيد، في وقت أودعت وزارة الخارجية اللبنانية بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك نص شكوى لتقديمها أمام مجلس الأمن، وهي تتناول المجازر التي ارتكبتها إسرائيل ضد المسعفين والمدنيين في قرى الجنوب لاسيما الهبارية والناقورة وبعلبك والتي راح ضحيتها ما يزيد عن 18 شخصاً.

عجز عن الحسم

وخلال حفل تكريمي للشهيد “على طريق القدس”، حسين علي أرسلان، في جبشيت، لفت عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض إلى “أن التصعيد الذي يمارسه العدو الإسرائيلي خصوصاً منذ أيام على جبهة الجنوب إنما هو تعبير عن المأزق الذي يراوح فيه الإسرائيليون على المستويين السياسي والعسكري في غزة كما في جبهة الجنوب، كما هو تعبير عن العجز عن الحسم لأسباب ميدانية بالدرجة الأولى نتيجة صلابة المقاومة وتفاقم التعقيدات السياسية التي يواجهها الإسرائيلي دولياً والعجز عن الخروج من الحرب لأنه سيشكل هزيمة مدوية له خصوصاً في ظل خروجه خالي الوفاض من أي إنجازات في تحقيق الأهداف التي أعلنها”. واعتبر “أن الإسرائيلي اصطدم بالحائط وهو يراوح في قلب المأزق لأن كل الوسائل التي اعتمدها وراهن عليها لغاية اللحظة لكسر المقاومة في لبنان ودفعها إلى التراجع عن مؤازرة غزة باءت بالفشل وقد أخفق بالتهديد والتهويل والوعيد كما أخفق ميدانياً في المواجهة العسكرية في الوقت الذي تتفاقم عنده مشكلة مستوطني الشمال وتتعاظم خسائره العسكرية وتزداد الانهيارات الاقتصادية لديه”، وشدد على أن “العدو الإسرائيلي عاجز عن خوض الحرب المفتوحة التي هدد بها لأسباب كثيرة في طليعتها عدم جهوزية جيشه المنهك لخوض حرب مفتوحة الأفق والمدى مع المقاومة في لبنان، وهذا باعتراف الخبراء الإسرائيليين أنفسهم”.

ورأى فياض “أن الإسرائيلي يتجه لخيار التصعيد العسكري كبديل عن الحرب المفتوحة وهذا ما تدل عليه مؤشرات الأيام الماضية، والتصعيد بحسب الممارسة الإسرائيلية يعني الاستهداف في العمق كما حصل في البقاع الغربي وبعلبك أو بضرب مراكز صحية وخدماتية مدنية كما حصل في العديسة والهبارية”. وأضاف “من المعيب والمؤسف فعلاً أنه في الوقت الذي تنخرط فيه المقاومة في هذا الواجب بأعلى دراجات الفداء والتضحية وهي تقدم خيرة شبابها، وفي الوقت الذي يدفع فيه أهل الجنوب ومناطق أخرى بكل فخر واعتزاز وثبات وصمود كلفة هذه المواجهة، ينشغل البعض بإطلاق المواقف الموهنة ويمارس الحرتقات السياسية أو الميدانية الرخيصة، أو يفتح نقاشات يزعم أنها مصيرية في لحظة سياسية مشبوهة وإن هؤلاء يعيشون في حال انفصال عن الواقع ويعيشون داخل أوهامهم وهواجسهم، في حين أن الدنيا هي في مكان آخر والوقائع والحقائق والتطورات هي في مكان آخر”.

المقاومة غير مردوعة

بدوره، رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش “أن إسرائيل التي اعتادت على تجاهل القرارات الدولية لا نتوقع أن تلتزم بقرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار في شهر رمضان في غزة لأن العدو لا يفهم بهذه اللغة ولا يفهم إلا بمنطق القوة والمقاومة”. واعتبر أن “العدو الصهيوني اليوم في حالة تخبط وانحدار، وهو في مأزق حقيقي على المستوى السياسي والعسكري وعلى مستوى الرأي العام العالمي، والوقت بدأ ينفد أمامه”، وأضاف “الهروب نحو المزيد من الإجرام وارتكاب المجازر لن يخرجه من حالة الانحدار والضياع والفشل الذي يتخبط فيه، فالعدو فشل أمام المقاومة وعجز عن تحقيق أهدافه. و إصرار نتنياهو على مواصلة العدوان لن يأتي له بنتيجة حتى لو دخل رفح، لأن حاله في رفح لن يكون أفضل من حاله في خان يونس وغزة المدينة وشمال القطاع. ولذلك ليس أمام العدو سوى التخلي عن العناد والمكابرة والدخول في الحل السياسي ووقف العدوان والخضوع لشروط المقاومة”. وأكد “أن المقاومة الإسلامية في لبنان ماضية في المواجهة، دفاعاً عن لبنان وإسناداً لغزة، ولن تتأخر في الرد السريع والقاطع على كل اعتداء اسرائيلي. وقرار المقاومة مقابلة التصعيد بالتصعيد والتوسعة بالتوسعة ومعاقبة العدو على كل إعتداء يستهدف بلدنا وأهلنا، وهذا ما اكدته المقاومة بالفعل وفي الميدان بالأمس واليوم وتؤكده في كل يوم من خلال اطلاق عشرات الصواريخ على عمق الجولان المحتل وعلى قاعدة ميرون وكريات شمونة وغيرها، كرد مباشر وسريع على مجزرة الهبارية والاعتداء الذي طال منطقة البقاع”. وختم: “على العدو أن يفهم رسائل المقاومة، وأن يدرك أنها ليست مردوعة، وأنها لن تقبل أن يتوسع في اعتداءاته على لبنان من دون أن يدفع الثمن الغالي، فنحن رجال الميدان وحاضرون للدفاع عن بلدنا واهلنا إلى أقصى حد، ولن نخشى العدو مهما كانت التضحيات والصعوبات”.

انخراط الجماعة الإسلامية

تزامناً وبعد الانتقادات التي وجّهت إلى “الجماعة الإسلامية” لانخراطها إلى جانب حزب الله في المواجهات ودفعها الأثمان، رد المكتب الإعلامي للجماعة على “من حاول تشويه الحقائق أو حرفها عن مسارها الطبيعي بهدف خديعة الرأي العام وتضليله لغايات ما زلنا نبحث عن الهدف منها؛ أو إثارته على الجماعة التي اتصفت على مدى عقود من عملها السياسي والعام بالحكمة، وعدم التهوّر، والحرص على مصلحة الوطن، والعمل الحثيث على وأد أية فتنة في مهدها، ومد جسور التلاقي والحوار مع كافة مكوّنات الوطن من دون هواجس أو خلفيات مسبقة، فضلاً عن عملها الدؤوب لجمع كلمة المسلمين في لبنان ولو على حسابها، وقد قادت أو شاركت في مبادرات كثيرة وعديدة وعلى مدى سنوات بهذا الاتجاه من أجل النهوض بالواقع الإسلامي في البلد كضمانة للاستقرار ولقيام دولة المؤسسات”. وأضاف البيان “ربما غاظ البعض من أصحاب تلك الأقلام أن تبادر الجماعة إلى القيام بمسؤوليتها وواجبها في الدفاع عن لبنان كغيرها، واعتبر أن هذا الواجب هو مسؤولية الدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية، والجماعة لا تُنكر ذلك ولا تتنكر له، بل هي من أوائل المنادين به والداعين إليه، وأداؤها لواجبها في هذا المضمار يتكامل مع مسؤولية الدولة ولا يتنافى معه. وإذا كان القيام بالواجب والمسؤولية يندرج في سياق المغامرة فهل المطلوب الإذعان والتسليم للشروط الإسرائيلية التي يحملها أغلب الموفدين الدوليين الذين يزورون بيروت؟ وهل يدرك أصحاب هذه الأقلام والمواقع حقيقة مصلحة لبنان؟! وهل وصلتْهم نوايا العدو الإسرائيلي عندما كشف عن أطماعه وخرائطه التي ينوي فيها ضم أجزاء من المنطقة إلى كيانه بعد الانتهاء من تصفية القضية الفلسطينية؟ ألم يكتشفوا بعد تلك النوايا التي تريد أن ترحّل الشعب الفلسطيني إلى مصر والأردن ولبنان وكل أصقاع الدنيا؟! وأين مصلحة لبنان أمام كلّ ذلك؟!”. وذكر البيان “أن الجماعة كانت سبّاقة إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي منذ أن وطأت أقدامه أرض لبنان في عام 1982، ومن ثم وبعد اندحاره عن الأراضي اللبنانية انصرفت الجماعة لمعالجة الهموم الداخلية من خلال رؤية وطنية متكاملة تأخذ بالاعتبار المصلحة الوطنية لكلّ المواطنين دون استثناء أو تفرقة؛ غير أن نتائج هذه المواجهة المفتوحة حالياً بعد معركة “طوفان الأقصى” يعرف الجميع أنها مختلفة عن كل السابق، وأنها ستطال بنتائجها المنطقة كلها، فإما أن تقع هذه المنطقة تحت السطوة الإسرائيلية بشكل كامل، وإما أن تقرّر مصيرها فتتحرر شعوبها من تلك السطوة، فهل يريد البعض للبنان واللبنانيين والعرب أن يخضعوا للسطوة الإسرائيلية بكل سهولة ويسر؟ وأين يمكن أن نصنّف هذا الشيء؟”.

تكرار تجربة غزة

إلى ذلك، كتب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، عبر منصة “اكس”: “نحن على قاب قوسين من تكرار تجربة غزة في جنوب لبنان. القتل الإسرائيلي بدأ يأخذ منحى عشوائياً والإجرام المستنكر والمدان أصبح يطال الأبرياء والعزّل”. وتوجّه إلى أمين عام حزب الله حسن نصرالله بالقول “سيد حسن، أوقف مهزلة “جبهة المساندة وإلهاء إسرائيل” فأنت تجر الدمار إلى الجنوب وتجلب “الدب عالكرم”. تعازينا لأهالي الشهداء المدنيين والمسعفين الذين سقطوا بالأمس. ضيعان الشباب!”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية