سيجورنيه يتفقد “اليونيفيل” ويشدّد من بيروت على تهدئة التوتر وتجنب نشوب حرب

سعد الياس
حجم الخط
0

بيروت-“القدس العربي”:

استقطبت زيارة وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه إلى بيروت الاهتمام انطلاقاً من سعيه إلى تقديم مقترحات للمسؤولين اللبنانيين بهدف تهدئة التوتر بين حزب الله وإسرائيل ومنع نشوب حرب. وقد استهل الوزير الفرنسي زيارته بتفقد قوات “اليونيفيل” في الجنوب ومن ضمنها الكتيبة الفرنسية حيث أدلى بتصريح جاء فيه “إذا نظرت للوضع اليوم.. إذا لم تكن هناك حرب في غزة، يمكننا أن نتحدث عن وجود حرب في جنوب لبنان بالنظر إلى عدد الضربات والتأثير على المنطقة”، وقال “سأوصل رسائل وأطرح مقترحات على السلطات هنا لدفع هذه المنطقة للاستقرار وتجنب نشوب حرب”.

وأول اللقاءات التي أجراها سيجورنيه كانت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أطلعه على خارطة أعدها المجلس الوطني للبحوث العلمية تبين حجم الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وقراه الحدودية وحجم الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالقرى والبلدات، فضلاً عن الأراضي والمساحات الزراعية والحرجية، واستخدام إسرائيل للأسلحة المحرمة دولياً وتجاوزها لقواعد الاشتباك. ورافق سيجورنيه السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو ومديرة أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية السفيرة آن غريو وعدد من المستشارين في الخارجية الفرنسية.

وقد شكر بري لفرنسا حرصها ودورها وللرئيس إيمانويل ماكرون جهوده لمنع الحرب على لبنان، وكان رئيس المجلس واضحاً بتمسك لبنان بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، قائلاً للوزير الفرنسي إن لبنان بانتظار تسلم الاقتراح الفرنسي الرامي إلى خفض التصعيد ووقف القتال وتطبيق القرار الأممي تمهيداً لدراسته والرد عليه.

وفي الملف الرئاسي أثنى الرئيس بري على جهود اللجنة الخماسية للتوصل عبر التشاور لانتخاب رئيس للجمهورية. كما أثار رئيس المجلس موضوع النازحين السوريين الذي بات يثقل كاهل لبنان واللبنانيين على مختلف الصعد، لافتاً إلى انه سوف يثير هذه القضية مع رئيسة مفوضية الاتحاد الاوروبي والرئيس القبرصي خلال زيارتهما للبنان هذا الاسبوع، مطالباً فرنسا والمانيا بإعادة النظر ازاء علاقتهما بسوريا حيال هذا الملف.

لقاء معراب يدعو للتطبيق الفوري للقرار 1701.. وقبلان يسأل “هل هو من أجل لبنان أم تل أبيب؟”

وواصل الوزير الفرنسي لقاءاته مع كل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون وتمحورت الجولة حول المقترحات الفرنسية الواردة في الورقة الفرنسية بعدما أدخلت عليها تعديلات حول تموضع حزب الله شمال نهر الليطاني بدلاً من عبارة انسحاب قواته. وأكد سيجورنيه “أن فرنسا ستبقى إلى جانب لبنان”.

صفارات الانذار

وعلى الرغم من زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية لم تهدأ جبهة الجنوب حيث دوّت صفارات الإنذار في الجليل الأعلى قرب الحدود مع لبنان. ونفذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارة على بلدة عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل، لجهة رميش بعدما كان أغار ليلاً على اطراف بلدتي طيرحرفا والضهيرة، ما سبّب اضراراً جسيمة في الممتلكات والمزروعات والمنازل. كما اغار على اهداف ومنازل مدنية في بلدة مارون الراس. وتسبب العدوان الاسرائيلي يوم السبت على أطراف حولا وصربين بتدمير منزل وسقوط 11 اصابة.

في المقابل، استهدف حزب الله موقع البغدادي بقذائف المدفعية وموقع السماقة في تلال كفرشوبا بأربعة صواريخ، بعدما كان نفّذ السبت سلسلة عمليات شملت استهداف موقع حبوشيت ومقر قيادة لواء حرمون في ثكنة معاليه غولاني بعشرات صواريخ الكاتيوشا وتموضعات مستحدثة للجنود الاسرائيليين غرب مستعمرة شوميرا وهجوماً مركباً بالمسيرات الانقضاضية والصواريخ الموجهة على مقر القيادة العسكرية في مستوطنة المنارة وتموضع قوات الكتيبة 51 التابع للواء غولاني.

لقاء المعارضة

وتزامنت زيارة سيجورنيه إلى بيروت وزيارة المبعوث الامريكي آموس هوكشتاين إلى تل أبيب مع لقاء موسع للمعارضة في معراب شاركت فيه نحو 100 شخصية نيابية وسياسية واعلامية اعتراضاً على المضي في أخطار تعريض لبنان لحرب مدمّرة والمناداة بالتطبيق الفوري للقرار 1701 بكامل بنوده.

وعرض رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع  للواقع الناشئ منذ اندلاع المواجهات في الجنوب، واعتبر “أن هناك مجموعة تمسك بالسلطة في لبنان ترفض المعالجات وتعمل عكسنا، واخيراً طرأت مشكلة جديدة وهي العمليات العسكرية جنوب لبنان التي بدأت بقرار من حزب الله وحده”. وقال “لا يحق له أن يُدخل شعب لبنان بهذه الحرب”، مستغرباً “كيف يطلب الحزب الحوار حول الرئاسة ولا يناقش اللبنانيين في مسألة جرهم إلى حرب”، واضاف “الحزب يقول إن العمليات العسكرية هدفها مساندة غزة لكن كل ما يحصل جنوب لبنان لم تستفد غزة منه بأي شيء بل تسبب فقط بالخراب للبنان”.

وأكد جعجع “أن القضية الفلسطينية من أهم القضايا في المنطقة ومن الواجب دعمها، لكن هذا الدعم للقضية يختلف عن المتاجرة بها”، متمنيًا أن “نستيقظ يومًا ونرى المقاومة تحتل تل أبيب لكن هذا ليس الواقع”. وحذّر من “اتجاه الأمور نحو الأعظم”، مشيراً إلى “أننا لا نستطيع أن نبقى متفرجين على ما يحصل وحسب التقارير والمعلومات من الممكن أن تتطور الأمور جنوبًا إلى وضع لا تحمد عقباه”. ورأى “أن حكومة تصريف الأعمال كاملة المواصفات وهي مسؤولة عما يحصل جنوب لبنان”، وختم “حزب الله يبرر وجوده بالدفاع عن لبنان، لكن تبين العكس وانه غير قادر عن الدفاع، بعد الدمار الحاصل جنوباً، وكل المعطيات تقول إنه بحال انتشر الجيش اللبناني بكل النقاط المتواجد بها “الحزب” في جنوب لبنان ينتهي الخطر، فماذا تنتظر الحكومة للتحرك؟ شعب الجنوب يدفع ثمن وجود ذراع عسكرية إيرانية على حدود إسرائيل”.

وبعد المناقشات، أعلن لقاء معراب توصياته فدعا إلى “مواجهة سطوة السلاح واستعادة الدولة المخطوفة”. وشدد على “أن السلاح خارج مؤسسات الدولة هو تهديد للسيادة اللبنانية واعتداء صارخ على أمن الشعب اللبناني ويستلزم الشروع بسحبه فوراً”، مطالباً الحكومة “بتطبيق القرار 1701 وإصدار الأوامر فوراً لنشر الجيش اللبناني تحت خط الليطاني جنوباً وعلى الحدود كاملةً وبتعزيز الرقابة على كامل الحدود مع سوريا وتنفيذ اتفاقية عودة اللاجئين إلى بلادهم”.

رد قبلان

وسارع المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى الرد على جعجع ولقاء معراب سائلاً “هل لقاء معراب من أجل لبنان أم من أجل تل أبيب؟”، وقال “اللحظة لحظة مصير وطني وأي موقف خطأ تستفيد منه تل أبيب هو بمثابة خيانة لهذا الوطن وطعن بسيادة هذا البلد وشرعيته ومصالحه الوطنية بغض النظر عن نوايا المجتمعين، وإطلاق النار على سلاح المقاومة إطلاق نار على قلب السيادة اللبنانية والمصلحة الوطنية وقوة تحرير لبنان واستقلاله، وهذا الخيار يتلاقى بشدة مع النار الصهيونية وأخطر أهدافها، ولبنان المحرَّر قرين سلاح المقاومة وتضحياتها لا من شارك تل أبيب اجتياحها للبنان، وبيان معراب خطير جداً لأنه ينال من صميم الخط الأحمر للمصلحة الوطنية ويعطي الإسرائيلي ما لا يستطيعه بالحرب، وخطورة بيان معراب تكمن في أنه يطلق النار على درع سيادة لبنان وسلمه الأهلي وميثاقه الوطني ويصبّ بحساب تل أبيب بشدة، فيما المصلحة الوطنية تفترض تأمين قوة وطنية تزيد من تماسك اللبنانيين وإنقاذهم السياسي لا طعن قوة لبنان الضامنة لسيادته واستقلاله”.

وأضاف قبلان: “حذار من الموقف الخطأ الذي يضع لبنان بالمكان الخطأ، والمطلوب قوة وطنية بحجم المصلحة اللبنانية لا شراكة كتلك التي لاقت الدبابات الإسرائيلية في عام 1982، ولقاء معراب بهذا الخيار يضع البلد والمصالح الوطنية بقلب الخطر. والحل بتكريس الحوار والتلاقي والتضامن والانتهاء من تسوية رئاسية تنقذ بيروت وليس تل أبيب. وأقول للسيد سمير جعجع: مصلحة الأخوة المسيحيين ومصلحة القوات اللبنانية بالشراكة اللبنانية والمصالح الوطنية وليس بالنيل من حارس المصلحة الوطنية والسيادة اللبنانية خاصةً بهذا الظرف الخطير، وتاريخ 1982 وملابساته وراء ظهورنا ولا نريد أن نتذكره أو يذكرنا به أحد”.

ما علاقة لبنان؟

ورد عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب فادي كرم على المفتي قبلان قائلاً: “شيخ قبلان، لقاء معراب لا يكون إلا للبنان ومن أجل لبنان وجميع من شارك في لقاء معراب همّه لبنان، ولكن كلامك شيخ هو من أجل النظام الثوري في إيران، ومن أجل مشروعه التوسعي على حساب لبنان، ولذلك أزعجك لقاء معراب لانه شكّل ضربة كبيرة لمشروعك الفئوي”.

من ناحيته، دعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي “المسؤولين المدنيين والسياسيين ليفحصوا ضمائرهم إذا كانت في قلوبهم فضيلتا الإيمان بالله ومحبته”، وقال في عظة الأحد “لو كانتا في قلوبهم، لتفانوا في تأمين الخير العام، وأعادوا إلى الدولة مؤسّساتها الدستوريّة الفاعلة والشرعية بدءًا بانتخاب رئيس للجمهورية، ولسهروا بكل قواهم على تجنيب جنوب لبنان وشعبنا الحرب مخلفة الضحايا والجرحى والتهجير والدمار، من أجل قضية لا علاقة لها بلبنان وقضيته وسلامه واستقراره”.

مظاهر مسلحة في عكار

بالموازاة، تم في عكار تشييع القياديين من الجماعة الاسلامية اللذين استهدفتهما اسرائيل بغارة في البقاع الغربي وهما مصعب وبلال خلف، ولفتت خلال التشييع المظاهر المسلحة وإطلاق الرصاص وقذائف الآر بي جي ما أدى إلى ثلاث اصابات بينها طفل في رأسه. وقد شكرت الجماعة الاسلامية اهالي عكار على وفائهم، لكنها أسفت للمظاهر المسلحة، واعتبرتها “أنها خارجة عن أخلاق اهلنا وطبيعتهم”، وأكدت “أن الجماعة حريصة على استقرار الوطن وأمن المواطن وأي رصاصة تُطلق بغير اتجاه العدو الاسرائيلي هي في المكان الخطأ وأي مشهد يثير الذعر والخوف بين اللبنانيين غير مقبول”، مشددة على “أن الجميع مدعو لبذل جهده في حماية وإعمار الوطن ومؤسساته، وأي مظهر غير ذلك يضرّ بالبلد أكثر مما ينفع قضاياه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية