اعْترَافٌ تَحتَ الإكرْاهِ

غيُومٌ تبحثُ عن أعْشَاشٍ بَرِّيةٍ

مَاذَا
لو تكَسَّر زُجاجِ كَلمَاتكِ
كَلِماتكِ، أعشَاشُ نَسرٍ
مَطرٌ، مَسَامِيرُ
تَدقُّ طُبولَ الألَمِ
في الأعَالي المُعلَّقَةِ إلى أبَدِيةٍ
تُولدُ غيُومٌ،
غيُوم كانتْ في مَا مَضَى
دُموعَ ملاكٍ.
غُيومٌ تولَد مِن صَدى عَينيكِ؛
إذِ تهْبطُ النَّظْرةُ الأولَى مَكْسُوٌةً بثَلجٍ
بعْدما أصَابتْنِي
بِنزَلةِ شِعرٍ حَادَّة؛
وسُرعان ما انتَشَرتِ العَدوَى
بَين الأزْهَار؛
والنَّيْلوفُر الذِّي يَطفُو علَى القَلبِ
كَأنُّه جِراحُ بُحيرةٍ قَديمة ٍ
أو حُروفٌ باهِتةٌ على حَائطٍ آيلٍ للحُبِّ.
ثَمَّة أيضاً
إغْماءاتٌ كَثيرة ٌ
في صُفوفِ الأشْجَارِ
المُصْطَفَّة على طُول طُرقاتِ المَدينَةِ
وقد كانت تَسْتجْدي الأبَديةَ،
من الأفُق المُتوجِّس من الفَراشَاتِ
المخْفورِ بالألمِ والدِّماءِ.
هَذا الأُفقُ
كأنه بحُيرة لتشَايكوفْسكِي أو هايكو جَاك كيرواك
هايكو صَار شجرةَ تكْبرُ،
بعد قُرونٍ من الصَّدى والألمِ
عثَرنا علَيها في قَصيدَةٍ قَدِيمةٍ
وفي آذاننَا الضائعة بين أصْوات ٍغَريبةٍ..
ثَمَّة
شقُوقٌ
في عَجُز البَيتِ؛ والوتِد المفْروقِ
وأرحَامِ نِّسوةِ القَبيلةِ،
بَعْد أن شَرعتِ الكَلماتُ تَسِيلُ
مِنْ سُقوفٍ آيلة للهَذيانِ…
ثَمَّةَ
ثَغراتٍ في الهَواءِ
الهَواء الذي يَسيلُ دَماً
دما قَانيا قانيا قَانيا..
ثَمَّة
غُيومٌ أخرى تَعْبر السَّهلَ
تَبحثُ عنْ أعْشاشٍ،
في هذا السَّديمِ الذي يزحف
حيثُ ما فَتئَت،
فيالقُ جيوشٍ كانت تحَاربُ التَّتارَ
تُهرِّب ذَهبَ الأفقِ
إلى الضِّفةَ الأخرَى للحَياةِ،
حتَّى أن الأفُقَ ذاتُه؛ انهارُ بدمهِ القَانِي
مثل كلمَاتِ تلْمعُ في القَصِيدة؛
وما زال يَنْزفُ،
إلى أن قُرعَت أجراسٌ أخرَى
في هذا العَالم الذي بَدأَ
يبْتعدُ، من شِدَّة الحَربِ
ووطْأةِ الدِّماءِ وهي تَسيلُ،
تماما مثل الصَّدى…
كأنَّه غُيومٌ تبحثُ عن أعْشاشِ برية..

 لَستُ سوى قِطعَةٌ سَقطَت من خيَالكُم..

أكْملُ طَريقِي
نحو المقْهى
مُتأبطًا ما تَبقَّى من الأملِ،
كيْ
أكتشِفَ أنِّي أنا ‹›الباقي هناك،
قبْل أن تُصيبنِي
رَعشَة المِدادِ
وأُصَاب من جَديد
بِنزلةِ فَراشة جَديدةٍ
لم أنته من كتابتها بعد،
أختار شَخْصيَّاتٍ برمائية ٍ
كانت أصْهاراً لهتلِر
لأكتَشف أنَّها
تَحَللت.. شخْصِيَّاتٍ برْمَائية
لم تَكُن،
سِوى جثَثٍ كثيرةٍ
تَعيشُ في القَاعة 3
حيثُ نَصَبوا لي كَمينا مُحْكَما
بتآمرٍ مع الهَواء أجَاحظِ العُيونِ
في هذا العَالمِ…
لَسْت سِوى
قطعَة سَقطَت من خَيالكُم
فَراشاتٍ زَيتِيةٍ،
تتزحَلقُ على سَاحاتِ الهَواءِ المُتجمِّدةِ
أَتقَدَّم
بلا خُطواتٍ
نحو المجْهولِ
لَست غَيمةً فَقدَت طِفلهَا
كي أُمطِر فوقَ رؤوسِكُم
وأنتَحِر
تحتَ المطَرِ الغزيرِ
شَاحبَة حَيثُ تَدقُّ مسَامِير
طُبول الألَمِ
طِوالَ هَذا اللَّيلِ المُمَدَّد علَى هَضَبةٍ
مثْلَ جُثَّة تَتحَلَّلُ..

 اعْترافٌ غَير حَقِيقي تَحت الإكْراه والتَّعذيبِ بالكَلِمَاتِ!

أعْترفُ بأنَّنِي
سَاذجٌ
مثْل بياضِ وَرقةٍ
فلْتكْبوا ما شِئْتُم..
ولأني أُحبُّ المغْرب
حتى الثَّمالةِ،
لم أعُد أرَى
سوى ذلِك الرَّجل الذي خَدعَنِي
رمى بقِطَعِ الهَواءَ من النَّافِذَة،
وأضحى شَبحاً يلُاحِقُني في النَّومِ،
كأنَّه من سَفكَ دِماء الأرضِ كُلَّهَا
وانْزوَى في ركْن شَاحِبٍ
يتعلم الرَّقصَ على إيقَاعِ الزَّلازلِ…
أرى
دَمعةً على الأرْضِ
لطِفلٍ،
دمْعة تشْبهُ رحمَ امرأةٍ مبْقُورٍ
أو جَسدَ طِفلٍ هَالكٍ في الضَّوءِ
فَأتذَكَّر..
لم أَعد أَرى
سِوى ذَلك الرَّجُل الذي خَدَعَنِي
الرجل الذي خَدع العَالم
وسَفكَ دم الهَواءِ..
الأمْرُ سِيانٌ
هُنَا أو هُناكَ
هُو الرَّجُل نفْسُهُ،
الرَّجلُ نفْسهُ
المخْفورِ بِدماءِ العالَمِ
يَلعبُ السِّيركَ
على حِبالِ زلْزالٍ
تَرتَجُّ صَفائحُ القلبِ
مُلبَّدةً بشحُوبِ كَهْفٍ
في الدَّاخلِ
حيث تسْقُطُ قطَراتٌ
سُرعَانَ ما تَنْطَفِأ مثل أرْحَامٍ،
أو كَلمَاتٍ تبحَثُ عن معْنى حَيَاةٍ..
الرَّجُل نفسهُ
يحْفِر في الوَرقةِ
ثُقباً عَميقا أسْود،
حيثُ سَتسقُط الكلِمات مَغْشِيّاً عَليهَا
مَحمُولا على نعْشِ الورقَةِ، أُنصِت
أنصت لأنفَاسٍ شَاحِبةٍ،
تكْسِر جلِيد الجُمل الاسْتفْهامِيةِ
في نهاية السَّطر الأخِير
أبحثُ عن كَلمةِ حياةٍ بالأزرق
أجِدها هَوت بِي عمِيقاً
في الدَّرك الأسْفَلِ من الألمِ…
بِخُطى مُتَعثرة في فَراشاتِ الحَياةِ
أتقَدَّم نحو الحَياة والورَقةِ
ورقَة بيضَاء؛ وكَفْنٌ للكَلمَاتِ
تُضَمِّد جراحَ قلبٍ،
قلب ما يزَال يرتج ب9.5 على سُلَّم الألمِ..

شاعر مغربي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية