استطلاع رأي يكشف ثقة أكثر من نصف المغاربة في الصحافيين مقابل عدم اهتمامهم بالمؤثرين وصناع المحتوى

 عبد العزيز بنعبو
حجم الخط
0

الرباط-«القدس العربي»: عبّر نصف المشاركين في استطلاع للرأي عن ثقتهم في الصحافيين المهنيين مصدرًا للأخبار، وجاءت النسبة 51.14 %، في مقابل نسبة ضعيفة جداً نالها صناع المحتوى وما يسمى بـ “المؤثرين” على مواقع التواصل الاجتماعي وجاءت على التوالي 5.9 % و2 %.
النسب المذكورة التي لم يعتبرها عموم المتتبعين بالمفاجئة، وردت في تقرير صادر عن “المركز المغربي للمواطنة” الذي اشتغل وأنجز استطلاعاً للرأي شمل 1201 شخص من جميع الفئات العمرية يمثلون جميع جهات المغرب، وتمحور حول انطباعات الرأي العام وتصوراتهم بخصوص شبكات التواصل الاجتماعي.
نسبة نصف المشاركين في الاستطلاع الذي عبروا عن ثقتهم في الصحافي المهني، أفرحت المهنيين المغاربة وتقاسموا التقرير بشكل واسع ضمن مجموعاتهم المهنية، لكنها أعادت إلى الواجهة الحاجة “إلى تقوية ودعم الصحافيين المهنيين والصحافة الوطنية والجهوية خاصة”، كما ورد في تصريح الصحافي إدريس الوالي لـ “القدس العربي”.
وأوضح رئيس “الجمعية المغربية للصحافة الجهوية” أن مطلب تقوية ودعم الصحافة المهنية أساسي بالنظر إلى نتائج الاستطلاع الذي “أظهر بجلاء قوتها وصدقيتها في المجتمع”، ومن جهة أخرى “لا بد أن تقوم المؤسسات السمعية البصرية العمومية بدورها في مواكبة ما يقع في المجتمع من مظاهر سلبية وإيجابية على السواء”.
الوالي استهل تصريحه لـ “القدس العربي” بالتأكيد على أنه “لا أحد ينكر ما لوسائل التواصل الاجتماعي من أهمية بالغة وكبيرة خاصة على مستوى تواصُل المُستخدِمين بعضهم مع بعض عبر هذه المنصات، وذلك من خلال إمكانية التواصُل الفوري والمُباشر مع الأشخاص وفي أي مكان حول العالم، وذلك عبر العديد من التطبيقات التي تُتيح ذلك، بالإضافة إلى ميزة قدرة الوصول إلى أي مُستخدِم حول العالم عبر هذه الوسائل، وتُعد سهولة الاتصال ميزة مُضافة لهذه الوسائل”.
واستطرد الصحافي المغربي قائلاً: “لكن بقدر ما لشـبكات التواصـل الاجتماعي من فوائد، بقدر ما يطرح اسـتخدامها تحديات جسيمة قـد تؤثر سلباً علـى الأفراد وقيم المجتمع خصوصاً الأجيـال الناشئة”، وذلك بالاستناد إلى “النتائج التي توصل إليها هذا الاستطلاع”.
وحسب المتحدث نفسه، فإن هذه الثنائية تبرز من ناحية أولى تتمثل في التفاعل القوي والمستمر للمواطنين مع هذه المنصات، ومن الناحية الثانية انتشار بعض الظواهر السلبية من سلوكيات مسيئة، مثل التحرش والتنمر الإلكتروني والتشهير وانتشار المحتوى التافه الذي يلقى إقبالاً كبيراً”.
ويضيف قائلاً: “يكشـف هذا الاستطلاع عـن الانتشار الواسع لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي فـي المغـرب، مع التعبير عن القلق بشأن المخاطر المحتملة التي قد تواجه الأفراد والمجتمع بأسره”، وهو “ما يدعو إلى اتخاذ تدابير وإجراءات لتجنب الأضرار وسوء الاستخدام، وعلى رأسها تعزيز دور المدرسة في التوعية حول شبكات التواصل الاجتماعي خاصة على مستوى المناهج التعليمية وتطوير وتقوية التشريعات والقوانين التي تحمي المواطنين من التعرض للتشهير والإساءة والكراهية والتمييز والتحرش”.
وختم الوالي بالإشارة إلى أنه “حان الوقت لتنظيم مناظرة وطنية كبرى في المغرب حول هذا الموضوع الذي له علاقة مباشرة بالواقع الذي نعيشه ألا وهو شبكات التواصل الاجتماعي المهيمنة على المجتمع”. الصحافي والأكاديمي المختص في علم الاجتماع، الدكتور أحمد الأرقام، قال لـ “القدس العربي”، اعتبر نتائج الاستطلاع المنجز “ذات دلالة مهنية تؤكد أن المواطنين في حاجة إلى أخبار صحيحة ودقيقة، بعيداً عن الإثارة التي أحسن نشطاء التواصل الاجتماعي تداولها بشكل كبير لتحصيل أكبر عدد من علامات (لايكات) الإعجاب، ونسب المشاهدة، لربح المال من خلال شركات تبث إعلانات، وأيضاً من خلال مواقع دولية مثل يوتيوب”.
وتابع بالقول إن “المركز المغربي للمواطنة” رغم أنه “لم يكشف عن طبيعة استمارة بحث استطلاع وكيف أجري هل بشكل مباشر أم عبر ملئها في موقع المركز وما إذا كانت تتضمن أجوبة إيحائية أو موضوعية، فإن المعطيات الواردة في الاستطلاع تؤكد أن المواطن المغربي استوعب رسالة مفادها أنه لا يوجد شيء اسمه مؤثر في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن الأخبار التي يود الاطلاع عليها، عليه أن يستقيها من مصادرها الرسمية، وهي وسائل الإعلام الوطنية من صحف ورقية ومواقع إلكترونية وإذاعات خاصة، جادة، ومن قنوات عمومية”.
ولاحظ الأرقام “أن النسب المئوية التي كشف عنها الاستطلاع تؤكد أن المغاربة الذين تابعوا التفاهة السائدة في مختلف وسائط التواصل الاجتماعي لا يعتقدون بها ويجعلونها ضمن أصناف التسلية من النوع الرديء، وأن الوصف الفرنسي لمصطلح مؤثر مجرد ادعاء باطل، وأنا أطلق عليهم وصف (ثرثارون) يروجون بضاعة لأجل ربح المال، وهي المواقع التي أخرجت أفراداً من الفقر عبر بث محتويات أغلبها مس بالأعراض وترويج اتهامات والتشهير والتلاعب بالمتتبعين، لذلك فشلت الشركات الدولية التي أرادت تسطيح وعي المغاربة، لذلك كلما ظهرت قضية عادلة وجدت المواطنين متضامنين”.
الثقة في الصحافيين كمصدر للأخبار كانت مجرد نقطة في بحر النتائج التي خلص إليها الاستطلاع الذي خصص لشبكات التواصل الاجتماعي وحضورها في المجتمع المغربي وتأثيرها عليه، وكانت انطباعات المشاركين واضحة مثل 87.6 ٪ الذين يرون أن المحتوى التافه يحظى بأكبر قدر من الانتشار على هذه المنصات مقارنة بالمحتوى الهادف، وهو ما جعل 87.9 ٪ من المغاربة يشددون على ضرورة تنظيم وتقنين المهن الجديدة المرتبطة بصناعة المحتوى والمؤثرين الذي ينشطون على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي.
على مستوى التأثير، يرى 38.0 ٪ من المشاركين أن منصات التواصل الاجتماعي لا تؤثر على مزاجهم وحالتهم النفسية، في حين يرى 39.9 ٪ تأثيراً سلبياً عليهم، و22.2 % يعتقدون العكس، أي أنها تؤثر إيجابياً.
لكن اللافت في الاستطلاع هو تأكيد أكثر من نصف المشاركين (64.4 ٪) أن منصات التواصل الاجتماعي ساهمت في تحسين الوعي السياسي والمشاركة المدنية للشباب، بالإضافة إلى اعتقاد 68.7 ٪ بأنهم لا يستفيدون بشكل إيجابي من المزايا والفوائد التي تقدمها منصات التواصل الاجتماعي.
وأثيرت نقطة تتعلق بالمؤثرين أو صناع المحتوى الذين ظهر تأثيرهم القوي على فئة المراهقين، فيما فئة أخرى ترى أن السعي للربح المالي يفقد المؤثرين وصناع المحتوى المصداقية والموضوعية.
بالنسبة للمنصات الأكثر ضرراً على المجتمع والأجيال الصاعدة، حلت منصة “تيك توك” على رأس القائمة، بعدها منصة “سناب شات” ثم “إنستغرام” وأخيراً “فيسبوك”، كما ترى نسبة مهمة أن النساء أكثر تعرضاً للتحرش الجنسي في منصات التواصل الاجتماعي.
ومن خلاصات التقرير المتضمن لنتائج الاستطلاع المذكور، أنه يكشف عن “الانتشار الواسع لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب، مع التعبير عن القلق بشأن المخاطر المحتملة التي قد تواجه الأفراد والمجتمع بأسره، الشيء الذي “يؤكد الحاجة إلى نهج متوازن يستفيد من فوائد هذه الوسائل مع العمل على تخفيف آثارها الضارة، ويأخذ في الاعتبار التطورات السريعة في هذا المجال والتحديات المرتبطة بإدارته وتنظيمه”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية