أستاذ القانون والعلاقات الدولية في الجامعة التونسية إبراهيم الرفاعي: نحن أمام منعطف قانوني هام في المحاكم الدولية لتجريم الاحتلال الصهيوني

حاورته: روعة قاسم
حجم الخط
0

اعتبر أستاذ القانون والعلاقات الدولية في الجامعة التونسية إبراهيم الرفاعي في حديث لـ«القدس العربي» أن المسار القانوني المتواصل ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي لدى المحاكم الدولية هو جزء من المقاومة الشاملة ضد الاحتلال الصهيوني. وقال إن هذه الدعاوي المرفوعة ضد كيان الاحتلال وقادته سواء في محكمة العدل الدولية أو في محكمة الجنايات تمثل منعطفا قانونيا جديدا لدعم القضية الفلسطينية .
وفي ما ياتي نص الحوار.
○ كيف تنظرون للمسار القانوني في المحاكم الدولية لإنصاف الحق الفلسطيني سواء في محكمة العدل أو في محكمة الجنايات الدولية؟
• أعتقد أنها نقلة نوعية ما بين الفترة التي كانت فيها فلسطين مغيبة بشكل شبه تام عن المسار القضائي العالمي وذلك منذ إصدار محكمة العدل الدولية سنة 2002 رأيا استشاريا بشأن الجدار العازل، ولم يتحرك ولم ينفذ العدو مضمون هذا الرأي. منذ تلك الفترة وإلى يومنا هذا والموضوع الفلسطيني غائب تماما عن المسار القضائي الدولي خاصة إذا قسمناه إلى مجالين، المجال المتعلق بمحكمة العدل الدولية والمجال المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية.
○ لو توضح الفرق بين المجالين أو المحكمتين، وأي آثار لقراراتهما فيما يتعلق بالاحتلال الصهيوني؟
• المعلوم أن المحكمة الجنائية الدولية مختصة بجريمة الإبادة والعدوان ضد الإنسانية والحرب. وهي جرائم دولية يشترط بها أن تكون جسيمة كما صنّفها ميثاق روما وهي محكمة أفراد لأن من تسلط عليهم العقوبة السالبة للحرية هم الأفراد وليس الشخص المعنوي، وإن ترتب على أي قرار من المحكمة الجنائية الدولية مسؤولية للشخص المعنوي بشكل غير مباشر.
كانت فلسطين قبل 7 أكتوبر ومنذ سنوات قد رفعت عدة قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية. وتم قبول تلك القضايا خاصة بعد اكتساب فلسطين بالأمم المتحدة صفة الدولة المراقبة غير العضو. وبعد ذلك أعلنت محكمة الجنايات الدولية ولايتها الجنائية الدولية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام67 بما في ذلك القدس وأيضا الجولان السوري. منذ تلك الفترة وباسم دولة فلسطين رفعت قضايا موضوعها الأبرز هو الاستيطان الإسرائيلي غير الشرعي أمام المحكمة الجنائية الدولية وأيضا قضية الأسرى والمعتقلين والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. هذه القضايا تحركت قليلا وبقيت في طور الدائرة التنفيذية. المدعية العامة السابقة تقدمت قليلا في مسألة البحث في هذه القضايا ولكن مع المدعي العام الجديد نجد ان هذه القضايا قد جُمدت تماما ولم تتحرك قيد أنملة إلى الأمام ولم تخرج من الدائرة التنفيذية. وبقي البحث مستمرا دون أن يثمر أي شيء. هناك قضية رفعت أو مجموعة كبيرة جدا من القضايا التي رفعت بعد 7 أكتوبر سواء من قبل دول أو أفراد أو من مؤسسات فلسطينية وعربية ودولية أمام المحكمة الجناية الدولية، ولم نجد أي تحرك أو أي إيجابية من المدعي العام إزاء هذه الدعاوي لهذه الفترة. علما أن أصحاب حق إثارة الدعاوي أمام المحكمة الجنائية الدولية هم أولا الدول، ثانيا المدعي العام من تلقاء ذاته طبقا لمعطياته الخاصة، ثالثا مجلس الأمن الدولي.
فالمدعي العام ورغم كل الدعاوي التي تقدمت بها سواء الدول أو تقدمت بها مؤسسات لم يتحرك، مجلس الأمن الدولي أيضا لم يحرك أي قضية للأسف أمام المحكمة الجنائية الدولية في مرحلة ما بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ونجد كذلك أن المدعي العام لم يتحرك على الإطلاق لا فيما يخص القضايا السابقة للسابع من تشرين الأول/أكتوبر ولا فيما يتعلق بجرائم الإبادة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس. علما أنه قد زار الكيان والتقى مع أهالي من سماهم بـ«الرهائن» وهذه الكلمة لا تنطبق على جنود الاحتلال لأنهم أسرى وقد عوملوا معاملة إنسانية من قبل المقاومة الفلسطينية، وبالمقابل كان موقفا سلبيا فيما يجري في قطاع غزة.
○ ما أهمية تحريك القضايا المختلفة أمام المحكمة الجنائية الدولية وما أهم التحديات التي تواجه هذا المسار القانوني برأيك؟
• نقول إن تحريك القضايا المختلفة أمام المحكمة الجنائية الدولية مهم جدا وينقل القضية من طور إلى طور. ولكن هناك سلبيات موجودة في النص القانوني بميثاق روما ألا وهي عدم سريان الولاية إلا بعد عام 2002. نعم هناك مبدأ عدم تقادم الجرائم الدولية ولكن عدم التقادم يرتبط بعام 2002 وليس بما يسبق هذا التاريخ وهذه الثغرة الأولى. أما الثغرة الثانية فهي مبدأ التكامل، إذ أن الاختصاص الأصلي يُعطى للقضاء الوطني وهو في هذه الحالة القضاء الصهيوني وهو غير نزيه ولا تتوفر فيه شروط العدالة ولا المصداقية. إذن مبدأ التكامل يعطي الاختصاص الأصلي للقضاء الوطني بينما يعطي الاختصاص التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية. هنا نجد أن الكيان يمكن له أن يستخدم في الادعاء أنه قد حاكم ويضعف من الأحكام التي يمكن أن تنظر فيها المحكمة الجنائية تجاه هذه القضايا.
هناك مبدأ معمول به في ميثاق روما ألا وهو عدم الاعتداد بالحصانة وهو قاعدة «إن كان من سيحاكم في تلك الجرائم المشار إليها رئيسا لدولة أو قائدا عسكريا أو وزيرا، فلا يعتد بالحصانة». ولكن هناك ثغرة يمكن من خلالها لدولتين أو أكثر أن تتفق على عكس ذلك بتمكين من يُدان من الحصانة وعدم تسليمه. وهنا نجد أن الكيان يتسلح بالولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول، وهو ما يبين ضعف هذه المحكمة وسلبيتها وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية خارج المسار القانوني وتأثيرها سياسيا على أعمال المحكمة.
كما يمكن القول إن من أهم الثغرات أن مجلس الأمن الدولي يمكن له أن يتدخل لتعطيل إجراءات وسير المحكمة. والاحتلال يمكن أن يعرقل ما يمكن أن يفتش عنه في مسرح الجريمة.
ورغم ذلك تعتبر كثافة الدعاوي ضد مرتكبي الجرائم الدولية في غزة وغيرها خطوة إلى الأمام يمكن لها ان تعزز الحق الفلسطيني، إضافة لما يثار أمام محكمة العدل الدولية. إذن في هذا السياق لا بد من النظر إلى ما يُحرك من قضايا جنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية بأنها مهمة جدا ومفصلية في التاريخ.
○ وماذا بشأن محكمة العدل الدولية؟

• محكمة العدل الدولية تختلف عن المحكمة الجنائية الدولية في أنها جزء لا يتجزأ من الأمم المتحدة وهي الذراع القانوني للأمم المتحدة طبقا للفصل السادس الذي يدعو إلى تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية بالوساطة والمفاوضات وما شابه ذلك والتحكيم والقضاء الدولي. إذن القضاء الدولي الذي يعبر عنه من خلال محكمة العدل الدولية ينظر في تسوية النزاعات الدولية بين الدول بالإضافة إلى جريمة الإبادة الجماعية طبقا لاتفاقية الأمم المتحدة التي تمنع جريمة الإبادة وتعاقب عليها، وكان الكيان طرفا في هذه المعاهدة التي عقدت عام 1948 وجلّ دول العالم هي طرف في هذه المعاهدة. إذن محكمة العدل الدولية لها اختصاص جنائي في هذه الحالة، لكن المسؤولية هنا هي مسؤولية الدولة، ويمكن أن تؤسس لمسؤولية الأفراد في أروقة قضائية سواء فيما بتعلق بالمسؤولية الجنائية أو غيرها. فيما يتعلق بهذا الجانب نجد أن محكمة العدل الدولية لها اختصاصان إثنان، الاختصاص الحكمي أو القضائي، وإصدار الأحكام والآراء الاستشارية. لقد أصدرت هذه المحكمة تدابير وقائية ريثما يتم النظر في الأصل. والتدابير الوقائية موضوع النظر في الأصل قد يستغرق عدة سنوات، وكان على الكيان أن يطبق القرار بشكل عام في غضون شهر ويقدم تقريره، وإلى يومنا هذا لم يلتزم الاحتلال ولم يقدم أي تدابير.
من جهة أخرى كانت جمهورية الجزائر باعتبارها ممثلة مؤقتة للمجموعة العربية بمجلس الأمن قد حركت مشروعا أمام المجلس بالإرتكاز على هذه التدابير لإكسائها بالصبغة التنفيذية رغم أنها تكتسب الصبغة الإلزامية. هنا نذكر أن طبيعة القانون الوطني تفترض تدخل القوة العامة لتنفيذ القاعدة القانونية بعكس القانون الدولي.
فمحكمة العدل الدولية لا تمتلك قوة إنفاذ والجزائر حركت مشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي لكي تكتسي هذه التدابير الطابع التنفيذي، ولكن الولايات المتحدة عطلت المشروع متذرعة بأن عرضه على التصويت سيؤدي إلى الإضرار بمفاوضات باريس المتعلقة بتبادل الرهائن وبالأسرى ويضرّ بمفاوضات الدوحة والقاهرة. هذه المماطلة الأمريكية أدت إلى تعطيل المشروع لأسبوعين تقريبا ثم تم استخدام الفيتو من قبل واشنطن للمرة الرابعة. وبالتالي فإن استخدام الولايات المتحدة للفيتو يعني أنها ترفض وقف إطلاق النار وتمعن في دعم الكيان في ارتكاب مجازر الإبادة.
○ من خلال ما ذكرته، كيف يؤثر الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل على قرارات المنظمات الدولية؟
• الموقف الأمريكي لم يترك منظمة دولية فاعلة أو مسارا قضائيا أو قانونيا إلا وأثرّ فيه، وكان شريكا للاحتلال في كل شيء، بما في ذلك الإرادة العسكرية والمالية والمخابراتية. لولا الدعم الأمريكي للاحتلال لما كان قد تمادى في هذه الجرائم وفي انكاره لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. وأعتقد ان أمريكا استخدمت ورقة المفاوضات منذ عام 1990 وحتى اليوم من أجل تنفيذ مشروعها في المنطقة.
واليوم تشتغل واشنطن للعب بالورقة ذاتها أي الدولة الفلسطينية، وتحاول أن تفرض دولة منزوعة السلاح بلا جيش على الفلسطينيين. يعني بمعنى آخر لقد قزّمت فكرة الدولة من أجل فرض أجندتها المتعلقة بالمنطقة وبالشرق الأوسط الجديد.
والولايات المتحدة شريكة كاملة ويمكن مقاضاتها في المحاكم الدولية ولا تقل شراكتها عما يقوم به نتنياهو في فلسطين وخارج فلسطين. إن إدارة بايدن تصرّ على أن المسألة لا تقف على قطاع غزة بل تمتد الى لبنان والعراق وسوريا والدول العربية بجلها وبشكل يتطابق مع الخريطة التي كان قد جاهر بها ورفعها نتنياهو في الأمم المتحدة. ورغم ذلك فإن فلسطين باقية بصمود أهلها ومقاومة شعبها. إن كل المجازر التي ترتكب اليوم والدعم الأمريكي اللا مشروط للاحتلال يؤكد ان الولايات شريكة فاعلة بل انها هي التي تدير مجازر الإبادة ليس في قطاع غزة فقط بل في الضفة الغربية والقدس وتمكن الكيان من الإفلات من العقاب وتشجعه على عدم الالتزام بالقانون الدولي. ناهيك عن الإدارة العسكرية والمالية والدعم اللوجستي والمخابراتي وبالأقمار الاصطناعية والطائرات في اطار الحرب السيبرانية. إذن الدعم الأمريكي واستخدام سلاح الفيتو عدة مرات يجعل الإدارة الأمريكية شريكة في حرب الإبادة التي تشن ضد الشعب الفلسطيني.
○ كيف ترى الدعوى التونسية الأخيرة التي تقدمت بها عمادة المحامين التونسيين من خلال العميد حاتم مزيو وماهي أهميتها في نصرة القضية الفلسطينية وتبيان الوجه الحقيقي للاحتلال الصهيوني؟
• هي مسألة هامة جدا وتأتي في سياق عديد المبادرات التونسية باتجاه رفع الدعاوي ضد مرتكبي الجرائم في المحكمة الجنائية الدولية. وهناك دعوى تونسية أخرى وتتعلق بإدانة المدعي العام ذاته لسلبيته الذي تعني أنه شريك في حرب الإبادة. من جانب آخر أيضا تونس مشاركة مع 50 دولة أخرى في المرافعات أمام محكمة العدل الدولية. فتونس هي في الخندق الأول إلى جانب الشعب والحق الفلسطيني والعربي. كل ذلك يؤدي إلى أن نقول أن الاحتلال إلى زوال وأن ما بعد 7 أكتوبر لن يكون كما قبله لأن العدو قد دخل في نفق ولن يخرج منه إلا إلى زواله وهو في حالة صعود نحو الهاوية. وقد بدأت حرب التحرير التي تقودها مختلف مكونات التحرر العربي الفلسطيني.
○ لو نعود لمشروع جنوب أفريقيا وآفاق محاكمة إسرائيل لو توضح لنا أهمية قرار محكمة العدل الدولية الأخير؟
• إن التدابير الاستثنائية الوقائية التي اتخذتها محكمة العدل الدولية هي فرصة تاريخية إن تم استغلالها بإرادة سياسة وجهد دؤوب وعقلنة الأداء. لأنه لأول مرة، تتخذ إزاء كيان الاحتلال هذه التدابير بكل ما تمثله من منعطف ينقل الحق الفلسطيني من طور إلى طور. صحيح أن هذه التدابير لم تدع مباشرة إلى وقف إطلاق النار ولكنها تؤدي بشكل غير مباشر إلى وجوب وضرورة وحتمية وقف إطلاق النار. لأن إنفاذ هذه التدابير -خاصة الأربعة منها – لا يتم دون الوصول إلى وقف إطلاق النار. إن هذه التدابير هي بحد ذاتها ذات قوة إلزامية وهي تؤكد أن المحكمة قد قبلت اتهام جنوب أفريقيا للكيان بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية التي يواصل فيها الاحتلال ضاربا بعرض الحائط كل القوانين الدولية ذات الصلة بموضوع الحق الفلسطيني .
من ناحية ثانية علينا أن نميز بين الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا طبقا للوصف وبين الرأي الاستشاري. فالجمعية العامة للأمم المتحدة قد طالبت من محكمة العدل الدولية إبداء رأيها أو جوابها القانوني على سؤال «ما هي التداعيات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 بما في ذلك القدس». إذن محكمة العدل الدولية مطالبة بإعطاء رأيها القانوني في سياق القانون الدولي. ومضمون الرأي الاستشاري يتركز قطعا طبقا لجل المرافعات التي قدمت والتي تركز في جلها على حق تقرير المصير وعلى أن الكيان إنما يحتل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك القدس وهذا ما يمنعه من الإدعاء بأنه يمتلك حق الدفاع عن النفس. فالاحتلال والاستعمار لا يتمتع بحق الدفاع عن النفس كما أنه يعطي للشعب الفلسطيني حق تقرير المصير. وهذا ما ينبغي أن يركز عليه مضمون القرار، وحق تقرير المصير له وجهان، الوجه الأول حق المقاومة بكل الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح.
والوجه الثاني حق تقرير المصير وهو تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف بما في ذلك حقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. في هذا الاتجاه نجد أن الكيان في مضمون الرأي الاستشاري يتعرض لمجموعة من النقاط التي تنتهك القانون الدولي بما في ذلك بناء المستعمرات والجدار العازل والاقتحامات والطرق الالتفافية بما في ذلك عدوانه وتهجيره القسري للفلسطينيين في قطاع غزة ومشروعه القائم حاليا لتهويد الضفة الغربية. إن الكيان يسعى من خلال كل ممارساته إلى التهجير القسري للفلسطينيين وفرض واقع الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولا بد من إعادة تأكيد الرأي الاستشاري حول مسألة عدم قانونية الجدار العازل وعدم قانونية المستوطنات والطرق الالتفافية والحواجز التي تنتهك كلها القانون الدولي.
○ وما توقعاتك لمآل هذه الدعاوي مستقبلا وكيف سيكون مضمون القرار؟
• سيكون مضمون هذا القرار متعلقا بعدم شرعية كل الممارسات التي تؤدي لتغيير الوضع الديموغرافي في الضفة الغربية وقطاع غزة. إذ أن الاحتلال يسعى للتهجير القسري والإبادة. كما أن الاحتلال من خلال ممارساته فإنه يمسّ بحرية العبادات في القدس. والمعلوم أن بن غفير قد اتخذ قرارا بالتضييق على الصلاة في القدس وهو مسّ من حرية العبادة بما يخالف القانون الدولي. إذن كل هذه النقاط يمكن لها أن تكون جزءا من مضمون القرار الاستشاري.
فقط أريد أن أقول إن الرأي الاستشاري ليس له قيمة إلزامية ولكن له قيمة معنوية خلافا للحكم الذي له قيمة إلزامية في القانون الدولي، لكن من طبيعة القانون الدولي أنه يفتقد لقوة الانفاذ. وهناك تبعات أخرى سواء للحكم أو للرأي الاستشاري أو ما يمكن أن يصدر عن المحكمة الجنائية الدولية.
○ هل ستساهم كل هذه الدعاوي برأيك في هزّ صورة الكيان الصهيوني أمام الرأي العام الغربي والعالمي؟
• أجل أعتقد أن المسارات القضائية أيا كان مضمون الأحكام الصادرة عنها، سواء فيما يتعلق بما سيصدر عن المحكمة الجنائية أو العدل الدولية في المستقبل أو ما قالته التقارير الأممية والمؤسسات الحقوقية، كلها تشكل روافع هامة تدعم الحق الفلسطيني وتكشف زيف رواية المحتل لدى الرأي العام العالمي.
اليوم العالم كله ينظر ويرى ما يقوم به الاحتلال، وذلك يسهم في إظهار الحق الفلسطيني وفضح انتهاك الاحتلال للقوانين الدولية.
○ كيف تقرأ موقف نتنياهو الرافض لما أسماه أي قرار أحادي بشأن الدولة الفلسطينية؟ والى أي مدى يحرج حلفاءه الغربيين ويقتل حل الدولتين؟
• موقف نتنياهو واضح فهو يرفض الدولة الفلسطينية وهو يريد شرق أوسط جديدا طبقا للخريطة التي رفعها في الأمم المتحدة قبل 7 أكتوبر. فإسرائيل وفقا للخريطة التي رفعها نتنياهو هي التي تستحوذ على الثروات الفلسطينية واللبنانية خاصة الغاز في حقلي قانا وكاريش. ونعرف جميعا ما الذي وقع بعد أن اتفق على ترتيب الحدود البحرية حيث بدأت الشركات تنتج الغاز من كاريش وادعت أنه لا يوجد أي غاز في حقل قانا.
○ كيف تقيم المواقف العربية والدولية من حرب غزة منذ انطلاقها وحتى اليوم خاصة الموقف العربي الذي لم يكن بمستوى الحدث. لماذا لا تحرك الدول العربية أوراق الضغط التي تمتلكها؟
• الموقف العربي ضعيف وهو عار على حقوق الإنسان وعلى الشعوب الحيّة في الدول العربية. وهو لم يرتق إلى مرتبة المسؤولية لكي يوقف العدوان. فالدول العربية تمتلك عديد أوراق الضغط لإيقاف إسرائيل ويكفي أن تهدّد بسحب السفراء وإغلاق السفارات الصهيونية لديها. لكنها للأسف اكتفت بالصمت. هناك من يعتبر أن الأمر مرتبط بمشروع التطبيع لكن المسألة أكبر من ذلك.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية