توتة دار أبو عرب

حجم الخط
1

يبدو أن للقدر أسراراً كثيرة، فأراد أن يغيب الفنان الكبير أبو عرب لتعود قنوات الإذاعة والتلفزة لبث أغانيه من جديد، لعلها تلامس أسماع من يفاوض، فيتذكر هؤلاء أغنية – هدي يا بحر هدي – ليشاهدوا حنين أبو عرب للعودة، لعلهم يعرفون ماذا تعني شجرة التوت لأ بو عرب والتي تغنى بها وبعش العصفور على أغصانها. لعل السيد وكبير مفاوضيه يسمعون جيدا أن صبر أبو عرب على فراق أرضه في قرية الشجرة كان لثقته بعهد الثورة والثوار الذين تعاهدوا بأن لا ينسوا حق تلك الدار وعروق زيتونها، هؤلاء الثوار الذين رفضوا التنازل عن المقدس، لذلك كان أبو عرب دائم القول – هدي يا بحر هدي – لثقته بأن لا أحد يجرؤ على نقض عهد الثورة والثوار.
أو لعل كلمات أغنية – يايمة في دقة على بابنا – تعود الى أسماع السيد وكبير مفاوضيه لتدق عقولهم وقلوبهم من جديد ليعلموا أن حق الشعب الفلسطيني في مقاومته حق مقدس لا تنازل عنه، وكيف أن كرامة الشعوب تزيد بالتمسك برشاشها وسلاحها، وكيف أن الفدائي مفخرة لشعبه وأن الأمة التي ترعى الفدائي أمة ليست يتيمة، ويجب على الدولة أن ترعاهم لا أن تصادر سلاحهم، لأن الفدائي نجدة لوطنه حسب كلام أبو عرب، وربما يعود هؤلاء ليتيقنوا من أن دقة الفدائي دقة قوية تخضع العدو لا حرارة العناق والسلام.
أو لعل أنغام أغنية – يا طير خذني عالوطن – تذكر هؤلاء بأن لفلسطين مدنا كدنا ننساها أو ينساها صغارنا، مدن عكا ويافا والقدس وحيفا وبير السبع وصفد، أو لعل أنغام تلك الأغنية تذكرهم أن فلسطين وحدة واحدة ولا مكان للانقسام بيننا وأن انقسام شطري الوطن إنما هو نقطة سوداء في جبين من يقبل به فغزة كرام الله، وخانيونس كنابلس ورفح كطولكرم .
أو لعل أغنية – من سجن عكا- تذكر هؤلاء بأن لنا أسرى داخل سجون المحتل، منهم من يموت بسبب الإهمال الطبي ومنهم من أمضى أكثر من ثلاثين عاما ينتظر عهد الثورة والثوار بتحقيق الفرج، ومن الاسرى من هو دون سن البلوغ، فيتذكر هؤلاء بأننا لا نريد أن نُخرج أسرانا على نعوش كما شهداء سجن عكا، فيعملون جاهدين على تحريرهم أو على الأقل التوجه الى المحاكم الدولية بملف الأسرى، أو لعل هؤلاء يفقهون كلمات أغنية – يا خوي اللي بالزنزانة – الذي أوصى شعبه بأن يبقوا متمسكين بالبارودة لأنها عنوان الصمود وأن الفدائي قد سجن لتحقيق العودة لأرضه التي هجر منها.
ولكن أبو عرب كان يعلم بأن عهد الثورة والثوار قد ينسى بلحظة من اللحظات أو قد يترك في زمن من الأزمنة فغنى لهم العتابا – معاتبا هؤلاء على انقسام الشعب الفلسطيني حينا وعلى ضياع القدس والحرم أحيانا مذكرهم بأنها تصيح يوميا يا ربي وين اسلامنا وعربنا، مجيباً ع نفسه: أف عليكم أف عليكم. وقال في عتابا أخرى – أخوي الذي ما يوقف حدي بحصاري ما بدياه يشيل تابوت الخشب – فقال لهؤلاء أيضا: أف لكم، أوف لكم ، وبكى في عتابا أخرى على تخلي الأخ عن أخيه وقت النزال، ومن يفعل فعل المحتل وقت الحرب، وقال لهؤلاء أيضا: أف لكم أوف لكم .
لعل هؤلاء يتذكرون أن أغاني أبو عرب لم تكن لأجل هز الكتف بحنية، بل كانت للتذكير بعهد الثورة وعهد الثوار،العهد الذي غناه بأغنية – شهر وسنة عم تمرق الأيام – حيث قال أن – عهد الثوار يرفض أن نشكي الظلم للظلام ونبوس اليد التي ذبحتنا وكفانا نعيش بالأوهام، ماعاد بدها شرح حالتنا، بدها بارود ورصاص بدها رجولة وتضحية وإقدام بدها عروبة تصون ثورتنا- وهذه العهود تجرم من يتنازل عن حق العودة أو القدس أو دم الشهيد أو من يلقي سلاح مقاومته، وأن فلسطين عربية لا دولة يهودية فيها، وأن هز الكتف بحنية تكون على من ضيع عهد الثورة والثوار وعهد ذاك الفدائي الذي أصبح منسياً.

سائد أبو بهاء رام الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أبوسلمان - غزة:

    رحمة الله عليك يا أبوعرب . . عرفناك حتى آخر أيامك وأنت على نفس موقفك لم تتنازل و لم تغير ولم تبدل . . نحتسبك عند الله

إشترك في قائمتنا البريدية