من سيندم على هدايا ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا؟

عادل منصور
حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: كما كان متوقعا، أوفت مباريات مرحلة ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا بكل الوعود، بعد استمتاع الملايين في كل أرجاء العالم، بأربع سهرات سينمائية من أفخم وأجود أنواع الفن الكروي الأصيل، بدأت بـ90 دقيقة أكثر تشويقا وإثارة من الحلقات الأخيرة لمسلسلات شهر رمضان في ليلة عيد الفطر المبارك، والحديث عن معركة تكسير العظام التي جمعت سلطان القارة ريال مدريد بالغول الإنكليزي مانشستر سيتي في قلب «سانتياغو بيرنابيو»، وانتهت بالتعادل الإيجابي بثلاثية في كل شبكة، تزامنا مع القمة الإنكليزية – الألمانية بين آرسنال ودابته السوداء في العقد الماضي بايرن ميونيخ، تلك الموقعة التي خالفت أغلب التوقعات، بعد سقوط المدفعجية في فخ التعادل في عقر داره ملعب «الإمارات» بهدفين لمثلهما، رغم أن قاهره البافاري يعيش أتعس أيامه في العصر الحديث. وفي اليوم التالي، انحنى باريس سان جيرمان أمام برشلونة بنتيجة 2-3، في ملحمة كروية أخرى يُقال عنها من الزمن الجميل، فيما واصل أتلتيكو مدريد نتائجه المقنعة قاريا هذا الموسم، بانتصار ثمين على الحصان الأسود للكأس ذات الأذنين بوروسيا دورتموند بهدفين مقابل هدف في قلب «واندا متروبوليتانو»، والآن دعونا نناقش ما حدث في معارك ذهاب دور الثمانية وما يمكن استنتاجه قبل أن تكتمل ملامح المربع الذهبي بعد 48 ساعة من الآن، وبالأحرى الرباعي الأوفر حظا للترشح لنصف النهائي في رحلة البحث عن تأشيرة اللعب في نهائي «ويمبلي» في الأول من يونيو/حزيران المقبل.

جنون البيرنابيو

يعرف القاصي والداني، أن نادي القرن الماضي، كان يطمح في رد الصاع صاعين لبطل ثلاثية العام الماضي مانشستر سيتي، بعد الهزيمة المذلة في إياب نصف النهائي، التي وصل قوامها إلى رباعية نكراء مع الرأفة، لكن ما حدث في البداية، تسبب بشكل أو آخر في حرمان الميستر كارلو أنشيلوتي من فرصة الانتقام، والحديث عن الهفوة الساذجة التي ارتكبها الحارس الأوكراني الشاب أندريه لونين في الدقيقة الثانية من عمر المباراة، معتقدا أن القصير البرتغالي برناردو سيلفا، سيقوم بإرسال الكرة على رأس الوحش الاسكندينافي إيرلينغ هالاند أو أحد عمالقة خط الدفاع، نظرا لبعد مسافة المخالفة المباشرة، ليدفع فاتورة باهظة الثمن، باستقبال هدف يندرج تحت مسمى «مجاني»، ولاحظنا توابع الهدف المبكر على تركيز لاعبي الريال، والتي كادت واحدة منها عن الضربة الثانية في الشباك البيضاء، لولا نجاح الحارس العشريني في تعويض خطأ الهدف، بمنع هالاند من التسجيل في حوار صريح بينهما داخل منطقة الجزاء، كانت أشبه بلقطة «الماستر سين» للشوط الأول، وشاهدنا كيف تحول رجال المدرب الإيطالي بعد هذه الفرصة، كأنها أيقظت جود بيلينغهام ورفاقه من سباتهم العميق في أول 10 دقائق، والدليل على ذلك عودة شيء من النسخة المهيبة عن الميريغي في نسخة الرابعة عشرة، بقلب الطاولة على المنافس في رمشة عين، بالطريقة العالقة في الأذهان أمام ليفربول وتشلسي والسيتي الموسم قبل الماضي، بدأت بحل فردي عن طريق الفرنسي إدواردو كامافينغا، باختراق من العمق ومن ثم أطلق سهامه نحو الحارس ستيفان أورتيغا، الذي تفاجأ بارتطام الكرة في زميله روبن دياز، وفي الأخير غيرت مسارها إلى الاتجاه المعاكس لحركة الحارس الألماني الثلاثيني، ثم برقصة برازيلية خالصة بين فينيسيوس جونيور ورودريغو، على إثرها انفرد الأخير بالحارس المغلوب على أمره، ليغالطه بتسديدة أرضية من بين قدميه تهادت إلى الشباك، هنا اعتقد الجميع أن الريال سيواصل الضرب بيد من حديد لقتل معنويات المنافس قبل الذهاب إلى غرفة خلع الملابس بين الشوطين، كما يجسد دائما في هكذا مواعيد المقولة المأثورة «إذا هبت رياحك فاغتنمها»، بيد أن فيني، كان له رأي آخر، بإصرار غريب على الاستعراض والمبالغة في الحلول الفردية، وتجلى ذلك في رعونته في أكثر من فرصة مؤكدة بعد التقدم بالهدف الثاني، ناهيك عن كسله في الخروج بالكرة وسهولة فقدانها، الأمر الذي جعله يبدو وكأنه نقطة ضعف في الثلث الأخير لهجوم الريال.
وفي المقابل، وضح تأثر الفريق الضيف بغياب عقله المدبر كيفن دي بروين، المصاب بوعكة صحية، ولعل كل من شاهد المباراة، لاحظ ما وصفه بعض النقاد والمحللين، بـ«عجز» بطل الإنكليز في اختراق الدفاع الأبيض على مدار الشوط الأول، بقراءة موفقة من أنشيلوتي في تحضيره للمواجهة، بإزعاج حامل الكرة من المنافس في نقلها بمجرد أن تطأ قدماه دائرة المنتصف، لمنع صناع اللعب والأجنحة من التواصل بأريحية مع هالاند، وهذا في حد ذاته، يفسر انعزال هداف البريميرليغ عن باقي زملائه في أغلب أوقات المباراة، والأهم فتش عن سلاح السيتي في التسجيل في هذه المباراة، بتسديدات غير متوقعة من خارج منطقة الجزاء، في الوقت الذي كان يعتقد فيه لاعبو الريال أنهم ضمنوا النتيجة وأحكموا سيطرتهم على المنافس بطول الملعب وعرضه، ليستيقظوا على ضربة فل فودن المؤلمة، التي جاءت من التغيير التكتيكي الذي أجراه الأصلع الكتالوني بيب غوارديولا في الشوط الثاني، بإعادة برناردو سيلفا إلى مكانه المفضل في مركز الجناح الأيمن المهاجم، وإعطاء فودن تعليمات واضحة بمحاكاة دور الأشقر البلجيكي بين الخطوط في عمق الملعب، لقدرته على الاحتفاظ بالكرة بشكل أطول من زميله البرتغالي، والنزعة الهجومية في جيناته، وبالأحرى طمعه المشروع في التسجيل في كل مباراة، وهو ما ظهر في سرعة قراره لحظة تسلمه تمريرة سيلفا على حدود منطقة الجزاء، كأنه رسم مشهد الهدف في عقله قبل التنفيذ، مثلما يفعل كبير السحرة ليونيل ميسي والفرعون محمد صلاح ومحارب الصحراء رياض محرز وباقي مشاهير ماركة «R2» بالقدم اليسرى، وبعد عودة السيتي في النتيجة 2-2، بدا وكأن أنشيلوتي تلقى إما ضربة تحت الحزام أو أخرى على رأسه أفقدته الوعي، إذ أنه ظل لا يحرك ساكنا على مقاعد البدلاء، إلى أن جاءت الضربة الثالثة وأيضا بنفس الكيفية، الفارق أن المنفذ هذه المرة كان المدافع الكرواتي يوسكو غفارديول، الذي لم يجد من يضغط عليه وهو يهيئ الكرة أمامه أكثر من متر، ليسدد بأريحية في شباك لونين، الذي بصم بدوره على واحدة من أسوأ مبارياته مع الريال، وعكس النسخة البراقة التي يبدو عليها في حملة الليغا وفي دور المجموعات وأمام لايبزيغ في بداية مراحل خروج المغلوب، بعدها قامر المدرب الإيطالي بإخراج المهاجم الأكثر حركة ونشاطا رودريغو، وأبقى على فينيسيوس، وفي نفس التوقيت استعان بالقيدوم لوكا مودريتش على حساب زميل رحلة الكفاح في سنوات غزو القارة توني كروس، ورغم علامات الاستفهام الكثيرة حول أداء فيني، لكن بلغة الأرقام، كان المدرب موفقا بالإبقاء عليه، لنجاحه في صناعة هدف التعادل وحفظ ماء الوجه، الذي سجله فيديريكو فالفيردي، بصاروخ عابر للقارات اكتفى الحارس أورتيغا بمشاهدته وهو يمزق شباكه، معلنا تأجيل حسم بطاقة العبور إلى نصف النهائي إلى موقعة منتصف هذا الأسبوع المقررة في ملعب «الاتحاد»، وسط حالة من التفاؤل تسيطر على مدرب الريال، لاعتقاده بأن فريقه يملك من الكاريزما والهيبة والإمكانات ما يكفي لتحقيق الفوز في الجزء السماوي لعاصمة الشمال الإنكليزي والعودة من هناك بالتأهل إلى نصف النهائي. وفي المقابل، يرفض العم غوارديولا، التقليل من فرص غريم الأمس واليوم، ربما واحدة من حيله لتخدير المنافس مغناطيسيا قبل ملحمة الأربعاء، أو لإدراكه مشاكله الكثيرة في خط الدفاع، بتلك المساحات الشاغرة وحالة عدم الانسجام والارتياح بين رباعي الدفاع، في ظل اعتماده على أربعة لاعبين بمواصفات قلب الدفاع وهم مانويل أكانجي وروبن دياز وجون ستونز وغفارديول، لكن الشيء المؤكد، أنه يدرك أكثر من غيره، أنه سيتعين عليه البحث عن طرق وأساليب أخرى لاستكشاف مرمى الريال في المباراة المقبلة، لصعوبة تكرار نفس مشاهد التسجيل من 3 تسديدات بعيدة المدى في مباراة واحدة، وإلا ستكون سذاجة من نظيره الإيطالي وفريقه، بعدم تعلم الدرس الكبير من مباراة الذهاب، لكن في كل الأحوال، ستكون قصة مختلفة تماما عن ملحمة «البيرنابيو»، وأيضا قابلة لكل الاحتمالات، شريطة استغلال أنصاف الفرص والتفاصيل البسيطة، أو بعبارة أكثر وضوحا في الغالب «لن تكون نسخة من فضيحة رباعية الموسم الماضي»، حتى مع عودة كيفن دي بروين وتأكد غياب تشواميني بداعي الإيقاف لتراكم البطاقات الصفراء.

صدمة مبابي

على ملعب «حديقة الأمراء»، كان الاعتقاد السائد لمشجعي باريس سان جيرمان، ان فريقهم سيواصل سلسلة الانتقام من برشلونة منذ ريمونتادا 2016، والتي بدأت في موسم ليونيل ميسي الأخير مع الكتالان، في مواجهة إقصائية كان بطلها الأول كيليان مبابي، بالتوقيع على هاتريك تاريخي في قلب «كامب نو»، في المباراة الشهيرة التي انتهت بفوز الباريسيين برباعية مقابل هدف، وما عزز هذا الاعتقاد، الحالة التي يمر بها المنافس الإسباني، حتى بعد الصحوة المتأخرة التي جاءت بعد إعلان المدرب تشافي، عن نيته التخلي عن منصبه فور انتهاء الموسم الجاري، لكن على أرض الواقع، تفاجأ عشاق النادي الباريسي، ببداية أقل ما يُقال عنها محبطة ومخيبة للآمال، وربما لولا غياب التوفيق عن لاعبي وصيف الليغا، كما حدث في لقطة إبعاد رأسية سيرجي روبرتو من على خط المرمى، وقبلها الخروج الموفق للحارس جيجي دوناروما، الذي منع رافينيا من الانفراد بالشباك من نصف الملعب، وغيرها من الفرص المحققة، التي أسفرت واحدة منها في آخر 10 دقائق من أحداث الشوط الأول عن اللقطة المضيئة الأولى في المباراة، في لقطة أخرى كاشفة للمشاكل الدفاعية التي يعاني منها الفريق الباريسي، متمثلة في تلك المساحات الشاغرة التي استباحها لامين يامال من الطرف الأيمن ورافينيا من الجانب الآخر، وكانت سببا في هدف أسبقية البارسا، إثر عرضية من لامين، مرت من ليفاندوسكي والمدافعين، لتجد البرازيلي في انتظارها ليودعها في الشباك. وفي المقابل لم يشعر أحد بوجود كيليان مبابي، ليس فقط على مدار الشوط الأول، بل طوال المباراة، مقارنة بمواطنه وزميله في المنتخب عثمان ديمبيلي، الذي صال وجال أكثر من أي لاعب آخر في الثلث الأخير من الملعب، كأكثر عناصر «بي إس جي» تهديدا للحارس تير شتيغن، رغم أنه على الورق لعب في مركز المهاجم الوهمي، لإفساح المجال لمبابي حتى يأتي بسرعته من خلف المدافعين من ناحية اليمين أو اليسار، لكن آخر وأسوأ ما كان ينتظره المدرب لويس إنريكي، أن يظهر الهداف التاريخي للكيان بهذه النسخة البائسة، مكتفيا بفواصل نادرة من الاستعراض الفردي في مربعات بلا قيمة على الأطراف وفي وسط الملعب، مواجها مع مواطنه جول كوندي، نفس مصير هالاند مع روديغر في قمة «البيرنابيو»، حتى فترة استفاقة الفريق الباريسي مطلع الشوط الثاني، التي أسفرت عن قلب التأخر إلى تقدم بهدفين مقابل هدف، منها هدف اشترى به ديمبيلي عداء جمهور ناديه السابق إلى الأبد، بسبب إفراطه في استفزاز الجمهور الكتالوني في احتفاله بالهدف، كرسالة واضحة، بأنه لا يتذكر أي شيء إيجابي في سنوات بداية عقد العشرينات مع ناديه السابق، رغم تمسك برشلونة به في أصعب وأضعف لحظاته في مسيرته، حين كان يُلقب باللاعب الزجاجي، لكثرة الانتكاسات المروعة التي تعرض لها في أغلب فتراته مع الفريق، باستثناء التحسن الطفيف في فترة ما بعد التزامه على يد زوجته المغربية، التي انتشلته من حياة الوحدة والصداقات الفاسدة.
الشاهد عزيزي القارئ، أنه بشهادة المؤيد قبل الغريم والشامت، كان مبابي الحاضر الغائب في قمة الأربعاء الماضي، ولم يتقمص دور البطولة المنتظرة منه في هكذا مواعيد، وهناك من يرى، أن السبب الرئيسي يكمن في رهان كيليان على محاكاة أسلوبه في نهائي كأس العالم وموقعة «كامب نو» الشهيرة، بتطبيق خطة «الاختفاء التام»، واقتصار الظهور على اللمسات القاتلة أمام المرمى، والبعض الآخر يرفع القبعة لتشافي الذي كان موفقا في الدفع بكوندي في طريق مبابي، بعد استبدال مركزه في عمق الهجوم الوهمي بعثمان، الذي بلغة المدربين «فعل كل شيء بمفرده» في الخط الأمامي على مدار 45 دقيقة، في غياب تام لمعاونيه ماركو أسينسيو والرجل المخيب للمباراة، وقد لاحظنا التأثير الفوري في فاعلية وحدة الهجوم بمجرد إشراك برادلي باركولا على حساب القادم من ريال مدريد، حيث كان أشبه بالمتنفس الحقيقي لديمبيلي، كي يعبث بزملاء الأمس بتلك الطريقة «المهينة كرويا» في لقطة هدف التعديل، وبعدها بخمس دقائق في بداية الشوط الثاني، أضاف فيتينا الهدف الثاني من هجمة سريعة، انتهت بانفراد لم يجد صعوبة في استغلاله كما يقول الكتاب، مغالطا الحارس الألماني بتسديدة ماركة الغزال الأسمر تييري هنري، بلمسة أرضية عكس اتجاه حركة الحارس، إلى هنا بدا وكأن البارسا عاد إلى فصوله الباردة العالقة في الأذهان في السنوات القليلة الماضية، على طريقة هزائم روما وليفربول وبايرن ميونيخ في الإقصائيات، لكن كما ندم الريال ومدربه أنشيلوتي على تفويت فرصة قتل النتيجة إكلينيكيا بعد أخذ الأسبقية، تجرع أيضا لويس إنريكي وفريقه من نفس الكأس، وحدث ذلك فور إشراك مفتاح الانتصار المظفر بيدري على حساب سيرجي روبرتو، وشاهدنا الإضافة الهائلة التي قدمها الصغير الإسباني لوسط البارسا في لمسته الأولى، بالأحرى هديته الثمينة لرجل المباراة رافينيا، بتمريرة كربونية لإبداعات المايسترو تشافي في سنوات مجده في وسط برشلونة ومنتخب إسبانيا، حطم بها الوسط والدفاع في المكان المثالي لتحرك رافينيا، الذي بدوره أحسن استغلال الهدية الثمينة، بتوجيه مثالي للتمريرة الساقطة من فوق رؤوس المدافعين، انتهى بتوقيعه على هدف آخر سينمائي ضمن مجموعة الأهداف الهوليوودية التي شهدتها جولة ذهاب دور الثمانية، وكما نقول دائما «الحظ لا يبتسم إلا للمجتهدين»، ابتسمت الكرة لتشافي وفريقه، بعد إمضاء أندرياس كريستينسن على هدف الفوز، وأيضا في أول لمسة بعد دقيقتين من مشاركته على حساب فرينكي دي يونغ، ليحاكي الدور المزدوج الذي يقوم به جون ستونز في بعض الأوقات مع بيب غوارديولا، باللعب على الورق كلاعب ثان على الدائرة لتوفير زيادة عددية في وسط الملعب في كل المواقف في حالات الدفاع، ويتحول إلى مدافع ثالث في المواقف الدفاعية للتصدي للغارات الباريسية العنيفة، في المقابل أُخذ على لويس إنريكي، ما قيل على نطاق واسع بـ«مجاملة» مبابي، بسبب الإبقاء عليه طوال الـ90 دقيقة، على حساب أسماء أخرى مثل كولو مواني وغونزالو راموس، الذي دفع به المدرب في آخر 5 دقائق على حساب فابيان رويز، وغيرها من التفاصيل البسيطة التي ساهمت بشكل أو آخر في عودة الصورة البائسة التي تحاول الإدارة التخلص منها كل موسم، وتكمن في حالة الانهيار البدني وفقدان التركيز بشكل جماعي في مثل هذه المباريات في دوري الأبطال، وسؤال المليون دولار الآن: هل سيرد مبابي على حملات الهجوم عليه بعد ظهوره الباهت في مباراة الذهاب؟ وبالتبعية يعيد إلى الأذهان ويكرر ما فعله في ليلة «هاتريك» ملعب «كامب نو»؟ أم سيواصل البارسا صحوته المتأخرة مع المايسترو بعد إعلان رحيله بشكل رسمي في نهاية الموسم؟ هذا ما سنعرفه بعد غد الثلاثاء.

فوارق الخبرة

على النقيض من التوقعات والترشيحات التي كانت تصب في مصلحة آرسنال على حساب عمله الأسود في نهاية عهده مع دوري الأبطال بايرن ميونيخ، في ظل الطفرة التي يعيشها الفريق في الوقت الحالي تحت قيادة عراّب المشروع ميكيل آرتيتا، الذي ما زال صامدا في عركته الثلاثية مع السيتي وليفربول في الصراع على صدارة الدوري الإنكليزي، إلى جانب عودته إلى ربع نهائي الكأس ذات الأذنين للمرة الأولى منذ ما يلامس العقد ونصف العقد، وتحديدا منذ الخروج من نفس المنافس البافاري في 2010. وفي المقابل، يبصم البايرن على موسم للنسيان تحت قيادة توماس توخيل، الذي يعيش هو الآخر أسابيعه الأخيرة في «آليانز آرينا»، بعد إعلان انفصاله بشكل رسمي عن النادي مع آخر استحقاق في الموسم الجاري، بسبب العروض المخيبة للآمال على المستوى المحلي، التي يصاحبها سلسلة من النتائج الكارثية، التي تسببت في تبخر آمال الفريق في الاحتفاظ بلقبه المفضل البوندسليغا للمرة الثانية عشرة على التوالي، في ظل تأخره عن الحصان الأسود الجامح هذا الموسم باير ليفركوزن بـ16 نقطة حتى وقت كتابة هذه الكلمات، وسبقها ودع كأس ألمانيا من الأدوار الأولى، ومع ذلك، كل ما سبق لم يكن له أي تأثير داخل المستطيل الأخضر، بعد انكشاف فارق الخبرة والاحتكاك والممارسة في هذه المواعيد بين الفريقين، وشاهدنا كيف عاد عملاق البوندسليغا سريعا بعد استقبال هدف بوكايو ساكا المبكر، بهدف العادة عن طريق سيرجي غنابري وآخر من ركلة جزاء كان من الممكن تفاديها، أخذ بها الأمير هاري كاين الأسبقية لفريقه قبل الذهاب إلى غرفة خلع الملابس، قبل أن يعود المدفعجية بأعجوبة في آخر ربع ساعة من زمن المباراة بهجمة نادرة منظمة انتهت بتسديدة مباغتة من لياندرو تروسار، ولولا تعاطف الألواح الخشبية مع أصحاب الأرض، لقتل كومان المباراة في الدقيقة 90، قبل أن يتجاهل الحكم مطالب ساكا، بالحصول على ركلة جزاء بعد سقوطه على الأرض في احتكاك مباشر مع مانويل نوير داخل منطقة الجزاء، لتبقى البطاقة معلقة وقابلة لكل للسيناريوهات عندما يتقابل الفريقيان في «آليانز آرينا» مساء الأربعاء، أما أتلتيكو مدريد، فكان محظوظا بما فيه الكفاية، بعد فوزه على بورسيا دورتموند بهدفين مقابل هدف، في مباراة انتهى شوطها الأول بتقدم الهنود الحمر بهدفين نظيفين، قبل أن يعود اللتشولو إلى عادته القديمة، بالعودة إلى الوراء والاعتماد على الهجمات المعاكسة، ليدفع الثمن، باستقبال هدف من بطل أفريقيا سباستان هيلير في الدقيقة 81، ولولا أن أنابت العارضة عن الحارس أوبلاك في الوقت المحتسب بدل من الضائع، لانتهى اللقاء بالتعادل الإيجابي بهدفين للكل، ما يعني أنه برغم أفضلية الأتلتي في النتيجة بفارق هدف قبل ملحمة «سيغنال أيدونا بارك»، فقد ينجح أسود الفيستيفاليا في التعويض بقليل من الدعم الجنوني المعروف عن جماهيرهم، فهل يا ترى سنكون على موعد مع نصف نهائي بالصبغة الإسبانية الخالصة بتأهل الريال والبارسا والأتلتي؟ أم سيكون للإنكليز والألمان وباريس سان جيرمان رأي آخر؟ دعونا ننتظر ما سيحدث في ليالي إياب ربع النهائي. قراءة مفيدة ومشاهدة ممتعة للجميع.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية