انتقام وصراعات تحبس الأنفاس في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا!

عادل منصور
حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»:بينما ستكون السيدات في سباق مع الزمن لأجل الانتهاء من الأعباء المنزلية المضاعفة في ليلة وقفة عيد الفطر المبارك أكثر من أي وقت مضى على مدار العام، سيكون أغلب الشباب وعشاق الساحرة المستديرة في عالم مواز، حيث ستتوجه أنظار الملايين إلى أعرق ملاعب القارة العجوز لمشاهدة معارك الثمانية الكبار في أم البطولات، والإشارة إلى مواجهات ذهاب الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا، خاصة المباريات التي تفوح منها رائحة الثأر والانتقام، أبرزها وأولها الملحمة الكبرى المنتظرة على ملعب «سانتياغو بيرنابيو» بين صاحب الأرض ريال مدريد وقاهره في النسخة الماضية مانشستر سيتي، تزامنا مع القمة الكلاسيكية الثأرية الأخرى التي تجمع آرسنال بدابته السوداء بايرن ميونيخ على ملعب «الإمارات»، وفي اليوم التالي سيتجدد صراع العروش بين عملاق الليغ1 باريس سان جيرمان وخصمه الكتالوني العنيد برشلونة، في سهرة كروية قابلة لكل الاحتمالات، كما الحال بالنسبة للقاء أصحاب المفاجآت المدوية في مرحلة المجموعات ودور الـ16 أتلتيكو مدريد وبوروسيا دورتموند، والسؤال الذي سنناقشه معا في موضوعنا الأسبوعي: كيف سيكون شكل الصراع في مواجهات دور الثمانية الانتقامية؟

رد الاعتبار

للمرة الثالثة على التوالي والرابعة منذ عصر ما بعد جائحة كورونا، سيتنافس اثنان من أقوى وألمع الفرق العالمية في مراحل خروج المغلوب، متمثلة في نادي القرن الماضي ريال مدريد، بتاريخه العظيم وألقاب يقولون عنها «لا تعد ولا تحصى»، وخصمه مانشستر سيتي، المشهور ببراعته الهجومية وإستراتيجيته المستوحاة من إبداعات مُحدّث اللعبة في الألفية الجديدة بيب غوارديولا، حيث ستكون عيون عالم المركولة المجنونة مثبتة على العظمة المنتظرة من اللوس بلانكوس والسيتيزينز لتقديم مشهد يليق بالسمعة المرموقة للكأس ذات الأذنين، خاصة وأن جُل المؤشرات والأوضاع الحالية تظهر أن المستطيل الأخضر بات مهيأ لموقعة لا تنسى بين العملاقين، في ظل رغبة الميستر كارلو أنشيلوتي في الانتقام، مما عُرفت إعلاميا في ربيع 2023 بفضيحة ملعب «الاتحاد»، التي خسرها الفريق الملكي برباعية نظيفة مع الرأفة في مباراة إياب نصف نهائي النسخة الماضية، هذا في الوقت الذي يبصم فيه الفريق الإسباني على موسم أقل ما يُقال عنه جيدا جدا، بعد الإقصاء من كأس ملك إسبانيا على يد عدو المدينة أتلتيكو مدريد، لكن في المقابل يعزف الميرينغي منفردا في صدارة الدوري الإسباني، بفارق ثماني نقاط عن أقرب مطارديه، وفي بطولته المفضلة دوري الأبطال، حقق المطلوب منه على أكمل وجه، بالرغم من معاناة الفريق من لعنة الإصابات، التي حرمته من حارسه الأول تيبو كورتوا والعناصر الأساسية في مركز قلب الدفاع منذ بداية الموسم، لكن في الجهة المقابلة، كانت فرصة عظيمة لاكتشاف موهبة الحارس الأوكراني أندريه لونين، الذي فاجأ الجميع بمستواه الرائع، كمشروع حارس عالمي بأتم معنى الكلمة، وتجلى ذلك في تصدياته الحاسمة أمام لايبزيغ الألماني، خاصة في مباراة إياب «سانتياغو بيرنابيو»، التي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله، ولولا براعة الحارس العشريني ووقوفه كالغصة في حلق داني أولمو ورفاقه مع ممثل شركة مشروبات الطاقة العالمية، لربما تكررت مأساة أياكس أمستردام في العام 2019، حين اعتقد حامل اللقب آنذاك أن المهمة قد انتهت بعد الفوز على أياكس أمستردام بهدفين لهدف في ملعب «يوهان كرويف آرينا»، ليستيقظ الكبير الأبيض على هزيمة مدوية وصل قوامها لرباعية مقابل هدف، وكان ذلك في الوقت الذي يستعرض فيه السكاي بلوز، قوته المفرطة على كوبنهاغن الدنماركي، بفوز اقتصادي بأقل مجهود بنتيجة 6-2 في مجموع مباراتي الذهاب والعودة في دور الـ16، استكمالا للصحوة السنوية المعتادة للفريق السماوي، التي أعادت النسخة البراقة المحفورة في الأذهان عن سيتي بيب غوارديولا، مقارنة بالصورة البائسة والمتذبذبة التي كان عليها المشروع في النصف الأول، تحديدا فترة تفشي لعنة الإصابات في غرفة خلع الملابس، التي تسببت في ابتعاد العقل المدبر كيفن دي بروين والجوكر جون ستونز لفترة طويلة، والأسوأ كانت سببا في تدهور مستوى أسماء بالاسم، في مقدمتهم فل فودن وبرنارد سيلفا وهالاند وآخرون، قبل أن تعود الأمور إلى نصابها الصحيح منذ بداية العام الجديد.
وهو على مشارف مباراته رقم 200 في دوري أبطال أوروبا كمدرب، سيسعى المدرب الإيطالي جاهدا لتكرار ما فعله مع نفس المنافس في الموسم قبل الماضي، حين نجح الريال في ضم السيتي إلى ضحايا الإنكليز في حملة معانقة الكأس الرابعة عشرة في تاريخ النادي، متسلحا بالتاريخ المستوحى من الماضي، وبالأحرى لغة الأرقام التي تخبرنا بأن الريال لم يعرف طعم الخسارة في آخر 11 مواجهة إقصائية في الدور ربع النهائي، والأهم والأكثر واقعية على أرض الملعب، الحالة الفنية والبدنية الرائعة للقوة الضاربة، فقط القلق أو الخوف المدريدي الوحيد يكمن في التهديد الذي يحاصر الرباعي جود بيلينغهام وإدواردو كامفاينغا وأورلين تشواميني وفينيسيوس جونيور، بإمكانية الغياب عن إياب ملعب «الاتحاد»، في حال تلقى أي منهم البطاقة الصفراء الثانية في سهرة الثلاثاء، مقارنة بالفريق الضيف الذي سيخوض الملحمة بتشكيلة خالية تقريبا من التهديد بالإيقاف، باستثناء قائد الدفاع روبن دياز، الذي يواجه خطر الغياب عن المباراة الثانية، إذا تلقى بطاقة صفراء في زيارة «البيرنابيو»، لكن الشيء الثابت، أن كلا الفريقين في أفضل حالاتهما في فترة ما قبل معركة تكسير العظام، وذلك كما أشرنا أعلاه، بتلك الطريقة الناعمة التي يحكم بها الريال قبضته على صدارة الليغا، آخرها افتراس بلباو بثنائية سهلة في الجولة الـ30 للدوري المحلي.
وبالمثل يقترب السيتي إلى مباراة ذهاب ربع النهائي، بسجل أقل ما يمكن وصفه بالحافل، دليلا على سعي المجموعة وتصميمها على تكرار مجد العام الماضي، كما هو واضح من خلال التشبث بملاحقة ليفربول وآرسنال في الصراع الثلاثي الاستثنائي على لقب الدوري الإنكليزي الممتاز، والجديد هذه المرة، أن فريق غوارديولا، يعتمد على صلابته الدفاعية للخروج بأقل الخسائر من المواجهات الكبرى، آخرها الصمود أمام مدفعجية شمال آرسنال في أول صدام بعد عودة اللاعبين من العطلة الدولية، في مباراة خاضها السيتي بقائمة عريضة من الغيابات المؤثرة واللاعبين المتأثرين بإصاباتهم في توقف الفيفا، على عكس منافسه اللندني الذي لعب المباراة بكل أسلحته الفتاكة، في ليلة كربونية من موقعة الهروب الكبير من «الآنفيلد» بنقطة بطعم الفوز. وبين هذا وذاك، يمضي بيب ورجاله قدما نحو تحقيق باقي الأهداف، بالحصول مع موعد مع تشلسي في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي، والآن يطمحون في قطع خطوة عملاقة نحو المجد الأوروبي، في مباراة تمثل منعطفا حاسما للطرفين في رحلتهم نحو معانقة أعرق كؤوس القارة، ما بين ثقة أنشيلوتي التي لا تتزعزع في قدرات فريقه إلى جانب الاعتقاد السائد لدى شعب مدريد، بالهيمنة المطلقة على القارة منذ الخمسينات وحتى يوم يبعثون، ما يساهم بشكل أو آخر في انفجار جرعة الأدرينالين لدى اللاعبين كلما تقابلوا مع خصوم أقوياء في مراحل خروج المغلوب في البطولة المفضلة للمشجعين. وفي الجانب الآخر الآخر، يبقى الأصلع العبقري، هو العقل المدبر وكلمة السر في التحول الملموس في شخصية المان سيتي في السنوات القليلة الماضية، من فريق بطل بالصبغة المحلية، إلى واحد من كبار أوروبا المتمرسين على الذهاب إلى أبعد ما كان في الإقصائيات، بقيادة ورؤية واضحة استغرقت سنوات حتى يصقل إستراتيجية وشخصية النادي، كي يتمكن من مجاراة عمالقة القارة وينجح في إذلال فريق بحجم اللوس بلانكوس في آخر مواجهة مباشرة بينهما، فهل يا ترى سيكرر ما فعله العام الماضي ويتمكن من استغلال نقاط ضعف الريال وتعطيل قوته الضاربة المتمثلة في التأثير الحيوي لبيلينغهام وبدرجة أقل ومضات المثير للجدل فينيسيوس جونيور؟ أم سيفعلها الميستر كارليتو ويثأر لنفسه ولهيبة النادي؟ دعونا ننتظر ما سيحدث بعد غد.

ثأر الملكة

في قمة كلاسيكية أخرى قابلة لكل الاحتمالات، سيعود بايرن ميونيخ لزيارة مكانه المفضل في عاصمة الضباب أواخر العقد الماضي، ملعب «الإمارات»، وذلك للمرة الأولى منذ الفوز بخماسية مقابل هدف في نهاية عصر الأستاذ آرسين فينغر مع آرسنال، في موقعة أقل ما يُقال عنها «انتقامية بامتياز»، نظرا لتعطش جمهور الغانرز في الثأر لما كانت تعرف بفضائح الكروية، التي بدأت قبل ما يزيد على عقد من الزمن، تحديدا عندما بالغت منصة «بيلد» في استفزاز آرسنال وجماهيره، وبالأخص الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، بذاك العنوان الشهير «ايتها الملكة… بايرن ميونيخ هو ملك لندن»، بعد الفوز الدرامي في قلب ملعب «الإمارات» بنتيجة 3-1 في ذهاب دور الـ16 نسخة 2012-2013، وما تبعه من انتصارات ساحقة في حياة الملكة الراحلة، آخرها التجرع من مرارة الهزيمة بنتيجة 5-1 في آخر 3 مواجهات مباشرة في إقصائيات دوري الأبطال، لكن من حسن حظ عشاق النادي اللندني، أن الأوضاع ستكون مختلفة هذه المرة، بعد تأثر النادي البافاري بما يعرف إعلاميا وبين نشطاء «السوشيال ميديا» بنحس قائد المنتخب الإنكليزي هاري كاين، الذي هرب من ناديه السابق توتنهام، بحثا عن أقصر الطرق نحو الألقاب الجماعية قبل أن يعلق حذاءه، لكن على غير العادة على مدار السنوات الـ11 الماضية، يعيش البايرن، أتعس أوقاته تحت قيادة المدرب توماس توخيل، بسلسلة من الكوابيس والنتائج الكارثية، التي بدأت بالخروج المبكر من كأس ألمانيا، واكتملت بنزيف النقاط في حملة الاحتفاظ بلقب البوندسليغا، والتي وصلت لحد التقهقر خلف المتصدر باير ليفركوزن بـ13 نقطة كاملة، في حدث غير مسبوق، على الأقل لكل من يعرف قواعد اللعبة في الدوري الألماني منذ أواخر التسعينات. وبين هذا وذاك، كان الفريق مهددا بالإقصاء المبكر من مراحل خروج المغلوب، لولا انكشاف ضعف خبرة وتمرس لاتسيو الإيطالي على هكذا مواعيد، لكن في المقابل، يرفع آرسنال تحت قيادة عراّب المشروع ميكيل آرتيتا الشعار المصري الشهير بين جيل الآيفون «اللي هانلمحه هانمرغه»، من خلال تفعيل خاصية «الانتقام السريع والقاسي» من فضائح السنوات الماضية، التي كانت سببا في ضياع ما بناه الغزال الأسمر المدمر تييري هنري وباقي أساطير جيل دوري اللاهزيمة التاريخي، من سمعة وهيبة وحضور وأمور أخرى تسببت في تعلق قلوب الملايين من المشجعين في كل أرجاء العالم بالنادي حتى وقتنا هذا، من فريق اعتادوا على مشاهدته منافسا فوق العادة على الألقاب المحلية في وطن كرة القدم، وخصم لا أحد يتمنى الاصطدام به في قرعة دوري أبطال أوروبا، إلى تلك النسخة الباهتة التي كان عليها في نهاية حقبة فينغر وحتى ظهور بصمة آرتيتا الموسم الماضي، والآن يبدو واضحا وضوح الشمس في ظهيرة الصيف، أن آرتيتا في طريقه للانتقال إلى المستوى التالي في المشروع، والأمر لا يتعلق فقط بانتصاراته المقنعة ونتائجه الإيجابية أمام أغلب خصومه المباشرين في الدوري، مثل كسر العقدة مع المان سيتي بالفوز عليه في المباراة الأولى، وجمع 4 نقاط من مواجهتيه أمام ليفربول، منها انتصار بثلاثية مقابل هدف، نفس نتيجة الفوز المظفر على العدو القديم مانشستر يونايتد في الدور الأول، لكن الشيء الأهم بالنسبة للمشجعين، صمود الفريق وعدم تراجعه إلى الخلف في صراعه مع ليفربول والسيتي على اللقب، دليلا على استفادة المدرب واللاعبين من درس العام الماضي، حين تراجعت النتائج بطريقة صادمة مع بدء العد التنازلي لما يُعرف بشهر الحسم أبريل/ نيسان الفارق في الصراع على الألقاب المحلية والقارية، وبالتبعية ذهبت الصدارة إلى السيتي حتى إطلاق صافرة نهاية الموسم، أما الآن، بالكاد لا يتوقف آرسنال في توجيه الرسائل النارية لخصومه على المستوى المحلي والقاري، وشاهدنا شجاعة اللاعبين في زيارة ملعب «الاتحاد» الأخيرة، التي كانت مغايرة تماما للصورة النمطية المحفورة في الأذهان عن الهزائم والعروض السلبية للمدفعجية في نفس الملعب طيلة السنوات الماضية، وهذا يرجع في المقام الأول إلى براعة المدرب آرتيتا وإصراره على تقليل الفجوة التي كانت كبيرة بين ناديه وبين مان سيتي وليفربول، ومؤشر على أن هزيمة آرسنال لم تعد سهلة كما كان الوضع في السنوات الماضية، في ظل امتلاك المدرب الأدوات اللازمة لإحراج أي منافس سواء على المستوى المحلي أو القاري، كما أظهر أمام حامل لقب دوري أبطال أوروبا، فهل يا ترى سينضم بايرن ميونيخ إلى قائمة ضحايا آرسنال في موسم الانتقام ورد الاعتبار؟ أم سيفعلها توماس توخيل ويقود البايرن لانتصار تقليدي على ضحيته المفضلة في الزمن الجميل حتى في الوضع المأساوي الحالي للفريق؟

الريمونتادا والمفاجأة

بذكريات أشهر «ريمونتادا» في التاريخ المعاصر لكرة القدم، سيتجدد الصراع الذي عادة ما يحبس الأنفاس بين زعيم الأندية الفرنسية باريس سان جيرمان وخصمه الكتالوني الشرس برشلونة، في ما ستكون المواجهة الرابعة بين العملاقين في هذه المرحلة في البطولة، وسط توقعات من قبل صديق الأمس ومنافس اليوم لويس إنريكي، بأن يواصل الجلاد كيليان مبابي، بنفس المستوى الخارق الذي يبدو عليه منذ أن تحرر من قيود الاشاعات حول انتقاله المحتمل إلى ريال مدريد الصيف المقبل، آخرها هدفه الثمين في نصف نهائي كأس فرنسا ضد رين، الذي منح الفريق تأشيرة مواجهة ليون في نهائي مايو/ آيار المقبل، مستعيدا النسخة المخيفة التي كان عليها في آخر مواجهة مباشرة مع الكتالان في الأبطال، حين قلب «كامب نو» فوق رؤوس أصحابه بهاتريك تاريخي في مباراة ذهاب دور الـ16 نسخة 2020-2021، التي انتهت بفوز الضيوف برباعية مقابل هدف، كانت كفيلة بالتأهل إلى الدور ربع النهائي بعد انتهاء إياب «حديقة الأمراء» بهدف لمثله، حيث كان آخر ظهور للبرغوث ليونيل ميسي بقميص البلو غرانا على مستوى دوري الأبطال.
وفي المقابل، يعول المدرب تشافي هيرنانديز، على استمرار الروح القتالية التي تقود البارسا للعودة إلى الحياة رويدا رويدا، مقارنة بالمستوى المتواضع الذي كان عليه في فترة ما قبل إعلان المايسترو عن نيته في المغادرة بلا عودة مع إطلاق صافرة نهاية الموسم الجاري، مستمدا هذا الإلهام من التحول الجذري في عقلية اللاعبين وطريقة تعاملهم مع المباريات، الذي أعاد إلى الأذهان فترة تصحيح المسار في نهاية الموسم، حين تغلب برشلونة على خروجه المبكر من دور المجموعات، بسلسلة من الانتصارات التجارية بنتيجة 1-0، التي كانت سببا في بقاء الفريق في صدارة الليغا، إلى أن حقق اللقب الثمين للمرة الأولى في زمن ما بعد الأسطورة ميسي، والمفارقة أن هذه النتيجة تكررت مرتين في آخر 4 مواجهات على مستوى الليغا، بتخطي ريال مايوركا بهدف لامين يامال الوحيد في الجولة الـ26، وأمام لاس بالماس في عطلة نهاية الأسبوع الماضي بهدف رافينيا، والآن تظهر النتائج وما يقدمه اللاعبون داخل المستطيل الأخضر، أن البارسا عازم على مواصلة زخم الانتصارات بدون توقف، مع مزيج من الفطنة التكتيكية والذكاء الفردي، نفس الشعور السائد داخل غرفة خلع الملابس في «حديقة الأمراء»، بأن الثقة التي يغرسها المدرب الإسباني في الفريق، بدأت تعطي مؤشرات أو علامات لتقدم الفريق داخل الملعب.
فقط تتبقى الخطوة التالية، بأن ينجح مشروع إنريكي مع باريس في اجتياز منافس بحجم برشلونة، بعد تجاوز ريال سوسييداد بكل سهولة وأريحية في دور الـ16، في ما ستكون أشبه بالرسالة الجادة لتأكيد سعي النادي في تحقيق المجد الأوروبي الذي يتصدر قائمة الأولويات منذ انتقال ملكيته إلى صندوق قطر للاستثمارات الرياضية مطلع العقد الماضي، كما أنها ستكون فرصة نادرة لافتكاك بطاقة اللعب في المباراة النهائية للمرة الثانية، بفضل نتائج القرعة التي جعت الريال والمان سيتي في طريق الفائز من بايرن ميونيخ وآرسنال، أما الفائز من باريس والبارسا سينتظر الناجي من حرب أتلتيكو مدريد وبوروسيا دورتموند، ولا ننسى أن برشلونة، يطمح هو الآخر في استعادة مكانه بين النخبة في القارة العجوز، بعد ابتعاده عن الإقصائيات آخر نسختين، وقبلها ودع المسابقة من دور الـ16 على يد «بي إس جي» في الموسم التالي لفضيحة السقوط أمام بايرن ميونيخ بالثمانية في ربع نهائي نسخة كورونا السابقة، ولهذا، ستكون فرصة عظيمة لتشافي وفريقه، لتحسين سمعة النادي التي تضررت بشدة منذ تبعات الخسارة من ليفربول برباعية نظيفة في إياب نصف نهائي عام 2019، إلى جانب حاجة الإدارة إلى المكافآت المادية وعوائد البث التلفزيوني والإعلانات باهظة الثمن لمباراتي نصف النهائي، لإسراع وتيرة الخلاص من الأزمة المالية الطاحنة التي تعصف بالكيان منذ جرائم الرئيس السابق بارتوميو، التي وصلت بالنادي إلى حافة الإفلاس، نتيجة الإنفاق الهائل على أجور اللاعبين والصفقات الجديدة عديمة الفائدة، وغيرها من التفاصيل التي تعكس أهمية المواجهة ومدى تأثيرها على ما تبقى من موسم الفريقين، وسط إجماع من قبل النقاد والمتابعين، على أنها ستكون مباراة خارج التوقعات، كما الحال بالنسبة للمباراة الأقل اهتماما ومشاهدة في هذه المرحلة، التي ستجمع الحصان الأسود للبطولة حتى الآن بوروسيا دورتموند، بأتلتيكو مدريد العائد هذا العام بصورة مختلفة تماما، كفريق يقدم كرة قدم هجومية ولا يكل ولا يمل من تسجيل الأهداف، على عكس الصورة السوداوية المعروفة عن أتلتي دييغو سيميوني طيلة العقد الماضي، لكن هذا لا يعني أن فريق الهنود الحمر سيكون على موعد مع نزهة سهلة، بل اختبار معقد، أمام ذاك المنافس الذي سرق صدارة مجموعة الموت من باريس سان جيرمان وأطاح بالثنائي ميلان ونيوكاسل يونايتد من البطولة، ثم استكمل مغامراته بإقصاء آيندهوفن، وتبعها بصحوة محلية، أسفرت الأسبوع الماضي عن فوز لا يقدر بثمن على بايرن ميونيخ بثنائية نظيفة، فهل سيواصل فريق أسود الفيستيفاليا عروضه المميزة على المستوى القاري هذا الموسم؟ أم سيكمل الأتلتي صحوته بعد إقصاء وصيف النسخة الماضية ومتصدر الدوري الإيطالي الإنتر في المرحلة الماضية؟ دعونا ننتظر ما سيحدث في سهرتي عيد الفطر المبارك.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية