لسموتريتش: دولتك هشة بين النهر والبحر.. وطابعها الاستيطاني سيجلب “المذبحة الكبرى”

حجم الخط
0

“أولاً، الاستيطان يخلق الأمن. والجنود لا يحمون المستوطنين، بل المستوطنون هم القطاع الأمني لدولة إسرائيل، فلو كان هناك مستوطنون، لما حدثت مذبحة 7 أكتوبر”، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في مقابلة مع “أخبار كان” في بداية الشهر.
سموتريتش مخطئ ومضلل. في 7 أكتوبر كان هناك أيضاً مستوطنون في منطقة المذبحة، لكنهم لم يمنعوا حدوثها فحسب، بل وفقدوا حياتهم فيها. سكان النقب الغربي الذين قتلوا على يد الحيوانات البشرية الحمساوية، الذين اقتحموا أسوار سجن غزة، كانوا مستوطنين. هذا الأمر يسري على ضحايا وادي القتل في حفلة “نوفا”، الذين جاءوا إلى حفلة الموت من الأجزاء المختلفة للاستيطان الإسرائيلي بين البحر والنهر.
من عام 1967 فما بعد، ومنذ تحولت إسرائيل من دولة قومية مع حدود دولية إلى حركة قومية – استيطانية، شبه دولة، وجد معظم مواطنيها أنفسهم مشاركين في مشروع المضي بالاستيطان خلف الخط الأخضر، الهادف إلى إبعاد شعب محلي عن أرضه، والنتيجة الحتمية هي خلق الاحتكاك والمواجهات العنيفة والمستمرة مع هذا الشعب. أصبح الإسرائيليون في الـ 56 سنة الأخيرة مستوطنين، لا لأنهم يمولون مشروع الاستيطان في مناطق الـ 1967 بأموال الضرائب فحسب، بل لأنه في ظل غياب حدود سياسية معترف بها ومتفق عليها بين إسرائيل والشعب الفلسطيني فإن جميع الإسرائيليين في المقدمة، وبشكل نادر أيضاً غير اليهود، ضحايا محتملون للمقاومة العنيفة للاستيطان. في نهاية المطاف، أن تكون مستوطناً، الفئة شبه العسكرية أكثر مما هي مدنية، يعني أن تكون معرضاً لهجمات السكان الحاليين في الفضاء الذي يشكل هدفاً للاستيطان. بهذا المعنى، فإن المستوطنين هم المواطنون الذين يستوطنون في الضفة الغربية والمواطنون الإسرائيليون الذين هم داخل الخط الأخضر.
لقد كان يتوقع من سموتريتش وأتباع أيديولوجيا “أرض إسرائيل الكاملة”، الذين يتنون “حكم نتساريم مثل حكم تل أبيب” هو مفهوم ساري المفعول أيضاً بعد الانفصال عن قطاع غزة، كان يتوقع منهم الاعتراف بأن ضحايا 7 أكتوبر كانوا من المستوطنين، بالضبط مثل المستوطنين في “يهودا والسامرة” في الوقت الحالي، أو المستوطنين في “غوش قطيف” سابقاً. ولكن في حينه، كان على سموتريتش الاعتراف بحقيقة أن سكان كيبوتسات غلاف غزة هم مستوطنون لم تمنع فقط المذبحة، بل كانت في الحقيقة هي سبب حدوثها.
نتيجة لذلك، كان عليه الاعتراف أيضاً بأنه لولا الانفصال لكان مستوطنو “غوش قطيف” ضحايا مذبحة مثل التي حدثت في 7 أكتوبر. المعنى، إن الانفصال الحقير ربما هو ما أنقذ حياتهم. في نهاية المطاف، وبعد أن يعترف بكل ذلك، كان عليه التوصل إلى الاستنتاج المطلوب؛ أن التوق للعودة إلى إقطاع غزة أمر تافه أمنياً، وأن الطريقة الوحيدة لمنع المذبحة القادمة هي وضع حد للطابع الاستيطاني الهش لوجود إسرائيل بين البحر والنهر، من خلال تحقيق تسوية سياسية دائمة بين دولة إسرائيل ودولة فلسطين، بضمانة العالم الحر ودول المنطقة.
في خطابه في الكونغرس الصهيوني الـ 22 (16/12/1946) أحسن دافيد بن غوريون صياغة المبدأ الأساسي الواقعي – التاريخي، الذي يلزم الصهيونية: “فقط هكذا، مفهوم مناهض للصهيونية”، معنى ذلك، أن ما خدم أهداف الصهيونية في السابق، قد يقوضها في الحاضر، وأن على الصهيونية أن تعرف كيفية ملاءمة طرق عملها مع تغيرات الوقت. هذا الفهم ما زال يسري بشكل واضح بخصوص قضية الاستيطان. لا خلاف بأنه وقبل قيام الدولة، كان الحلم بالاستيطان يعتبر وسيلة حيوية لتحقيق الهدف السياسي الأسمى للصهيونية – تقرير المصير القومي للشعب اليهودي في أرض إسرائيل.
لكن في الوقت الحالي، بعد إقامة دولة إسرائيل، بات الاستيطان اليهودي غير المحدود في أرض إسرائيل يعرض أمن إسرائيل للخطر ويعمل على تآكل مكانتها الدولية إلى درجة نزع شرعيتها، وبذلك يساهم في تقويض أسس وجود الصهيونية. في الوقت نفسه، فإن الاستيطان وروحه المتغلغلة بين المواطنين اليهود في إسرائيل، تجعل المذبحة التالية للمستوطنين أقرب – خلف الخط الأخضر أو داخله. لذلك، فإن أيديولوجيا الاستيطان باتت في جذور الوجود اليهودي في دولة إسرائيل، ولذلك فإن كل من يضعون سلامة الدولة وأمن مواطنيها في مقدمة اهتماماتهم، عليهم شن حملة فكرية وسياسية مضادة لهذه الأيديولوجيا.
ديمتري شومسكي
هآرتس 22/2/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية