غروندبرغ يحذر من خطورة “اللحظة الراهنة” للسلام في اليمن: لقد تعقّد مسار الوساطة بشكل كبير  

أحمد الأغبري
حجم الخط
0

صنعاء- “القدس العربي”: لأول مرة منذ تعيينه مبعوثًا خاصًا للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، عام 2021م، خلفًا للبريطاني، مارتن غريفتث، بدا الوسيط الأممي السويدي هانس غروندبرغ محبطًا بعض الشيء، في إحاطته، اليوم الإثنين، أمام مجلس الأمن الدولي، بشأن التطورات الأخيرة، واللحظة الراهنة لجهود السلام في اليمن.

لقد حذر غروندبرغ، بصراحة غير معهودة في إحاطاته السابقة، من “المجازفة” بفرصة تحقيق السلام هناك، واستمرار إهمالها وتركها في “غرفة الانتظار” والمضي في مسار التصعيد، لأن العواقب ستكون كارثية، ليس على اليمن فقط، بل على المنطقة كلّها، على حدّ قوله.

وقال المبعوث الأممي إن الأحداث الإقليمية قد أدت إلى تعقيد مسار الوساطة بشكل كبير، في تصريح هو الأول له يكشف فيه مخاوفه من تداعيات استمرار التصعيد، واستمرار تجاهل الوضع هناك.

وأكد أهمية إنهاء الحرب في غزة، والوقف الكامل للهجمات البحرية، “ما لم يحدث فإن التهديد ما يزال قائمًا”، معتبرًا أن التصعيد الإيراني الإسرائيلي “يؤكد هذا الإلحاح”.

غروندبرغ: في غياب وقف إطلاق النار في غزة، والإنهاء الكامل للهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن، فإن التهديد بمزيد من التصعيد لا يزال قائمًا

وشدد المبعوث الأممي على أهمية عدم ربط حل الصراع في اليمن بحل القضايا الأخرى، وعدم المخاطرة بفرصة تحقيق السلام هناك وتحويلها إلى “أضرار جانبية”، في إشارة إلى ربط الهجمات البحرية بعملية السلام في اليمن، أو ربطها باشتراطات جديدة.

وقال: “أعتقد بقوة أننا مدينون لليمنيين بضمان ألا يكون حل الصراع في اليمن مشروطًا بتسوية القضايا الأخرى. يجب ألا نجازف بفرصة اليمن في تحقيق السلام وتحويلها إلى خسائر ثانوية”.

وتحدث عما شاب مسار الوساطة الأممية من تعقيد، مشيرًا، في ذات الوقت، إلى ما حققته الأطراف اليمنية من توافق على مجموعة من (الالتزامات) ضمن ما تُعرف بخارطة الطريق، نهاية العام الماضي، معربًا عن سوء الحظ لتعثر المسار بسبب الأحداث الإقليمية، في إشارة إلى حرب غزة وتصعيد الحوثيين لهجماتهم البحرية.

وقال: “في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعربت الأطراف لي عن استعدادها لتفعيل مجموعة من الالتزامات من خلال خارطة طريق الأمم المتحدة. ولسوء الحظ، تعثر الزخم نحو التوصل إلى اتفاق بسبب الأحداث الإقليمية، التي أدت إلى تعقيد مجال الوساطة بشكل كبير”.

واعتبر أن التطورات الأخيرة المتعلقة بإيران وإسرائيل تؤكد مدى إلحاح أهمية وقف إطلاق النار في غزة، وإيقاف الهجمات في البحر الأحمر.

وقال: “في غياب وقف إطلاق النار في غزة، والإنهاء الكامل للهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن، فإن التهديد بمزيد من التصعيد لا يزال قائمًا. التطورات الأخيرة المتعلقة بإيران وإسرائيل تؤكد مدى إلحاح هذه المسألة”.

وحذر من استمرار ترك العملية السياسية في اليمن في غرفة الانتظار باعتبارها قضية مؤجلة أو غير ذات أولوية؛ لأن عواقب ذلك ستكون كارثية حد تعبيره.

وقال:” إذا أهملنا العملية السياسية في اليمن، وواصلنا السير على مسار التصعيد، فقد تكون العواقب وخيمة، ليس على اليمن فحسب، بل وعلى المنطقة بأكملها”، في إشارة إلى ما سينجم عن استئناف الحرب وتمددها، وبالتالي صعوبة العودة إلى ما كان قد تم تحقيقه.

وأضاف: “إن الانخراط مع الأطراف والعمل على خارطة الطريق وعناصرها يمكن أن يفتح آفاقًا للحوار”، في إشارة إلى أهمية تجاوب الأطراف مع دعوات المضي في مسار استكمال التوقيع على مسودة خارطة الطريق.

وحذر من التصعيد الأحادي وتأثيره على صعيد تعقيد مسار الحوار.

ودعا “الأطراف إلى الامتناع عن الإجراءات التصعيدية الأحادية الجانب والانخراط في حوار بحسن نية تحت رعاية الأمم المتحدة لإيجاد حلول مشتركة من خلال التعاون، وتحويل النزاعات إلى فرص للسير على الطريق نحو الازدهار المشترك”.

وأكد هانس غروندبرغ خطورة اللحظة الراهنة في الشرق الأوسط، مشاطرًا قلق الأمين العام للمنظمة الدولية بشأن خطر التصعيد ومطالبته جميع الأطراف ضبط النفس.

وقال: “إننا نجتمع في لحظة خطيرة بشكل خاص في الشرق الأوسط. إن الحاجة إلى وقف التصعيد الإقليمي باتت ضرورة ملحة. أشاطر الأمين العام غوتيريش قلقه بشأن خطر التصعيد الإقليمي ودعوته لجميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

 وأشار إلى أن شهر رمضان كان فرصة للأطراف اليمنية لتجاوز الخلافات وتعزيز الأمل وبناء الثقة، لافتًا إلى ما تحقق في العام الماضي على صعيد إطلاق الأسرى.

 وأعرب عن انزعاجه من تراجع مساحة الاتفاق وتضييق أفق بناء الثقة في الوقت الراهن جراء التباين المتزايد.

وقال: “بدلاً من تضييق الخلافات وبناء الثقة، أشعر بالانزعاج من التباين المتزايد الواضح بين الطرفين”.

وأشار إلى خطورة الحرب الاقتصادية الراهنة بين الأطراف المتنازعة، والتي يتمثل آخر فصولها في إصدار البنك المركزي بصنعاء عملة معدنية جديدة، واتخاذ البنك المركزي بعدن قرارات، منها قرار بنقل كافة المراكز الرئيسية للبنوك التجارية من صنعاء إلى عدن.

وقال: “على الصعيد الاقتصادي، ينخرط الطرفان في إجراءات أحادية تهدد بزيادة تشعب النظام الاقتصادي. إن التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني تتطلب استجابة إستراتيجية ومنسقة تتماشى مع التسوية طويلة المدى للصراع”.

غروندبرغ: هناك إجراءات أحادية تهدد بزيادة تشعب النظام الاقتصادي. إن التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني تتطلب استجابة إستراتيجية ومنسقة تتماشى مع التسوية طويلة المدى للصراع

على صعيد الوضع العسكري، ذكر المبعوث الأممي أنه ما يزال تحت السيطرة، مقارنة بما قبل 2022، لكنه حذر مما اعتبرها أعمالاً تصعيدية شهدتها الآونة الأخيرة.

 وقال: “بينما لا يزال الوضع العسكري في جميع أنحاء البلاد تحت السيطرة، مقارنة بالوضع قبل أبريل/نيسان 2022، فقد شهدنا، مؤخرًا، تصعيدًا للأعمال العدائية على عدة جبهات أمامية”.

وأكد حاجة اليمنيين في الوقت الراهن لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد كلها، وتحسين الظروف المعيشية، واستئناف عملية سياسية شاملة.

وقال: “ما يحتاجه اليمنيون في نهاية المطاف هو وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، وتحسين الظروف المعيشية، واستئناف عملية سياسية شاملة تشرك بشكل هادف مجموعة واسعة من الأصوات، بمن في ذلك النساء والشباب والمجتمع المدني والفئات المهمشة”.

وأضاف: “يجب على المنطقة، بدعم من المجتمع الدولي، أن تبحث عن سبل للتعايش على أساس بناء الثقة المتزايد والأمن المتبادل والخروج عن عقلية المحصلة الصفرية المتمثلة في تحقيق النصر على حساب الآخر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية