عن رحيل فوزية المرعي: رحلة من المثابرة والإيمان بالكتابة

أسامة الخلف
حجم الخط
0

الرقة: تجربة الشاعرة والكاتبة فوزية المرعي (1948 ـ 2024) تعد حالة لافتة، وتمثل بدورها حالة الكثير من النساء ومحاولاتهن الخروج من القيود الاجتماعية المفروضة.
ورغم أنها بدأت نشر أعمالها المتنوعة من شعر وقصص، ورواية في آواخر التسعينيات من القرن الفائت، إلا أن فكرة الوقت لم تكن في حسبانها.
وبغض النظر عن تقييم ما تكتب، حيث ينتمي معظمة للأدب العربي الكلاسيكي، إلا أنها تفاعلت اجتماعياً من خلال نشاطها في عدة جمعيات، وكذا مؤسسة أول صالون أدبي نسائي في المنطقة الشرقية في سوريا (منتدى فوزية المرعي) الذي استمر حتى دخول داعش المدينة وتدمير كل شيء. في التقرير التالي بعض من سيرتها من خلال الحوارات واللقاءات الصحافية، وكذا المواقع الإلكترونية..

مس من الجن

بسؤالها عن تحديد بداياتها مع الكتابة، تقول الراحلة، إن البدايات لا يمكن حصرها وفق تاريخ محدد، وتذكُر قائلة.. «كانت تتلبسني حالات من الهذيان في الشعر والقصة، كنت أكتبها على صفحات الذاكرة، وكنت لا أجرؤ على البوح، خشية الحكم عليّ بالجنون، كما كانت تطلق عليّ أمي، حيث كانت تصغي إليّ حين أهذي بصوت مرتفع. وسمعتها ذات يوم وهي تشكو وضعي لإحدى الجارات، فتشير إليها أن تأخذني إلى أحد المشايخ، خشية أن أكون قد أصابني مس من الجنون».

حرية الكتابة والحياة

وعن فكرة الحرية من وجهة نظرها تقول.. «عانيت أنا وقريناتي من ضغط الأهل والحي والأقارب، ومن المدينة ككل، ولذت بأستار الصمت، وعندما بلغت مرحلة الوعي، وأصبحت في بيت الزوجية تمردتُ على الجميع، وأدركت أن من حقي أن أتخذ جميع قراراتي بعيداً عن الاكتراث بتلك المعوقات». وتضيف.. «وللأسف الشديد جميع المبدعين في أمتنا العربية محاصرون بثالوث يعلمه الجميع (الجنس والدين والسياسة) ومَن يتجاوز أحد تلك المحظورات فإن السجن في انتظاره، لذا يلجأ أغلب الروائيين للهروب إلى أوروبا وأمريكا بعيداً عن القيود، فيبدعون بنتاجهم لدرجة الإدهاش».
(مجلة سيوان العدد 11، ربيع 2022).

المرأة

وفي مناسبة أخرى تذكر الكاتبة أن أنشطتها الاجتماعية تنصب بشكل أساسي على المرأة الريفية، كونها تعتبر الفئة الأكثر تهميشاً في ظل الأحكام العشائرية السائدة والمجتمع الريفي، وتقول.. «نسعى إلى نشر الوعي والثقافة لتشجيعها، ولدفعها لإحياء وتنمية مواهبها، كما نعمل على تزويد النساء بتجارب وخبرات متنوعة تزيد من المستوى الثقافي والإبداعي لديهن، للقضاء على كل أشكال الجهل وللوصول إلى بناء أسرة متحررة ومجتمع حر ديمقراطي يسوده العدل والمساواة بين الجنسين».
ونختتم ببعض الأبيات، التي ذكر أحد المواقع أن الكاتبة دونتها على صفحتها في «فيسبوك»، قبل رحيلها بأيام، قائلة:
حتى البنفسج ساجٍ يخونُ عطرَ وصالي
رباهُ يا وهج توقي لغيرك لا لن أبالي
لا البيتُ أصبحَ بيتي ولا الديار دياري».

بيبلوغرفيا

فوزية المرعي من مواليد مدينة الرقة عام 1948، عضو اتحاد الكتاب العـرب منذ التسعينيات. أمينة سر جمعية العاديات في الرقة وعضو لجنة إحياء المدينة القديمة.
المجموعات القصصية.. «بحيرة الشمـع» 1999، «خلف ذاكرة الإبصار» 2002، «الهباري» 2003، «الرشفات» 2005، «هديل على مقام النوى» 2009.
الشعر.. «قناديل الوجد» ـ الجزء الأول ـ 1998، والثاني 1999، «وهدن الصمت» 2003.
الرواية.. «غريبة بين الشاهدة والقبر» 1999، «قارب عشتار» 2007. وكذا عدة أبحاث متنوعة، منها.. «لباس المرأة الرقيّة» «الموسيقى العربية وأثرها على الغرب» «المطبخ الرقّي» «الزرادشتية، الشركس».
كما نالت بعض الجوائز، مثل.. جائزة القصة القصيرة في اتحاد الكتّاب العرب ـ الرقّة، جائزة القصة القصيرة في مديرية الثقافة، وجائزة الإبداع والوفاء ـ الرقّة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية