التحرش وابتزاز النساء في الرقة بين مطرقة الخوف من المجتمع العشائري وسندان القانون الرادع

أسامة الخلف
حجم الخط
0

يغلب النمط العشائري القبلي على المناخ العام السائد في مجتمع مدينة الرقة، الذي يحمل في طياته تيارات العرف والعادات والتقاليد الحميدة منها والعصبية الهوجاء.
وتسود أحكام وأعراف تمس المرأة بالمجتمع في ما يتعلق بالعفة والشيمة والكرامة للعشيرة، بالمقابل تنطبق أحكام لا شفاعة فيها على الأنثى في حال ثبوت خلل يمس السمعة والشرف، دون الأخذ بعين الاعتبار دفاعها عن نفسها أو إثبات النفي، ما يجعل المرأة الحلقة الأضعف التي تتجه العديد من الذئاب البشرية نحوها بابتزاز أو تهديد يخالف الأعراف الإنسانية.
تقول عبير 34 عاما وهو اسم مستعار بحديث فضلت فيه عدم ذكر إسمها :»منذ خروجنا وأختي وأمي من مخيم الهول عام 2019 والمجتمع ينبذ وجودنا، وكوننا عائدات من مخيم الهول اضطررنا للسكن في منزل في منطقة حي البدو بالرقة، واستطعنا العمل بمجال الخياطة والمؤونة المنزلية لنسد حاجيات العائلة والمصاريف».
وتتابع: منذ ما يقارب العام افتتحت محلا للخياطة النسائية في شارع 23 شباط بالرقة، وكان العمل جيدا ومناسبا لي ولأختي، كونه يقتصر على النساء. بدأت تتوارد إلى رقمي الواتسآب، رسائل من رقم غريب أمريكي مستعار بين تهديد ووعيد، بادئاً المحادثة بأنه يعرفني وقد تسلل إلى المحل والتقط لي صورا خاصة حسب قوله وأنه سينشرها في حال لم أدفع ثمن تلك الصور 300 دولار مبدئيا.
حاولت معرفة الشخص والاتصال معه عدة مرات مكذبة ادعاءاته لكنه أرسل صورة لواجهة المحل، وصورة لي وأنا أعمل، ما أثار خوفي جدا، سيما وأنه هدد بإرسال الصور ورجائي له بعدم النشر في محادثة الواتسآب.
إنني بحق في ورطة كبيرة تضيف عبير، فالعشيرة لن ترحمني وأختي ولن ترى أن ما جرى هو تهديد وتصوير لي بالمحل وأنا أعمل، وأن كل ما يحصل هو ابتزاز.
وفي سياق متصل تقول حليمة 38 عاما وتقطن في منطقة الحديقة البيضاء بالرقة: «منذ نزوحنا من مناطقنا بريف دير الزور الشرقي، ونحن نلاقي الأمرين في استئجار السكن نتيجة الغلاء والشروط المجحفة من قبل أصحابها وأصحاب المكاتب العقارية. وكوني أعمل مع اختي ووالدي في مجال صناعة المعجنات المنزلية والحلويات، فقد استطعت استئجار منزل ملائم لعائلتنا عن طريق أحد المكاتب العقارية في شمال الحديقة البيضاء».
وتتابع حليمة: فرض صاحب المكتب العقاري شرط دفع إيجار ستة أشهر مقبوض منها فقط ثلاثة أشهر، وبعد انقضاء الثلاثة أشهر، بدأ يتواصل معي عبر تطبيق الواتسآب وطلب مني التوجه إلى مكتبه، وبالفعل ذهبت واصطحبت معي ابنتي الصغيرة، فبادرني بالسؤال، لماذا اصطحبتي الصغيرة معك، فأنا أريد نقاشك وحدك بمسألة المنزل، فتجهمت وقلت له: قل ما لديك بما يخص المنزل فقط، فقال: بقي على العقد شهران وإن كنت تريدين البقاء فأنا أضمن لك ذلك، وأنا أكتب بيني وبينك عقدين، عقد زواج عرفي، وعقد سنوي للمنزل.
وتتابع: «انفعلت من كلامه وتلمحياته الوضيعة، وصرخت بوجهه، بيني وبينك القانون، فقال بسخرية: القانون نحن نكتبه عالورق والناس شافتك عندي بالمكتب، وفكري بالعرض».

الخوف من تداعيات الإبلاغ

يقول الناشط الإعلامي أبوعدي من الرقة» :إن ما تتعرض له العازبة أو المتزوجة من ابتزاز وانتهاكات من ضعفاء النفوس، وعدم استطاعتهن الشكوى أو الكلام، هو الخوف من تداعيات أي أمر تحت مسمى جرائم الشرف، في حين يبقى الفاعل وضعفاء النفوس دون حسيب أو رقيب، خاصة خوف النساء من التقدم بالشكوى لأي جهة أمنية خوفا من الفضيحة التي يعاقب عليها المجتمع ولا يرحم فيها المرأة. وهو ما أنتج فئة من ضعفاء النفوس والاستغلاليين خاصة بمجال الجريمة الإلكترونية الأخلاقية، وتهديد المستخدمات من الشابات والنساء بنشر صور شخصية والوعيد بغية السلب والابتزاز المادي والأخلاقي».
وضجت وسائل التواصل الاجتماعي في شباط/فبراير الماضي، بمقطع فيديو يوثق حادثة اعتداء عدد من الأشخاص على شقيقتين بالضرب المبرح بداعي الشرف في منطقة تل السمن بريف مدينة الرقة الشمالي.
وأظهر مقطع فيديو أحد الأشخاص وهو ينهال بعصا بيده على فتاة ملقاة على الأرض، ثم يقوم بركلها بقدميه فيما شوهد شخص آخر يقف إلى جانبه.
ووفق الفيديو يتابع تعذيب الفتاة قبل أن ينضم شخص ثالث ليقوم بضرب الفتاة التي كانت تستغيث.
ونرى شخصا وهو ينزل من عربة صغيرة ويأخذ العصا من الشخص الأول ويواصل ضربها بوحشية.
ويسمع الفتاة وهي تصرخ «والله بنية» في إشارة إلى عذريتها ولكن المعتدين يواصلون تعذيبها.
وكشفت رئيسة هيئة المرأة في الإدارة الذاتية، اسم الشقيقتين وأضافت أن «الشقيقتين حالياً لدى دور المرأة لحمايتهما» وفقاً لقولها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية