«شماريخ» علي جمعة.. انتبه إنهم يخططون لارتكاب جريمة!

حجم الخط
0

كان ينبغي أن نعلم أنهم يخططون لجريمة، فقد شهد الأسبوع الماضي منذ بدايته رشقة من الفتاوى التلفزيونية المثيرة، وفي أكثر من قناة وبرنامج، فكان من الطبيعي أن ننتبه إلى أنها عملية إلهاء لما هو آت، حيث انتهى هذا الأسبوع بزيادة في أسعار الوقود، بنسب تصل إلى 21 في المئة، وكانت الطامة الكبرى في ارتفاع أنبوبة الغاز من 75 إلى مئة جنيه!
ولأن أهل الحكم هم من يديرون المشهد الإعلامي في المحروسة إدارة كاملة، فقد تعودنا على الترويج للأقوال المثيرة، مع الوضع في الحسبان أنهم يفتقدون للخيال ولملكة الابداع، لذا تنقصهم القدرة على التجديد، وكثير من الفتاوى المثيرة، قيلت من قبل للهدف ذاته، مثل عدم جواز خدمة المرأة لزوجها وأولادها، وأن الجنة ليست حكراً على المسلمين، لكن الجديد هذه المرة أنه ليس قولاً واحداً، ولكن أقوالاً عدة، والقائل ليس واحداً، ولكن عدة أشخاص، ومن المفتي السابق علي جمعة، إلى مطرب الموسم وكل موسم أحمد كريمة، إلى الهوامش مثل محمد أبو بكر، وسعاد صالح، الذي كنت أعتقد لغيابها أنها ماتت، فتبين أنها على قيد الحياة، وجاءت لتنشر قولاً شاذاً أن التدخين في نهار رفض لا يفطر، لزوم الإثارة، وذلك في مهمة لفت الانتباه عن ما يخطط له أهل الحكم!

ما بين علي جمعة ومحمد رمضان

لم يعد أحد يقدم على مشاهدة القنوات التلفزيونية المصرية، رغم هذه الإثارة، فيتم الاكتفاء بمشاهدة مقاطع الفيديو عبر السوشيال ميديا، ومن هنا فقد تتبعت أقوال نجوم الإثارة في الأسبوع الماضي، لرصد مصدر اطلاقها، وإذ عرف السبب فقد بطل العجب!
فعلي جمعة، مفتي الإثارة جيء به لهذا السبب في برنامج من بابه يحمل اسم «نور الدين»، ليقدمه خلال الشهر الفضيل، وهو يقدمه عبر قناة مملوكة لأهل الحكم هي «سي بي سي»، ورحم الله أياما كان بعض السذج يعتقدون أنها وجريدة «الوطن» ملك لرجل الأعمال محمد الأمين (مات في السجن)، ولم نعرف له أعمالاً، وعندما ظهر في المشهد لأول مرة باعتباره رجل الإعلام القوي، كان الرد على سؤال من أين له هذا بأنه عمل عشرين سنة في إحدى دول الخليج، فكتبت أنه لو كان هناك يعمل أميراً في هذه المدة، فلن يمكنه أن يدخر للاستثمار في هذه الصناعة الثقيلة، وثبت أن شكوكي في محلها، وأن الرجل كان ينوب عن جهات ما، استردت وديعتها، وسجنته وفضحته قبل السجن، ليموت في محبسه، ونشاهد عزاء له متواضعاً في مسقط رأسه في بني سويف (كانت هذه المرة الأولى التي نعرف مسقط رأسه)، وإذا بالسرادق خال من المعزين، بما لا يتفق مع طبيعة أهل القرى!
لم يترك أهل الحكم ثغرة يمكن أن يقولوا من خلالها إن البرنامج لا يخصهم، وإنه فكرة القائمين على إدارة القناة، فبرنامج علي جمعة من انتاج قسم البرامج في الشركة المتحدة، وقد ظهر اسم المنتج تامر حسني، الذي يظهر على الأعمال الدرامية الخاصة بالمتحدة، حتى اعتقدت في البداية أنه نهاية لمسلسل، فأعدت البرنامج من بدايته لاكتشف أنه منتج البرنامج، في زمن الندرة، حيث أنها «دولة على الضيق»، وعدد الأشخاص الذين يتشكل منهم النظام القائم، هم قلة، فتوزع عليهم المغانم بالكوم، فأحدهم مذيع، ورئيس تحرير لجريدة، ورئيس قطاع في المتحدة، ومشرف على قناة تلفزيونية، وكذلك تامر مرسي، منتج للمسلسلات ولبرنامج للفتاوى، ربما لأننا في زمن «الكشكول»، وربما أنه لا فروق جوهرية بين البرنامج والمسلسل، وبين الفتوى والدراما، وبين «نور الدين» و»الحشاشين»، وبين علي جمعة ومحمد رمضان!

«شماريخ» مسلسل الهواة

في كل يوم في برنامج يطلق علي جمعة شماريخه الفقهية، في وقت تطارد فيه الشرطة المحال التجارية التي تبيع هذه الشماريخ ليعبث بها الأطفال ويثيروا الذعر، وقد استخدمت هذه الشماريخ في تصوير مسلسل «المعلم»، وكان نتيجة قيام الهواة على الأمر هو حريق شب في الأستوديو فأجهز عليه، وألحق أضراراً كبيرة بعدد من البنايات المجاورة، فذهب رئيس الحكومة إلى هناك وتمدد وهو يعلن عن تعويض الحكومة لكل أسرة بخمسة عشر ألف جنيه، وهو رقم زهيد للغاية، بدلاً من أن تقوم الشركة المتحدة المنتجة للعمل بتعويض الأهالي تعويضاً حقيقياً وعادلاً!
علي جمعة انهمك في قضايا الاثارة الجنسية، عن «البكيني» وغيره، وهذه رشقة من الشماريخ، وفي رشقة أخرى أفتى أن الجنة ليست حكراً على المسلمين وحدهم، وأنه وارد أن يلغي الله النار يوم القيامة ويدخل كل الناس الجنة في الآخرة، وهذا نسف لما هو معلوم من الدين بالضرورة عن وجود الجنة والنار، والثواب والعقاب، وأن من يعمل مثقال ذرة خيراً يرى ومن يعمل مثقال ذرة شراً يرى، وإن من الذنوب ما لا يكفرها صيام أو صلاة، مثل الجريمة التي ارتكبت في «رابعة» و»النهضة»، وكان علي جمعة نفسه أحد المحرضين عليها، وهو يقول للحاضرين من أبناء القوات المسلحة «اضرب في المليان»، فهل ذهبت السكرة وحلت الفكرة، ومن ارتكبوا هذه المجازر الآن صاروا أكثر قلقاً من العذاب، فثبت فؤادهم بجواز إلغاء النار ليدخل الناس جمعيا الجنة.. القاتل والمقتول؟!
في «سي بي سي» قال علي جمعة إن الجنة ليست حكراً على المسلمين، فأوب معه أحمد كريمة في قناة «صدى البلد»، وقال القول نفسه، وهو أداء في الحقيقة يتفق مع روح المرحلة، عندما يتم الحديث في أمور الدين، وفي الآخرة، وفي التعامل مع الله سبحانه وتعالى، بخفة. انظر إلى الزعيم الأوحد وهو يتحدث إلى الله، فيرد عليه تعالى، على قاعدة «هات وخذ»، ويطلب من فتاة من ذوات الهمم أن تطلب من ربنا أن يأتوا به إلى الجنة ليكون معهم، ثم يقول مطرب قناة «دي إم سي» المعروفة إعلامياً بقناة المخابرات، إنه اكتشف أمس فقط خط الاتصال بين السيسي والله، وأن سيادة الرئيس وحده من يعرف «الباسورد»، وكأنه تطبيق تليغرام. وما قدروا الله حق قدره!
من أربع سنوات أفتى مطرب «دي إم سي» أن الجنة ليست حكراً على المسلمين، وإعادة الأمر الآن في برامج ما يطلبه المستمعون من الأغاني العربية، كاشف عن فقر خيال من يديرون المشهد، وهو يمكن أن نراه في فتوى اليوم وكل يوم الخاصة بأن الزوجة ليست مكلفة بخدمة الزوج والأولاد، وهو ما قالته المتوفاة سابقاً سعاد صالح في برنامج تلفزيوني آخر، وكأننا أمام دين تنزل على المجلس القومي للمرأة، فمتى يكف القوم عن إثارة مثل هذه القضايا؟، ومن الداعي لإعادة انتاجها مع كل دورة برامجية؟!

الآراء الفقيهة الشاذة

نعلم أن بين الآراء الفقهية ما هو شاذ، لا يُعمل أو يأخذ به، ولم يقف العقلاء أمامه لشذوذه، وكانت أزمة جمال البنا أن جاءته الشهرة في أرذل العمر، والمشكلة أنها لم تأتيه عندما كان يقدم أعمالاً جادة مثل كتابه العمدة عن الحركة النقابية، لكنها جاءته لتعزز جانب الخفة فيه، فكان يغوص في كتب الفقه ليأتي بما هو شاذ ليثير ضجيجاً حول نفسه، وعنه كتبت من قبل عن غواية الجماهير، لمن التحقوا بالكتابة الصحافية في عمر متأخر، وقد أثار الرجل ضجة في عموده في «المصري اليوم» قبل وفاته عن أن التدخين لا يفطر الصائم، وعندما نعلم أن إلزام القائمين على الصحيفة به كاتباً، جاء من الراعي الأمريكي، عندئذ تكون الرؤية قد اتضحت!
فقيدة العائلة سعاد صالح بعد كل هذه السنوات جاءت في برنامج تلفزيوني لتروج لهذا القول الشاذ، بعد أن مكنتها بعض المواقع من انتحال صفة أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، مع أن تخصصها ليس الفقه أو الإفتاء، بيد أنه أسبوع الإثارة ولفت الانتباه عن الجريمة التي يتم التخطيط لها!
ولأنه الدين الجديد الذي تنزل على المجلس القومي للمرأة، فإن آخراً هو محمد أبو بكر أفتى على قناة «النهار»، أن الزوج لا يدخل الجنة إلا برضا زوجته، حتى لو كان صالحاً، ولا نعرف مصير المتزوج بأربع، إذا عرض أمره على الاستفتاء، فكان الموقف «اثنتان مقابل اثنتين»، أي التعادل بين الرضا والغضب، فمن أين يأتي بالصوت المرجح؟!
وعلى القناة ذاتها التي ظهرت عليها سعاد (عاشت الأسامي)، ظهر آخر ليفتي أن مصر لن يدخلها المسيخ الدجال. يبدو أنه سيجد صعوبة في استخراج تأشيرة الدخول بسبب البيروقراطية!
لقد اكتملت الصورة عندما استيقظنا بعد هذا (الموال) على خبر بزيادة أسعار الوقود، بما يعني زيادة جميع أسعار السلع الغذائية، في وقت كان يتم تبشيرنا فيه بالرخاء بعد مشروع رأس الحكمة!
ومن عادة النظام بوضع اليد أن يتخذ مثل هذه الإجراءات في نهاية يوم الخميس، وصباح الجمعة لأنه يوم عطلة رسمية، يفعل هذا والناس نيام!
لقد اتضحت الرؤية.

صحافي من مصر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية