المسرحية الإيرانية – الإسرائيلية في فصلها الثاني!

حجم الخط
0

استيقظنا من نومنا، على وقع تفجيرات في إيران، فقد رد الكيان على الضربات الإيرانية التي سددت له قبل أيام، فهل لا يزال هناك من يعتبرها مسرحية؟!
اللافت أننا لم نهرع إلى «العالم»، أو «الميادين»، وهما قناتان مملوكتان لطهران، أو إلى «المنار»، وهي قناة مملوكة لحزب الله، حليف طهران، والأصل أنها مصدر الخبر الرسمي، فقد هرعنا إلى «الجزيرة»، تماماً كما أننا في أحداث تخص دولاً أخرى مثل تركيا وألمانيا، فإننا لا نلجأ للقنوات المملوكة لهذه الدول والناطقة بلغة الضاد، فشد الرحال يكون إلى «الجزيرة»، فلماذا لم تنجح هذه المحطات التلفزيونية، ولو في هذا الجانب بالذات، وأعني به أن تكون المصدر في ما يخص العواصم التي تبث منها؟! هذا أمر شرحه يطول!
لاحظ أنني لم أذكر «الحرة» المختومة بختم الفشل، والتي لم يعد أحد يتذكرها، إلا من قال فيديوهات تنشر لإبراهيم عيسى، عبر منصات التواصل الاجتماعي من برنامجه على القناتين «القاهرة والناس» القاهرية، و»الحرة» الأمريكية، ليجمع بين الأختين، حيث الفشل وقلة الحيلة، فحتى الضجة حول ما يقوله المذكور هنا وهناك، هي من خلال ما ينشر خارجهما، ولكم سألت نفسي كيف تحول الأمر في «الحرة»، إلى تربص ومكايدة، ولماذا فشل الأمريكان في اقناع الناس برسالتهم في أي مجال، وهل لهم رسالة؟!
الأصل أن القوم يريدون أن يتبنوا نسقاً دينياً معيناً في ما يخص الإسلام، وبدلاً من أن يقنعوا عدداً من رجال الدين الثقاة بتبنيه، ثم يتسللون به في هدوء إلى العقول، فإنهم يذهبون إلى استفزاز الناس بدلاً من اقناعهم، فما رسالتهم في ذلك؟!

الأسئلة المفخخة وغياب رجال الدين المسيحي

عندما تكون واشنطن محط أنظار العالم كل أربع سنوات، ومع الانتخابات الرئاسية، فإن «الحرة» ليست معتمدة لدى الجماهير العربية، ولكنها أيضاً «الجزيرة»، حيث الاستوديو التحليلي، وحشد المحللين، الذي ننام ونقوم عليه، بجانب رسائل المراسلين من الولايات المختلفة، ولم تستطع «الحرة» أن تغطي النقص بنقل رسالة من الشارع الأمريكي، وهي صورة غائبة عنا في كل انتخابات، فلم تعد هناك من رسالة لـ «الحرة» إلا استفزاز المسلمين، والحال كذلك لا ندري لماذا لم تدفع بواحد مثل رفيق حبيب ليقدم برنامجاً عن الإصلاح في الديانة الثانية في العالم العربي، وهي الديانة المسيحية؟!
السؤال نفسه ينطبق على قنوات «الشركة المتحدة» في القاهرة، بطرحها سؤال الموسم وكل موسم: هل يدخل غير المسلمين الجنة؟ وتحشد لذلك عدداً من شيوخ السلطة ليؤكدوا أن الجميع إلى الجنة (حدف)، عدا الإخوان المسلمين، فمن أجلهم خلقت جهنم، حيث يظل فضيلة الشيخ هينا لينا حتى يتذكر أن على الكوكب توجد الجماعة هذه، فلا يكون للسماحة موضعاً، ويلغي فضيلته النار من القاموس حتى يتذكرهم!
السؤال، لماذا لا تحل هذه القنوات هذا الإشكال باستضافة أحد القساوسة ليطرح عليه السؤال حول دخول المسلمين الجنة؟ وهل سيدخل المنتمون للمذاهب الأخرى (كاثوليك وبروتستانت) الملكوت، أم ذلك قاصر على أبناء الكنيسة الأرثوذكسية فقط؟!
لنكتشف أننا أمام أسئلة مفخخة، لكن استبعاد رجال الدين المسيحيين من هذه البرامج، يستهدف أن يظل الأمر في إطار الإثارة المحكومة، وكأن المسيحيين مثلاً يرضيهم أن يكون مفتاح الجنة في حوزة علي جمعة، وصاحبه أحمد كريمة؟!
وفي هذا الخواء الذي تعيشه السلطة المصرية، وإعلامها الموجه، يكون الاحتفاء بقنابل الغاز التي يطلقها أحد أعضاء برلمان المرحلة، عن لماذا ينسب الأطفال مجهولو النسب إلى الإسلام، حسناً وما هو البديل؟ ينسبون إلى المسيحية؟، في أي مذهب فيها، وهل يوافق مثلاً على أن ينسبوا الى الإنجيليين أو الكاثوليك؟ إن الرد على هذا الكلام المفخخ يكون بالأسئلة المفخخة، حتى لا يتم الرد بتجربة تشبه تعيين أول محافظ مسيحي، والتي فعلها مبارك في وصلة من وصلات المكايدة للبابا، عندما تكون العلاقة بينهما ليست على ما يرام!
لم يكن المحافظ أرثوذكسيا، ومن مكتبه أنهى الرجل نفوذ رجال الدين في المحافظة، وقال لن يقابل قساوسة يتحدثون نيابة عن المسحيين، فالمسيحيون من أبناء المحافظة كالمسلمين، ومن شدته في التعامل، صرخت زميلة لو كان الرئيس عين محافظاً من الإخوان لكان أهون، قلت لها ولماذا لا تكشفون حقيقة مذهبه، لكي يكون الأمر واضحاً وأن التعيين ليس منة من الرئيس، ولكن هو جزء من مؤامراته؟ فأجابت: لينظر إلينا الغرب على أننا نضطهد كنائسه؟!
يا له من صاحب عقلية متآمرة هذا الرئيس، وهو الذي عين جمال أسعد عبد الملاك عضواً في البرلمان، رغم أنه من أعضاء حركة كفاية (ضد التوريث والتمديد)، لأنه خصم للبابا، والذي كان غاضباً لقناعته أن تفجير كنيسة القديسين لم يقم به الإرهابيون، ولكن وزير داخلية مبارك، وكان مبارك يرى أن رصيده لدى البابا يسمح!

المعضلة الإيرانية

ذهبت إلى «الجزيرة» لأقف على أبعاد الضربة الموجهة لإيران، فإذا بها حاضرة كالعادة، بأخبارها العاجلة، طبيعة حكم آيات الله في إيران لا تمكن من حضور إعلامي قوي، وليست هناك حرية تكفي نصف مراسل، ولعل القوم يعلمون الآن، أن من لا يحتاجون بالأمس لوجهه، هم الآن بحاجة ولو لقفاه، وهم المراسلون الذين ينقلون ما يجري للعالم، وفي ظل سياستها، ظلت طهران أرضاً خصبة بحاجة لإعادة اكتشافها، وهذا الغياب هو الذي مكن الادعاء بأن ما قامت به من استهداف تل أبيب هو مسرحية متفق عليها، وأنها على توافق مع إسرائيل وواشنطن، يا لها من دولة فاشلة في صناعة الأذرع الإعلامية، وإن نجحت سياسياً من خلال الحلفاء في بيروت واليمن!
هناك هيمنة سلفية على منصات التواصل الاجتماعي، قالت منذ بداية العملية الإيرانية إنها مسرحية، وقال البعض، بل تمثيلية، وهذا المد السلفي يستغل الموقف الإيراني المنحاز للثورات المضادة، وكأن دول المولاة لهذا التيار كانت على خط الثورة، وهذا التيار يستغل الدور السيئ لطهران المنحاز لبشار الأسد، مع أن الجسم العام للسلفيين منحاز لمن قام بالمجازر ذاتها التي ارتكبها بشار الأسد!
بيد أنه توظيف المواقف الإيرانية، وأهمها الموقف من غزو العراق، وكأنهم لم يكونوا يعيشون في معية مبارك، الذي كان ركنا ركيناً في عملية الغزو هذه!
بيد أنه التوظيف الجيد، مع الغياب الإيراني على الأرض، فتم الترويج بكثافة بأنها مسرحية، الآن ونحن في الساعات الأولى للرد الإسرائيلي لا نعرف ماذا يقول القوم.

الفصل الثاني من المسرحية؟! يجوز!

أرض جو: انتقلت لميس الحديدي من «ماما فرنسا»، لتكون «ضمير أبلة حكمت»، والأول اسم لفيلم، والثاني لمسلسل تلفزيوني، أيام أن كانت مصر تعرف الدراما. ولميس الحديدي هي بشحمها ولحمها التي وقفت مع أزمة انقطاع الكهرباء في عهد الرئيس مرسي لتهينه، وتقول له: مش أد الشيلة ما تشيلش»، لكنها الآن مع العودة لقطع الكهرباء لساعة أو ساعتين يومياً، خاطبت الحكومة برفق، وطالبتها أن تمكن الشعب المصري من أن يشعر بتأثير التدفقات المالية.. يبدو أن السيسي إخوان فعلاً جاء ليؤدب كل من تطاول على محمد مرسي، ويظهر قهرهم للناس!
أعلنها خالد أبو بكر، المذيع، والمحامي، الخ الخ، عبر برنامجه التلفزيوني (لا أتذكر في أي قناة) إن على المواطن المصري أن يتعامل مع قطع الكهرباء كأمر واقع، هكذا ببساطة، والدعاية لنظام ما بعد الانقلاب العسكري كانت تقوم ضمن ما تقول على أن أزمة الكهرباء تحولت إلى ماض، لأن هناك فرقا بين الدولة والإرهاب. فماذا بقي من الدولة؟!
ومع الشكوى من تحول إذاعة القرآن الكريم في مصر إلى بوق للسلطة، ومن الوصلات الإعلامية، أعتقد أن الفرصة مواتية لإطلاق إذاعة أخرى للقرآن الكريم، بنفس سمات هذه الإذاعة سابقاً، ولا تقل لي إن البديل إذاعات القرآن من عواصم عربية أخرى، لأن المصريين لا يستسيغون القراءة بغير أصوات القراء غير المسبوقين في مجالهم، مع خالص احترامي للجميع.

 صحافي من مصر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية