رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين الوزير قدورة فارس: حماية الأسرى في سجون الاحتلال فعل واجب

حاوره: سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

حالة من الارتياح والتفاؤل سادت مؤسسات الأسرى والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية والحركة الأسيرة في السجون الإسرائيلية بعد تكليف المناضل قدورة فارس، برئاسة هيئة شؤون الأسرى والمحررين بدرجة وزير، بعد أن كان يشغل لسنوات منصب رئيس جمعية نادي الأسير الفلسطيني.
وفارس الذي ما زال يستخدم اسمه الحركي بدلا من اسمه الحقيقي وهو عبد القادر إبراهيم فارس حامد، سياسي ووزير سابق وأحد أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الأول وهو أحد أعضاء حركة فتح وصاحب تجربة واسعة في النضال في قضايا الأسرى في سجون الاحتلال.
وعلى عكس كثير من المسؤولين الفلسطينيين يبدي الوزير فارس اهتماما كبيرا ومتابعة استثنائية لقضية الأسرى، وهو لا يتعاطى معها كوظيفة إنما كممارسة يومية مستمرة، وينظر لنفسه على أنه خادم لفئة الأسرى المناضلة وهو في هذا الحوار مع «القدس العربي» يطالب المسؤولين الفلسطينيين بمتابعة قضايا الأسرى، ويطلب من الفصائل الفلسطينية امتلاك زمام المبادرة في ملف الأسرى.
ويرى في استلام مهامه في الهيئة حديثا محاولة لمعالجة مجموعة من مناطق القصور وإحداث تحولات استراتيجية فيها على أمل.
وطالب فارس بتبني استراتيجية وطنية لإسناد الأسرى في سجون الاحتلال ويرى أن الأولوية اليوم العمل على تحرير الأسرى، وخلق مظلة حماية لهم في ظل تصاعد الممارسات ضدهم.
وشدد على أهمية أن يدرس موضوع الأسرى من أعلى المستويات السياسية والوطنية، فالأمر لا يتعلق بانتصار الاحتلال وكسره لـ 5 آلاف أسير بل يعني كسر روح الشعب الفلسطيني. وفيما يلي نص الحوار.
○ سؤالي الأول لك نابع من إحساسي أن برامج الأسرى التي تبث عبر الإذاعات المحلية وتحديدا أيام الجمع ومن خلالها يوجه أهالي الأسرى رسائلهم إلى ذويهم في السجون الإسرائيلية، إحساسي أنه يجب أن يسمع هذه البرامج كل المسؤولين الفلسطينيين سواء ما تعلق منها بالأسرى أو المؤسسات الأخرى، هل توافقني في هذا الإحساس؟
• بكل تأكيد. أي مسؤول يجب أن يكون ملما وبعمق بتفاصيل حياة الشعب الفلسطيني وتحديدا القطاع المناضل، هذا من جانب ومن جانب آخر تعتبر قضية الأسرى قضية وطنية وسياسية وأخلاقية، هي قضية رأي عام. وكم يغضب الأسرى حينما يسمعون تصريحات المسؤولين ويدركون منها أنهم غير ملمين بقضيتهم. وفي الحقيقة هم يتحسسون من هذا الأمر. قد لا يعتبون على مواطن بسيط لا يعرف عن قضيتهم لكنهم يعيبون على مسؤول في منصب قيادة، وخصوصا أن الجبهة محتدمة، وهم يخوضون صراعا يوميا على مدار الساعة. وبالتالي يجب أن يوفر المسؤولون آليات تمكنهم من أن يصبحوا أكثر اطلاعا بقضية الأسرى ونحن لدينا كل الجاهزية لذلك، حيث تصدر عنا تقارير مهنية ودورية يومية وشهرية وفصلية ونصف سنوية وسنوية.
○ كنت في رئاسة نادي الأسير، والآن أنت رئيس هيئة شؤون الأسرى، لن نقول إنك انتقلت من ساحة لأخرى، فالميدان واحد، وعليه يكون السؤال، ما هي أكبر التحديات التي يواجهها ملف الأسرى؟
• التحدي الأهم هو كيف يتمكن الشعب الفلسطيني من توفير مظلة حماية للأسرى في السجون الإسرائيلية من بطش المحتل، خصوصا في ظل التحولات الفاشية والعميقة في دولة إسرائيل. وهو أمر وجد أبرز تعبيراته في التشكيل الحكومي الحالي. ولعلها ليست صدفة أن يصبح الوزير الأكثر تطرفا والمتهم بالإرهاب والعنصري أصبح هو الوزير الذي يتولى ملف الأسرى.
أعتقد أن الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية هو الإجابة على سؤال: كيف نضمن أولا ألا يذهب الاحتلال بعيدا في التنكيل بالأسرى؟ وبالتالي أنا من الداعين إلى تكريس قاعدة جديدة في العلاقة مع الاحتلال تلتزم بها كل الفصائل والتشكيلات الرسمية والأهلية ومفادها يقول إن الاعتداء على الأسرى يعني عدوانا على الشعب الفلسطيني كله، وهي مسألة تستحق من أجل حماية الأسرى، اندلاع انتفاضة في الضفة الغربية أو ضرب الصواريخ من قطاع غزة، بمعنى أنه يجب ألا نتردد في استخدام أي شيء من أجل ضمان الحماية. وبالتالي ومن هذه الرؤية على الاحتلال أن يفهم أن الأسرى ليسوا عينة نموذجية لممارسة أحقادهم وأمراضهم بحيث ينفذونها بحق الفلسطينيين الأسرى، ومن هذا المنطلق يجب أن لا نسمح بكسر الأسرى، فذلك يعني كسر روح الشعب الفلسطيني.
هنا أقول إنه يجب أن يدرس هذا الموضوع من أعلى المستويات السياسية والوطنية، والأمر هنا لا يتعلق في انتصار الاحتلال على 5 آلاف أسير بل يعني أن تنكسر روح الشعب الفلسطيني. فانتصار الاحتلال على الأسرى يعني انتصارهم على كل الشعب الفلسطيني.
مسألة أخرى وسؤال آخر وهو: كيف يعاد الاعتبار إلى قضية تحرير الأسرى؟ بمعنى كيف تعود مسألة تحريرهم متصدرة لأجندة العمل الوطني الكفاحي للشعب الفلسطيني كله. هنا أستذكر سنوات مضت من تاريخ الحركة الوطنية نجد خلالها أن تحرير الأسرى عبر صفقات التبادل كانت حاضرة في كل مفاصل التاريخ النضالي منذ عام 1971 وحتى الثمانينات وما تلاها، كما أتذكر أن معظم الخلايا المقاومة التي كانت تأتي عبر الحدود إلى فلسطين كان تمتلك تعليمات واضحة تتضمن خطف رهائن من الإسرائيليين من أجل طلب إطلاق سراح الأسرى.
ولا أخفي عليكم أنني اليوم أشعر أننا لا نستحي عندما نقف كمسؤولين ونقول إنه لدينا الأسير نائل البرغوثي الذي أمضى 44 عاما. أنا مش مسموح لي أن أفتخر بذلك، بل الأسير نائل مسموح له بالافتخار بتاريخه أما أنا فلا. وبشكل محدد علينا التفكير في كيف نستعيد زمام المبادرة، بحيث لا نبقى أسرى ردود الفعل في ظل المشهد الفلسطيني البائس بفعل الانقسام.
أحاول أن أكون موضوعيا، وأردد ذلك في كل مناسبة «تعالوا نتفق في القضية التي نحن متفقون عليها. تعالوا نعمل مع بعض وبتناغم». هنا سأعمل على تطوير فكرة أن يعقد لقاء حواري لكل الفصائل وليكن في القاهرة ليأخذ البعد العربي، بحيث يأتي كل تنظيم ويقدم تصوره لإعادة الاعتبار لقضية الأسرى بحيث يصار لها أن تتصدر سلم الاهتمام الوطني، في اللقاء يمكن مناقشة أفكار جديدة من أجل بلورة صيغة عمل مشترك، وهذا ممكن وعلينا أن نجرب الأمر ولنحاول.
○ سيقول لك البعض أنه طوال الوقت يتحاور الفلسطينيون ويفشلون؟
• أنا أدرك لماذا نفشل في الحوار، لكن قضية الأسرى أراها مختلفة، فإن ذهبنا لحوار خاص ولم نتفق نكون أمام فضيحة وحالة إحراج للجميع. علينا أن نبلور صيغة نظرية ومن ثم نكتبها ونتوافق عليها ونفعلها.
في هذا الصدد أولا نحن بحاجة لرؤية للعمل ضد الاحتلال، والحقيقة نحن نمطيون في ممارساتنا ونجتر أنفسنا من اليوم الأول للاحتلال وحتى الآن. هناك قضايا علينا أن نعيد النظر فيها على سبيل المثال التعامل مع جهاز القضاء الإسرائيلي، ماذا يفيدنا التوجه لهذا القضاء ونحن نعرف أننا لا نتوخى منه عدلا؟ لماذا نستمر بالتوجه بعد أن تأكدنا أن القضاء الإسرائيلي لن يحقق لنا عدلا؟
غريب أمرنا، تصادر أرض بأمر عسكري وبالقوة الغاشمة ثم نجري للمحاكم الاحتلالية ونلبسها الثوب القانوني، وهذا يعني أننا نعطي شيئا قانونيا «مبروزا» للاحتلال. وعليه يكون السؤال: لماذا لا نقول كحركة وطنية أنه يمنع التوجه للقضاء الإسرائيلي في كل القضايا؟ نحن أمام قوة غاشمة ولتقم هذه القوة باتخاذ الإجراءات التي تريدها، وهذه مسألة تحتاج إلى موقف وطني جامع، وعلى الفصائل أن تفهم وتعي جيدا الدلالات القانونية والسياسية لمقاطعة المحاكم، فالمشاركة بها تجعل الاحتلال الرابح في هذه المسألة، السجون في هذا الصدد قدمت معادلة مهمة، مثلا كان هناك في تاريخ الحركة الأسيرة منع ضرب أي أسير فلسطيني من السجانين، وعندما كان يضرب أسير كان يقوم بالصراخ، وكل من يسمعه كان يقوم بطرق الأبواب، وعندها يتحول السجن إلى موجة غضب ومواجهة مع السجانين، وهذا كرس معادلة مهمة، وبالتالي من يريد أن يقترب ويعتدي على الأسرى عليه أن يعرف أنه في مواجهة مع كل الشعب الفلسطيني، أولا هو في مواجهة مع الأسرى ومن ثم مع كل الفئات والفصائل، حتى لو تطلب الأمر انتفاضة أو مواجهة عسكرية كبيرة، وهذا أمر يعني أن يتحول الموضوع لقضية عالمية ورأي عام، هنا تماما يدرك من يقوم على أمر السجون أن التعامل مع قضية الأسرى يتجاوز ضباط السجن أو وزير متطرف، بل الأمر مرتبط بالحالة السياسية والمحلية والعربية والعالمية. علينا فرض معادلة جديدة لا أن يترك الأسرى لوحدهم بحيث يقال لهم أنتم وشطارتكم تعاملوا مع الموقف.
○ صدقا، حديثك مثير للاهتمام ولا أريد أن أقول انه مثالي، لكن ما الذي يعيق ذلك رغم أنه مهم وجوهري وعملي؟
• بصراحة، لم يحاول أحد أن يقوم بذلك، الطبقة السياسية في فلسطين تتجنب الحديث في القضايا ذات البعد العملي، وبوسعنا اختبار مدى جديتها في كل القضايا. مثلا نسمع التمسك بالأرض وأن القدس خط أحمر. والكثير من هذا الكلام بديهي. لكن السؤال ما المواضيع العملية؟ هل الحديث جدي أم غير جدي؟ كيف نحافظ على القدس؟ كيف ننتصر للأقصى؟ ماذا علينا أن نفعل؟ الواضح لي أن هناك تقاليد تكرست في الطبقة السياسية الفلسطينية جزء منها يقوم على بيع الوهم ومخاطبة عواطف الشعب الفلسطيني، نسمع يوميا الأحاديث العاطفية، ويبدو أنهم «جربوها وزبطت» معهم في علاقتهم مع الشعب، بمعنى أنها خطابات تساهم في تشكيل الرأي العام الفلسطيني!.
هنا أرى أن وظيفة ودور أي أكاديمي في فلسطين أن يساهم في الذهاب إلى الهموم اليومية للمواطن الفلسطيني، ومن الضرورة أن يقف القائد والمسؤول أمام أي موضوع أساسي، وألا يستمر في الحديث في العناوين الكبرى، ونجد أن الاحتلال على عكسنا تماما في هذا الأمر، تحدث عملية فيحضر للمكان وزير الجيش، يحضر ليس من أجل الحديث عن الملف النووي الإيراني بل يبحث في كيف يضمن الأمن للمستوطنين، بمعنى أنه يناقش القضايا المهمة التي تخص مواطنيه.
○ في ظل ما تقول يبدو لنا أهمية وجودك في الهيئة، ما دورك في وضع هذه الأفكار على مسار العمل التنفيذي؟
• بدوري سأسعى من أجل تحويل ما أتحدث به إلى شيء عملي. ما ألمسه بمجرد أن أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوم تعيني في الهيئة أن هناك قبولا من كل الفصائل ومن السجون، وأنا أريد استثمار هذه القضية المقدسة على أمل، وعلى الأقل، أن نصلح منطقة في ظل الخراب الكبير الذي نعيشه، أي تعمير قضية الأسرى. وأنا هنا أستلهم من تجربة الأسرى بعد عملية «نفق الحرية» في سجن جلبوع، فالأسرى تصرفوا وفق الفطرة وليس وفق المنهج السياسي السائد، فالسجن فيه كل الانقسام كما هو الحال في الخارج. لكن تجربة «نفق الحرية» وبعد رغبة الاحتلال بالانتقام والتحفز للانقضاض على الحركة الأسيرة قالوا إنه ليس أمامنا إلا الاتحاد، وفعلا لقد تمكنوا في أربع محطات خلال عامين من الصمود والانتصار، وعلى قاعدة الوحدة.
من وجهة نظري الأسرى عينة نموذجية، نحن أمام خمسة آلاف أسير، وهم منوعون من كل المناطق في فلسطين التاريخية. وخاضوا تجربة نضال ونجحوا فيها، وما «يزبط» هناك يفترض أن «يزبط» هنا (يقصد خارج السجن). وكل ما علينا فعله هو المحاولة.
○ لكن كما ذكرت فإن السجن هو انعكاس للواقع السياسي خارجه، هل هناك آليات للفصل بين السجون الإسرائيلية والواقع الانقسامي الفلسطيني خارجه؟
• أولا الأسرى هم الأكثر تفاعلا مع الخلاف السياسي، لأنهم جزء أصيل من التنظيمات، الأسرى نخبة التنظيمات الفلسطينية، السؤال اليوم: هو كيف لنا أن نتصرف في ظل أننا وسط تجربة نضالية مريرة حيث اكتشفنا أنها تجربة عقيمة، من الطبيعي أن نصل لخلاصات، وسيكون مذموما كل من يتلكأ في التوصل لاتفاقات وتفاهمات في هذا المجال وتحديدا في قضية الأسرى. هناك موقف جماعي واضح، وحتى موقف الرئيس الفلسطيني في ظل كونه رئيسا لحركة فتح وللسلطة، لديه موقف مماثل لموقف حركتي حماس والجهاد مثلا، وبالتالي يمكن لنا العمل على مأسسة الموضوع ومنحه تعبيرات عملية.
أمام مسؤوليتنا المهمة بعث الحياة لمعادلة حماية الأسرى علينا أن نعمل ونجرب، وهذا أمرا ليس صعبا أو مستحيلا.
○ لدي شعور أن السجون وعبر تجارب كثيرة ومن ضمنها عملية «نفق الحرية» قدمت النموذج المهم، لكن المشكلة أن هذا المشروع أو النموذج لم يستثمر، لم يصبح حالة أو شعلة الهام أو اهتمام، ما رأيك؟
• بالمعنى العاطفي والعقلي، لو وجد من يرصد كل ما قيل أثناء وبعد عملية نفق الحرية ستجد أن الشعب الفلسطيني كان بلسان حال واحد في تقييم التجربة والشعور بالانتماء والكبرياء. السؤال هنا: كيف لم يترجم هذا الشعور؟ هنا أقول إنه حتى اللحظة ليست هناك إرادة سياسية للذهاب للمصالحة مثلا. وبالتالي ستتحول كل المشاعر وحالة الانتماء التي تلت عملية نفق الحرية إلى جزء من الموروث الكفاحي النضالي الفلسطيني. ستصبح العملية مثل كلمة شهيد، جزءا من الماضي الذي نعتز به من دون أن نبني عليه، من دون أن نستلهم من عملية نفق الحرية ما يمكننا من السير للأمام.
وهذا الموضوع يأخذني إلى قضية التقييم، فأنا لا أذكر في تاريخ الحركة الوطنية أن كانت هناك ورشة تقييم، حتى لو قادتها مراكز أهلية أو شعبية. هنا المطلوب هو أن نقيم التجربة، وطالما لا نقوم بذلك فلتكن تجربة الأسرى واحدة من محطات التقييم. وهذا مهم للمواجهة الحالية، وبما يجعلنا نمتلك زمام المبادرة. وسنكتشف أنه من دون خطة لن يكون هناك زمام مبادرة. فأنا كمسؤول أحتار كل يوم على ماذا سأعمل.
○ لكن بالضرورة على عاتقكم يقع دور تحديد مسار الخطة ووضعها؟ من يقوم بذلك الأمر؟
• المشكلة التي نعاني منها هي أنه أصبحت هناك حالة من التخصصية في «عطاءات المقاومة». مثلا قضية الجدار والاستيطان أصبحت ملفا في جعبة الوزير مؤيد شعبان. والأسرى نفس الشيء، ما أريد أن أقوله إن التخصصية تصلح للمستشفيات ولا تصلح في القضايا النضالية، يمكن أن يقاس على ذلك في قضايا القدس، وقضايا الأسرى، وقضايا الاستيطان، والتحدي هو كيف يمكن دمج القطاعات مع بعضها البعض، كيف يقاتل ابن جنين من أجل القدس وابن رام الله مع الأسرى وهكذا. المطلوب هنا أن يتحول الكل إلى مشاغلة الاحتلال وتجاوز القطاعات، وما أدعو إليه هو توحيد النضالات المبعثرة. بمعنى كيف نربط بين مقاومة الاحتلال من بوابة الجدار والقدس مع الأسرى وهكذا. وهذا بكل تأكيد وظيفة الحركة الوطنية، أي العمل على تنظيم الجهد.
سنكتشف ان كل هذه المسائل بحاجة إلى بحث التفاصيل، فلو اقتربنا من التفاصيل، وليت القادة يفعلون ذلك، سنسير على الطريق الصحيح، وهو أمر يمكن له أن ييسر مهمتنا لتحقيق الأهداف الكبرى.
○ اليوم هناك إضراب جماعي عن الطعام، هذا يعيد طرح ملف الإضراب عن الطعام وتحديدا بعد استشهاد الشيخ خضر عدنان، هل هناك استنتاجات ونحن نعلم أنك كنت تقف خلف الدعوة لوقف أو تحييد الإضراب عن الطعام كأسلوب نضالي داخل السجون؟
• شخصيا، دوما ما أنحاز لمبدأ العمل الجماعي. إنه أقوى وأكثر جدوى وأقل معاناة ويحقق نتائج أسرع. الإضراب الفردي لا يوجد ما يضاهيه في حجم المعاناة. وأنا صاحب رأي أن يتخذ قرار وطني بمنع الإضرابات الفردية. كان ذلك قبل إضراب الشهيد خضر عدنان. لقد كتبت رسالة لكافة الفصائل بعد أن قمت باستطلاع رأيهم عبر الهاتف، وقلت إنه يجب أن نكون شجعانا في هذا الملف، وفعلا أخذت ردودا إيجابية من الجميع، وحين رسمنا وكتبنا الأمر أرسلت لكل الفصائل على شكل رسائل، ولكن لم يرد عليها إلا فصيل واحد، حيث أن الجميع تقريبا تجنب الرد. كان من الواضح أنهم يخافون من مخالفة توجهات الجماهير. أما التنظيم الذي رد فقد كان أحد قادته مشجعا للوثيقة، لكن الرد جاء على عكس ما اتفقنا وتوصلنا إليه عبر الهاتف، كان الرد المكتوب أننا نخشى أن يكون إسقاط الشرعية على شكل نضالي معين مقدمة لإسقاط أشكال نضالية أخرى. وهذا حديث غير دقيق، نحن لم نسقط شكلا نضاليا حتى نسقط أشكالا أخرى، إنما وفي ظل التجربة رأينا أن نحيد الشكل رغم الإقرار بشرعيته، يبدو أن البعض لم يكن جديا في التعاطي مع هذه المسألة، وهذه مشكلة، نحن بحاجة للمكاشفة مع الجماهير، وما المشكلة إذا ما وصلنا لقناعة في موضوع معين ينفع الحركة الأسيرة أن نفاتح الجماهير به ونخلق نقاشا حوله؟
هنا يجب أن أضيف أنه عندما قتلوا الشيخ خضر عدنان واستنادا لمبدأ الردع، اعتقدوا أنه سيكون بوسعهم كسر تجربة النضال عبر أسلوب الإضراب عن الطعام. اليوم أنا سعيد في ظل أن هناك مجموعة من الأسرى تعلن الإضراب عن الطعام، فمن يضرب اليوم يقول لإسرائيل عمليا أن الفكرة النضالية ما زالت موجودة رغم إعدامهم الشيخ الشهيد خضر.
○ من يتابع ملف الاعتقالات اليوم التي تتضاعف أمام الحالة النضالية يجد أن هناك غيابا في حالة الوعي وهو أمر يدفع بأسرى إلى السجون من دون أي وعي بما سيجده المعتقل في غرف التحقيق؟
• بشكل عام يمكنني القول إن التنظيمات ليس لديها أعضاء، لو كان لديها أعضاء فإنه يمكنها أن تقوم بإجراءات وواجبات نحوهم مثل ترتيب دورات توعية. التنظيمات تتذكر الأعضاء في المحطات الانتخابية فقط. هناك قصور أو سقطات مورست تاريخيا من الحركة الوطنية إلا في بعض المراحل حيث غابت التوعية، التي يجب النظر إليها على أنها فعل مستمر ومتواصل.
○ وأنت تقرأ ملفات الأسرى في سجون الاحتلال حتما وقعت على بعض الاستنتاجات، هل لك أن تضعنا على أبرزها؟
• لدي استنتاج ربما وحيد وهو أننا لم نعظم من قضية الاعتراف، لم نعظم من رفضنا لفعل الاعتراف، يبدو لي الاعتراف أمام المحقق فعلا طبيعيا. هنا أنا لا ألوم ولا أقرع من يعترف، لكن المؤكد أنه لم نطور فكرا في مواجهة الاعتراف بحيث نصل لوضع ينظر للصمود أمام المحقق في السجن على أنه جزء من النضال، نحن اليوم نقف أمام نفس الهفوات والزلات. لم يتطور الفكر المقاوم إلا بحالات مميزة ومعينة، علينا أن نصل إلى أن الزنزانة جبهة اشتباك ويجب أن ننتصر فيها. لكن يبدو نحن نكمل الطريق بنفس الأخطاء.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية