السوداني يُخفق في الاتفاق مع الأمريكان على تحديد جدول زمني لانسحاب قوات التحالف من العراق

مشرق ريسان
حجم الخط
0

يتّكأ السوداني على قوى سياسية شيعية تمتلك أغلبها فصائل مسلحة تُكنّ العداء لواشنطن، وتطالب باستمرار بتحرير العراق من سطوة قواتها التي تصفها في العادة بالمحتلّة.

بغداد ـ «القدس العربي»: عاد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى العاصمة العراقية بغداد، مُختتماً زيارة استمرت نحو أسبوع إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التقى خلالها الرئيس جو بايدن وعددا من المسؤولين الأمريكان، من دون التوصل إلى اتفاق يقضي بتحديد «جدول زمني» لإنهاء مهام قوات التحالف الدولي بزعامة واشنطن، والذي يعدّ المطلب الأبرز للأحزاب والفصائل الشيعية.

السوداني الذي لم يصطحب معه أي مسؤول عسكري أو أمني عراقي إلى واشنطن، اكتفى بتصريحات حول انتفاء الحاجة للتحالف الدولي، ورهن أمري إخراج القوات الأجنبية- الأمريكية على وجه الخصوص- للجان العسكرية المشتركة التي تعكف على تقييم مهام التحالف، ومستوى التهديد الذي يشكّله تنظيم «الدولة الإسلامية» فضلاً عن مدى قدرة القوات العراقية للحفاظ على الأمن، قبل اتخاذ قرار الانسحاب من عدمه.
ويخالف ذلك التصريحات السياسية- الشيعية على وجه الخصوص- التي سبقت زيارة السوداني إلى واشنطن، وتعويلها على رئيس الوزراء في حسم ملف التحالف هناك في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويتّكأ السوداني على قوى سياسية شيعية تمتلك أغلبها فصائل مسلحة تُكنّ العداء لواشنطن، وتطالب باستمرار في «تحرير» العراق من سطوة الولايات المتحدة الأمريكية وقواتها التي تصفها في العادة بـ«المحتلّة».
لكنها اتخذت موقفاً مغايراً خلال وجود السوداني في واشنطن، وعلّقت آمالها في أن تحرز الزيارة «تقدما في العلاقة ما بين العراق والولايات المتحدة، على المستويات المختلفة وخصوصا الطاقة والاستثمار والاقتصاد والتكنولوجيا».
وفي بيان صحافي أصدره «الإطار التنسيقي» الشيعي الأسبوع الماضي، عبّر عن رغبته في أن تسهم زيارة واشنطن في تأسيس «شراكة ثنائية استراتيجية مستدامة مع الولايات المتحدة» خصوصا بعد انتهاء مهمة التحالف الدولي، والاستعداد لجدولة الانسحاب ورغبة العراق في بناء علاقات ثنائية مع الأطراف الأساسية في التحالف «وفي مقدمتها الولايات المتحدة» وأن تكون هذه العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل، وحفظ أمن العراق وسيادته ووحدة أراضيه.
وتعليقاً على الزيارة، يقول المحلل السياسي العراقي محمد علي الحكيم لـ«القدس العربي» إنه «بينما تتجه الأنظار إلى نتائج زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن وتداعياتها على الواقع العراقي، إلا أن المعطيات السياسية تشير إلى أن نتائج الزيارة وتداعياتها لا تختلف عن نتائج زيارات رؤساء الوزراء السابقين للبيت الأبيض، لأنها لا تحتوي في طياتها على الخوض في ملفات مجدية ومهمة للشعب العراقي والتي تعتبر أزمات حقيقية في البلاد».
ورأى أن «غياب أبرز ملفين وعد السوداني بطرحهما أمام القادة الأمريكان، وهما انتفاء الحاجة للقوات الأجنبية في العراق وتحرير العملة العراقية من الهيمنة والسطوة الأمريكية، جعل الزيارة بروتوكولية وسياسية لا أكثر، ناهيك عن أنها زيارة (مشروطة) مسبقاً بعد ما قدم مكتب رئيس الوزراء 11 طلباً لزيارة واشنطن، لكن جميعها جوبهت بالرفض من قبل الإدارة الأمريكية، إلا أنه في المرة 12 تم قبول تقديم الدعوة للسوداني، لكنها مشروطة مقابل عدم فتح ملف خروج القوات الأجنبية وتحرير العملة العراقية وفتح ملفات محددة متفق عليها مسبقاً» حسب قوله.
وحسب الحكيم فإن «زيارة السوداني إلى البيت الأبيض، والتي تعوّل على الملف الاقتصادي وطلب الدعم الأمريكي، وخلوّ الوفد الذي يتجاوز 134 شخصية- يعد الأكبر في زيارة الولايات المتحدة- من شخصيات سياسية أمنية أو رتب عسكرية مثل وزير الدفاع ووزير الداخلية ورئيس أركان الجيش ومستشار الأمن القومي، يوحي أن التباحث في مهمة التحالف الدولي بالعراق وخروج القوات الأمريكية لم يكن حاضراً، ولم يأخذ حيزاً مع الجانب الأمريكي، خلافاً للوعود التي أطلقها بعض زعماء الإطار التنسيقي بأن ملف خروج القوات الأمريكية سيتربع على عرش المباحثات بين السوداني والرئيس الأمريكي بايدن».
وأكد رئيس الحكومة العراقية خلال لقائه الرئيس الأمريكي في وقت سابق من الأسبوع الماضي قائلاً: «نعمل على الانتقال من العلاقة العسكرية إلى الشراكة الكاملة مع الولايات المتحدة» مبيناً أن «العلاقات الأمريكية ـ العراقية وصلت لمنعطف مهم ونهدف إلى بحث الشراكة».
ويرى السوداني أن المرحلة تشهد «منعطفاً مهماً» في علاقة العراق بالولايات المتحدة، التي ركزت، لأعوام، على التعاون الأمني والعسكري، معتبراً أن زيارته إلى واشنطن شهدت «وضع الأسس الصحيحة» للانتقال إلى علاقات شاملة في كل القطاعات والجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية، فضلا عن الجوانب الأمنية ضمن إطار التعاون الثنائي.
وأشار حينما عقد لقاءً بالعاصمة الأمريكية مع عدد من ممثلي ومراسلي وسائل الإعلام الأمريكية والغربية والشبكات الإخبارية، إلى «تأكيد العراق التزامه بمخرجات اللجنة العسكرية العليا المعنية بإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق بعد 10سنوات» مستدركاً بالقول: «العراق اليوم يختلف عما كان عليه في عام 2014 وأن عصابات داعش لم تعد تمثل تهديداً للعراق ومن الطبيعي العمل على إعادة النظر في التحالف واستمراره».
وأوضح رئيس الوزراء أن «المسار الثاني في العمل المشترك مع الولايات المتحدة، تَمثل بالاجتماع الأول للّجنة التنسيقية العليا لاتفاقية الإطار الاستراتيجي، الذي تناول ملفات الطاقة والاستثمار والنقل والتعليم وتحديات التغيّر المناخي».
ولفت إلى أن «الحكومة رفعت شعار العراق أولاً، وأن المصلحة المستدامة تقتضي بناء شراكات متينة لا يقتصر وجودها على الحكومات أو الإدارات، إنما تمتدّ إلى المصالح المتبادلة للشعبين الصديقين».
وعلى الرغم من أن الزيارة جاءت متأخرة وقبل أشهر فقط من الانتخابات الأمريكية المزمع إجراؤها نهاية العام الجاري، يشير الحكيم إلى رأي يرى «أهمية الزيارة من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية و(ضبط تقلبات) أسعار الدولار ومكافحة منافذ التهريب ومستقبل التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة».
كما جدد السوداني والرئيس بايدن التزامهما بـ«الشراكة الثنائية لمصلحة البلدين» وقررا «توسيع التعاون في جميع المجالات التي تمت مناقشتها في الاجتماع وفي اجتماعات اللجنة التنسيقية العليا طبقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي» المُبرمة بين البلدين عام 2008.
ووفق الحكيم فإن أهداف الزيارة التي تم بحثها مع زعماء القوى السياسية في «الإطار التنسيقي» قبل إجرائها، «لم يتم التطرق لها إطلاقاً، بل كانت زيارة سياسية بامتياز ولا ترتقي لحجم التسويق الذي قام به بعض المقربين للحكومة ولائتلاف إدارة الدولة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية