غضب فلسطيني بعد تقليص واشنطن مساعدتها المالية لـ«الأونروا»

حجم الخط
0

رام الله – «القدس العربي»: قررت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترمب، تحويل حوالى 60 مليون دولار فقط، خلال شهر كانون الثاني الجاري، إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وتجميد حوالى 65 مليون دولار أخرى، ما دفع المنظمة، أمس الأربعاء، إلى مناشدة العالم لتقديم تبرعات.
وقال بيير كرينبول المفوض العام للأونروا إنه سيطالب دولا مانحة أخرى بالمال، وسيطلق «حملة عالمية لجمع المال»، تهدف إلى الإبقاء على المدارس والعيادات التي تخدم اللاجئين الفلسطينيين مفتوحة خلال عام 2018 وما بعده.
وأوضح، في بيان «الأمر يتعلق بكرامة ملايين اللاجئين الفلسطينيين، الذين يحتاجون لمساعدات غذائية عاجلة ودعم آخر في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، وأمنهم الإنساني».
وأضاف أن «525 ألف صبي وفتاة في 700 مدرسة تابعة للمنظمة قد يتضررون من خفض التمويل فضلا عن توفر الرعاية الصحية الأساسية للفلسطينيين، لكنه تعهد بالإبقاء على المنشآت مفتوحة خلال 2018 وما بعدها».
وبين أن «خفض المساهمة يؤثر كذلك على أمن المنطقة في وقت يواجه فيه الشرق الأوسط العديد من المخاطر والتهديدات خاصة المتعلقة بالتطرف».
وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية، إن القرار يؤكد من جهة التزام الولايات المتحدة بمنح مساعدات إنسانية «للفئات الأضعف»، ومن ناحية ثانية يوضح لدول العالم أن الولايات المتحدة تتوقع منها زيادة دعمها لوكالات الغوث التابعة للأمم المتحدة وعدم الاعتماد على ان تفعل الولايات المتحدة ذلك.
واعتبر أن «بدون الميزانية التي نحولها حالياً، كان من الممكن أن يتوقف عمل الاونروا، وأن تواجه الوكالة خطر الإغلاق»، مشيراً إلى أن الادارة الأمريكية «ستفحص في المستقبل» مسألة المبلغ الذي قررت تعليقه حاليا.
وحسب المسؤول الأمريكي «هناك مجال للنظر بعمق في عمل الأونروا ومصادر تمويلها. الولايات المتحدة كانت منذ سنوات أكبر مانح للوكالة – وفي بعض السنوات قدمنا حوالى ثلث ميزانيتها. يجب أن يتغير ذلك».
وطبقاً لما نقلته صحيفة «هآرتس» عن المسؤول «لا ينبغي أن تتحمل الولايات المتحدة هذا العبء وحدها. لقد حان الوقت كي تساهم بلدان أخرى، وبعضها غني جدا، بنصيبها في تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة».
وألمح إلى أن «الولايات المتحدة تتوقع أن تقوم دول الخليج بتحويل جزء كبير من أرباحها من النفط والغاز لدعم اللاجئين، بما في ذلك من خلال منظمات مثل الأونروا».
وقد اتخذ قرار نقل حوالى نصف الميزانية، وتعليق القسم المتبقي بعد مناقشة مطولة داخل إدارة ترامب. ودفعت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، إلى إلغاء تمويل الأونروا بشكل كامل، لكن مسؤولين كبارا في وزارة الخارجية حذروا من أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى أزمة إنسانية في قطاع غزة والأردن، ويمكن أن تصعد الوضع في الضفة الغربية، وفي نهاية المطاف تم قبول موقف وزير الخارجية ريكس تيلرسون وكبار المسؤولين في وزارته.
وكان من المقرر أن يكون التقليص ضعف المبلغ الذي تقرر، وجرى الحديث في الولايات المتحدة عن تقليص مبلغ 125 مليون دولار من أصل 350 مليون دولار تحولها الولايات المتحدة إلى الوكالة، ولربما كان التقليص الأمريكي المعتدل دليلا على أن البيت الأبيض تقبل موقف رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، بإجراء تقليص تدريجي.

إسرائيل والتقليص التدريجي

وزعمت مصادر إسرائيلية، أن تل أبيب ليست معنية بأن يتواصل وجود الأونروا، لأنها هيئة مشوهة بالنسبة لها، فبينما توجد في الأمم المتحدة منظمة للاجئين، تقدم المساعدة لهم، وتعرف اللاجىء بـ»الذي تم اقتلاعه من وطنه»، فإن الأونروا هي هيئة منفصلة تساعد الفلسطينيين فقط، وفقا لمعيار خاص يحدد أن أحفاد اللاجئين الذين تركوا وطنهم في 1948 هم لاجئون.
ومن ناحية أخرى، إسرائيل ليست معنية بإلحاق الضرر بالمساعدات الإنسانية التي تصل إلى السكان في قطاع غزة والضفة الغربية، وتوفر الأونروا لهم الغذاء والعلاج الطبي والرفاه والتعليم وتشغل منظومة محلية واسعة، فتل أبيب تريد استمرارها، ولكن ليس بهذا الشكل.
وكان نتنياهو قد أعلن قبل أسبوع، أن التخفيضات في إعانات الأونروا يجب ان تكون تدريجية.
وتوقع الاحتلال أن يثير القرار عاصفة بين الفلسطينيين، حيث أن الأونروا في قطاع غزة هي ثاني أكبر مشغل بعد السلطة الفلسطينية نفسها، لكن في الوقت نفسه نالت الخطوة رضا المسؤولين الإسرائيليين.
وقال مايكل أورين، نائب الوزير في مكتب نتنياهو إن «قرار الرئيس الأمريكي خطوة حيوية وضرورية لوضع حد لإحدى أكبر حالات الاحتيال في التاريخ».
نائبة وزير الخارجية تسيبي حوطوفيلي، بينت أن «إصلاح الأونروا خطوة ضرورية».
أما سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، فأشار إلى أن «الوقت قد حان لتحويل الأموال المخصصة للمساعدة الإنسانية لتحقيق هدفها الأصيل».

ابتزاز سياسي مرفوض

واعتبرت وزارة الإعلام الفلسطينية أن القرار الأمريكي «ابتزاز سياسي، ومساومة مرفوضة على حقوقنا المشروعة وثوابتنا الوطنية، وعلى رأسها القدس وحق العودة».
وأكدت أن «شعبنا وقيادتنا لن يرضخا لتهديد الرئيس رونالد ترامب ووعيده للقبول بما تسمى صفقة القرن، والعودة للمفاوضات في ظل الاستيطان، وانحيازه الأعمى للاحتلال، وانقلابه على الشرعية الدولية، وإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل».
وحثت الأصدقاء في الولايات المتحدة على «رفع صوتهم ضد انحياز رئيس بلادهم للاحتلال، ونكرانه لحقوقنا وحريتنا المشروعة، وحثتهم على الانتصار للدستور الأمريكي الذي يروج لقيم الحرية والعدالة والديمقراطية».
وأشادت حركة «فتح» بموقف المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» ، حول تقليص الولايات المتحدة الأمريكية مساهمتها في دعم الأونروا بقيمة 65 مليون دولار، والنتائج الكارثية الإنسانية المترتبة على ملايين اللاجئين الفلسطينيين في كل أماكن وجودهم، معتبرة أن موقف المفوض العام عميق ومسؤول، ويدق ناقوس الخطر.
وقال أسامة القواسمي، المتحدث باسم الحركة «إننا في حركة فتح ندعو دول العالم الحرة، والتي عبرت عن موقفها الحر الرافض لإعلان ترامب، في الأمم المتحدة، الى المساهمة في حماية اللاجئين الفلسطينيين، ورفض الابتزاز الأمريكي لمؤسسات الأمم المتحدة، وتعريض ملايين اللاجئين الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ، لخطر نقص الغذاء والدواء والتعليم والرعاية الصحية».
وأكد أن «الرئيس محمود عباس وحركة فتح، سيبذلون كل جهد ممكن مع دول العالم لحماية اللاجئين الفلسطينيين، وتوفير الدعم اللازم لسد النقص في الموارد المالية»، مشددا على أن «قضية اللاجئين لا تسقط بالتقادم ولا بالابتزاز المالي، وأن حق العودة مقدس لا يمكن التنازل عنه، كما أن «القدس عاصمتنا، وخائن للوطن والدين من يتنازل أو يساوم عليها».

واشنطن تنفذ تعليمات نتنياهو

كذلك، نددت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالإجراءات الأمريكية. وقالت إن «الإدارة الأمريكية تنفذ تعليمات نتنياهو بالتفكيك التدريجي للوكالة، والتي قام بإنشائها المجتمع الدولي لحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين وتزويدهم بالخدمات الأساسية في الحياة».
وأوضحت أن «هذه الإدارة تسلب حقوق اللاجئين في التعليم والصحة والمأوى والحياة الكريمة، وتزيد من عدم الاستقرار وتهدد أمن المنطقة، كما أنها تؤكد مرة أخرى تواطؤها مع الاحتلال الإسرائيلي، وتستبق قضايا الحل الدائم عن طريق إزالة قضية اللاجئين عن الطاولة، واستهداف الأبرياء وبالتحديد هذه الشريحة المعرّضة من الشعب الفلسطيني.»
كذلك، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية القرار، مشيرة إلى أنه «وجد ترحيباً اسرائيلياً رسمياً عبر عنه العديد من المواقف».
ورأت أن القرار «يكشف المزيد من ملامح (صفقة القرن) التي تقوم الإدارة الأمريكية وبشراكة فاعلة مع حكومة اليمين في اسرائيل بتنفيذها على الأرض من جانب واحد وبقوة الاحتلال، والتي كانت أولى خطواتها العملية، إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس(عاصمة) لإسرائيل ونقل سفارة بلاده اليها، الذي استغلته سلطات الاحتلال للإسراع في استكمال تنفيذ مخططاتها التهويدية التوسعية بشأن القدس ومحيطها، وأيضا عمليات التهجير القسري واسعة النطاق لمئات الآلاف من المواطنين المقدسيين وطردهم خارج مدينتهم المقدسة، هذا إضافة لما يجري بوتيرة متصاعدة من تغول استيطاني محموم في منطقة الأغوار المحتلة والمناطق المصنفة (ج) على امتداد الضفة الغربية المحتلة، وتصعيد عمليات حصار قطاع غزة واستكمال فصله عن الضفة الغربية في محاولة مكشوفة لتصفية القضية الفلسطينية.
إلى ذلك، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في قطاع غزة، أن قرار الإدارة لأمريكية يأتي ضمن مخطط لـ»تصفية القضية الفلسطينية».
وقالت في بيان:» تقليص الإدارة الأمريكية للمساعدات المالية للأونروا، سياسة أمريكية مرفوضة تأتي في سياق المخطط الأمريكي لتصفية القضية، وعلى رأسها قضية اللاجئين الفلسطينيين».
ودعت «أونروا لعدم الاستجابة للضغوطات الأمريكية التي من شأنها المساس بحقوق الشعب الفلسطيني».
وطالبت «الوكالة الأُممية، والمؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية بتوفير الدعم للشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانب قضاياه العادلة».

غضب فلسطيني بعد تقليص واشنطن مساعدتها المالية لـ«الأونروا»

فادي أبو سعدى:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية