الطلاق يصيب الأطفال بالاكتئاب والاحباط والاحساس بعدم الأمان

حجم الخط
0

لندن – «القدس العربي»: يعد الطلاق من أهم المشكلات التي تواجه مجتمعاتنا العربية وهو من أقسى التجارب التي يمكن ان يمر بها الوالدان اذ يترتب عليه العديد من الآثار السلبية على الأسرة التي تعد نواة المجتمع، كما أن له آثار نفسية شديدة الخطورة على الأطفال . فاذا كان الطلاق ابغض الحلال عند الله، الا أنه في بعض الظروف تستحيل العشره بين الزوجين فيكون الطلاق هو الحل الأمثل لأنهاء العلاقة بينهما. ولكن هنا يثار التساؤل عن آثار هذا الانفصال على نفسية الأطفال.
طبقا لدراسات عديدة وجد الخبراء أن تأثير الإنفصال على نفسية الأطفال يبدو واضحا كلما كانت المشاعر بين الأبوين المنفصلين جافة، فكلما زادت حدة المشاكل بين الزوجين وكلما قلت قدرة الوالدين على تلبية مطالب ابنائهم المادية والمعنوية بعد الانفصال تزداد حدة الآثار السلبية للانفصال على نفسية الأطفال. أبحاث الخبراء في علوم الإجتماع توصي الآباء عندما يتخذون قرار الانفصال لوجود سبب قوي من وجهة نظرهم، بان يراعوا تبعات هذا الأمر على أطفالهم. وان يجتهدوا قدر الأمكان في تجنيب الأبناء تبعات الانفصال، حيث ان الطفل في هذه المرحلة قد تتولد لديه مشاعر الغضب تجاه والديه وكذلك الشعور بالإكتئاب والإحباط والإحساس بعدم الأمان، لذا على الوالدين ابعاد أطفالهم عن الخلافات الحادة بينهم وعدم اظهار غضبهم والإهتمام بهم إهتماما كافيا من النواحي المادية والمعنوية.
ويرى بعض المتخصصين في الشؤون الأسرية ان الآباء عند اتخاذ قرار الإنفصال قد يقعون في بعض الأخطاء التي تؤثر بالسلب على أطفالهم مستقبليا منها إشراكهم في الخلافات ونسيان مشاعرهم واحتياجاتهم قبل وأثناء الطلاق، كذلك وضع الأطفال في موقف يجبرهم على الانحياز لأحد الطرفين .
وقد اختلف علماء الاجتماع حول الوضع الأفضل للأطفال الذين يتشاجر والديهما باستمرار ، فالبعض أشار الى ان معيشة الطفل في وسط أسرة غاب عنها ربها قد تكون أهون شرا من الحياة وسط أسرة لا يكف فيها الوالدان عن الخصام، ويعلل ذلك بأن الطفل لو نشأ في بيئة مليئة بالشقاق والنزاع والصراع كثيرا ما يكتسب مزاجا عصبيا وعقلية مشتتة وعاطفة موزعة ومن الأفضل لمثل هؤلاء الأطفال ان يعزلوا عن تلك البيئة المتوترة أو يفصل أحد الوالدين عن الآخر بالطلاق .
ويرى آخرون انه مهما كان التنافر قائما بين الوالدين فانه من الأفضل بكثير ان تظل الأسرة قائمة لان الأطفال في حاجة الى رعاية ولا يمكن لأية جمعية أو منظمة ان تعوض الطفل حنان الأم أو عطف الأب وخصوصا في السنوات الخمس الأولى من حياته.
ثمة دراسة حديثة تؤكد أن الانفصال أحيانا تكون له تأثيرات أكثر خطورة من كل ما سبق، حيث قد يتسبب في إضطرابات سلوكية لدى الأطفال، خاصة اذا كان حصل في توقيت يتشكل خلاله سلوك الطفل بين سن 3 سنوات و10 سنوات، اذا صادفت تلك المرحلة العمرية إنفصال الأبوين فيحدث اضطراب سلوكي لدى الأطفال من صفاته أنهم يميلون للكذب والسرقة والعنف والتخريب. وينصح علماء الاجتماع في حالة الخلاف بينهما بتحييد الطفل بعيدا قدر الإمكان سواء حدث طلاق أو لم يحدث، وأن محاولة أيا منهما جذب الطفل الى ناحيته لن يكون في صالح الطفل من النواحي النفسية.
كما يوصي علماء الاجتماع ان يحرص الوالدان على توفير حياة أسرية مستقرة لأطفالهما حتى لو تم الإنفصال مثل لقاءات منتظمة تجمع الطفل بوالديه بكيفية يتفق عليها طرفا الخلاف وهذا يساهم في تخفيف الضغط النفسي الهائل الذي يتركه الطلاق على نمو الطفل واتزانه النفسي.

جهاد مجدى

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية