وعود حكومية مصرية بخفض الأسعار لا تعترف بها الأسواق

 تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة- القدس العربي”: رغم حديث المسؤولين المصريين عن انخفاض شهدته أسعار السلع الغذائية، بعد تمكن الحكومة من حل أزمة شح النقد الأجنبي، من خلال الحصول على حزم تمويل من الاتحاد الأوروبي ورفع قيمة قرض صندوق النقد الدولي إلى 9 مليارات دولار، وتوقيع اتفاق “رأس الحكمة” مع الإمارات، إلا أن ذلك لم ينعكس على السوق.

سيد عادل مهندس مصري، يسعى لشراء أجهزة كهربائية لابنته، التي تمت خطبتها، استعداداً لتجهيز منزل الزوجية، يقول لـ “القدس العربي”: “توجهت أمس إلى شارع عبد العزيز في منطقة وسط القاهرة لشراء الأجهزة الكهربائية التي اتفقت مع العريس عليها، بعد أن قرأت خبراً يتحدث عن انخفاض الأسعار بنسبة 30 في المئة” .

يؤكد عادل أنه وجد الأسعار لم تتغير عن الأشهر الماضية، التي فشل فيها في شراء الأجهزة: “عندما أخبرت البائع أن الأسعار قد انخفضت، ابتسم في وجهي قائلاً: هل شاهدت من قبل سلعة ارتفع سعرها ثم انخفض مرة أخرى؟”.

وكان عضو مجلس إدارة شعبة الأجهزة الكهربائية وافي أبو سمرة قال إن أسعار الأجهزة الكهربائية انخفضت في الأسواق المحلية بنسبة 30 في المئة خلال الشهر الجاري.

وأضاف في بيان: ظاهرة “الأوفر برايس” التي انتشرت في قطاع الأجهزة الكهربائية خلال الفترة الماضية ما قبل تحرير سعر الصرف، اختفت تماماً، وأصبحت البضائع تباع بالأسعار الرسمية بدون أية زيادات.

وزاد: معظم شركات الأجهزة الكهربائية بدأت في طرح عروض خصومات على بعض منتجاتها، مؤكداً أن تلك العروض كانت قد اختفت تماماً من القطاع طوال الفترة الماضية.

وبحسب أبو سمرة، فإن عروض الخصومات تمثل أغلبها في تقديم هدايا على بعض المنتجات هي 10 في المئة من قيمة المنتج الأصلي، ما يعني تراجعاً إضافياً في الأسعار بصورة غير مباشرة.

انخفاض أسعار الأجهزة الكهربائية بنسبة 30 في المئة نفاه رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية جورج سدرة، قائلاً إن التخفيضات في الأسعار تصل إلى 15 في المئة فقط، وإن السوق تمر بمرحلة ركود كبيرة وصلت إلى 80 في المئة.

وأضاف، في تصريحات متلفزة، أنه لا يتمنى انخفاض الأسعار بصورة كبيرة أو ارتفاعها أيضًا بصورة كبيرة: الاستقرار يحقق الانضباط في السوق.

وعن بيان عضو شعبة الأجهزة الكهربائية بشأن نسبة الـ30 في المئة، قال: إن مزيداً من الركود ضرب سوق الأجهزة الكهربائية، بعد هذا التصريح، حيث رفض المواطنون الشراء بالأسعار التي حددتها الشركات.

وزاد: التصريح صادر عن عضو مجلس إدارة شاب تسبّب في عدة مشكلات من قبل.

لم يقتصر الجدل على الأجهزة الكهربائية، بل امتد للخبز الحر، الذي شهد ارتفاعاً في الأسعار خلال الأشهر الماضية بنسبة 50 في المئة.

وقال خالد فكري، المتحدث باسم شعبة المخابز بالقاهرة، إن سعر رغيف الخبز السياحي سينخفض بنحو 25 في المئة خلال هذا الأسبوع، بسبب انخفاض سعر الدقيق بالنسبة نفسها خلال الأيام الماضية.

وبيّن أن هناك اجتماعاً مع شعبة القاهرة وأصحاب المخابز السياحية لخفض الأسعار، بالتوازي مع انخفاض أسعار الدقيق.

النائبة فاطمة سليم، عضو مجلس النواب المصري، تقدمت بطلب إحاطة إلى المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، موجه إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير التموين والتجارة الداخلية علي مصيلحي، بشأن استمرار ارتفاع أسعار الخبز السياحي رغم انخفاض أسعار الدقيق.

وقالت النائبة، في طلب الإحاطة، إن الفترة الأخيرة شهدت انخفاضًا كبيرًا في سعر طن دقيق الخبز من 26 إلى نحو 16 ألفاً، بعدما نجحت الدولة في استقرار سعر صرف الدولار بعد توفير العملة الأجنبية والقضاء على السوق السوداء.

وأكدت أنه رغم ذلك الانخفاض الكبير في سعر الدقيق، إلا أن أصحاب المخابز، يرفضون تخفيض أسعار الخبز السياحي.

وأضافت: رغم إعلان شعبة المخابز باتحاد الغرف التجارية عن دعوتها لانخفاض سعر الخبز بنسبة 25 في المئة إلا أن أصحاب المخابز لم يلتزموا بذلك، ولا يوجد التزام أيضًا بوزن محدد للرغيف، ما يتسبب في تحمل المواطنين أعباء مالية دون مبرر، الأمر الذي يتطلب ضبط تلك المنظومة.

وتساءلت النائبة في طلب الإحاطة عن آليات الرقابة على المخابز وتنظيم سعر الخبز المباع للمواطن.

أحد أصحاب المخابز في منطقة عين شمس، فضّل عدم ذكر اسمه، استبعد موافقة أصحاب المخابز على خفض سعر الخبز الحر.

وقال لـ “القدس العربي” إن الزيادة الأخيرة في الأسعار كانت مرتبطة بارتفاع أسعار الدقيق، قبل أن تقدم الحكومة على رفع أسعار السولار وغاز الطهي، أواخر شهر مارس/ آذار الماضي، بنسبة تصل لـ33 في المئة، وبالتالي فإن انخفاض سعر الدقيق ليس هو العامل الوحيد الذي يحدد تكلفة الخبز.

ومنذ إقدام الحكومة المصرية على تحرير سعر الصرف للمرة الأولى عام 2016، وما شهدته العملة المحلية من انخفاض مقابل الدولار، ما أدى إلى موجات متتالية من ارتفاع الأسعار، يواجه معظم المصريين أزمة في توفير الغذاء.

وأعلنت الحكومة المصرية مؤخراً تخصيص 596 مليار جنيه، ما يعادل 12.5 مليار دولار، لمنظومة الدعم، ضمن مشروع الموازنة المقبلة، منها 134 مليار جنيه للسلع التموينية.

وتسعى الحكومة في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي على تقليص الدعم، ما اعتبره مركز حلول للسياسات البديلة التابع للجامعة الأمريكية، وأنه على عكس الاتجاه الحكومي في تقليص دعم السلع الغذائية، أثبتت الدراسات أن الارتفاع السريع في أسعار الأغذية يوقِع ضرراً كبيراً على الأسر الفقيرة، لأن الغذاء يمثل حصة كبيرة من مجموع استهلاكها، وبالتالي له تأثير مباشر في صحة وسلامة المواطنين.

وبحسب تقرير للمركز، لا يتجاوز ما تحصل عليه الأسرة من دعم للسلع الغذائية 7.4 في المئة من إجمالي استهلاكها الغذائي.

وبيّن التقرير أنه في الوقت الذي يوجد فيه حوالي 23 مليون بطاقة تموينية يستفيد منها 64 مليون مواطن، ما زالت قيمة الدعم عليها زهيدة لا تزيد على 50 جنيهًا شهريًا لكل فرد.

ودعا التقرير إلى  زيادة المبالغ المخصصة للبطاقات التموينية والاستمرار في تقديم الدعم السلعي لأنه يوفر الحد الأدنى من الأمن الغذائي في ظل ارتفاع نسب الفقر لتبلغ 35.7%، بإجمالي 37.05 مليون مواطن عام 2023، حسب تقرير مشروع حلول للسياسات البديلة.

ولفت التقرير إلى أن ارتفاع الأسعار دفع 84 في المئة من الأسر للتوقف عن سداد الديون، و47 في المئة من الأسر لجأت إلى تناول بدائل غذائية أقل تكلفة وتقليلها، فيما خفضت 43 في المئة الإنفاق على الصحة، كما خفضت 25 في المئة الإنفاق على التعليم.

وبين التقرير أن المصريين اضطروا لتخفيض الاستهلاك من اللحوم والدجاج والبيض والأسماك والبيض بنسبة 85  في المئة، وأن عدد الذين يعانون من نقص التغذية عام 2022 بلغ 7.8 مليون شخص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية