مسؤول في اليونيسيف لـ”القدس العربي”: نعمل في بيئة خطيرة وحان الوقت لإسكات البنادق والاستماع لأطفال غزة

حسن سلمان
حجم الخط
0

تونس- “القدس العربي”:

أكد عمار عمار، المدير الإقليمي للمناصرة والإعلام في مكتب اليونيسيف للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن المنظمة تعمل في بيئة خطيرة للغاية داخل قطاع غزة، معتبرا أن “النهاية الدائمة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن أن تأتي إلا من خلال حل الدولتين، وفق ما أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش”.

وكانت اليونيسيف كشفت، قبل أيام، تعرض سيارة تابعها لها للإصابة بذخيرة حية عندما كانت تنتظر الدخول إلى شمال قطاع غزة المحاصر من قبل إسرائيل.

وأكد عمار في حوار خاص مع “القدس العربي”، أن “اليونيسيف وجميع الجهات الفاعلة الإنسانية يعلمون في بيئة خطيرة للغاية، ونحن نراقب الوضع الأمني عن كثب. يواجه أطفال غزة هذا الوضع الخطير بشكل يومي، وتواصل اليونيسيف الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية لمنع قتل وإصابة الأطفال، ولحماية البنية التحتية الأساسية الحيوية لبقائهم على قيد الحياة”.

الوضع في غزة كارثي، فهناك 1.7 مليون نازح – نصفهم من الأطفال- محشورون في ملاجئ مكتظة، دون مياه نظيفة وغذاء وصرف صحي.

ودعا جميع أطراف النزاع إلى “الالتزام بحماية العاملين في المجال الإنساني في جميع الظروف، وفقاً للقانون الإنساني الدولي، وتسهيل عملهم، بينما يواصلون تقديم الخدمات في ظروف مخيفة وصعبة، ويحاولون الوصول إلى الناس بالغذاء والإمدادات الطبية والمياه والصرف الصحي”.

كما وصف عمار الوضع الإنساني في قطاع غزة بـ”الكارثي”، مشيرا إلى أنه “يزداد سوءاً يوماً بعد يوم مع استمرار العنف، وخاصة بالنسبة للأطفال وأسرهم، حيث يعيش الأطفال في ظروف لا يمكن تصورها. فهناك أكثر من 1.7 مليون شخص -نصفهم من الأطفال- نازحون داخلياً، محشورون في ملاجئ مكتظة، دون إمكانية الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي والغذاء”.

وأكد أن “المرافق الصحية تنهار تحت العدد الهائل من الضحايا. كما لا تعمل سوى 10 مستشفيات من أصل 36 مستشفى في غزة، وبشكل جزئي. وهذه المستشفيات تعمل بأكثر من ثلاثة أضعاف طاقتها، رغم أنها تواجه نقصا حادا في الإمدادات الأساسية والوقود اللازم لتوفير الطاقة وتشغيل المعدات الأساسية، وخاصة المستشفيات في شمال القطاع”.

تجاوز عتبة المجاعة

وحول المخاطر التي يتعرض لها الأطفال في غزة حاليا، قال عمار: “بالإضافة إلى تواصل خطر الموت بسبب القنابل والهجمات، فإن غياب المواد الأساسية له تأثير كارثي على الأطفال. كما تنتشر الأمراض التي تسبب الإسهال بسرعة كبيرة، وخاصة بين الأطفال الصغار، ويعاني أكثر من 90 في المئة من الأطفال دون سن الخامسة من مرض واحد على الأقل، مثل الحمى والقيء والالتهابات الجلدية والتهابات الجهاز التنفسي الحادة”.

كما أشار إلى أن “المساعدات لا تزال قليلة للغاية، ومع نقص المواد الغذائية، خاصة في الشمال، نلاحظ تزايدا في حالات سوء التغذية الحاد، ومن المحتمل جداً أن يتم تجاوز عتبة المجاعة، وفق الخبراء، حيث يعاني طفل واحد من كل ثلاثة أطفال دون السنتين في شمال قطاع غزة من سوء التغذية الحاد، وهذه النسبة تضاعفت خلال شهر واحد فقط”.

90% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من الحمى والالتهابات الجلدية والتهابات الجهاز التنفسي الحادة.

وأضاف: “علاوة على ذلك، فإن تداعيات الصحة النفسية لا تقل خطرا، حيث يعاني الأطفال من الصدمات الناجمة عن التعرض المستمر للعنف، ويعانون من الكوابيس والقلق والشعور الكبير باليأس. وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن هناك خطرا ينتظر آلاف الأطفال، مع الخوف من آثار لا يمكن إصلاحها على أولئك الذين يبقون على قيد الحياة. ولذلك لا بد من وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة”.

وكشف عمار عن الجهود التي تبذلها اليونيسيف حالياً لمساعدة أطفال قطاع غزة، مشيرا إلى أن “إيصال المساعدات هو مسألة حياة أو موت بالنسبة للأطفال في غزة. فهناك حاجة فورية وهائلة للمياه والغذاء والدواء والوقود، وتواصل اليونيسيف التركيز على احتياجات الأطفال الماسة للحماية والمساعدة الإنسانية، لكن الوصول إليها لا يزال صعباً وخطيراً”.

كما تحدث عن “عقبات” تواجه منظمة الأمم المتحدة للطفولة في قطاع غزة، تتعلق بـ”صعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، فهناك نقطتا دخول فقط (رفح على الحدود المصرية وكرم أبو سالم على الحدود الإسرائيلية) وكلاهما في الجنوب، حيث لا تزال نقاط العبور في الشمال مغلقة، كما أن عملية التدقيق عند نقاط العبور طويلة ومعقدة، مما يحد من عدد الشاحنات التي يمكنها العبور إلى غزة ويبطئ دخول المساعدات. ونتيجة لذلك، هناك مئات من الشاحنات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية تنتظر دخول غزة. وبمجرد عبور الإمدادات الحدود إلى غزة، يجب تفريغها وإعادة تحميلها على شاحنات مختلفة (بسبب القيود المفروضة على الشاحنات العاملة هناك) وهذه العملية تستغرق وقتا طويلا وتحدث في منطقة صغيرة ومزدحمة، وتعطل وصول المساعدات إلى مستحقيها”.

الأعمال العدائية تعطّل الإمدادات الغذائية

وأشار أيضا إلى أن “منظمة اليونيسيف لا تستطيع حاليا الوصول إلى جميع مناطق غزة لتوصيل الإمدادات، فمساحة عملياتنا الجغرافية محدودة للغاية وتستمر في التقلص مع تحرك الأعمال العدائية نحو الجنوب، كما لا يمكننا العمل بحرية مع تواصل القصف العنيف على القطاع. ولم تتمكن الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني من استلام الإمدادات بانتظام من نقاط العبور بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة وانهيار النظام. يحتاج الناس في غزة إلى معرفة أن بإمكانهم الاعتماد على التدفق المنتظم للإمدادات الغذائية، سواء من قوافل المساعدات أو من القطاع الخاص. وبدون هذا اليقين، يسود الخوف والفوضى”.

وأشار عمار أيضا إلى عقبات أخرى تعترض عمل اليونيسيف في غزة، وتتعلق بانقطاع الطرق مع تواصل القصف من قبل جيش الاحتلال، والمخاوف من انعدام الأمن وإلحاق الضرر بالمركبات، فضلا عن شح الوقود وتخصيصه أساسا للمرافق الطبية، وانقطاع الاتصالات المتكرر”.

وأضاف: “لا تزال اليونيسيف موجودة في قطاع غزة وتقوم بتقديم المساعدات، ونحن نعمل على التغلب على هذه العقبات من خلال التنسيق مع الشركاء ونشر الحلول المبتكرة، ونعطي الأولوية لتوصيل المواد التغذوية والصحية والمياه وتجهيز مرافق الصرف الصحي ومراكز الإيواء، بالإضافة إلى توفير الدعم النفسي والاجتماعي والأنشطة الترفيهية للأطفال لمنحهم ولو أدنى إحساس بالحياة الطبيعية، بعيداً عن الواقع البعيد جداً عن أن يكون طبيعياً”.

وتوجه عمار برسالة إلى حماس وإسرائيل والمجتمع الدولي، قال فيها: “لقد حان الوقت بالتأكيد لإسكات الأسلحة وسماع أصوات الأطفال. يجب على الجميع الارتقاء إلى مستوى مسؤولياتهم. حتى الحروب لها قواعد، وهذا ليس استثناء. يجب إعطاء الأولوية لسلامة الأطفال -جميع الأطفال- وحمايتهم”.

مساحة عملياتنا الجغرافية محدودة للغاية وتستمر في التقلص مع تحرك الأعمال العدائية نحو الجنوب، كما لا يمكننا العمل بحرية مع تواصل القصف العنيف على القطاع.

وقف دائم لإطلاق النار

وأكد أن اليونيسيف “تواصل الضغط على قادة العالم في كل مناسبة من أجل وقف فوري ودائم لإطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وغير مقيد إلى قطاع غزة وعبره للوصول إلى السكان المتضررين أينما كانوا، بما في ذلك شمال القطاع. ونحن بحاجة إلى فتح جميع المعابر أمام المساعدات والإمدادات التجارية، فضلا عن ضمانات للتنقل الآمن للعاملين في المجال الإنساني والإمدادات في جميع أنحاء غزة”.

وأضاف: “يجب احترام وحماية البنية التحتية المدنية مثل الملاجئ والمدارس والمرافق الصحية والكهربائية والمياه والصرف الصحي والاتصالات لمنع فقدان أرواح المدنيين والأطفال، وتفشي الأمراض، ويجب توفير الرعاية للمرضى والجرحى. وعلى جميع أطراف النزاع احترام القانون الإنساني الدولي”.

واعتبر عمار أن حل الأوضاع الراهنة في قطاع غزة “لا يتم بالعنف، بل ينبغي معالجة الأسباب الكامنة وراء ذلك، كما ينبغي توافر الإرادة السياسية لإيجاد مخرج. وكما ذكر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش فإن النهاية الدائمة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن أن تأتي إلا من خلال حل الدولتين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية