خلاب مشهد الفتى الشاب الفنان محمد عساف وهو يرتدي الكوفية الفلسطينية معتليا خشبة مشرح آراب أيدول على شاشة إم بي سي مطلقا العنان لأغنية فلسطينية تراثية تقتحم رغم الحصار والإحتلال مسارح الديجتال لكي يرقص الجميع على أنغام الوطن الفلسطيني الضائع.
اللافت في مواويل عساف أنه (ناكف) بإمتياز أولئك الذين يحظرون الغناء والموسيقى والإحتفالات في قطاع غزة عبر مقطع خاص بالموال يسلم على تراب غزة الطاهر لكي يثبت بأن الأغنية ستبقى أطول عمرا من الظلام وأكثر قدرة على الإختراق من كل الحسابات السياسية.
.. نعم للأغاني الوطنية الجميلة العابرة للروح سواء رددها لسان عراقي أو مصري أو سوري أو مغاربي ..ه ذا حصريا ما يذكرنا به عساف كما فعل قبله ومعه سفير الأغنية الحلبية عبد الكريم حمدان.

نادي الزعتري وفريق الوحدات

لكن الأغاني يمكن الإستماع لها أيضا من صوت المكبرات الصغيرة المنتشرة في محل أشرطة الكاسيت المستقر في سوق (شانزلزيه)- سمي كذلك لإن التمويل فرنسي- في عمق مخيم الزعتري للاجئين السوريين وهو بقعة تلفت نظر مختلف الكاميرات التلفزيونية هذه الأيام.
مثلا في خلفية التقارير إياها التي يبثها التلفزيون الأردني الحكومي يمكن الإصغاء لهمسات الموسيقى خلف تسجيلات الكاميرا التي تستضيف دوما (أشقاء سوريين) يشيدون بمستوى الخدمات المقدمة لهم دون أن تلتقط الكاميرا نفسها ولو مرة واحدة من باب رفع العتب لقطة من أي نوع للمظاهرات التي ينظمها اللاجئون إحتجاجا على سوء الخدمات.
آخر هذه المظاهرات إنتهت بإشتباك عنيف مع قوات الدرك أصيب فيه سبعة من رجال الأمن أحدهم في حال الخطر.
زميلتنا في ‘القدس العربي’ منال الشملة زارت المخيم وتجولت فيه وإنطباعاتها تشير بوضوح الى ان المخيم سيبقى طويلا حيث يوجد بزنس وسوق وزوار ومصاهرات وفساتين عرايس وساندويتشات كباب ومخفر شرطة وقوات درك وكاميرا تسجل الإشادات فقط وهي نفسها مقومات المكوث لفترة أطول عمليا.
محور الصراع اليوم بين سكان مخيم الزعتري هو حصريا الإنتقال من الخيمة إلى الكرافان.
أحد الخبثاء علق متوقعا أن يتنافس فريق نادي الزعتري مع فريق نادي الوحدات على النهائي في موسم كرة القدم المحلي بعد نحو خمس سنوات.

مذيع يهز رأسه فقط

أكثر ما لفت نظري في المقابلة التي بثتها فضائية الإخبارية السورية للرئيس بشار الأسد هو المذيع الذي أدار الحوار بدون إدارة.
صاحبنا كان يكتفي بإطلاق إبتسامه مكررة لا معنى لها و(يهز رأسه) مقرا بكل ما يقوله الرئيس في حركة تلقائية وعفوية نرصدها دائما في كل تلفزيونات الحكومات العربية الرسمية.
ورغم ان الأسئلة الأهم طرحت من قبل زميلته المذيعة إلا أن رأسها كان أكثر ثباتا على كادر الكاميرا.
للأسف الفضائيات العربية ثلاثة أنواع على الأغلب: الأولى متخصصة بهز الوسط والثانية لا نرى فيها إلا هز الرأس أما الثالثة فهي من النوع الجبار الذي يهتز ويتراقص فيه الضمير على مدار ساعات البث.
أما الملامح الحادة التي ظهرت على وجه الرئيس بشار في إطلالته الأخيرة فلم أشعر خلال التلقي بأنها تعكس مضامين خطته العسكرية التي قال فيها بأن المناطق التي بيد المعارضة حررت أو في طريقها للتحرير.

قصة منخار الأسد

والهز أصناف ولا يقتصر على بني الإنسان فمتابعة متتالية لثلاث مرات لفضائية (وايلد لايف) الوثائقية المتخصصة بعالم الحيوان فيها الكثير من العبر والخيال والدروس السياسية الإجتماعية.
مثلا لم أكن اعلم بأن مجتمع النحل مثلا يعارض بقوة شرب الكحول وحالات الثمالة حيث تصر نحلة عابثة على إمتصاص الرحيق من شجرة محددة في منطقة الأمازون لا يتعامل معها النحل بالعادة.
تمتص النحلة التي تخالف التقاليد بعض سوائل الشجرة إياها فتثمل بسبب نسبة كحول وتترنح وعندما تعود لمجتمع العائلة تشتم رائحتها أخوات لها فيتم تكليف فريق من النحلات بمعاقبتها فتضرب النحلة التي ثملت حتى الموت ولا يسمح لها بالعبور.
يحدث ذلك خلافا للسهرات التي تبثها فضائيات من بينها وناسة وروتانا للأغاني حيث لا يسلطن بعض المطربين إلا بعد الثمالة وحيث أخالني أشتم من وراء الشاشة بعض الروائح الكحولية، ولا اعتراض لديّ على ذلك.
اللافت أيضا هو الأسد الذي يحاول الإسترخاء قليلا بعد تناوله وجبة دسمة هي عبارة عن حمار وحشي ثقيل الوزن فتحرمه من النوم (ذبابة) متخصصة بإقتحام مناخير وآذان وفم الأسد الكيني الذي يبدو عليه الإرهاق والقلق وهو يحاول كش الذباب عن منخريه.
أنا اتحدث هنا عن أسد حقيقي ولا أقصد أي إسقاط سياسي له علاقة بسورية حتى لا يفهمني أحد بصورة خاطئة والأسد المنزعج المحروم من النوم هو ذلك المستقر في غابات كينيا.
طبعا المتعة تستمر مع سعادين الهند التي تثمل هي الأخرى عندما تلتهم نوعا محددا من الدود يدافع عن نفسه ببث سموم كحولية سريعة في قم السعدان بعد القضمة الأولى فيثمل السعدان بسرعة ويبدأ بالضحك ويترك الفريسة الزاحفة .. أتمنى لو ثمل الزعماء العرب بنفس الطريقة.
النمر الآسيوي أيضا عندما يمرض يزورالعيادة الطبية وهي منطقة مخصصة فيها من نوع من الأوراق الخضراء المليئة بالمواد المخدرة فيتفعفل النمر بين هذه الأوراق لتخدير الألم فيما لا تجد الشعوب العربية ما تتفعفل وسطه رغم بركات الربيع العربي.

مدير مكتب ‘القدس العربي’ في عمّان