غزة: مليون ونصف دولار خسائر قطاع الزراعة من جراء فتح إسرائيل السدود المائية

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

أثار فتح الاحتلال الإسرائيلي السدود المائية المحاذية لقطاع غزة شرقاً، حالة من الغضب واليأس في صفوف المواطنين من سكان المناطق الشرقية وبالتحديد مدينتي دير البلح وخانيونس، بعد أن أغرقت مياه السدود عشرات المنازل وأدت إلى تدمير عدد منها بشكل كامل، إلى جانب تدمير مئات الدونمات الزراعية وإلحاق الخسائر بالمحاصيل، التي جرفت مع السيول المتدفقة باتجاه البحر.
واضطرت عشرات العائلات في منطقة وادى السلقا في مدينة دير البلح جنوب قطاع غزة، لمغادرة منازلها بعد أن غمرتها المياه التي تدفقت وأحدثت أضراراً كبيرة بمقتنيات المنازل وتسجيل حالات وفاة، بعد نشوب تماس كهربائي على إثر كميات المياه الكبيرة التي طالت المرافق الكهربائية في المنطقة.
ويتعمد الاحتلال في كل فصل شتاء إلحاق الضرر بالمنازل والمزارع القريبة من الحدود، من خلال فتح السدود المائية المتجمعة داخل الكيبوتسات والمستوطنات القريبة من غزة، وذلك مع امتلاء السدود من الجانب الإسرائيلي بالكمية المحددة وتصريفها باتجاه قطاع غزة، في سياسة عقاب جماعي تتطلب تدخلا دوليا، لإنقاذ سكان غزة من الإجراءات الإسرائيلية الخطيرة والتي تهدد أرواحهم وأرزاقهم.
ويعيش السكان في قطاع غزة تحت تأثير بنية تحتية متهالكة، من جراء الحروب الإسرائيلية المتكررة على القطاع وتدمير البنية التحتية أسفل الطرق العامة، إلى جانب منع إسرائيل إدخال المعدات الأساسية في إنشاء البني التحتية السليمة، وبالتأكيد هذه المعيقات زادت من حدة تأثير فتح الاحتلال للسدود وخروج المياه عن مسارها باتجاه المنازل والأراضي الزراعية.
وقالت وزارة الزراعة في قطاع غزة، إن السلطات الإسرائيلية فتحت سدود مياه الأمطار تجاه الأراضي الزراعية شرق مدينة غزة ما أدى إلى غرق مئات الدونمات، وأوضحت أن الإجراء الإسرائيلي تسبب بخسائر كبيرة للمزارعين وصلت إلى مليون ونصف دولار، حيث حملت الوزارة سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الخسائر، مطالبةً المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المزارعين وأراضيهم، وتوفير الحماية لهم وضمان عدم تكرارها خاصة وأننا مقبلون على بدايات فصل الشتاء، وهناك احتمالات لتكرار إسرائيل فتح السدود كما فعلت ذلك مرات عديدة خلال الأعوام الماضية.
في سياق ذلك يقول المواطن علاء أبو مرازيق من سكان منطقة وادي السلقا في مدينة دير البلح، ارتكب الاحتلال حماقة وكارثة إنسانية بحق المواطنين والمزارعين في تلك المنطقة، بعد أن صدمنا بكميات هائلة جداً من السيول القادمة من الجانب الإسرائيلي في ساعات متأخرة من المساء، والتي جرفت المحاصيل الزراعية ومنازل المواطنين المبنية من الصفيح.
وأشار لـ”القدس العربي” إلى أن المنخفض الجوي العميق الذي ضرب قطاع غزة الأسبوع الماضي، سجل كميات وفيرة جداً من الأمطار فاقت توقعات خبراء الأرصاد، حيث أدت الكميات في تشكيل السيول والتجمعات الكبيرة للمياه وأثر ذلك على المزارعين، وجاءت كارثة فتح السدود لتزيد الطين بلة، وجعل مدينة دير البلح وبالتحديد منطقة وادي السلقا التي يقطنها مئات العائلات محاصرة بالمياه.
وبين أن الخوف بات يزداد لدى سكان المنطقة من تكرار المشهد المخيف مرة أخرى، خاصة وأننا مقبلون على فصل شتاء قاسي ووفير من حيث الأمطار، وهطول الأمطار بشكل كبير يجبر الاحتلال على فتح السدود لتفريغ المياه المكدسة باتجاه البحر مروراً بالوادي، الذي ينغمر بكميات كبيرة من المياه والتي تطفو وتبدأ بالدخول لمنازل المواطنين والأراضي الزراعية، حيث أن استيعاب هذه المياه لا يمكن أن يتم بشكل سريع من قبل المواطنين أو من قبل الدفاع المدني في القطاع، محدثاً كوارث وأضرار كبيرة على المنطقة بأكملها.
ولفت إلى أن البلدية والجهات المختصة في المدينة، لا توجد لديها خطط لحماية المنطقة من خطر فتح السدود وتدفقها إلى منازل المواطنين، ويعود ذلك لقلة الامكانيات المتوفرة، فيما تكتفى الجهات المختصة بوضع السواتر الترابية لتدعيم جوانب الوادي، لكن كميات المياه الكبيرة تعمل على جرف الكثبان الرملية والخروج عن مسارها.
إلى ذلك عبر المزارع حامد أبو مغصيب عن بالغ استيائه من غمر مياه السدود الإسرائيلية أرضه الزراعية المكونة من 3 دونمات مزروعة بالخضروات والتي كان على موعد قريب على قطفها، حيث أثرت كميات المياه التي تدفقت إلى أرضه إلى اقتلاع وجرف المزروعات وجعل الأرض قاحلة متكبداً خسائر مالية كبيرة.
وأوضح لـ”القدس العربي” أن أكثر من 70 في المئة من أراضي المزارعين في مدينة دير البلح دمرت بشكل كامل محاصيلها، بعد أن غمرت بالمياه التي وصلت بشكل مفاجئ إلى المنطقة دون سابق إنذار من الاحتلال الإسرائيلي، وهذا الإجراء الإسرائيلي المتعمد يهدف إلى تدمير الاقتصاد، وبالتحديد القطاع الزراعي الذي يعد أحد أهم الركائز الاقتصادية والتشغيلية في غزة.
بدوره أكد الخبير الاقتصادي ماهر الطباع أن الاحتلال الإسرائيلي يمعن في ابتكار أساليب متعددة لتدمير الاقتصاد الفلسطيني والحاق الضرر به من كافة النواحي، سواء على صعيد غرق الأراضي الزراعية بالمياه ورشها بالمبيدات الحشرية السامة، أو منع الصيادين من حرية الصيد، إلى جانب التضييق على حرية استيراد وتصدير السلع.
وأشار لـ”القدس العربي” إلى أن فتح الاحتلال للسدود والعبارات بشكل متعمد، يهدف إلى ضرب القطاع الزراعي وإلحاق الضرر المباشر بأراضي المزارعين، مستغلاً وجود النسبة الأكبر للأراضي الزراعية على طول السياج الفاصل شرق غزة، واصفاً هذا الإجراء بالجريمة والانتهاكات الفاضحة بحق الإنسانية، التي تستدعي وقفة جادة من الجهات الحقوقية الدولية.
وأوضح أن سكان المناطق الشرقية مهددون بمزيد من الاستفزازات الإسرائيلية، وهذا إجراء متكرر في كل عام يرتكبه الاحتلال ويتسبب في كارثة إنسانية وبيئية، لأن المياه لا تجد مجرى لها فتتجه إلى إغراق منازل المواطنين وأراضيهم الزراعية، لافتاً إلى أن كارثة وادي السلقا سببها أنها منخفضة، وهذا يجعلها عرضة للغرق من أقل كمية من الأمطار، مطالبا بضرورة تدخل دولي عاجل، يلجم الاحتلال بوقف سياساته العقابية والخطيرة بحق المواطنين الآمنين، والعمل على تغيير مجرى تصريف مياه السدود والعبارات إلى مناطق أخرى بعيداً عن قطاع غزة.
يشار إلى أن الاحتلال لم يكتف بإغراق منطقة وادي السلقا شرق مدينة دير البلح، بل أنه وبعد انتهاء المنخفض الجوي بيومين، قام وبشكل مباغت بفتح أحد السدود المائية المقابلة لمنطقة جحر الديك وسط قطاع غزة، حيث جرفت المياه أراضي المزارعين والمواشي وزاد ذلك من حجم الخسائر المترتبة على فتح الاحتلال العبارات والسدود.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية