صوت الألم الحلبي على خشية آراب أيدول .. وعندما تحرش المعتصمون بأحذية الدرك

عبثا حاولت مذيعة برنامج الشارع العربي في محطة دبي الفضائية إظهار إهتمامها بطرح أسئلة موضوعية تبدو متعاطفة مع الأخوان المسلمين أثناء مقابلة ممتعة مع الشاعر المصري الكبير وسليط اللسان محمد فؤاد نجم.
الأسئلة متخابثة وتظهر ميلا لدفع الشاعر لإظهار أقصى ما لديه من ألفاظ وتعبيرات قاسية بحق الرئيس محمد مرسي قبل أن تصدر عن المذيعة رمزيات الإستنكار والإستهجان الناعمة على قياس (معقول!) أو على قياس (مش معئول) أو (ألست قاسيا هنا؟).
بوضوح تعكس الأسئلة الموقف السياسي للمحطة وأصحابها وهذا حق متاح لا إعتراض عليه لكن من يفكر بإستعمال عقله بالإعلام لكن كمشاهد أشعر بأن لعبة حواريات الفضائيات فيها فائض من السماجة التي تستهدف تضليلي.
أفضل عمليا الأسئلة الواضحة الموضوعية الجريئة المحرجة التي تنتهي بالكشف عن معلومات تفيد المشاهد والإجابات القوية الصلبة المتماسكة.
لكن ألعاب المذيعين المتذاكية يمكن تلمسها وراء تساؤلات متخابثة تقود الضيف المتحدث إلى إظهار أبشع ما فيه.
شاعرنا الكبير والحبيب تورط في هذه اللعبة عندما جنح للتشدد وإلقاء الحجارة جزافا مع بعض الألفاظ والتعييرات القاسية كلما قادته زميلتنا المذيعة لهذه السكة بسؤال إستنكاري يطالبه ضمنيا بالمزيد من الإثارة.

شاعر يكره إسرائيل
الشاعر الضيف تحدث عدة مرات عن مرسي وعصابته لكن بعض كلماته رنانة ولا يمكن إلا إبداء الإعجاب فيها فلو أصبح رئيسا لمصر سيحارب نجم إسرائيل فورا لأنها (كيان معادي للحقيقة) وسيحول مصر إلى حديقة باتا بعد سيل الشتائم على الرئاسة والأخوان المسلمين أجواء التفاؤل بأن السيدة العربية (ولادة) فهي تحبل عندما تقول لها صباح الخير وتلد عندما تقول لها مساء الخير.
طبعا لا أتفق مع شاعرنا الكبير في تشبيهاته البليغة فالسيدة العربية ليست ماكينة لتفقيس العيال خصوصا إذا كانوا من المسحوقين والأشقياء الذين يولدون بالشارع ويبقون فيه وتفوتهم فرص التعليم .
الدليل أن الأمة العربية (ولادة) فعلا ولكن لا يمكننا الإدعاء بأننا نباهي الأمم بهذه الكثافة البشرية الصامتة السلبية وتتكالب علينا اليوم بقية الأمم كما يتكالب الأكلة على القصعة كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام .
فوق ذلك تجربتي الشخصية لا تقول بما ذهب إليه الشاعر نجم فعبارات صباح الخير ومساء الخير لا تكفي هذه الأيام للحبل والولادة وإلا لأنجب صديقي الأعزب المثقف محمد فرحان ألاف الأطفال من كثرة الصباحات التي يلقيها على النساء في كل الأروقة والطرقات والأزقة .

عدنا والعودة أحمد

في عمان عادت أخبار (قمع مسيرات الإصلاح) تتسيد شاشة الجزيرة التي بثت تقريرا عن ما حصل في مدينة إربد الجمعة الماضية عشرات المرات مركزة على تلك الصور التي تظهر بعض رجال الأمن وهم في حالة غضب يحطمون سيارات وما تيسر من رؤوس المتظاهرين السلميين مع تركيز شديد على حالات الإغماء وتكرار عبارة (كبار السن المصابين).
.. عدنا والعود أحمد والسبب نظرية (القوة المناسبة) التي قالت إدارة الأمن العام أنها إستعملتها في التعاطي مع مسيرة حراكية جديدة شمالي البلاد ولا عجب في ذلك فمدير الأمن الأسبق الجنرال حسين مجالي صاحب نظرية (الأمن الناعم) أصبح وزيرا للداخلية والتنقلات الأخيرة في المناصب الأمنية تعني بأن على السلطة إظهار (العين الحمراء) في وجه الشعب فحكومة الرئيس عبدالله النسور بصدد رفع الأسعار والحراكيون يتحرشون بالعصب الحيوي لرجال الأمن.
البيان الرسمي الذي تحدث عن إستعمال (القوة المناسبة) كما جاء في تلفزيون الحكومة كان يمكن أن يكون أكثر إقناعا لو لم يشاهد الأردنيون على باقة من الشاشات العربية والأجنبية وحتى المحلية مقاطع ومشاهد تخالف كل معادلات الفيزياء.
مثلا أنف الدكتور علي العتوم برز مدببا ومتورما والعالم الفاضل الدكتور أحمد الكوفحي دخل المستشفى وعدة مواطنين فغجت رؤوسهم وسالت دماؤهم أمام الكاميرات وشوهد بعضهم في حالة (سحل) عبر الأرصفة والشوارع أما بعض رجال الدرك فرقصوا الدبكة الشعبية فوق سيارة بك أب نوع تويوتا لا أحد يعرف قصتها.
أغلب التقدير أن القوة كانت فعلا مناسبة على أساس أن رؤوس المتظاهرين هي التي تحرشت بالهراوات وأن مشايخ الأخوان المسلمين خنقوا أنفسهم بالغاز وأن المشاركين في مسيرة سلمية إنبطحوا في الأرض بقرارات ذاتية ودون إكراه وقصدا لإيذاء أحذية الدرك.
نعم القوة في مواجهة مسيرة إربد الأخيرة كانت مناسبة جدا وللغاية لتفجير الإحتقان والغضب مجددا في الشارع ولتقديم خدمة مجانية للأخوان المسلمين…(برافو) على طريقة راغب علامه لكل من ساهم في إنعاش الحراك الشعبي وهو يحاول التنديد بقصة القبضة الناعمة.

حلب في مسرح آيدول

فعلها النجم السوري الشاب عبد الكريم حمدان القادم من ركام مدينة حلب عندما بلل بالدموع خشبة وعتبات مسرح آرب آيدول على شاشة إم بي سي ليثبت للجميع بأن الأمة قد تختلف في السياسة والموقف لكنها تتوحد عندما يتعلق الأمر بالألم الحلبي.
المطرب الموهوب أهدى أغنيته لوطنه سوريا وردد كلماتها التي تتحدث عن آلام حلب قبل أن تتراقص الدموع في عينيه فيبكي من يبكي ويضطر راغب علامة للوقوف مع أحلام ونانسي عجرم فيما تردد الأخيرة: هذه الأصوات التي نحب الإستماع إليها وليس أصوات المدافع.
لاحقا أطلق النجم العنان ل(قدك المياس) فألهب المشاعر ولفت أنظار الشارع العربي لمدينته التي تتمزق بفعالية تفوق عشرات التقارير المضللة التي شوهت الحقيقة بإسم الحرية والديمقراطية.
حلب تبقى وجع الجميع وسوريا في قلب الجميع رغم كل شيء نختلف من أجلها ولا نختلف عليها وهذا حصريا ما شعرت به وأنا أتابع الحلقة الأخيرة من البرنامج الذي يقول لنا بعض ما فيه بأن الأغاني فعلا لا زالت ممكنة.

مدير مكتب ‘القدس العربي’ في عمّان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الأستاذ البدارين الأستاذ البدارين:

    نحيي الأستاذ بسام على كشف الأعيب القنوات الفضايه وتلاعبها وليها عنق الحقيقيه وأجنداتها وهو الأستاذ الصحفي في هذا الشأن .

  2. يقول عمر منسي:

    مقال رائع وأسلوب مميز وإلى الامام يا استاذ بسام

  3. يقول صالح علي:

    الى 1 . صدقت فالأستاذ البدلرين استاذ في الأجندات المكشوفه ألتي لا تمر الا على البسطاء .

  4. يقول عمار:

    دمت قلما حرا يصيب كبد الحقيقة باسلبك اخ بسام والى الامام في كل القضايا

    فربما احيانا كلمة الحق اشد الما من ضرب الرصاص ،

  5. يقول بلسم:

    هل مدير الامن السابق كان اسلوبه ناعما ؟ الم يقتل محتجا على دوار الداخليه

  6. يقول نبيل زهران:

    انت “ديناصور” في كتاباتك يا بسام. لك التحية.

إشترك في قائمتنا البريدية