صحيفة فرنسية: هكذا وجدت باريس نفسها في دوامة الصراع في الشرق الأوسط

حجم الخط
0

باريس- “القدس العربي”:

تحت عنوان: “فرنسا تنزلق للصراع في الشرق الأوسط”، اعتبرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن فرنسا انزلقت خلال الأسبوعين الأخيرين نحو الاضطرابات التي تخشاها، إذ غزا الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني المجال السياسي والاجتماعي والإعلامي برمته في فرنسا: إدانات واستدعاءات لناشطين سياسيين ونقابيين بتهمة “تمجيد الإرهاب” في خضم الحملة الانتخابية للانتخابات الأوروبية؛ وحظر المؤتمرات في الجامعات وحتى الاجتماعات السياسية؛ واحتلال معهد العلوم السياسية في باريس؛ وانصهار وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.

واعتبرت “لوموند” أن استدعاء الشرطة يوم الثلاثاء الماضي لماتيلد بانون رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب “فرنسا الأبية” اليساري، في إطار تحقيق في تهمة “تمجيد الإرهاب”، جاء تتويجا لأسبوعين فرض خلالهما الصراع في الشرق الأوسط نفسه على المجتمع الفرنسي، مما أدى إلى تأجيج الانقسامات الكامنة العميقة، وتم بالتالي استيراد التوترات المرتبطة بالنزاع، والتي كانت السلطات العامة تخشى منها على نطاق واسع وتدينها مسبقًا في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر الماضي.

يوم الجمعة 13 أبريل/نيسان، قدمت ثلاث منظمات – بما في ذلك جمعية فلسطينيي فرنسا – ممثلة بستة محامين، شكوى تستهدف جنديًا فرنسيًا إسرائيليًا بتهمة “التعذيب والتواطؤ في التعذيب وجرائم الحرب” في غزة. وتستند الشكوى إلى مقطع فيديو تم بثه على شبكة “تليغرام”، يظهر أسيراً فلسطينياً معصوب العينين وعاري الصدر وقميصه ممزق بشكل واضح. ويعلق الجندي على المشهد بسخرية ويهنئ نفسه باللغة الفرنسية على التعذيب الذي تعرض له. وبحسب المعلومات التي جمعتها صحيفة لوموند، يمكن تقديم حوالي خمسين شكوى ضد مزدوجي الجنسية الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي.

“التعليقات المفرطة” لجان ميلينشون

 ومنذ الأسبوع التالي – تتابع “لوموند”- ترددت أصداء الصراع في جامعة ليل الفرنسية، مع عزم زعيم حزب “فرنسا الأبية” جان ليك ميلانشون عقد لقاء هناك حول “الأحداث الجارية في فلسطين”. فقد استنكر في 18 نيسان/أبريل، إلى جانب الحقوقية الفرنسية الفلسطينية ريما حسن، المرشحة عن حزبه في الانتخابات الأوروبية المقبلة. وأمام هذا الجدل، ألغت إدارة الجامعة المؤتمر، معتبرة أن الشروط لم تعد متوافرة “لضمان هدوء المناقشات”.

الخوف على رؤساء الجامعات

لكن الخوف أقوى في الجامعات ولدى رؤسائها، الذين يصيبهم الصراع بالشلل أكثر لأنهم يخشون من ظاهرة العدوى، بعد “تخييم” الطلاب في معهد العلوم السياسية في باريس المرموقة هذا الأسبوع، تقول ”لوموند”. وقد صدمت عملية الإخلاء الأولى التي قامت بها الشرطة بناءً على طلب إدارة المعهد، ليلة الأربعاء إلى الخميس، الطلاب والأساتذة على حدٍ سواء. واستؤنف “التخييم” في اليوم التالي، قبل عملية إجلاء جديدة سلمية، مساء ليلة الجمعة، تشير “لوموند”.

وقد منعت جامعة “باريس-دوفين” مناظرة أرادت مجموعة طلاب فلسطين في الجامعة تنظيمها في الأيام المقبلة مع ريما حسن. والسبب المقدم هو “خطر الإخلال بالنظام العام في سياق دولي متوتر”، على حد تعبير رئيسها. ويرفض الأخير القول ما إذا كان ذلك توصية من مديرية الشرطة، ويؤكد أن القرار اتخذته اللجنة التنفيذية.

النقابيون أمام المحكمة

وتابعت “لوموند” التوضيح أنه في اليوم نفسه الذي انعقد فيه المؤتمر المحظور في جامعة ليل، حكمت المحكمة على الأمين العام لنقابة CGT هناك بالسجن لمدة اثني عشر شهرًا مع وقف التنفيذ بتهمة “تمجيد الإرهاب”. وتضع الحرب في غزة ضغوطا على النقابات الفرنسية الملتزمة منذ فترة طويلة بدعم القضية الفلسطينية. بالإضافة إلى الاستدعاءات والإدانات أمام المحاكم، هناك حظر على المظاهرات، لا سيما في خريف عام 2023، تضامنا مع سكان غزة.

ورأت نقابية أن “ما يحدث هو جزء من مناخ عالمي تهاجم فيه أجهزة الدولة الحريات العامة وتسعى إلى تجريم أي عمل لدعم فلسطين”. ويقول نقابي آخر إن السلطات العامة الفرنسية “تُساهم في الحفاظ على التهديد، الذي يؤثر بعد ذلك على قدرات النقابات على التعبئة، ولكن أيضًا على التعبير مواقفها”. وكان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أيضًا مصدرًا لمناقشات ساخنة أحيانًا داخل نقابات الموظفين.

تؤكد السيدة واكنين-ملكي أنها “لم تلتق قط” بالسيد نتنياهو، لكنها تعترف باستقبالها في مارس 2022 من قبل رئيس الدولة العبرية، إسحاق هرتسوغ، من أجل “فضح عملها ضد معاداة السامية له”. كما تذكّر المحامية بتنوع الإجراءات التي قام بها مكتب العدالة، بدءاً من قضية ميراي نول، هذه الضحية الثمانينية لجريمة بشعة معادية للسامية عام 2018، وصولاً إلى قضية “ماركو”، البالغ من العمر 60 عاماً، والذي كان معادياً للسامية. وتمت إدانة المهاجم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.

من جهتها، تتخذ منظمة الشباب اليهودي الفرنسي، التي كانت أصل موجة الاستدعاءات الحالية، موقفًا “سياسيا” يتمثل في الدفاع عن “الروابط التي توحد اليهودية وفرنسا خارج نطاق الإجراءات القانونية”، كما يشير محاميها، أنتوني ريسبرغ.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية