سفير فرنسي سابق في الجزائر: باريس تمشي على حبل مشدود بين الجزائر والمغرب

حجم الخط
0

الجزائر ـ “القدس العربي”:

أكد السفير الفرنسي السابق في الجزائر كزافييه دريانكور أن بلاده تواجه صعوبة في إيجاد التوازن المطلوب في علاقتها مع الجزائر والمغرب، مبرزا أن أي اتجاه مستقبلي للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية قد يهدد بمزيد من توتير العلاقة مع الجزائر.

وأوضح السفير السابق الذي اشتهر بتدخلاته الهجومية على الجزائر في السنوات الأخيرة، في مقابلة له مع موقع لوفيغارو، أن فرنسا عدلت مؤخرا من سياستها باتجاه تقارب أكبر مع المغرب وهو ما تعكسه زيارة ثلاثة وزراء إلى الرباط في ظرف قصير. وأضاف معلقا: “نحن نقترب من المغرب. لكن ماذا سيحدث على الجانب الجزائري؟ من وجهة نظري هناك احتمالان: إما أن نختلف مرة أخرى مع الجزائريين، خاصة إذا اعترفنا بمغربية الصحراء، والتي تبدو لي جزءا من الحقائق ومستقبل موقفنا الدبلوماسي. أو للتعويض عن هذا التقارب مع الرباط، سنضطر إلى تقديم تعهدات إضافية للجزائر”. واعتبر دريانكور بأنه توازن معقد للغاية، مشبها العلاقة بين البلدين”إنه المشي على حبل مشدود”.

وفي تفسيره لأسباب تطبيع فرنسا علاقتها مع المغرب، قال دريانكور إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يكون قد أجرى إعادة تقييم حول تفضيله التعاون مع الجزائر وما تخلله من تنازلات في ملف الذاكرة، دون أن يكون لذلك تجاور من الطرف الآخر (الجزائر). واعترف السفير السابق، في نفس الوقت، أن طبيعة الوجود التاريخي لفرنسا في الجزائر والمغرب تختلفان، فالأولى كانت مقاطعة فرنسية والثانية كانت محمية واحتفظت بحكامها. ويشير كلام دريانكور، إلى طبيعة ملف الذاكرة المعقد بين الجزائر وفرنسا، دون أن يخوض في طبيعة الاستعمار الفرنسي الوحشية وما خلفته من جرائم شنيعة، وهو ما يمنح للجانب الجزائري، وفق المتشبثين بملف الذاكرة، الحق في عدم تجاوز كل هذا الماضي الأليم بمجرد خطوات رمزية من الرئيس الفرنسي.

ويرى السفير الفرنسي السابق في حديثه عن العلاقات بين باريس والرباط، أن المصالح الاستراتيجية لفرنسا في المغرب أكبر منها في الجزائر باعتباره شريكا استراتيجيا في إفريقيا. وأضاف قائلا: “فرنسا لديها مصالح أكثر مع المغرب، ولو على المستوى الاقتصادي فقط، أما مع الجزائر فمصالحنا محدودة للغاية”. وأردف أن الجزائر اتجهت نحو الصين أو تركيا أو ألمانيا على حساب فرنسا لكن  دريانكور متهم في الجزائر بأنه مرة أخرى إما عمدا أو جهلا، يحاول إخفاء الحقيقة، فأرقام بيزنس فرانس، وهي الهيئة المسؤولة عن التجارة الخارجية الفرنسية، تشير إلى أن الجزائر تظل ثاني أكبر سوق لفرنسا في إفريقيا مع ما يقرب من 4.5 مليار يورو من الواردات سنة 2013. وقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين الجزائر وفرنسا، بنسبة 5.3 بالمائة ليصل إلى 11.8 مليار يورو في نفس السنة.

ويًنظر في الجزائر إلى هذه القراءة المتكررة للسفير السابق في كل لقاءاته، على أنها لا تخرج عن محاولة تصوير الجزائر كقنبلة للهجرة بالنسبة لفرنسا مع إخفاء ما تستفيد منه بلاده في جانب المبادلات التجارية وحضورها الذي لا يزال قويا رغم التراجع الطبيعي، بسبب غزو الصين بمنتجاته لكل أفريقيا وليس الجزائر فقط.

ويتهم دريانكور بأنه تحول إلى ما يشبه منظر لليمين الفرنسي في القضايا المتعلقة بالجزائر، حيث باتت كل تدخلاته لا تخرج عن دائرة التخويف من الهجرة والدعوة بكل الأشكال لإلغاء اتفاقية التنقل بين البلدين الموقعة سنة 1968. وذهب في إحدى أعمدته على صحيفة لوفيغارو اليمينية العام الماضي، إلى حد اعتبار أن الجزائر ستبقى مشكلة بالنسبة لفرنسا، فهي تنهار، حسبه وقد تجرّ باريس معها. وختم بأن الجمهورية الرابعة (أطاح بها ديغول سنة 1958) ماتت في الجزائر، فهل تستسلم الجمهورية الفرنسية الخامسة بسبب الجزائر؟ وتراجع هذا السفير لاحقا عما كتبه، قائلا إنه بالغ في القول بأن الجزائر ستنهار.

ومما كتبه الدبلوماسي والوزير السابق عبد العزيز رحابي في رده على أطروحات دريانكور، أن ما يردده هذا السفير السابق، ليس سوى إعادة إحياء للخطاب حول التهديد المفترض الذي تمثله الجزائر والجزائريون على استقرار الغرب”. وأشار إلى أن هذا الكلام صار من الماضي وهو ترديد لما كانت تتوقعه تحليلات الدوائر غير الرسمية في التسعينيات بفرنسا حول قصة انهيار الجزائر”. وفي الفترة الأخيرة، تحول دريانكور بعد إصداره كتاب “اللغز الجزائري” الذي يروي فيه مسيرته بالجزائر التي امتدت لسبع سنوات على فترتين، إلى مختص في الشأن الجزائري لدى الإعلام الفرنسي الذي يستعين به باستمرار، في حين يرى مختصون أن تحليلاته لا تخرج عن دائرة الانتقام من كل ما هو جزائري بسبب التهميش الذي طاله في الجزائر، خاصة في أشهره الأخيرة، حيث كان يعيش ما يشبه العزلة التامة في مبنى السفارة بحيدرة في أعالي العاصمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية