رمضان في دير البلح: التكايا مصدر لوجبتي الإفطار والسحور

بهاء طباسي
حجم الخط
0

غزة ـ «القدس العربي»: يأتي شهر رمضان المبارك صعباً على النازحين في مخيمات مدينة دير البلح وسط غزة، إذ إن هؤلاء يعيشون في ظل ثالوث البؤس، الجوع والفقر والمرض.
فقد شيدوا خيامهم بأنفسهم على الرمال الشاطئية، باستخدام بعض الأحبال والأغطية المهترئة دون أي مفارش على الأرض، وهي خيام بالية تخترقها مياه الأمطار بكل سهولة، فلا تجعل المقيمين فيها يهنأون بنومة ولا حتى وجبة الطعام، التي لا توفرها إلا التكايا الخيرية.
تقيم عائلة عساف داخل إحدى الخيام المهترئة، وهي مكونة من سبعة أشخاص بينهم اثنان من المعاقين.
وتعتمد في طعامها على التكايا الخيرية، إذا توافرت وجبات الإفطار والسحور فيها، أما إذا لم تتوفر فإنهم يبقون صائمين لليوم التالي.
و«التكية» كانت في السابق عبارة عن مكان يرعاه أهل الخير، يقدم شتى صنوف الطعام للفقراء والمحتاجين، لكن مع استمرار الحرب على قطاع غزة وحلول شهر رمضان المبارك، أصبحت مصدراً أساسياً لحصول عشرات الآلاف من النازحين، على وجبتي الإفطار والسحور.
إبراهيم عساف (35 عاماً) رب عائلة، يفتقد بهجة رمضان وسط أهله وأحبائه في شمال قطاع غزة، بعد أن أجبره الاحتلال على النزوح إلى مخيم البريج، جنوبي قطاع غزة، ومنه إلى دير البلح، حيث يقيم مع أفراد أسرته الستة منذ 3 أشهر. يقول لـ «القدس العربي» : «أتى رمضان صعباً علينا، لا نجد طعام إفطار ولا سحور».
ويضيف «نحصل على طعامنا من التكايا، عدس أو طبيخ، وإذا لم تطبخ التكايا لا نأكل» فيما يشعر بالمرارة إذا بات أطفاله الثلاثة وأخته، التي تعاني مرض التوحد، وزوجته الحامل جوعى.
ويتمنى أن تنتهي الحرب كي يعود إلى بيته في شمال قطاع غزة، حيث سيجد من يعينه على تحمل مسؤولية الأسرة.
النازح الثلاثيني يؤكد مرور أيام رمضان حزينة عليهم هذا العام، وسط عدم توافر والشراب، بالإضافة إلى معاناتهم من البرد الشديد في خيام مهترئة «لا تستر» كما أن جيش الاحتلال لم يترك لهم مسجداً إلا وقصفه «أيام رمضان حزينة علينا. ليس هناك جامع ولا أي شيء.
نفكر في العودة مرة أخرى إلى شمال قطاع غزة لكننا نتذكر أن ديارنا أصبحت أنقاضًا».
واعتماد، زوجة إبراهيم، لا تفكر إلا في ابنتها الصغيرة ذات الـ 11 شهراً، فهي تعاني سوء تغذية، بسبب شُح الطعام. وتقول النازحة العشرينية: «ابنتنا الصغيرة لا نطعمها إلا من التكية، وإذا لم يتوافر الطعام هناك نسقي الطفلة «ماء غريب» حتى يتوافر الطعام».
وتشير لـ «القدس العربي» إلى أن طعام التكية لا يناسب الأطفال الرضع، هو عبارة عن عدس أو أرز أو بازلاء وغيرها من الطعام.
ما يزيد من حزن اعتماد أنها لا تستطيع تمرين طفلتها على الحبو على أرض رملية، وعن ذلك توضح: «ابنتي الصغيرة لا تستطيع أن تحبو، وعندما تحبو على هذه الأرض أرفعها سريعاً حتى لا تأكل رمالاً، وهي لا تدري».
أسرة ابتسام علوان تعاني هي الأخرى من الجوع في شهر الخير، لكن ما يؤرّقها بحق هو أنهم لا يستطيعون حماية أنفسهم من الأمطار والسيول، التي تضرب المدينة الساحلية من حين إلى آخر.
النازحة الخمسينية تقول لـ «القدس العربي»: «أحياناً نرتدي أكياساً من البلاستيك كي لا تؤذينا مياه الأمطار».
وتضيف «الخيام بسيطة ومهترئة جداً، ولا نملك القدر الكافي من أكياس النايلون، كي نضعها على أسقف الخيام، لتحوش عنّا المياه».
وتشير ابتسام بيدها إلى البرك والمستنقعات التي صنعتها مياه السيول، وقد امتلأت عن آخرها بالقمامة، ما بات يهدد المخيم بأكمله بالأمراض والأوبئة.
وتخشى النازحة الخمسينية على صحة أطفال المخيم من اللعب في برك مياه الأمطار المليئة بالمياه القذرة «أطفالنا في خطر، قد يلعبون في تلك المياه، وهم لا يدرون ما تحمله من نفايات وبكتيريا تشكل خطورة على صحتهم. الله يستر علينا».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية