رئيس تونس ينفي وجود «ضحايا غياب الحرية»… وحقوقيون يطالبونه بالتوقف عن اعتقال الصحافيين

حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي»: نفى الرئيس التونسي قيس سعيد وجود “ضحايا غياب الحرية”، مؤكداً أنه لا أحد فوق القانون، في وقت طالب فيه سياسيون وحقوقيون السلطات بالتوقف عن اعتقال الصحافيين والتضييق على حرية التعبير.
وخلال استقباله مساء الأربعاء لوزيرة العدل ليلى جفال، أكد سعيد “الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد، مذكّراً بأن الإجراءات وُضعت لضمان المحاكمة العادلة لا للإفلات من المحاسبة والجزاء”.
وأضاف أنه “لا أحد فوق القانون، فالحرّية لا تُمارس إلا في إطاره، كما أن الذين يدّعون اليوم زوراً وبهتاناً بأنهم ضحايا لغياب الحرية هم من أشدّ أعدائها لأنهم لا يقبلون بنظام ديمقراطي حقيقي يقوم على الإرادة الشعبية ويتناسون ما ارتكبوه من تجاوزات وما تلقوه من مبالغ مالية طائلة من مصادر مشبوهة من الداخل ومن الخارج على السواء. فندواتهم ولقاءاتهم لا تُنظّم إلا في النزل الفاخرة، ومع ذلك يتظاهرون وهم مفضوحون بأنهم مدافعون عن القرار الوطني وعن الوقوف إلى جانب البؤساء والفقراء”، وفق البيان الرئاسي.
من جانب آخر، استنكر سياسيون وحقوقيون تزايد اعتقال الصحافيين والتضييق على حرية التعبير.
وكانت السلطات أوقفت الأربعاء الإعلامية خلود مبروك والممثل القانوني لإذاعة “إي إف إم”، حيث تم التحقيق معهما لعدة ساعات حول استضافة شخصيات تحدثت عن قضية التآمر على أمن الدولة رغم وجود قرار قضائي بمنع التداول الإعلامي حول هذه القضية. وتم لاحقاً الإفراج عنهما على أن يتم متابعة التحقيق معهما لاحقاً في حالة سراح.
​​وكتب بسام الطريفي، رئيس رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان: “الصحفية خلود المبروك تتلقى استدعاء للبحث عاجلاً لدى فرقة الحرس بالعوينة. البحث (التحقيق) استمر عدة ساعات. إذا لم يكن هذا استهدافاً وترهيباً للصحافيين، فماذا يمكن أن نسميه؟”.
ودون المحامي أمين بوكر: “وها هي صحفية أخرى تحاصر ويقع تتبعها. لجريمة الإدانة فيها ثابتة لا ريب، وهي حرية الصحافة! كل التضامن مع خلود مبروك”.
وكتب المحلل السياسي عادل اللطيفي: “أكثر من 9 ساعات تحقيق مع الصحافية خلود مبروك وممثل إذاعة “إي إف إم”. بعد سماع لـ 9 ساعات حول مواضيع لا تستوجب سماعاً، وإن حَصل فليس أكثر من ساعة، وهذا كاف. نسعد نحن بعدم الإيقاف والحرية وكأنا حققنا انتصاراً. والحال أن سلطة الأمر الواقع بالقوة، فعلت ما تريد وانتهى الأمر. الرسالة واضحة خاصة، والملف يبقى مفتوحاً كسيف على الرقبة”.
وأضاف: “أصبحنا في وضع لم يعد لنا فيه الحق في معلومة حول واقعنا. لم يعد لنا الحق في النظر إلى أنفسنا… ولو في مرآة. لم يعد لنا الحق حتى في مشاهدة ظلنا… قريباً سوف يصبح ظلنا من باب الممنوعات، فقط لأنه يعكس شيئاً من الواقع، شيئاً منا. سوف نلتجئ إلى بيع ظلنا في النهاية، كما حصل في رواية الرجل الذي باع ظله”.
وكتب هشام العجبوني، القيادي في حزب التيار الديمقراطي: “قرار الإبقاء على الصّحافيّة خلود مبروك في حالة سراح، لا يجب التهليل له والاحتفاء به. ففي الدول المحترمة، لا يتمّ استدعاء صحافي و التحقيق معه لمدّة 9 ساعات بسبب ممارسته لمهنته والقيام بدوره في إعطاء المعلومة وإنارة الرأي العام. من الواضح أنه في غياب الإنجازات التي يمكن أن تغيّر واقع البلاد وواقع التونسيين نحو الأفضل، وفي ظلّ الفشل الذريع للمنظومة الحالية على جميع المستويات، هنالك سياسة ممنهجة لتكميم الأفواه والتضييق على حرية الصحافة والإعلام وفرض سرديّة السلطة الحالية عبر تكاثر حضور الكرونيكورات الصادقين الثابتين المخلصين في أغلب المنابر والبرامج الإذاعيّة والتلفزيّة”.
وأضاف: “رئيس الدولة كان واضحاً منذ البداية عندما طالبنا بحريّة التفكير قبل حريّة التعبير، وبتتالي وتواتر محاكمات وإيقافات وإيداعات الإعلاميين والصحافيين والمواطنين. فهمنا ما الذي كان يقصده من وراء ذلك. هو قال لنا ببساطة: فكّروا جيداً في مستقبلكم ومستقبل أولادكم وفي التحقيقات والإيداعات، قبل أن تتحدثوا. يعني مارسوا الرقابة الذاتية على أنفسكم قبل أن نمارسها عليكم!”.
وتابع العجبوني: “خلاصة الأمر: حريّة التعبير والإعلام مات من أجلها مئات الشهداء في هذه البلاد العزيزة، وهي ليست فضلاً من أيّ سلطة، وهي معركتنا جميعاً مهما كانت حدّة اختلافاتنا السياسية والفكرية والأيديولوجية، وإذا خضعنا للابتزاز والترهيب والتخويف وسلّمنا فيها فلن تسامحنا الأجيال المقبلة وسيلعننا التاريخ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية