حريم القذافي بين الجواري والأمازونيات

حجم الخط
0

باريس القدس العربي على امتداد 336 صفحة، من كتاب صدر في خريف 2012 عن منشورات غراسيه، باريس، وحمل عنوان الطرائد: داخل حريم القذافي؛ تروي أنيك كوجان، الصحافية في لوموند الفرنسية، تفاصيل مذهلة عن الحياة الجنسية للعقيد القتيل معمر القذافي، وللحلقة الضيقة المقرّبة منه، وتسرد أهوال وقائع الاغتصاب والممارسات السادية، وما يقترن بها من جلسات تعذيب أو حتى أعمال اغتيال إذا قُدّر للضحية أن تزمع المقاومة أو تفضح المكتوم.
وكانت كوجان قد ذهبت إلى ليبيا، قبل أيام من مقتل القذافي، لكي تغطي دور المرأة الليبية في إسقاط الدكتاتور، ولم تكن لها أية خبرة سابقة بالموضوع الليبي، حتى أنّ تلك الزيارة كانت الأولى لها إلى البلد. وهناك فاجأها ما تتهامس به النساء حول حريم القذافي، وكيف أنه يتوزع على قسمين رئيسيين، بين فروع أخرى كثيرة: الأول هو الجواري، والعذارى المختطفات، والمغتصبات قسراً، فضلاً عن الراغبات لأسباب نفعية؛ والثاني يتألف من الأمازونيات، أي النساء المرافقات للقذافي والمنتسبات إلى جهازه الأمني، واللواتي كنّ في الغالب محظيات شخصيات للعقيد، تحت ستار حراسته.
المشكلة الأولى التي واجهت كوجان كانت عزوف الضحايا عن سرد حكاياتهن، بالنظر إلى أنّ الاغتصاب جزء من تراث المحرّم في ليبيا، والشرق عموماً؛ ونقل تفاصيله إلى العلن، حتى لأسباب المقاضاة القانونية، يعتبر هتكاً للعرض، يندر أن تُقدم عليه المغتصبة. لكن الأقدار أسعفت المؤلفة، حين تطوعت ثريا، الضحية ابنة الـ22 سنة، بسرد حكايتها كاملة، على امتداد ثلث الكتاب تقريباً.
تكتب كوجان: ثريا، ذات العينين الشفقيتين، والشفاه الغليظة، والصوت الجهوري، والضحكة الرنانة. ثريا، التي تتنقل من الضحك إلى البكاء، ومن الابتسامة إلى الدمعة، ومن الإشراق إلى الاكتئاب، ومن عذوبة الدلال إلى توحش الإقصاء. ثريا وسرّها، عذابها، ثورتها. ثريا وحكايتها الجنونية عن صبية أُلقي بها بين براثن الوحش. ثريا هي التي كانت وراء هذا الكتاب.
ومع ذلك، فإنّ كوجان ظلت مؤمنة بالدور الحيوي، والشجاع والبطولي، الذي لعبته المرأة الليبية في الثورة، وما بعد سقوط القذافي أيضاً؛ وبهذا المعنى ترى انه كان للمرأة حساب خاص، ومحدد، توجّب تصفيته مع النظام البائد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية