جامع الزيتونة في تونس: نشر العلم والمعرفة وتصدى للغزاة

روعة قاسم
حجم الخط
0

تونس ـ «القدس العربي»: جامع الزيتونة المعمور أو الجامع الأعظم لمدينة تونس العتيقة، هو أهم مساجد المدينة وأكبرها وأعرقها وأكثرها قداسة بسبب ارتياده عبر التاريخ من قبل كبار العلماء والمفكرين والمشاهير من أهل التقوى والورع ومن شهد لهم محيطهم بالصلاح. كما تتأتى قداسته من كونه كان معقلا للمناضلين من أهل الحاضرة ضد الغزاة والمستعمرين على مر التاريخ، على غرار البيزنطيين والنورمانديين والإسبان والفرنسيين، وعرف ملاحم عديدة للدفاع عنه بوجه هذا الغازي وذاك حتى بات في الوجدان عنوانا للدفاع عن الهوية التونسية.

كما تتأتى قداسة الجامع الأعظم بتونس العاصمة من كونه كان على الدوام مكانا لا ينقطع فيه ذكر الله وتحبذه المتصوفة والمذاهب الروحانية حيث تعم فيه سكينة عجيبة وتطمئن فيه القلوب وتهفو فيه النفوس إلى خالق الأكوان. وإلى جانب كل ذلك فإن جامع الزيتونة المعمور تأسست فيه أقدم جامعة في العالم لم ينقطع فيها التدريس منذ تأسيسها وهي جامعة الزيتونة، وأخذت مدرستها المشعل عن مدرسة القيروان التونسية في تطوير المذهب المالكي ونشره في القارة الأفريقية بشمالها وجنوب صحرائها.

مدرستان تاريخيتان

وجامع الزيتونة المعمور بالعاصمة هو ثاني أقدم مسجد في البلاد التونسية، وثاني مسجد من حيث المساحة بعد جامع عقبة بن نافع بمدينة القيروان حاضرة الإسلام الأولى في تونس وكامل ربوع بلاد المغرب الإسلامي وغرب أفريقيا والأندلس. ولذلك فإن التونسيين يفتخرون بوجود مدرستين عريقتين وقطبين دينيين على أرضهم هما مدرستا القيروان والزيتونة في الوقت يتمنى فيه البعض وجود إحداهما على أرضه للعب الدور التاريخي والحضاري الذي لعبته تونس في منطقتها.
تأسس جامع الزيتونة في سنة 79 للهجرة، أي خلال القرن الأول، بأمر من القائد الأموي حسان بن النعمان الذي قام بنقل مركز الثقل في شمال البلاد من مدينة قرطاج إلى مدينة تونس التي تمت توسعتها وبناء جامعها الأعظم بحجارة وأعمدة مباني قرطاج التي تحولت منذ ذلك التاريخ إلى مدينة أثرية. وقد أتم لاحقا والي القيروان الأموي عبد الله بن الحبحاب بناء الجامع ليتحول إلى فرع للتعليم القيرواني، فقد كانت القيروان قد بدأت تشهد انطلاق حركيتها العلمية والفقهية التي انطلقت باكرا لتصل أوجها مع الأغالبة والفاطميين وحتى الزيريين.
أعيد بناء الجامع الأعظم لمدينة تونس بالكامل زمن الدولة الأغلبية في القيروان وذلك خلال فترة حكم الأمير الأغلبي أبو إبراهيم بن الأغلب، وخلال فترة حكم الصنهاجيين أو الزيريين للقيروان، قام الأمير الزيري المنصور بن بلكين بتشييد قبة البهو وذلك فوق مدخل قاعة الصلاة التي تفتح على فناء المسجد الداخلي. كما قام السلطان الحفصي أبو يحيى أبو بكر المتوكل بتغيير أعمدة المسجد الجامع وزاده زخرفة على مستوى الأبواب والجدران، وبنيت صومعة المسجد الأولى في زمن الملك حمودة باشا المرادي في القرن السابع عشر فيما بنيت الصومعة الجديدة والتي بقيت قائمة إلى اليوم في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وهي حديثة مقارنة بباقي مكونات المسجد الني بني أغلبها منذ فجر الإسلام أي القرن الأول للهجرة.
وتعهدت دولة الاستقلال الجامع الأعظم بالعناية والترميم وهو الذي لعب دورا بارزا في مقاومة الاستعمار الفرنسي وفي صد الغزاة الإسبان والنورمانديين والبيزنطيين خلال قرون سابقة، وحافظ على هوية التونسيين بوجه محاولات طمسها من قبل الاستعمار. ويظهر الترميم في كل ردهات المسجد الذي حافظ على ألقه فبدا وكأنه بني حديثا لكن بطراز معماري قديم وبحجارة قرطاجية جلبت بحرا من منطقة الهوارية، شمال شرقي تونس وصُقلت لتصنع مجد قرطاج في عالم ما قبل ميلاد المسيح، ومجد تونس في عالم ما بعد ميلاده.

تحفة معمارية

يمتد جامع الزيتونة المعمور، أو الجامع الأعظم لمدينة تونس على مساحة 5000 متر مربع، ويضم فناء واسعا وقاعة صلاة فسيحة تضم عددا هاما من الأعمدة تم جلبها من الموقع الأثري بقرطاج. ويضم المسجد الجامع تسعة أبواب تفتح على أسواق مدينة تونس العتيقة ولعل أهم هذه الأبواب تلك التي تفتح على الطريق المؤدية إلى باب البحر، وكذلك الباب الذي يفتح على سوق العطارين المؤدي إلى سوق الشواشين.
وتوجد في منتصف ساحة المسجد ساعة شمسية كان التونسيون في الأزمنة الماضية، وقبل اختراع الساعات يعرفون من خلالها مواقيت الصلاة وخاصة صلاتي الظهر والعصر حيث تكون الشمس بارزة في كبد السماء. وتبرز في الساحة الصومعة الجديدة المربعة والمزخرفة على غرار مساجد المالكية، وتبرز قبة الصحن التي انتصبت شامخة عند مدخل قاعة الصلاة بزخارفها وقد زادت الجامع الأعظم بهاء على بهاء.
وتضم قاعة الصلاة محرابان، واحد حديث وباد للعيان، والآخر قديم وتم إخفاؤه خلف المحراب الجديد باعتبار رمزيته التاريخية وأقدميته باعتباره عاصر مرحلة التأسيس لهذا المسجد الجامع الذي فاقت شهرته الأفاق. وبالتالي لم يرغب البناؤون عند تشييد المحراب الجديد في إزالة المحراب القديم وحافظوا عليه وأخفوه بالمحراب الجديد وهو ما مكن الباحثين من معرفة تاريخ تطور هذا المسجد منذ النشأة الأولى.
إن قاعة الصلاة تعبق أصالة وعراقة وحضارة، كل شيء عتيق وجميل بداخلها، أبوابها، أعمدتها، تيجانها، أقواسها، حجارتها، سقفها، نقوشها، محرابها، منبرها، كلها تُشعر المرء بعودة الزمن إلى الوراء، إلى القرن الأول للهجرة وما بعده من قرون مجد الحضارة الإسلامية. طراز شرقي عربي إسلامي أبهر المستشرقين الذين توافدوا عليه من كل حدب وصوب وكتبوا عنه الكثير، وألهم الفنانين ليبدعوا أجمل اللوحات والروايات، ووجد فيه المتصوفة ضالتهم للذكر والسفر في رحاب العشق الإلهي.
يقع جامع الزيتونة المعمور في مكان مرتفع وهو ما جعل الوصول إليه من الأبواب الرئيسية يتطلب صعود درج يفضي إلى بهو كثيرا ما وقف عنده المصلون والزوار والسياح لمراقبة مرتادي أسواق المدينة العتيقة في مجيئهم وذهابهم. ويفضي هذا البهو إلى أبواب توصل مباشرة إلى ساحة المسجد الذي قيل أن الربوة التي بني عليها كانت بها شجرة زيتون ولذلك سمي جامع الزيتونة المعمور واستمد بركته منذ البداية من بركة «زيتونة لا شرقية ولا غربية» تماما كما هو موقع تونس بين الشرق والغرب.

أدوار عديدة

جامع الزيتونة المعمور هو أهم جامع بالعاصمة التونسية فيه تقام الصلوات الخمس وصلاة الجمعة وصلوات الأعياد وقد اتخذه الساسة عبر التاريخ، ملوكا ورؤساء لإلقاء الخطب السياسية للجماهير من أفراد الشعب. كما أن الجامع هو مكان للذكر المستمر ولقراءة القرآن وترداد الأوراد والدعاء والابتهال بعيدا عن ضغوط الحياة وتعقيداتها ويجد فيه التونسيون الراحة والسكينة التي تفتقدها أماكن أخرى.
وهو أيضا هو مكان للإفتاء في شتى المسائل الحياتية باعتبار تواجد الفقهاء والعلماء به ممن يقصدهم العامة والنخبة للاستفسار حول ما يخص حياتهم اليومية. وقد تحدث الرحالة ابن بطوطة عن الإفتاء بجامع الزيتونة في رحلته المنشورة في كتابه «تحفة النُظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» وذلك في معرض حديثه عن أحد علماء الدين، وهو أبو علي عمر الهواري. يقول إبن بطوطة «ومن عوائده أنه يَسْتَنِدُ كلَّ يوم جمعة بعد صلاتها إلى بعض أساطين الجامع الأعظم المعروف بجامع الزيتونة، ويستفتيه الناس في المسائل، فلما أفتى في أربعين مسألة انصرف عن مجلسه ذلك».
كما ألقى الزعماء والمناضلون في هذا الجامع الخطب التحفيزية لمقاومة الغزاة والمستعمرين بالنظر إلى قداسته ودوره التاريخي الذي عرف به في مقاومة هجمات الروم البيزنطيين عند سنوات التأسيس الأولى ثم النورمانديين فالإسبان خلال القرون الوسطى وأخيرا الاستعمار الفرنسي مع نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين. كما تقام في الجامع الأعظم الاحتفالات الدينية والمواكب الرسمية وذلك بحضور كبار القوم من رجال السياسية بمن فيهم الملوك والسلاطين في الماضي، والرؤساء ورجال الدولة في الزمن الحاضر، بالإضافة إلى رجال الدين من مفتي الجمهورية ومشيخة الجامع الأعظم وهي الهيئة المشكلة من أئمة المسجد والتي تشرف على تسييره.

أقدم جامعة

ولعل أهم دور لعبه جامع تونس الأعظم على الإطلاق هو الدور التعليمي، حيث تأسست فيه منذ البداية جامعة مستمرة إلى اليوم في التدريس ومنح الشهائد العلمية هي جامعة الزيتونة التي تعتبر اليوم أقدم جامعة في العالم وسبقت في الزمن جامعات القرويين في المغرب والأزهر في مصر وأكسفورد في بريطانيا وبولونيا في إيطاليا، وقد بُني اليوم مقر جديد عصري لهذه الجامعة مستقل عن الجامع الأعظم. لقد وصل إشعاع جامعة الزيتونة إلى سائر الأقطار الإسلامية والعالم بعد أن أشعت علما ومعرفة ليس فقط في علوم الدين والمذهب المالكي وإنما في سائر علوم العصر في تلك الأزمنة الغابرة وتخرج منها ليس فقط أهل تونس وإنما أيضا من أصبحوا قادة لاحقا في مجتمعاتهم ونهضوا بها في البلاد المغاربية وغيرها.
ومن بين من العلماء الذي أنجبتهم جامعة الزيتونة علي بن زياد والإمام سحنون بن سعيد مؤسسي المدرسة المالكية في الفقه الإسلامي، والقاضي أسد بن الفرات فاتح صقلية وجنوب إيطاليا زمن دولة الأغالبة في القيروان التونسية، والفقيه المفسر والمحدث الإمام ابن عرفة التونسي، والمؤرخ ومؤسس علم الاجتماع إبن خلدون، وأقطاب التصوف في العالم أحمد التيجاني وأبو الحسن الشاذلي وإبراهيم الرياحي، والمصلحين سالم بوحاجب ومحمد النخلي، والفقيه محمد الطاهر بن عاشور صاحب كتاب «التحرير والتنوير» الشهير في العالم الإسلامي، ومحمد الخضر حسين شيخ جامع الأزهر والفقيه محمد عبد العزيز جعيط، والزعيم التونسي عبد العزيز الثعالبي مؤسس الحزب الدستوري الذي قاد من خلاله بورقيبة معركة الاستقلال، وشاعر تونس العالمي أبو القاسم الشابي، والمصلح المدافع عن حقوق المرأة الطاهر الحداد صاحب كتاب «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» وغيرهم.  كما تخرج من الزيتونة المصلح الجزائري عبد الحميد بن باديس والرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين والقاضي الجزائري محمد بن عمار، والبشير الإبراهيمي والعربي التبسي وأحمد توفيق المدني ومبارك الميلي وآخرون كثر من المشاهير والقادة في الجزائر. وبالتالي فإن فضل الزيتونة التونسية في نشر الوعي في الجزائر وسائر الأقطار المغاربية كبير ولا ينكره إلا الجاحد لدورها التاريخي والحضاري في نشر الوعي وفي بلورة توجهات الحركات الإصلاحية والنضالية ضد الاستعمار في البلدان المغاربية.
ويقول علي العلايمي الأستاذ والباحث في الحضارة الإسلامية لـ«القدس العربي» إن الزيتونة ساهمت في الحفاظ على اللغة العربية في تونس والبلدان المغاربية وجعلت مخططات المستعمر في استبدال اللغة العربية بالفرنسية تفشل. ولعل ذلك ما يفسر الطلاقة التي يتحدث ويكتب بها التونسيون بهذه اللغة وذلك رغم عقود الاستعمار التي غيبتها عن التدريس، «فالزيتونة باختصار هي حصن من حصون الدفاع عن الهوية وأدت دورها التاريخي كما يجب وما زالت إلى اليوم تلعب هذا الدور في تونس ومحيطها» وفق قوله.
وقد قيلت أشعار عديدة في جامع الزيتونة المعمور تبرز معالمه وجماله الهندسي بالإضافة إلى الأدوار التاريخية التي لعبها ومن بينها هذه القصيدة التي تلخص أهمية جامع الزيتونة من كل الجوانب.

يَا وَاقِفًا بِالزُّورِ مِـنْ أَطْلاَلِهَا *** وَمُحَدِّثًا بِالإفْكِ عَنْ أَيَّامِهَا
مُتَكَلِّفًا تَبْغِي مُحَالاً لَمْ يَكُنْ*** يَوْمًا بِذَاكَ الحُسْنِ فِي أَشْعَارِهَا..
إِنِّي وَقَفْتُ اليَوْمَ أَنْظُرُ مَعْلَمًا *** لاَزَالَ يَحْفظُ بِالبِلادِ جَمَالَهَا
وَيَرُدُّ تُونُسَ لِلأصَالَةِ وَالهُدَى *** وَيَغِيضُ أَهْلَ الفِسْقِ مِنْ حُسَّادِهَا
زَيْتُونَةُ العُلَماءِ مَصْدَرُ فَخْرِهَا *** وَفَرِيدَةُ البُنْيَانِ مِنْ عُمْرَانِهَا
لاَ لَيْسَ يَشْقَى بِالشَّقِيقَةِ مُسْلِمٌ *** مَادَامَ حِصْنُهُ شَامِخًا بِسَمَائِهَا
وَالصَّوْتُ يَرْفَعُ كُلَّ حِينٍ بِالنِّدَا *** فَيُذَكِّرُ السّاهِينَ مِنْ سُكَّانِهَا
وَبِهِ الصَّلاةُ تُجَمِّـعُ الأنْفَاسَ مِنْ *** نَسَمَاتِ مَنْ عَشِقَ التُّقَى أَرْوَاحَهَا
شَعْبٌ لَهُ شَغَفٌ بِدِينِ المُصْطَفَى *** أَبَدًا وِإِنْ أَخْفَاهُ شَرُّ عُصَاتِهَا
وَلَقَدْ جَلَسْتُ بِسَاحِهِ مُتَفَحِّصا *** آثَارَ عِـزٍّ خَلَّفَتْهُ بُنَاتُهَا
مِنْ كُلِّ فَنٍّ قَدْ بَدَا مُتَأَلِّقًا *** فِي كُلِّ رَسْمٍ قَدْ حَوَتْ أَرْجَاؤُهَا
وَالطَّيْرُ يَسْرَحُ مِنْ أَمَامي سَالِما *** وَهَدِيلُها يَحْكي عَرِيقَ جِوَارِهَا
مُتَأَمٍّلا تِلْكَ السَّوَارِي وَالِهًا *** بِجَمَالِ نَقْشٍ قَدْ جَرَى بِرُخَامِهَا
وَمُفَكِّرًا فِـي مَوْضِعِ الآجُرِّ مِنْ *** فَوْقِ العَمُودِ مُشَكِّلا أَقْوَاسَهَا
وَالصُّورُ يَنْبِضُ بِالنُّقُوشِ مُزَخْرَفًا *** يَسْبِي الفُؤَادَ بِمَنْ يَرَى أَغْوَارَهَا
وَبِلاَطُهَا يَحْكِي مَكَانَةَ منْ غَدَى *** للهِ يَسْجُـدُ فِي رُبُوعِ فِنَائِهَا
وَمُحَدِّقًا بِجَلالِ مِئْذَنَةٍ بِهَا *** وَقَفَ الشُّمُوخُ فَلا يُجَاوِزُ هَامَهَا
قَدْ أُخِّرَتْ بالغَرْبِ مِنْ بُنْيَانِهَا *** وَعَلَتْ جِدَارَ السَّـاحِ حَذْوَ شِمَالِهَا
وَبِأَوْسَطِ الأبْوَابِ قَدْ رُفِعَتْ عَلى *** ظَهْرِ المُصَلَّى قُبَّةٌ بِرِكَابِهَا
وَالسَّقْفُ مِنْ خَشَبٍ لَهُ عَبٌق كَمَا *** للمِنْبَرِ المَبْنِـِّي مِنْ أَعْوَادِهَا
وَأَرِيكَةُ نُصِبَتْ عَلَـى شَـرَفِ الّذِي *** قَدْ خَرَّجَ العُلَماءَ مِنْ أَعْلاَمِهَا
وَكَذَا الزَّرَابِي تَحْتَفِي بِتُرَاثِهَا *** وَتُعَرِّفُ الحِرَفِّي مِنْ صُنَّاعِهَا
صَرْحٌ يُحَرِّكُ بِالقُلُوبِ حَنِينَهَا *** لِزَمَانِ عِزٍّ قَدْ جَرَى بِظِلالِهَا
وَيُثِيرُ مِنْ هِمَمِ الرِّجَالِ وَيَرْتَجي *** يَوْمًا يُعِيدُ المَجْدَ فِي أَبْنَائِهَا..
كَمْ ذَا تَرَبَّعَ فِي رِحابِكِ عَالِمٌ *** يَهْدِي بِنورِ الحَقِّ مِنْ عَرَصَاتِهَا
أَوْ طَالِبٍ يَرْجُو مَكانَةَ فَاضِلٍ *** فَيَكُفُّ هَامَ النَّفْسِ عَنْ شَهَوَاتِهَا
أَوْ زَاهِدٍ رَغِبَ الأخِيرَةَ فَانْقَضى *** لِعِبَـادَةِ الرَّحْمَانِ في أَرْكَانِهَا
أَوْ نَاشِئٍ حَفِظَ الكِتَابَ وَلَمْ يَزَلْ *** فِي حِجْرِ أُمِّهِ لَمْ يُصِبْهُ فِطَامُهَا
أَوْ شَاعِرٍ قَرَضَ القَصِيدَ مُحَبَّرًا *** فِي نُصْرَةِ المَعْرُوفِ مِنْ أَحْوَالِهَا
وَأَدِيبُ قَوْمٍ بِالفَصَاحَةِ يَبْتَغِي *** بالمَنْطِقِ العَرَبِّي حِفْظَ لِسَانِهَا
كَمْ أَخْرَجَتْ هَذِي المَعَالِمُ مِنْ فَتًى *** يَحْمِي رُبُوعَ الحَقِّ مِنْ أَعْدَائِهَا
وَكَرِيمَةٍ رَبَّتْ لَنَا أُمَمًا بِهَا *** بَلَغَ السَّلامُ القَفْرَ مِنْ أَقْطَارِهَا
فَلَعَلَّ رَبِّي أَنْ يُعِيدَ المَجْـدَ مِنْ *** هَذَا الَّذِي شَهِدَ العُلا بِدِيَارِهَا
وَيَرُدَّ لِلإسْلامِ سَطْوَةَ حُكْمهِ *** وَيَغِيضَ قَلْبَ الغِرِّ مِنْ عُذَّالِهَا
فَهُوَ القَدِيرُ مَتى يَشاءُ يَرُدُّنَا *** لِصَدَارَةِ الدُّنْيَا بُعَيْدَ هَوَانِهَا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية