تضاعف معاناة مرضى السرطان في غزة مع فرض الاحتلال قيودا عليهم

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

يواجه مرضى السرطان في قطاع غزة أوضاعاً مأساوية صعبة وموتا بطيئا، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة للشهر الخامس على التوالي، وحرمان الاحتلال المرضى من حقهم في الحصول على العلاج، بسبب الحصار المشدد الذي يفرضه على القطاع منذ بداية الحرب مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عدا عن تدمير المستشفى الوحيد المتخصص في علاجهم بمدينة غزة.
ويشهد قطاع غزة تسجيل إصابات لمواطنين بشكل متصاعد بمرض بالسرطان، ويعود ذلك وفق أطباء إلى طبيعة الحروب الإسرائيلية المتكررة على القطاع، حيث يعقب تلك الحروب تسجيل حالات عدة من المصابين، ويعود ذلك إلى ما يلقيه الاحتلال من آلاف الأطنان من الصواريخ المحملة بمواد خطيرة وسامة على قطاع غزة، ويتم ضرب المساحات الزراعية بها، عدا عن تلوث المياه الجوفية بهذه المواد التي تتسرب إلى تلك الآبار، محدثة آثارا سلبية على صحة الإنسان.
ووفق معطيات رسمية، فإن هناك ما يقارب من ألفي مريض بالسرطان داخل قطاع غزة، يواجهون ظروفا قاسية بفعل الحصار الإسرائيلي والتضييق على حرية تنقل المرضى للعلاج خارج القطاع، في حين يتلقى 80 مريضاً العلاج داخل المستشفى التركي الذي أنشأته تركيا لعلاج مرضى السرطان في غزة، لكن التوغل البري للاحتلال في غزة أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من المستشفى، واجلاء جميع المرضى إلى مستشفيات خالية من الأدوية المخصصة للسرطان، الأمر الذي فاقم من معاناتهم وأدى إلى وفاة عدد من المرضى نتيجة عدم توفر العلاج.

توقف المستشفيات
عن العمل

ووفق المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان، فإن أوضاع المرضى في غزة تتدهور بشكل متسارع، نتيجة الواقع المنهار إثر توقف الكثير من المستشفيات عن العمل، حيث تتجاوز نسبة شغل المستشفيات في قطاع غزة أكثر من 200 في المئة، كما أن الفترة ما بين بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حتى مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، شهدت وفاة ما لا يقل عن 12 مريضاً بالسرطان في قطاع غزة، في ظل إغلاق الاحتلال لمستشفى الصداقة التركي الفلسطيني الوحيد المخصص لعلاج هذه الفئة من المرضى في غزة.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، إن الاحتلال فاقم من الأوضاع الصحية لمرضى السرطان في قطاع غزة، بعد أن تعرض مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني لهجوم من قبل الاحتلال خلال الحرب الدائرة وقصف مباشر، حيث أن المستشفى المتخصص الوحيد كان يقدم العلاج لعدد من المرضى، وبعد التدمير زادت معاناة المرضى أضعافاً كثيرة مع نفاد الأدوية الخاصة بالمرضى، وحرمان الاحتلال المرضى من الخروج لمستشفيات الضفة الغربية والقدس لتلقي العلاج.
وحذرت الصحة العالمية من تفاقم الأزمة التي يواجهها أصحاب الأمراض المزمنة في غزة، إذ يوجد أكثر من ألف مريض كلى وألفي مريض سرطان، يعتمدون على الأدوية اللازمة التي تبقيهم على قيد الحياة، وحرمانهم من حقهم في الحصول على الأدوية، يهدد استمرارية بقائهم على قيد الحياة في ظل ما يعانيه من تضييق متعمد من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
في إطار ذلك يقول الدكتور صبحى سكيك إن مرضى السرطان يواجهون ظروفاً قاسية لم يسبق أن تعرضوا لها من قبل، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ودخولها الشهر الخامس على التوالي، وحرمان المرضى خلال هذه الفترة من حقهم في تلقى العلاج أو حتى تحويلهم للعلاج في مستشفيات الضفة الغربية والقدس، بسبب إغلاق الاحتلال معبر ايرز الفاصل بين قطاع غزة والضفة الغربية.
ويوضح لـ«القدس العربي»: أن هناك مخاطر تواجه أعدادا كبيرة من المرضى الذين يموتون بشكل بطيء، نتيجة تدهور أوضاعهم الصحية، والخوف يزداد أكثر من وجود حالات عدة مصابة بهذا المرض ويصعب عليها التوجه للكشف المبكر، نتيجة غياب المراكز الصحية المتخصصة واعتقال الاحتلال لأعداد كبيرة من الأطباء، وهذا ما يهدد بتفشي المرض وصولاً إلى درجة خطيرة يصعب خلالها السيطرة عليه.
ولفت إلى أن المرضى يعيشون حالياً في بيئة غير صحية داخل خيام النزوح التي لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، عدا عن سوء التغذية الذي يواجهه هؤلاء وتفشي المجاعة داخل قطاع غزة، نتيجة منع الاحتلال إدخال المساعدات للمواطنين، وهذا يزيد من تدهور الأوضاع الصحية لمرضى السرطان الذين هم بحاجة إلى تغذية صحية وسليمة، وسط تجاهل وتواطؤ دولي واضح لمعاناة المرضى الذين تم إخراجهم قسراً من المستشفى التركي وتعمد قطع العلاج عنهم.

تفشي العديد الأمراض
بين النازحين

تشتكي إيمان علي المصابة بمرض سرطان الثدي من تفاقم وضعها الصحي نتيجة حرمانها من تلقي العلاج اللازم لها منذ أكثر من ثلاثة أشهر، حيث تعتاد على تلقي جرعة من العلاج الكيميائي بشكل أسبوعي داخل المستشفى التركي، ولكن مع قطع الاحتلال الطرق والاعتداء على المستشفيات، حال من إمكانية تلقيها العلاج بشكل مستدام وهذا ما أدى إلى تدهور وضعها.
وتقول لـ«القدس العربي» إنها تعيش داخل خيمة في إحدى المدارس التي تأوي آلاف النازحين في جنوب قطاع غزة، بعد أن أجبر الاحتلال عائلتها كباقي المواطنين على النزوح من شمال القطاع إلى مناطق جنوب غزة، حيث تشتكي من الواقع الصعب الذي تعيشه داخل المدرسة في ظل تفشي العديد من الأمراض المعدية الخطيرة بين النازحين، نتيجة الاكتظاظ الكبير والخوف من نقل العدوى لها بسبب ضعف المناعة.
وتضيف أن العلاج الخاص بمرضى السرطان غير متوفر بشكل قاطع في غزة، وتمنع إسرائيل إدخاله رغم مناشدات عدة أطلقتها وزارة الصحة، وهذا المنع أدى إلى وفاة عدد من المرضى غير القادرين على تحمل الوقت الطويل من التوقف عن العلاج، وهذا يزيد أيضاً من حالة اليأس والتذمر لدى باقي المرضى، الذين فارقوا الحياة بسبب تأزم أوضاعهم النفسية والصحية.
وتطالب المؤسسات الدولية «التدخل السريع والعاجل لإنقاذ المرضى المصابين بالسرطان والعديد من الأمراض المزمنة الأخرى، والعمل على توفير العلاج لإنقاذ حياتنا كمرضى نموت بفعل الإجراءات الإسرائيلية المتعمدة، والتي تهدف إلى تجويع المواطنين وقتلهم، وكذلك قتل المرضى بحرمانهم من حقهم في الحصول على العلاج اللازم، وفرض قيود على خروجهم للعلاج في الخارج».
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض قيود أمنية مشددة على مناطق عدة من قطاع غزة وتعتبر هذه المناطق بالنسبة للجيش مناطق عمليات عسكرية خطيرة منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، حيث تمارس إسرائيل أبشع صور الانتقام بحق السكان الآمنين، من خلال فرض سياسة التجويع وحرمان المرضى من حصولهم على العلاج.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية