تركيا: عام نبع السلام وشرق المتوسط والخلافات مع أمريكا

إسماعيل جمال
حجم الخط
0

إسطنبول-“القدس العربي”:كما جرت العادة في السنوات الأخيرة، كانت تركيا في عام 2019 محور الكثير من الأحداث البارزة التي تصدرت أجندة العالم وجعلتها محط اهتمام إقليمي ودولي كبير.

محلياً، برزت الانتخابات البلدية والتحولات الكبرى التي شهدتها والانشقاقات التي عصفت بحزب العدالة والتنمية، وإقليمياً عملية “نبع السلام” في سوريا وإقامة المنطقة الآمنة شرق الفرات، ولاحقاً الاتفاق البحري والعسكري مع ليبيا وخلافات شرق المتوسط، ودولياً الخلافات مع أمريكا على خلفية إس 400 وإف 35 والعقوبات وغيرها من ملفات الخلاف.

شرق الفرات

ما زال الملف السوري يتصدر أجندة السياسة التركية، وبعد عمليات درع الفرات وغصن الزيتون التي نفذها الجيش التركي في سوريا خلال السنوات الماضية، شهد عام 2019 تنفيذ عملية “نبع السلام” العسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية في منطقتي تل أبيض ورأس العين شرقي نهر الفرات شمالي سوريا وذلك بعد سنوات من التهديد بتنفيذ العملية.

هذه العملية التي تمكنت من السيطرة على منطقة بعرض 145 كيلومترا وعمق 30 كيلومترا واجهت العديد من التحديات العسكرية والسياسية وقتل فيها أكثر من 200 من عناصر “الجيش الوطني السوري” الذي قاتل إلى جانب الجيش التركي الذي فقد بدوره قرابة 10 من جنوده، فيما قتل المئات من عناصر الوحدات الكردية، وانتهت العملية باتفاقين منفصلين لتركيا مع الولايات المتحدة وروسيا، ينصان على سحب الوحدات الكردية من كامل الشريط الحدودي بعمق 30 كيلومترا وهو الشرط الذي تقول تركيا إنه لم ينفذ بعد بشكل كامل.

شرق المتوسط

كانت منطقة شرق المتوسط أبرز ساحات الأحداث الساخنة المتعلقة بتركيا عام 2019 حيث شهد تصاعد الخلافات حول النفط والغاز وترسيم الحدود البحرية في المنطقة، وبدأت أنقرة بخطوات تاريخية تمثلت في إرسال 4 سفن تنقيب عن الموارد في مناطق متنازع عليها قبالة قبرص وشرق المتوسط وسط توترات عسكرية وسياسية وخلافات وتحولات إلى نزاع إقليمي بين تركيا وتحالف مصري يوناني قبرصي إسرائيلي.

وتمثل الحدث الأبرز في توقيع تركيا على اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا ضمن مناطق متنازع عليها مع اليونان بشكل خاص، وألحقتها باتفاق للتعاون الأمني والعسكري من أجل ضمان تركيا بقاء حكومة الوفاق الليبية في طرابلس التي يتوقع أن تطلب الدعم العسكري من تركيا التي أكد رئيسها رجب طيب اردوغان أنه على استعداد كامل لإرسال قوات من الجيش التركي إلى طرابلس “إذا طلبت حكومة الوفاق ذلك” وهو ما ينذر بتحولات كبرى في المنطقة خلال العام المقبل.

إس “400 و “إف 35”

 وصلت الخلافات التركية الأمريكية إلى ذروتها في العصر الحديث، حيث اتخذت تركيا خطوة تاريخية بشراء منظومة إس 400 الدفاعية الروسية، وبدأت باستلامها رسمياً وتركيبها، ومن المتوقع أن تدخل الخدمة في الربع الأول من العام المقبل، وهو ما اعتبر بمثابة تحول استراتيجي في التقارب التركي مع روسيا على حساب الناتو التي تمتلك تركيا ثاني أكبر جيش فيه.

وفي ظل خلافات كبرى بسبب شرق المتوسط، وشرق الفرات، وشراء المنظومة الروسية، وغيرها، بدأت أمريكا بفرض عقوبات مختلفة على تركيا، وجرى طردها من برنامج صناعة وشراء طائرات إف 35 واعترف الكونغرس بما يعرف بـ”الإبادة الأرمنية” وسط تلويح بعقوبات أكبر هددت تركيا بالرد عليها بالمثل، ولوح اردوغان بإغلاق القواعد العسكرية التي يستخدمها الجيش الأمريكي في تركيا.

فوز إمام أوغلو وانشقاقات العدالة والتنمية

على الصعيد الداخلي، كانت الانتخابات البلدية نهاية آذار/مارس أبرز ما شهدته البلاد، لما حملته من تحولات كبيرة، تمثلت في تراجع أصوات حزب العدالة والتنمية الحاكم لأول مرة بهذا الشكل منذ وصوله إلى الحكم قبيل 17 عاماً، وفوز المعارضة بعدد من البلديات الكبرى في البلاد وعلى رأسها إسطنبول التي اكتسحها أكرم إمام أوغلو رغم قرار لجنة الانتخابات إلغائها وإعادتها وهو ما مكنه من الفوز مجدداً وبفارق كبير.

هذه التحولات أشعلت الحراك الداخلي في حزب العدالة والتنمية الذي شهد لأول مرة انشقاقات واضحة بإقالة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو من صفوفه، وباستقالة وزير الاقتصاد السابق علي باباجان، واستمرار ابتعاد الرئيس السابق عبد الله غُل وعشرات القيادات والنواب السابقين في الحزب، قبل أن يعلن داود أوغلو عن تشكيل حزب سياسي جديد باسم “حزب المستقبل” وسط توقعات بقرب إعلان باباجان عن حزب سياسي آخر من رحم العدالة والتنمية.

صعوبات اقتصادية

تواصلت الصعوبات التي واجهها الاقتصاد التركي في السنوات الأخيرة، وفي بداية العام ارتفعت بشكل غير مسبوق مستويات البطالة ونسبة التضخم ما رفع الأسعار بشكل كبير جداً على المواطنين، وكانت النتيجة انخفاض كبير في معدل النمو. كما واجهت الكثير من الشركات التركية صعوبات بالغة لا سيما في سوق العقارات الذي شهد حالة من الركود حاولت الحكومة دعمه من خلال تشجيع الأجانب على الشراء مقابل الحصول على الجنسية.

ورغم ذلك، أقال اردوغان رئيس البنك المركزي التركي الذي رفض خفض نسبة الفائدة التي وصلت إلى 24 في المئة قبل أن يبدأ خطة محكمة مع الرئيس الجديد للبنك تمكن خلالها من خفض أسعار الفائدة من 24 في المئة إلى 12 في المئة على 4 مراحل متتالية.

زلزال إسطنبول

شهدت تركيا هذا العام عشرات الزلازل والهزات الأرضية متفاوتة القوة الأمر الذي أثار الكثير من الخوف في صفوف المواطنين لا سيما الزلزال الذي شهدته إسطنبول كبرى المحافظات التركية، في أيلول/سبتمبر، والذي بلغت قوته 5.8 درجات على مقياس ريختر وأدى إلى تضرر مئات المباني وأثار حالة غير مسبوقة من الخوف والرعب حيث فتح الباب واسعاً أمام النقاش الكبير حول مدى استعداد المحافظة التي يقطنها أكثر من 15 مليون نسمة لزلزال مدمر يقول الخبراء إنه قادم لا محالة.

أبرز الشخصيات

أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، فاز في الانتخابات التي جرت في آذار/مارس قبل أن تلغى وتعاد مجدداً ويفوز فيها بفارق أكبر، اكتسب شعبية كبيرة وبات لدى شريحة واسعة من المعارضة التركية المرشح المقبل لمنافسة اردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

التصريحات

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان: لا يمكن لمصر واليونان وإسرائيل وقبرص حسب الاتفاق البحري بين أنقرة وحكومة الوفاق الليبي، مدّ خط لضخ الغاز بدون موافقة تركيا كما لا يمكنهم إجراء أعمال التنقيب في المناطق التي حددها الاتفاق البحري بين أنقرة وطرابلس.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية