تأثر خدمات الأونروا المقدمة للاجئين في غزة بسبب الأزمة المالية

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

تشهد خدمات الأونروا المقدمة للاجئين في قطاع غزة تراجعاً بسبب الأزمة المالية الكبيرة التي تعصف بالأونروا منذ عدة أشهر، حيث تأثرت إثر ذلك خدمات التعليم والصحة وتوزيع المواد الغذائية والتي يستفيد منها أكثر من مليون لاجئ في غزة، إضافة إلى توقف عدد من مشاريع البناء الخاصة بالأونروا في القطاع، وسط تحذير من قبل الأونروا من التداعيات المترتبة على هذا الواقع الاقتصادي الذي تعانيه، الأمر الذي من شأنه أن يمس بقدرتها على استمرارها تقديم خدماتها بشكل منظم خلال الفترة المقبلة.
وعمت الإضرابات كافة مرافق الأونروا الأسبوع الماضي، نتيجة لعدم استجابة الوكالة لمطالب الموظفين العاملين في المؤسسات التابعة لها في قطاع غزة، حيث يستعد اتحاد الموظفين في غزة للبدء بتنظيم فعاليات احتجاجية أخرى واسعة خلال الأسبوع الجاري، تشمل إضرابا شاملا لعمل المرافق وبالتحديد التعليم والصحة، إلى جانب تنظيم فعاليات احتجاجية أمام المقر الرئيسي لوكالة الغوث وسط مدينة غزة، وتأتي خطوة إضراب مرافق الصحة والتعليم حسب اتحاد الموظفين في الوكالة، رفضا لما لسياسة التقليصات التي تفرضها الأونروا بحق اللاجئين الفلسطينيين، ومساسها بالأمن الوظيفي للعاملين لديها، بالإضافة إلى رفضها زيادة مرتباتهم والقيام بتخفيض عدد الموظفين، وعدم تعبئة شواغر لسد العجز داخل المرافق، وهو أمر ينعكس على طبيعة الخدمات المقدمة للاجئين.
وقال رئيس اتحاد الموظفين أمير المسحال في كلمة على هامش الوقفة الاحتجاجية الأسبوع الماضي، إن هناك العديد من الخطوات التصعيدية التي سيقوم الاتحاد بتنظيمها، رداً على تجاهل الأونروا لمطالب الاتحاد، ومن أهمها التراجع عن تقليص أعداد الموظفين وعدم تعيين موظفين جديد بحجة تراجع الدعم.
من جهته قال مدير عمليات الأونروا في قطاع غزة توماس وايت، إن الوكالة تتبع سياسة التقشف التي تؤثر على تقديم بعض الخدمات للاجئين، وذلك بسبب الأزمة المالية الكبيرة التي تمر بها، حيث تحتاج في الوضع الطبيعي إلى 800 مليون دولار كي تتمكن من تقديم خدماتها الأساسية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، محذراً من تأثر المزيد من الخدمات المقدمة للاجئين في حال استمر العجز المالي في الموازنة العامة، لافتاً إلى أن الوكالة تتواصل بشكل مستمر مع المجتمع المحلي والدول المانحة، لاطلاعهم على آخر المستجدات والضغط لاستئناف تقديم الدعم المالي الكافي لاستمرار تقديم الخدمات.
وأعلن اتحاد المقاولين في قطاع غزة الأسبوع الماضي مقاطعته لعطاءات المشاريع الجديدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين احتجاجاً على السياسات المالية التي تتبعها الوكالة بحقهم، فيما نظم مقاولون وقفة احتجاجية رفعوا خلالها لافتات كتب على بعضها، نرفض تنصل الأونروا من اتفاقياتها وتعويض الشركات حق لا يمكن التهاون فيه، ويأتي هذا التصعيد من قبل اتحاد المقاولين بعد رفض الأونروا تعويض المقاولين عن خسائرهم بسبب جائحة كورونا وتداعياتها، إلى جانب عدم تدخلها لحل أزمة الإرجاعات الضريبية المتراكمة لدى وزارة المالية الفلسطينية، حيث حذر الاتحاد من تصاعد الخطوات الاحتجاجية في الفترة المقبلة في حال لم تستجب الوكالة لمطالبهم، معتبراً أن مصادرة رؤوس أموال الشركات العاملة في قطاع الإنشاءات، سيؤدي إلى تسريح مئات العمال بغزة وقطع مصادر رزقهم وتشريد عائلاتهم.
في سياق ذلك أكد المتحدث باسم وكالة الأونروا في غزة عدنان أبو حسنة أن الوكالة تعاني من أزمة مالية خانقة وعجز في الموازنة بنحو 70 مليون دولار، حيث أدى هذا العجز الكبير إلى اتباع الأونروا سياسة التقشف من أجل استمرار الخدمات المقدمة، نتيجة عدم إيفاء الدول المانحة بالتزاماتها المالية تجاه دعمها بسبب التغيرات السياسية في العالم، إضافة إلى غلاء المواد التموينية عالمياً نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال لـ«القدس العربي» أن إدارة الأونروا تعي جيداً حجم المعاناة التي يتعرض لها العاملون في القطاعات المختلفة وبالتحديد قطاع التعليم، في ظل تكدس أعداد الطلبة داخل الفصول، وعدم وجود طواقم تعليمية كافية لتنظيم العملية التدريسية بشكل مريح، لتخفيف الضغوط على الطواقم التدريسية التي تكافح من أجل الحفاظ على الواقع، إلى حين إيجاد حلول.
وأشار إلى أن الأونروا وفي ظل تصاعد الاحتجاجات والاضرابات الشاملة من قبل اتحاد الموظفين، تدعو الاتحاد للتراجع عن الخطوات الاحتجاجية المنوي تنفيذها، والجلوس مع الوكالة للحوار ومحاولة إيجاد حلول للأزمة القائمة، وعدم إغلاق مؤسسات الأونروا واستمرار تقديم الخدمات من دون أي خلل، لأن اللاجئين الفلسطينيين والفئات الأكثر هشاشة يدفعون ثمن هذا الإضراب.
بدوره يقول الخبير الاقتصادي ماهر الطباع إن تراجع خدمات الأونروا منذ العام الماضي واستمرار المعاناة هذا العام، من خلال المماطلة في صرف رواتب الموظفين وتراجع تقديم الخدمات، يعمق من الواقع المعيشي الصعب الذي يعانيه قطاع غزة، ويؤثر بالسلب على الواقع الغذائي في القطاع ككل، كون أن خدمات الأونروا تسهم في تغطية حاجات 60 في المئة من إجمالي أعداد السكان في غزة.
وبين لـ«القدس العربي» أن إسرائيل هي المحرض الأساسي على تراجع دعم المانحين للأونروا، والسعي نحو إنهاء عملها في الأراضي الفلسطينية وخارجها، من أجل إسقاط حق اللاجئين الفلسطينيين، فإسرائيل هي من تضيق على الدعم المقدم وخاصة في مجال التعليم، من خلال التحريض على المنهاج والدعوة لفصل مدرسين ينتمون لفصائل فلسطينية، وهي التي أيضاً تمنع إدخال البضائع والسلع الخاصة بالأونروا والتي تؤثر على الخدمات المقدمة للمواطنين.
ولفت إلى أن الخطوات التصعيدية من قبل الاتحاد ضرورية من أجل الحفاظ على الحقوق الواجبة على الأونروا تقديمها للاجئين، والضغط من أجل التوقف عن سياسة تقليص الخدمات، وإلا سيفقد اللاجئون جميع الخدمات تدريجياً في ظل تراجع الدعم المالي للأونروا، والذي يزيد عن 100 مليون دولار من ميزانيتها الأساسية، ومن شأن استمرار ذلك التشويش على الخدمات المقدمة للاجئين في مختلف المجالات، ويؤثر على صرف رواتب الموظفين بشكل منتظم.
يذكر أن الأونروا تأسست عام 1949 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمساعدة وحماية اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة لحين التوصل إلى حل عادل لقضيتهم، فيما يبلغ عدد الموظفين والعاملين في وكالة الغوث ومؤسساتها 3700 موظف وعامل، يعملون في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الإغاثية، ومؤخراً بدأت تعاني الأونروا من أزمات مالية، أدت إلى تراجع قدرتها الكاملة على تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية