بوصلة الدوائر الأردنية تتجه بالتنسيق مع القاهرة وأبو ظبي لرعاية حسين الشيخ وفتح حوار مع دحلان والمشاركة في ترتيبات أمنية لمنع انهيار السلطة

بسام البدارين
حجم الخط
4

عمان – «القدس العربي»: وسط سعي محموم في البوصلة السياسية والدبلوماسية الأردنية لإيجاد موطئ قدم يسمح بتثبيت الوضع السياسي العام في الأرض المحتلة بعيداً عن أجندات التأزيم التي يمكن أن ترافق اشتعالات منطقة البحر الأسود والتصعيد العسكري الخطير والحساس في أوكرانيا، يمكن القول بأن الأردن يعيد ويراجع حساباته في عمق المعادلة الفلسطينية بأكثر من طريقة وأكثر من صيغة.
وبمعنى الحرص على الاستثمار في الاستراتيجية الوحيدة التي أبلغ فيها القيادة الأردنية الرئيس الأمريكي جو بايدن، تحت عنوان عدم وجود عملية سلام أو تفاوض، وفي الوقت نفسه عدم وجود أي رغبة أمريكية في رعاية أو توفير الحماية لتصعيد عسكري إسرائيلي.
مبكراً جداً، ووفقاً للسياسي الأردني المخضرم طاهر المصري، وهو أيضاً رئيس وزراء سابق، أبلغ الأمريكيون أو المعنيون بالإدارة الأمريكية الأردن بأن على الجانب العربي والفلسطيني ألا ينتظر مبادرة أمريكية لتحريك عملية السلام. لكن ما أشار له المصري، وهو يناقش مع «القدس العربي»، أن الانطباع قوي في اتجاه دعم وإسناد أمريكي لأي عملية سلام جديدة يمكن أن يتفق عليها مباشرة الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، في الوقت الذي طالب فيه بايدن، عندما زاره الملك عبد الله الثاني، من الأردنيين بالحرص على بقاء التهدئة والعمل على رفع مستوى معيشة أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة والأرض المحتلة عموماً.
أبرز الخبراء في المعادلة الأمريكية وهو وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، تحدث عن عدم وجود جديد أو مستجد يمكن الرهان عليه بالنسبة للقضية الفلسطينية في عمق المعادلة الأمريكية.
وفي جلسة خاصة شاركت «القدس العربي» في النقاش من خلالها، حرص مروان المعشر، مجدداً، على التذكير بأن الأمريكيين من وجهة نظره، لا يريدون الحياد أو الابتعاد عن أولوية الاستراتيجيات التي حددها أصلاً الرئيس بايدن في حملته الانتخابية.
يضم المعشر صوته إلى كل الملاحظين بأن عملية الجمود السياسية بخصوص القضية الفلسطينية هي التي ترافق الصيغة التي تقترحها الإدارة الأمريكية الحالية، حيث لا عملية السلام ولا الصراع العربي الإسرائيلي ولا قضية فلسطين، ضمن أولويات إدارة الرئيس بايدن، وهو وضع يبدو أن الإدارة الأردنية من جانبها تتعامل معه باعتباره من الأمر واقع هنا.
وبالتالي، الهدف الذي تسعى إليه الحكومة الأردنية قد يكون المساهمة في الإبقاء على خيار الدولتين قدر الإمكان، والوقوف خلف السلطة الفلسطينية منعاً لانهيارها، والمشاركة في ترتيبات أمنية الطابع، وفي سياق رباعي مع السلطة الفلسطينية وجمهورية مصر العربية، تجنباً لانهيار الحالة الأمنية، لا بل تجنباً للآثار الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة والأرض المحتلة، وتأثيرها المحتمل على الأوضاع الأمنية بصفة عامة.
الأردن مؤمن من هنا، بأن فرص توظيف انتفاضة جديدة في الأراضي المحتلة هي التي قد تشكل أسوأ سيناريو في ظل التحديات التي فرضها الفايروس كورونا على جميع شعوب المنطقة خلال العامين المنصرمين، وفي ظل الوضع الأمني الإقليمي المنقسم، والآن أكثر في ظل الوضع الدولي المفتوح على احتمالات التصعيد والاستقطاب الحاد والحرب الباردة في أقل تعديل، رغم أنها تبدو ساخنة الآن في أوكرانيا عملياً.
الأردن على نحو أو آخر، لديه قناعة، وهذا ما يقال في أروقة سلطة القرار بأن السلطة الفلسطينية ينبغي أن تصمد ويتم الحفاظ عليها، ولديه قناعة بأن الرئيس محمود عباس لا بد من بقائه قوياً في المعادلة الفلسطينية، لكن لا جديد عنده على صعيد عملية التحريك السياسي، أو حتى لا يتقبل نصائح الأردن ومصر القاضية بأن يتحدث مع حكومة اليمين الإسرائيلي الحالية برئاسة نفتالي بينت، على أساس سيناريو يعود باحتمالية العودة لطاولة المفاوضات.
ويبدو أن عمان كان لها دور ما خلف الستارة والكواليس في ترتيب بعض التفاهمات والقرارات والخطوات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني مؤخراً، لكن الأهم – وهذا ما يلاحظه قياديون سواء في النخبة الأردنية أو في النخبة التي تمثل المقاومة الفلسطينية مؤخراً وعموماً- هو أن عمان تجد نفسها جزءاً من الترتيب المتعلق بضرورة الحفاظ على وضع هادئ ومستقر للسلطة الفلسطينية في أي لحظة يغادر فيها ولأي سبب الرئيس محمود عباس.
عمان في هذا السياق، كانت موجودة في كل النقاشات الإقليمية والأمريكية والدولية ذات الصلة بملف السلطة الفلسطينية، في اليوم التالي لمغادرة عباس لأي سبب وعلى أساس أن الملف الفلسطيني برمته في حالة الانتظار. لكن الأردن يتفق مع الإمارات ومع مصر وتحديداً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأن لا تنتهي مرحلة الانتظار بمفاجآت غير محسوبة، ومن هنا قفز السيناريو الأمني الثلاثي في التفاهمات مع الجنرالات الأمنيين في القاهرة ورام الله وعمان، عدة مرات، وبالتوازي أو في موازاة العمل الدبلوماسي على مستوى وزراء الخارجية، حيث تقارير عميقة تشير إلى أن الأردن في اتجاه خطوة هندسية تحافظ على الحد الأدنى من هيكل السلطة الفلسطينية، وأن بوصلة الدوائر الأردنية تتجه أيضاً لرعاية الوزير والقيادي الفتحاوي الفلسطيني حسين الشيخ، الذي يبدو أن أسهمه وصداقاته وتحالفاته في عمان بدأت تنتعش أو في طريقها للانتعاش.
باختصار، تحرص المؤسسة الأردنية على حضورها في كل تفعيلات وتفصيلات وزوايا المشهد الفلسطيني قدر الإمكان، ويبدو أن هذه التفاهمات لا تطال فقط مراقبة ما يجري في السلطة والبرنامج الذي يعمل عليه الرئيس عباس حالياً، بل تشمل أيضاً فتح حوارات جانبية عبر أبوظبي مع تيار القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، ومع تيارات أخرى في منظمة التحرير، وحالة انفتاح مع قادة المجتمع المحلي قدر ما تسمح الظروف في الضفة الغربية.
وبالتالي، الأردن يجد نفسه في الجزء المتعلق بمستجدات المعادلة الفلسطينية مضطراً طوال الوقت للبقاء في الغرفة التي تشهد أحياناً تزاحمات، وأحياناً أخرى سيناريوهات متعددة الأوجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بسام أبو ليلى:

    لا أعتقد أن هذه الشخصيات هي المناسبة للحفاظ على الحق الفلسطيني

  2. يقول شو هاظا:

    اعطي الفلسطينيين وجه الحريه والتغيير بشخص شاب .

    الحرية لا توهب بالضعف وجمع المعونات والاموال من الاطراف التي تتنصل من الضغط على اسرائيل.
    هل ينتظر الفلسطينيين من يختار قيادة لهم . والله مهزله

  3. يقول Omar Ali:

    على الجميع الا يتوقعوا خيراً من هذه الجعجعة بدون طحين. الموءمل ووفاءً للشهداء ان يقرر الرئيس محمود عباس اجراء انتخابات للمجلس التشريعي والرءاسة ومنظمة التحرير الفلسطينية

  4. يقول عبدالله الشراقعة:

    القضية الفلسطينية في العقل السياسي الصهيوني هي مجرد قضية أمنية، هذا التوصيف تبنته الإدارات الأمريكية ومن وراءها معظم الإدارات الغربية،

إشترك في قائمتنا البريدية