انتظرونا في 2030… اشكالية صناعة مذيعة بالقوة!

حجم الخط
0

لا بأس إن قالها الفتى؛ فالتبشير بالرخاء، للهروب من الواقع الأليم، عادة حكومية أصيلة، غاية ما في الأمر، أن السلطة تراجعت وتولى الإعلام وظيفتها، فمصر رفضت عرضاً كريماً من مجهول بـ 250 مليار دولار مقابل تصفية القضية الفلسطينية، ومصر ستنجح في حل مشاكلها في 2030 لتكون في قائمة 7 اقتصادات في العالم.. العالم مرة واحدة!
وفي الحالتين، وفي كل الأحوال، لا يوجد مصدر رسمي تم الاستناد إليه، فالقائل إعلامي هنا وهناك، وهذا الإعلامي وذاك يجعل مصداقيته على المحك، بل ويعتبر التنازل عنها عملاً وطنياً، لا يقل في أهميته عن أدوار نادية الجندي في أعمال الجاسوسية.. أياديها بيضاء هذه المرأة على الأمن القومي المصري!
لم يعد لدى الجنرال ما يقوله، فقد طلب من قبل المصريين بالصبر سنتين عليه، فستة شهور، فستة مثلهم، ثم كان الطلب بالصبر لعام 2018، قبل أن يقول إنه لم يقدم وعوداً بشيء، ولم يعد بالعسل واللبن، أو المن والسلوى!
وفي هذه الظروف الضاغطة على الشعب المصري كله، تخطى رئيس الحكومة الرقاب، ووعد بأن مصر سوف تحل مشاكلها في 2030، وعلى المصريين أن يتحملوا حتى ذلك الحين، لكن أحداً لم يكترث به، فكان لا بد من «طلعة جوية» يقدم عليها إعلامي، لم يعد ينافق المرحلة، لكنه صار جزءاً منها ويدرك أنها لو سقطت سوف يسقط معها!
إذ قال مقدم برنامج الشركة المتحدة في التلفزيون المصري، إن لم نكن في قائمة 7 اقتصادات في العالم، فسوف نكون في قائمة أكبر 20 اقتصاد في العالم، على أي شيء يستند في ذلك؟ لا شيء إلا أنه تصريح للاستهلاك المحلي، تماماً كما أجزم وأقسم من قبل أن الدولار لن يتجاوز العشرين جنيها، وأنه يستند لذلك إلى كونه كان تلميذاً «شاطراً» في الاقتصاد، وتعلمون أن الدولار وصل السبعين جنيها في السوق الموازية، وتجاوز السقف الذي حدده بكثير في البنوك!
لا أحد يحاسب إعلام المولاة على الكذب والتضليل، مع أنهم اعتمدوا الاتهام بنشر أخبار كاذبة في القبض على المعارضين، من صحافيين وغيرهم، وجهات التحقيق ليست مطالبة بأن تخبر الضحية بالخبر الكاذب، وكثير منهم لم ينشر أخباراً من أصله كاذبة أو صحيحة.

وعود كمال الجنزوري

عندما شاهدت هذه الطلعة الجوية ليوسف الحسيني، تذكرت كمال الجنزوري، عندما كان رئيسا للحكومة المصرية في عهد مبارك (يناير/كانون الثاني 1996- أكتوبر/تشرين الأول 1999) كما ذكرني المذيع وبرنامجه أن التلفزيون المصري الرسمي يخضع قبل سنوات للتطوير من جانب الشركة المتحدة، وهي شركة مملوكة لأهل الحكم، ملكية خاصة!
كان الجنزوري اقتصادياً مرموقاً، واستعراضياً لحد كبير، ظهر كساحر أمام الجماهير، وهو يحفظ الأرقام ويتلوها من الذاكرة كما لو كان يقرأ من ورق مكتوب، وكان نواب البرلمان يجلسون أمامه في انبهار، وإن صدرت الأوامر لأغلبيتهم بازدرائه، فقد تحولوا مرة إلى تلاميذ في المدارس فأحدثوا ضوضاء بسبب قيامهم بحركة صبيانية بأن حركوا أحذيتهم على أرض القاعة، دون أن يتمكن من رؤيتهم، وبتحريض من خصومه في الحكومة، لا سيما كمال الشاذلي، الذي كان يسيطر على البرلمان، فلما ثار في وجوههم لم يكرروها وظلوا ينظرون اليه بانبهار!
والمشكلة في إطلاق رشقة من البيانات والأرقام، أنه في مأمن من أن يرد عليه أحد، فحتى المختص بحاجة للرجوع إلى المستندات والوثائق، بما يضمن لرئيس الحكومة أن ينجو من التكذيب، وكان البعض يقول إن أرقامه هي فرقعات في الهواء وليست صحيحة، وعموماً لم يكن من السهل الكتابة ضده، فعلى مدى ثلاث سنوات، لم تتجرأ سوى قلة قليلة بالهجوم عليه، كنت واحداً منهم ولا فخر!
وكان الجنزوري لا يمل من التبشير بالرخاء الاقتصادي، حتى ذهب بعيداً؛ وقد روى لي ضياء الدين داود، رئيس الحزب الناصري، أن الجنزوري التقى برؤساء الأحزاب (كثيراً ما كان يفعل ذلك) وقال إنه خلال سنوات ستتحول مصر إلى نمر اقتصادي، فضحك مصطفى كامل مراد، رئيس حزب الأحرار، وهو يطلب منه أن يتواضع في وعوده، فليكن وعده بأن تكون فأراً اقتصادياً لا نمراً.
ربط حل المشكلات في مصر بسنة 2030، هو لأنها نهاية الولاية الثالثة للجنرال، وهم بحاجة الى تعديل الدستور، بما يسمح له بالترشح لمدد أخرى، وستقوم الدعاية لذلك انتظروا الرخاء في عام 2030، ثم إن هذا العام هو نهاية خطتهم الاقتصادية، وهي ذاتها الخطة التي استلهموها من وثائق لجنة السياسات برئاسة جمال مبارك، ضمن المسروقات، لكن لا نعرف هل المشكلة كانت في الخطة أم في التطبيق، فما نعرفه أنها فشلت، وأي مشروع اقتصادي هذا الذي سيجعل مصر ضمن 7 اقتصادات، أو على أسوأ الظروف ضمن 20 اقتصادا في العالم، دون أن يلمس الشعب ثمار التنمية، ليس الآن لكن قبل سنوات من الآن! بيد أن الأبواق الإعلامية تبيع للمصريين سمكاً في ماء!
ما علينا، فهذا التضليل جاء من برنامج تلفزيوني، هو ثمرة وضع «الشركة المتحدة» يدها على التلفزيون الرسمي، باسم تطويره، وهذا البرنامج كان ليقدمه وائل الإبراشي، فلما أصيب بكورونا تم استدعاء الحسيني ليقدمه مؤقتاً، فآل اليه بوفاة وائل، والبديل المحظوظ كان قد أحيل للاستيداع، فجاء ليضرب الهواء «دوكو» وباللون البنفسجي، فأين هو التطوير؟!
في انتظار مالا يأتي!

مذيعة المرحلة ابنة صاحب التلفزيون

عندما تم الإعلان عن أن عبد الله السناوي سيكون ضيفاً على «قصواء» في البرنامج، الذي يحمل اسمها، على قناة «سي بي سي» قلت: وجبت، فلما كانت الساعة المضروبة، ذهبت إلى هناك، ولكم تدهشني هذه الثقة التي تظهر بها المذكورة، وكأنها في مطبخ منزلها!
هذه الثقة لا بد لأنها «مسنودة» وأن هناك محاولات لخلق بديل لمنى الشاذلي، بعد أن تحولت الى مذيعة منوعات، تنافس برنامج «صاحبة السعادة» للفنانة إسعاد يونس، لتنتهي ظاهرة كان يدهشنا هذا الاحتفاء الكبير بها قبل الثورة، مع أنها متواضعة الكفاءة، وتفتقد لمقومات المذيعة، إلا إذا سكتت، والملاحظات على جملة الأداء في هذه الحقبة كنا نستعرضها في هذه الزاوية!
لكن لا يعرف قيمة منى الشاذلي، إلا من يشاهد قصواء وثقتها غير المبررة في نفسها، وكأنها ابنة صاحب التلفزيون!
كان المرء يستطيع أن يشاهد حلقة كاملة لمنى الشاذلي، ويدهشه هذه القبول مع تواضع قدراتها؛ إنها تغيب عن الوعي وتغوص في الماء للإمساك بعبارة، في حين أن الأخيرة لا تعرف كيف تسكت ويتحدث الضيف بينما هي بين كل فقرة ترمي بكلمة، فتصيب الضيف والمشاهد بالتوتر، ثم إن حنجرتها تقذف بصخب، إذا لم تكن ممن تستهويهم المناطق المزدحمة، فسوف تصاب بالصداع وهو ما حدث معي!
قاومت حتى ينتهي السناوي، لكني فشلت فلم أدر المؤشر الى قناة أخرى، لكني أغلقت التلفزيون تماما أدباً له.
ما علينا، فقصواء مذيعة جديدة ومع ذلك فبرنامجها اسمه «مع قصواء» وهو أمر لا يجوز إلا مع كبار المذيعين، لكن القوم يعتقدون أن في إمكانهم صناعة فنان، ومذيع، وصحافي، وعلاج الإيدز بإصبع كفتة!
عزيزي المواطن السيد، فالوطن السيد، ليس كل الأمور تؤخذ غلابا.
صباح الخير يا سيد!
أرض جو:
ومع إهدار أهمية الخبر العاجل، شاهدت على شاشة الفضائية المصرية، عاجل: الرئيس السيسي يتابع مع رئيس الوزراء سير العمل في عدد من ملفات العمل الحكومي. فرأيت أنه من المناسب نشر عاجل أمام عاجلهم: سليم عزوز ينتهي من كتابة زاوية هذا الأسبوع، وذهب ليصلي الجمعة، وقال خلف الإمام: آمين.

صحافي من مصر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية