المغرب: تحقيق مبدأ المساواة بين الجنسين أهم مؤشرات التنمية المستدامة

ماجدة أيت لكتاوي
حجم الخط
0

الرباط ـ «القدس العربي»: رغم تنصيص الدستور المغربي المعدل في 2011 على المساواة بين النساء والرجال في الحقوق، فإن المعركة ما زالت طويلة من أجل إقرار ذلك، وهو ما تقوم به منظمات المجتمع المدني وبعض الهيئات الحزبية التي تسارع الزمن خلال هذه الأيام لإصلاح القوانين بهدف إقرار المناصفة كاملة، لا سيما بعدما أطلق العاهل المغربي العام الماضي مشروع إدخال تعديلات على قانون الأسرة المعروف محليًّا بـ«المدوَّنة».
في هذا السياق، قدم ائتلاف «المناصفة دابا (الآن)» مسودة قانون إطاري حول المناصفة والمساواة بين الرجال والنساء، يهدف إلى «تحقيق المناصفة والمساواة بين الرجال والنساء في جميع أبعادها، المهنية، ومحاربة كافة أشكال الهشاشة الموجهة خاصة ضد المرأة، وحمايتها ضد العنف، وصورة المرأة في وسائل الإعلام، والمناصفة السياسية، وفي جميع المسؤوليات الاجتماعية والمهنية».
وائتلاف «المناصفة دابا» مبادرة مغربية شكلتها عدة جمعيات للدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان وقادة الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني والباحثين ونساء ورجال الإعلام والفنانين والمثقفين المدافعين عن حقوق المرأة، وذلك بهدف تعزيز حضور المرأة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
وقالت وفاء حجي، منسقة «المناصفة دابا» إن الائتلاف اشتغل على صياغة مسودة قانون إطار، تم إرسالها نهاية 2022 إلى رئيس الحكومة ورئيسي مُجلسي النواب والمستشارين وعدد من الوزراء، مبرزة أن القرار يبقى بين يدي الحكومة المغربية والبرلمان تجاه ملف متكامل وجاهز حول تنزيل الفصل 19 من الدستور «ونتمنى أن يكون التفاعل مع الملف إيجابيا».
وينص الفصل 19 من دستور 2011 من الباب الثاني الذي حمل عنوان الحريات والحقوق الأساسية، على أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور. وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب. وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.
وأبرزت منسقة ائتلاف «المناصفة دابا» ضمن مؤتمر صحافي في الرباط، أن الحكومة في حال لم تتعامل بإيجابية مع المبادرة، ستبقى آلية الديمقراطية التشاركية المجسدة في جزء منها في العرائض، التي أتى بها الدستور، حبرا على ورق.
من جانبه، أبرز الحبيب بلكوش، نائب منسقة ائتلاف «المناصفة دابا» أن هذا الأخير وضع هذه المسودة بين يد الحكومة والبرلمان، مشددا على أن أخذ الحكومة بزمام الأمور تشريعيا سيساهم في تسريع دينامية مسودة القانون الإطار.
ووصف مسودة القانون الإطار بكونه «مشروع مجتمع بكامله» معتبرا أن كل القوى السياسية بجميع أطيافها مدعوة اليوم لتترجم ما قدمته من وعود والتزامات أثناء النقاشات التي تمت معها.

ضمان المناصفة

ويرمي القانون الإطاري إلى ضمان المناصفة وتعميمها ومعالجة أفقية لحقوق النساء، وفق مقاربة مندمجة يتعين تنفيذها من لدن الدولة والمؤسسات العمومية، والجماعات الترابية كل واحدة فيما يخصها. والتأسيس للانتقال من فكرة التمييز الإيجابي، التي ارتكز عليها موضوع تمثيلية المرأة في مؤسسات وهيئات التداول واتخاذ القرار إلى تحقيق المناصفة الفعلية بين النساء والرجال، وفقا لما ينص عليه الدستور، زيادة على تحقيق المناصفة بين النساء والرجال في جميع أبعادها المهنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتمثيلية والمجالية والرياضية ومكافحة كل أشكال الهشاشة والعنف الموجه ضد المرأة.
ويهدف القانون الإطار كذلك، إلى توسيع دائرة مشاركة المرأة في الحياة السياسية والعامة حتى تتجاوز حدود التصويت والترشيح في الاستحقاقات الانتخابية والتمثيل في المؤسسات المنتخبة لتشمل التمثيل المنصف في الأجهزة والهياكل المنبثقة عن تلك المؤسسات وطنيا ومحليا. فضلا عن العمل على تحقيق المناصفة والمساواة بين النساء والرجال في العديد من المجالات والفضاءات الاجتماعية التي ظلت المرأة غائبة فيها، لاسيما الأجور والمسارات المهنية والوظيفية وتوزيع المهام والمسؤوليات على المستوى المحلي والتمثيل السياسي والإعلامي والاجتماعي والمهني والرياضي.
وتقترح مسودة القانون الإطار في ديباجتها، العمل على أن تتخذ السلطات العمومية التدابير التي من شأنها ضمان المساواة والمناصفة بين الجنسين في علاقات الشغل والحياة المهنية، ومكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة. وأن تشمل المساواة والمناصفة بين الرجال والنساء في علاقات الشغل المساواة الأجرية في حالة تساوي قيمة الشغل، والعمل على إنهاء كل مظاهر التمييز بين الرجال والنساء المتضمنة في مدونة الشغل.
وأوصى القانون الإطار السلطات العمومية والمشغلين باتخاذ التدابير من أجل حماية المرأة من التحرش الجنسي والعنف بكل أشكاله في أماكن العمل وتوفر الظروف الملائمة في أماكن العمل.
علاوة على ذلك، اقترحت المادة 25 من القانون الإطار، توجه السياسات والبرامج الاقتصادية والتنموية إلى ضمان التمكين الاقتصادي للمرأة، وتأمين الولوج المتساوي والمنصف للموارد والامتيازات، من خلال وضع برامج خاصة تدعم التمكين الاقتصادي للمرأة، وسن استراتيجية وطنية تدعم المرأة في الاقتصاد وغيرها.

دعم تعليم الفتيات

وبخصوص تنفيذ السياسات والبرامج العمومية، قالت المسودة إن على السلطات العمومية إعداد سياسة عمومية مساواتية ووضع الآليات الكفيلة بتنفيذها، وإدماج مقاربة النوع في جميع السياسات العمومية والبرامج التنموية، وضمان السياسات والبرامج العمومية الموجهة لفائدة المرأة، وتحقيق التناسق بين مختلف تدخلات الفاعلين، وتوسيع البرامج الدامجة للمرأة في التنمية في إطار قوانين المالية ورصد مخصصات مالية لها.
وأكدت الوثيقة على ضرورة ضمان المساواة والمناصفة في مجال التعليم والتربية والتكوين، وأن تتخذ السلطات العمومية التدابير التي من شأنها دعم تمدرس الفتيات والحد من الهدر المدرسي بما يضمن مواصلة مسارهن العلمي من خلال تقديم دعم مالي موجه للأسر في وضعية هشاشة يحدد في قانون المالية، وتعزيز الوسائل اللوجيستيكية قصد تمكين الفتيات في العالم القروي من الولوج إلى المدارس، وتوفير الشروط والضمانات لتأمين استكمالهن لدراستهن.
أما في المجال الإعلامي، فأكدت مسودة القانون الإطار على ضرورة أن تقوم السلطات العمومية بوضع منظومة للوقاية من العنف ضد النساء عبر منع المحتويات والمضامين الماسة والحاطة بكرامة المرأة في الوسائل الرقمية للإعلام والتواصل، وتفعيل محتويات المقتضيات الجزائية ذات الصلة بهذه المخلفات، على أن تقوم الحكومة بتحديد شروط نشر البرامج الهادفة إلى محاربة الصور النمطية عن المرأة والأحكام الجاهزة حول العنف ضدها.
وقام ائتلاف «المناصفة دابا» بحملة لتطبيق توصيات العريضة الوطنية الفصل 19 من الدستور الذي جاء فيه: «يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها».
وكان الائتلاف قد تفاعل مع دعوة العاهل المغربي محمد السادس إلى «ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية في كل المجالات»، و«تفعيل المؤسسات الدستورية المعنية بالأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية للنهوض بوضعيتها» و«فتح ورش إصلاح مدونة الأسرة».
وقال الائتلاف في بيان أنه إذ يعبّر عن اعتزازه بالعناية الملكية بقضايا المرأة بما يضمن الكرامة وينتصر للحق ولتفعيل مقتضيات الدستور، فإنه يدعو جميع الفرقاء إلى العمل من أجل اضطلاع كل المؤسسات والهيئات من برلمان وحكومة وهيئات سياسية ونقابية ومدنية بأدوارها في النهوض بهذه الورش الإصلاحية الهامة في البناء الديمقراطي والتنموي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية